المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السابع في انكار العلماء قديما على القصاص ما رووه من الأباطيل وسفه القصاص عليهم وقيام العامة مع القصاص بالجهل واحتمال العلماء ذلك في الله - تحذير الخواص من أكاذيب القصاص

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْفَصْل الأول فِي سِيَاق الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي تَعْظِيم الْكَذِب على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالتَّشْدِيد فِيهِ والتغليظ فِي الْوَعيد عَلَيْهِ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي تَحْرِيم رِوَايَة الحَدِيث الْكَذِب عَنهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي توفّي الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ كَثْرَة الحَدِيث مَخَافَة من النسْيَان وَالدُّخُول فِي حَدِيث الْوَعيد

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي بَيَان أَنه لَا يجوز لأحد رِوَايَة حَدِيث حَتَّى يعرضه على شيخ من عُلَمَاء الحَدِيث ويجيزه بروايته لاحْتِمَال أَن يكون ذَلِك الحَدِيث لَا أصل لَهُ فَيدْخل فِي حَدِيث من كذب عَليّ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي بَيَان أَن من أقدم على رِوَايَة الْأَحَادِيث الْبَاطِلَة يسْتَحق الضَّرْب بالسياط ويهدد بِمَا هُوَ أَكثر من ذَلِك ويزجر ويهجر وَلَا يسلم عَلَيْهِ ويغتاب فِي الله ويستعدى عَلَيْهِ عِنْد الْحَاكِم وَيحكم عَلَيْهِ بِالْمَنْعِ من رِوَايَة ذَلِك وَيشْهد عَلَيْهِ

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِيمَن رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام مُنْكرا لما رُوِيَ عَنهُ من الأباطيل

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي انكار الْعلمَاء قَدِيما على الْقصاص مَا رَوَوْهُ من الأباطيل وسفه الْقصاص عَلَيْهِم وَقيام الْعَامَّة مَعَ الْقصاص بِالْجَهْلِ وَاحْتِمَال الْعلمَاء ذَلِك فِي الله

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي بَيَان أَن الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة كَثِيرَة وَلَا يميزها الا النَّاقِد الْمُجْتَهد فِي الحَدِيث

- ‌الْفَصْل ال تَاسِع فِي تَلْخِيص الْكتاب الَّذِي أَلفه الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ وَسَماهُ الْبَاعِث على الْخَلَاص من حوادث الْقصاص

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي زيادات فَاتَت الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي كِتَابه فاستدركتها هُنَا

الفصل: ‌الفصل السابع في انكار العلماء قديما على القصاص ما رووه من الأباطيل وسفه القصاص عليهم وقيام العامة مع القصاص بالجهل واحتمال العلماء ذلك في الله

‌الْفَصْل السَّابِع فِي انكار الْعلمَاء قَدِيما على الْقصاص مَا رَوَوْهُ من الأباطيل وسفه الْقصاص عَلَيْهِم وَقيام الْعَامَّة مَعَ الْقصاص بِالْجَهْلِ وَاحْتِمَال الْعلمَاء ذَلِك فِي الله

قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الموضوعات

أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْبَزَّار أَنبأَنَا هناد بن ابراهيم النَّسَفِيّ أَنبأَنَا يحيى بن ابراهيم بن مُحَمَّد الْمُزَكي حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف الْقطَّان النَّيْسَابُورِي أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن حَمْدَوَيْه قَالَ حَدثنَا الزبير بن عبد الْوَاحِد حَدثنَا ابراهيم بن عبد الْوَاحِد الطَّبَرِيّ قَالَ سَمِعت جَعْفَر بن مُحَمَّد الطَّيَالِسِيّ يَقُول

ص: 142

صلى أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين فِي مَسْجِد الرصافة فَقَامَ بَين أَيْديهم قاص فَقَالَ

حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين قَالَا حَدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

من قَالَ لَا اله الا الله خلق الله من كل كلمة مِنْهَا طيرا منقاره من ذهب وريشه من مرجان وَأخذ فِي قصه نَحوا من عشْرين ورقة فَجعل أَحْمد بن حَنْبَل ينظر الى يحيى بن معِين وَيحيى ينظر الى أَحْمد فَقَالَ لَهُ أَنْت حدثته بِهَذَا

فَقَالَ وَالله مَا سَمِعت بِهَذَا الا السَّاعَة

فَلَمَّا فرغ من قصصه وَأخذ القطيعات ثمَّ قعد ينْتَظر بقيتها قَالَ لَهُ يحيى بن معِين بِيَدِهِ تعال فجَاء مُتَوَهمًا لنوال

فَقَالَ لَهُ يحيى من حَدثَك بِهَذَا الحَدِيث

فَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين

ص: 143

فَقَالَ أَنا يحيى بن معِين وَهَذَا أَحْمد بن حَنْبَل مَا سمعنَا بِهَذَا قطّ فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِن كَانَ لابد وَالْكذب فعلى غَيرنَا

فَقَالَ لَهُ أَنْت يحيى بن معِين

قَالَ نعم

قَالَ لم أزل أسمع أَن يحيى بن معِين أَحمَق مَا تحققته الا السَّاعَة

فَقَالَ لَهُ يحيى كَيفَ علمت أَنِّي أَحمَق

قَالَ كَأَن لَيْسَ فِي الدُّنْيَا يحيى بن معِين وَأحمد بن حَنْبَل غيركما

قد كتبت عَن سَبْعَة عشر أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين

فَوضع أَحْمد كمه على وَجهه وَقَالَ دَعه يقوم

فَقَامَ كَالْمُسْتَهْزِئِ بهما

ص: 144

وَفِي الْحَوَادِث والبدع للطرطوشي

لما دخل سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش الْبَصْرَة نظر الى قاص يقص فِي الْمَسْجِد فَقَالَ حَدثنَا الْأَعْمَش عَن أبي اسحاق عَن أبي وَائِل

ص: 145

فتوسط الْأَعْمَش الْحلقَة وَجعل ينتف شعر إبطه فَقَالَ لَهُ الْقَاص يَا شيخ الا تَسْتَحي نَحن علم وَأَنت تفعل مثل هَذَا

فَقَالَ الْأَعْمَش الَّذِي أَنا فِيهِ خير من الَّذِي أَنْت فِيهِ

قَالَ كَيفَ

قَالَ لِأَنِّي فِي سنة وَأَنت فِي كذب أَنا الْأَعْمَش وَمَا حدثتك مِمَّا تَقول شَيْئا

وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان

قَالَ جَعْفَر بن الْحجَّاج الْموصِلِي قدم علينا مُحَمَّد بن عبد السَّمرقَنْدِي الْموصل وَحدث بِأَحَادِيث مَنَاكِير فَاجْتمع جمَاعَة من الشُّيُوخ وصرنا اليه لننكر عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ فِي خلق من الْعَامَّة فَلَمَّا بصر بِنَا من بعيد علم أَنا جِئْنَا لننكر عَلَيْهِ فَقَالَ

ص: 146

حَدثنَا قُتَيْبَة عَن ابْن لَهِيعَة عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ

الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق

فَلم نجسر أَن نقدم عَلَيْهِ خوفًا من الْعَامَّة ورجعنا

وَفِي الْمِيزَان أَيْضا

روى عَبَّاس عَن يحيى بن معِين قَالَ

ذهبت الى أسيد بن زيد الْكُوفِي الى الكرخ وَكَانَ نزل

ص: 146

فِي دَار الحذائين وروى أَحَادِيث مَنَاكِير فَأَرَدْت أَن أَقُول يَا كَذَّاب ففرقت من شفار الحذائين

قلت يَعْنِي الأساكفة

وَفِي الْمِيزَان أَيْضا

روى أَبُو أَحْمد العكبري عَن النجاد عَن العطاردي حَدِيثا سَاقِطا فَأنْكر عَلَيْهِ عَليّ بن ينَال وأساء القَوْل فِيهِ حَتَّى هَمت الْعَامَّة بِابْن ينَال فاختفى

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه

عَن مُحَمَّد بن هَارُون الفلاس المخرمي أَنه قَالَ

اذا رَأَيْت الرجل يَقع فِي يحيى بن معِين فَاعْلَم أَنه كَذَّاب يضع الحَدِيث وانما يبغضه لما بَين أَمر الْكَذَّابين

ص: 148

وَذكر الْخَطِيب أَيْضا

أَن أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عبد الْملك الأدمِيّ رمي بِالْكَذِبِ فِي تسميعاته فَأطلق لِسَانه فِي الْحفاظ بِسَبَب انكارهم عَلَيْهِ مِنْهُم الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مظفر

وَأخرج الخليلي فِي الْإِرْشَاد

عَن يحيى بن سعيد الْأمَوِي قَالَ كُنَّا عِنْد هِشَام بن

ص: 149

عُرْوَة بِالْكُوفَةِ فَقَالَ رجل حَدثنَا أَبُو معشر فَقَالَ هِشَام يَا أهل الْكُوفَة أما تستحيون أَن تَأْخُذُوا حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن هَذَا قَالَ فأسمعوه مَا يكره

وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك عَن أبي مُحَمَّد الْجَوْهَرِي عَن الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي حَاتِم البستى قَالَ

دخلت باجزوان مَدِينَة بَين الرقة وحران فَحَضَرت الْجَامِع فَلَمَّا فَرغْنَا من الصَّلَاة قَامَ بَين أَيْدِينَا شَاب فَقَالَ

ص: 150

حَدثنَا أَبُو خَليفَة حَدثنَا الْوَلِيد حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

من قضى لمُسلم حَاجَة فعل الله بِهِ كَذَا وَكَذَا

فَلَمَّا فرغ دَعوته فَقلت رَأَيْت أَبَا خَليفَة

قَالَ لَا

قلت كَيفَ تروي عَنهُ وَلم تره

فَقَالَ ان المناقشة مَعنا من قلَّة الْمُرُوءَة أَنا أحفظ هَذَا الأسناد الْوَاحِد وَكلما سَمِعت حَدِيثا ضممته الى هَذَا الْإِسْنَاد

وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الْقصاص والمذكرين

ص: 151

أخبرنَا ابْن نَاصِر أَنبأَنَا الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار أَنبأَنَا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد أَنبأَنَا أَبُو عمر بن حيويه أَنبأَنَا أَبُو الْحسن الْجَوْهَرِي حَدثنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي حَدثنَا أَبُو يُونُس الْوراق حَدثنِي الصَّقْر بن برد حَدثنِي محجن بن حيون الهرثمي حَدثنِي وصاب بن صَالح عَن الشّعبِيّ قَالَ

بَيْنَمَا عبد الْملك جَالس وَعِنْده وُجُوه النَّاس من أهل الشَّام قَالَ لَهُم من أعلم أهل الْعرَاق

قَالُوا مَا نعلم أحدا أعلم من عَامر الشّعبِيّ

فَأمر بالكتب الي فَخرجت اليه حَتَّى نزلت تدمر

ص: 152

فَوَافَقت يَوْم جُمُعَة فَدخلت أُصَلِّي فِي الْمَسْجِد فَإِذا إِلَيّ جَانِبي شيخ عَظِيم اللِّحْيَة قد أطاف بِهِ قوم فَحَدثهُمْ قَالَ

حَدثنِي فلَان عَن فلَان يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم

ان الله تَعَالَى خلق صورين لَهُ فِي كل صور نفختان نفخة الصَّعق ونفخة الْقِيَامَة

قَالَ الشّعبِيّ فَلم أضبط نَفسِي أَن خففت صَلَاتي ثمَّ انصرفت فَقلت

يَا شيخ اتَّقِ الله وَلَا تحدثن بالْخَطَأ ان الله تَعَالَى لَا يخلق الا صورا وَاحِدًا وانما هِيَ نفختان نفخة الصَّعق ونفخة الْقِيَامَة

فَقَالَ لي يَا فَاجر انما حَدثنِي فلَان عَن فلَان وَترد عَليّ

ثمَّ رفع نَعله فضربني بهَا وتتابع الْقَوْم عَليّ ضربا مَعَه فوَاللَّه مَا أقلعوا عني حَتَّى حَلَفت لَهُم أَن الله تَعَالَى خلق ثَلَاثِينَ صورا لَهُ فِي كل صور نفخة فأقلعوا عني فرحلت حَتَّى دخلت دمشق وَدخلت على عبد الْملك فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ لي

ص: 153

يَا شعبي بِاللَّه حَدثنِي بِأَعْجَب شَيْء رَأَيْته فِي سفرك

فَحَدَّثته حَدِيث التدمريين فَضَحِك حَتَّى ضرب برجليه

وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ

أخبرنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسنون أَنبأَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن أَنبأَنَا الْعَبَّاس بن مُوسَى بن اسحاق الْأنْصَارِيّ

ص: 154

أَنبأَنَا مُحَمَّد بن يُونُس الْكُدَيْمِي قَالَ

كنت بالأهواز فَسمِعت شَيخا يقص فَقَالَ

لما زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عليا فَاطِمَة أَمر الله شَجَرَة طُوبَى أَن تنثر اللُّؤْلُؤ الرطب يتهاداه أهل الْجنَّة بَينهم فِي الأطباق

فَقلت لَهُ يَا شيخ هَذَا كذب على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

فَقَالَ وَيحك اسْكُتْ حَدَّثَنِيهِ النَّاس

فَقلت من حَدثَك

قَالَ حَدثنِي يمَان الْبُحَيْرِي عَن حَفْص التسترِي عَن وَكِيع بن الْجراح عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن الْأَعْمَش عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس

وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الموضوعات

مُعظم الْبلَاء فِي وضع الحَدِيث انما يجْرِي من الْقصاص لأَنهم يُرِيدُونَ أَحَادِيث ترقق وتنفق والصحاح تقل فِي هَذَا

ص: 155

قَالَ وَمَا أَكثر مَا يعرض عَليّ أَحَادِيث ذكرهَا قصاص الزَّمَان فأردها عَلَيْهِم ويحقدون عَليّ فَأرْسل أَقُول لَهُم

مادام هَذَا النَّاقِد حَيا لَا يمشي لكم زائف

قَالَ وَقد صنف بعض قصاص زَمَاننَا كتابا فَذكر فِيهِ أَن الْحسن وَالْحُسَيْن دخلا على عمر بن الْخطاب وَهُوَ مَشْغُول ثمَّ انتبه لَهما فَقَامَ فقبلهما ووهب لكل وَاحِد مِنْهُمَا ألفا فَرَجَعَا فأخبرا أباهما

ص: 156

فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول

عمر نور الأسلام فِي الدُّنْيَا وسراج أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة

فَرَجَعَا الى عمر فحدثاه فاستدعى دَوَاة وقرطاسيا وَكتب

حَدثنِي سيدا شباب أهل الْجنَّة عَن أَبِيهِمَا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ كَذَا وَكَذَا فأوصي أَن يَجْعَل فِي كَفنه فَفعل ذَلِك فَأَصْبحُوا واذا القرطاس على الْقَبْر وَفِيه صدق الْحسن وَالْحُسَيْن وَصدق رَسُول الله

قَالَ وَالْعجب من هَذَا الَّذِي بلغت بِهِ الوقاحة الى أَن يصنف مثل هَذَا وَمَا كَفاهُ حَتَّى عرضه على كبار الْفُقَهَاء فَكَتَبُوا عَلَيْهِ تصويب هَذَا التصنيف

ص: 157

وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الْقصاص صلى الله عليه وسلم

قدم علينا أَبُو الْخَيْر الْقزْوِينِي فوعظ بِبَغْدَاد فَكَانَ يروي مَا يجد من الْأَحَادِيث فاذا سُئِلت عَن الحَدِيث الْمحَال الَّذِي يرويهِ بَينته فعاتبني على هَذَا فَقلت هَذِه أَمَانَة لَا يحل لي كتمها

قَالَ وَقد قدم أَبُو الْفتُوح الاسفراييني فوعظ بِبَغْدَاد فروى عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ

أَصبَحت ضَالًّا بَين الضلال وأعمى بَين العميان

فأحضر الدِّيوَان وأحضروا الْفُقَهَاء فَقَالَ ابْن سلمَان مدرس النظامية لَو قَالَ هَذَا الشَّافِعِي مَا قبلناه فَمنع من الْجُلُوس

قَالَ وَقَالَ ابْن عقيل

ص: 158

أَخذ بعض الوعاظ يَقُول

يَا مُوسَى من تُرِيدُ قَالَ أخي هَارُون يَا مُحَمَّد من تُرِيدُ قَالَ عمي وَأمي يَا نوح من تُرِيدُ قَالَ ابْني يَا يَعْقُوب من تُرِيدُ قَالَ يُوسُف

ثمَّ قَالَ كلكُمْ يُرِيد مني أَيْن من يُرِيدنِي ثمَّ احتد وصك الْكُرْسِيّ صَكَّة وَقَالَ

يَا قَارِئ اقْرَأ {يُرِيدُونَ وَجهه} فَقَرَأَ الْقَارئ وضج الْمجْلس وصعق قوم وخرقت ثِيَاب قوم بشعبذة

ص: 159

ذَاك فَاعْتقد قوم أَن مَا ذكره لباب الْحق وَعين الْعلم فحكي ذَلِك الْمجْلس لحنبلي يَعْنِي ابْن عقيل نَفسه فَأَخذه من ذَلِك مَا يَأْخُذ الْعلمَاء من الْغيرَة على الله عز وجل من كَلَام الْجُهَّال بِهِ فاحتد وَقَالَ

سُبْحَانَ الله وَمَا الَّذِي بَين الطين وَالْمَاء وَبَين خَالق السَّمَاء من الْمُنَاسبَة حَتَّى يكون بَينه وَبَين خلقه ارادة لَهُ لَا ارادة مِنْهُ يَا متوهمين الأشكال والنفوس يَا مصورين البارئ بِصُورَة تثبت فِي الْقُلُوب مَا ذَاك الله ذَاك صنم شكله الطَّبْع والشيطان والتوهم للمحال فعبدتموه لَيْسَ لله سُبْحَانَهُ وصف تميل اليه الطباع وَلَا تشتاق اليه النُّفُوس بل مباينة الالهية للحدثية أوجبت فِي النُّفُوس هَيْبَة وحشمة اذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم وانما صور أَقوام صُورَة تجدّد لَهُم بهَا انس فأقلقهم الشوق اليها فنالهم مَا ينَال الهائم فِي الْعِشْق

ص: 160

وَهَذِه الهواجس الردية يجب محوها عَن الْقُلُوب كَمَا يجب كسر الْأَصْنَام انْتهى

وَفِي بعض المجاميع

أَن قَاصا جلس بِبَغْدَاد فروى فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} أَنه يجلسه مَعَه على عَرْشه فَبلغ ذَلِك الامام مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ فاحتد من ذَلِك وَبَالغ فِي انكاره وَكتب على بَاب دَاره

(سُبْحَانَ من لَيْسَ لَهُ أنيس

وَلَا لَهُ فِي عَرْشه جليس)

فثارت عَلَيْهِ عوام بَغْدَاد وَرَجَمُوا بَيته بِالْحِجَارَةِ حَتَّى استد بَابه بِالْحِجَارَةِ وعلت عَلَيْهِ

ص: 161