الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
(باب وَمِنْ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ)
مَكِّيَّةٌ وَهِيَ مِائَةٌ وَإِحْدَى أَوِ اثْنَتَا عَشْرَةَ آيَةً [3164] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى) وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شُيُوخِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَلَا فِي أصحاب بن لَهِيعَةَ مَنِ اسْمُهُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى وَلِأَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَدْ أَخْرَجَ فِي بَابِ صِفَةِ قَعْرِ جَهَنَّمَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يَتَصَعَّدُ فِيهِ الْكَافِرُ سَبْعِينَ خَرِيفًا وَيَهْوِي فِيهِ كَذَلِكَ أَبَدًا
بِعَيْنِ هَذَا السَّنَدِ وَفِيهِ الحسن بن موسى بالتكبير قوله الويل وَادٍ أَيِ اسْمُ وَادٍ يَهْوِي أَيْ يَسْقُطُ قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ هَوَى يَهْوِي كَرَمَى يَرْمِي هَوِيًّا بِالْفَتْحِ سَقَطَ إِلَى أَسْفَلَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا أَيْ عَامًا
قَالَ الْخَازِنُ الْوَيْلُ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِكُلِّ مَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ وأصلها في اللغة العذاب والهلاك
وقال بن عَبَّاسٍ الْوَيْلُ شِدَّةُ الْعَذَابِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا
قُلْتُ إِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ فَهُوَ مُغْنٍ عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرُوهُ فِي مَعْنَى الْوَيْلِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وأخرجه أحمد وبن حبان في صحيحه والحاكم وأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأعلى عن بن وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ (لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث بن لهيعة) قال الحافظ بن كثير لم يتفرد به بن لَهِيعَةَ بَلْ تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَلَكِنَّ الْآفَةَ مِمَّنْ بَعْدَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا مُنْكَرٌ انْتَهَى [3165]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى) الْخُوَارِزْمِيُّ الْخُتَّلِيُّ أَبُو عَلِيٍّ نَزِيلُ بَغْدَادَ ثِقَةٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ) بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَزَايٍ سَاكِنَةٍ أَبُو نُوحٍ الضَّبِّيُّ الْمَعْرُوفُ بِقُرَادٍ ثِقَةٌ لَهُ أَفْرَادٌ مِنَ التَّاسِعَةِ
قَوْلُهُ (أَنَّ رَجُلًا قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أي قُدَّامَهُ (إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ مَمَالِيكَ (يَكْذِبُونَنِي) أَيْ يَكْذِبُونَ فِي إِخْبَارِهِمْ لِي (وَيَخُونُونَنِي) أَيْ فِي مَالِي (وَيَعْصُونَنِي) أَيْ فِي أَمْرِي وَنَهْيِي (وَأَشْتِمُهُمْ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَيُضَمُّ أَيْ أَسُبُّهُمْ (فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ) أَيْ كَيْفَ يَكُونُ حَالِي مِنْ أَجْلِهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحْسَبُ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ وَكَذَبُوكَ أَيْ مِقْدَارُهَا وَعِقَابُكَ عَطْفٌ عَلَى مَا خَانُوكَ أَيْ وَيُحْسَبُ أَيْضًا قَدْرُ شَتْمِكَ وَضَرْبِكَ إِيَّاهُمْ كَانَ أَيْ أَمْرُكَ كَفَافًا بِفَتْحِ الْكَافِ فِي الْقَامُوسِ كَفَافُ الشَّيْءِ كَسَحَابٍ مِثْلُهُ وَمِنَ الرِّزْقِ مَا كَفَّ عَنِ النَّاسِ وَأَغْنَى وَفِي النِّهَايَةِ الْكَفَافُ الَّذِي لَا يَفْضُلُ عَنِ الشَّيْءِ وَيَكُونُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ أَيْ لَيْسَ لَكَ فِيهِ ثَوَابٌ وَلَا عَلَيْكَ فِيهِ عِقَابٌ دُونَ ذُنُوبِهِمْ أَيْ أَقَلَّ مِنْهَا كَانَ فَضْلًا لَكَ أَيْ عَلَيْهِمْ قِيلَ فَإِنْ قَصَدْتَ الثَّوَابَ تُجْزَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا
قاله القارىء فَوْقَ ذُنُوبِهِمْ أَيْ أَكْثَرَ مِنْهَا اقْتُصَّ لَهُمْ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُخِذَ بِمِثْلِهِ لِأَجْلِهِمْ مِنْكَ الْفَضْلُ أَيِ الزِّيَادَةُ فَتَنَحَّى الرَّجُلُ أَيْ بَعُدَ عَنِ الْمَجْلِسِ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَهْتِفُ بِكَسْرِ التَّاءِ أَيْ شَرَعَ يَبْكِي وَيَصِيحُ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ أي ذوات العدل ليوم القيامة أي فيه فلا تظلم نفس شيئا من نقص حَسَنَةٍ أَوْ زِيَادَةِ سَيِّئَةٍ وَبَقِيَّةُ الْآيَةِ وَإِنْ كَانَ أَيِ الْعَمَلُ مِثْقَالَ زِنَةَ حَبَّةٍ مِنْ خردل أتينا بها أي أحضرناها وكفى بنا حاسبين إِذْ لَا مَزِيدَ عَلَى عِلْمِنَا وَوَعْدِنَا مَا أَجِدُ لِي وَلَهُمْ شَيْئًا أَيْ مَخْلَصًا وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي (خَيْرًا) صِفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ (مِنْ مُفَارَقَتِهِمْ) أَيْ مِنْ مُفَارَقَتِي إِيَّاهُمْ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى مُرَاعَاةِ الْمُحَاسَبَةِ وَالْمُطَالَبَةِ عُسْرٌ جِدًّا (أُشْهِدُكَ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُتَكَلِّمِ مِنَ الْإِشْهَادِ (كُلَّهُمْ) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّأْكِيدِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غريب) وأخرجه بن جَرِيرٍ فِي تَهْذِيبِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ (وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَزْوَانَ هَذَا الْحَدِيثَ) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ أَنْبَأَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ الْحَدِيثَ
وَأَبُو نُوحٍ قُرَادٌ هو عبد الرحمن بن غزوان
قَوْلُهُ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شُيُوخِ عَبْدِ بْنِ حميد ولا في اصحاب بن لَهِيعَةَ مَنِ اسْمُهُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى وَلِأَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَدْ أَخْرَجَ فِي بَابِ صِفَةِ قَعْرِ جَهَنَّمَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يَتَصَعَّدُ فِيهِ الْكَافِرُ سَبْعِينَ خَرِيفًا وَيَهْوِي فِيهِ كَذَلِكَ أَبَدًا بِعَيْنِ هَذَا السَّنَدِ وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى بِالتَّكْبِيرِ قَوْلُهُ وَيْلٌ وَادٍ أَيِ اسْمُ وَادٍ يَهْوِي أَيْ يَسْقُطُ قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ هَوَى يَهْوِي كَرَمَى يَرْمِي هَوِيًّا بِالْفَتْحِ سَقَطَ إِلَى أَسْفَلَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا أَيْ عَامًا قَالَ الْخَازِنُ الْوَيْلُ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا العرب لكل
مَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ العذاب والهلاك وقال بن عَبَّاسٍ الْوَيْلُ شِدَّةُ الْعَذَابِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا قُلْتُ إِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ فَهُوَ مُغْنٍ عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرُوهُ فِي مَعْنَى الْوَيْلِ قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وأخرجه أحمد وبن حبان في صحيحه والحاكم وأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأعلى عن بن وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث بن لهيعة قال الحافظ بن كثير لم يتفرد به بن لهيعة بل تابعه عمرو بن الحراث ولكن الآفة ممن بعده وهذا الحديث به إذا الإسناد مرفوعا منكر انتهى
[3166]
قَوْلُهُ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ قَوْلِهِ إِنِّي سقيم ولم يكن سقيما يجر قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ ثَلَاثٍ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَذَلِكَ عِنْدَمَا طَلَبُوا مِنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ إِلَى عِيدِهِمْ فَأَرَادَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ لِلْأَمْرِ الَّذِي هَمَّ بِهِ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سقيم وَفِيهِ إِيهَامٌ مِنْهُ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِأَمَارَةِ عِلْمِ النُّجُومِ عَلَى أَنَّهُ سَيَسْقَمُ لِيَتْرُكُوهُ فَيَفْعَلُ بِالْأَصْنَامِ مَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ أَوْ سَقِيمُ الْقَلْبِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَيْظِ بِاتِّخَاذِكُمُ النُّجُومَ آلِهَةً أَوْ بِعِبَادَتِكُمُ الْأَصْنَامَ وَقَوْلِهِ لِسَارَّةَ أُخْتِي بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سارة وكانت أحسن الناس فقال لها من هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي فِي الاسلام وقوله بل فعله كبيرهم هذا قَالَ ذَلِكَ حِينَ كَسَّرَ عليه الصلاة والسلام أَصْنَامَهُمْ إِلَّا كَبِيرَهَا وَعَلَّقَ الْفَأْسَ فِي عُنُقِهِ
قال النووي قال الماذري أَمَّا الْكَذِبُ فِيمَا طَرِيقُهُ الْبَلَاغُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْأَنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ مِنْهُ سَوَاءٌ كَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ وَأَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَلَاغِ وَيُعَدُّ مِنَ الصَّغَائِرِ كَالْكَذْبَةِ الْوَاحِدَةِ فِي حَقِيرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَفِي إِمْكَانِ وُقُوعِهِ مِنْهُمْ وَعِصْمَتِهِمْ مِنْهُ الْقَوْلَانِ الْمَشْهُورَانِ لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الصَّحِيحُ أَنَّ الْكَذِبَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَلَاغِ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ مِنْهُمْ سَوَاءٌ جَوَّزْنَا الصَّغَائِرَ مِنْهُمْ وَعِصْمَتَهُمْ مِنْهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَلَّ الْكَذِبُ أَمْ كَثُرَ لِأَنَّ مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ يَرْتَفِعُ عَنْهُ وَتَجْوِيزُهُ يَرْفَعُ الْوُثُوقَ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَّةَ
فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْكَذَبَاتِ الْمَذْكُورَةَ إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى فَهْمِ الْمُخَاطَبِ وَالسَّامِعِ وَأَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَيْسَتْ كَذِبًا مَذْمُومًا لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَرَّى بِهَا فَقَالَ فِي سَارَّةَ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ
وَهُوَ صَحِيحٌ فِي بَاطِنِ الْأُمُورِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذِبًا لَا تَوْرِيَةَ فِيهِ لكان جائزا في دفع الظالمين
قال الماذري وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَأَخْرَجَهَا عَنْ كونها كذبا ولا معنى لامتناع مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظٍ أَطْلَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ النَّوَوِيُّ أَمَّا إِطْلَاقُ لَفْظِ الْكَذِبِ عَلَيْهَا فَلَا يَمْتَنِعُ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ بِهِ وَأَمَّا تَأْوِيلُهَا فَصَحِيحٌ لَا مَانِعَ مِنْهُ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ فَقَالَ مَا فِيهَا كَذْبَةٌ إِلَّا يُمَاحِلُ بِهَا عَنِ الْإِسْلَامِ أَيْ يُجَادِلُ وَيُدَافِعُ انْتَهَى مُلَخَّصًا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ قوله (وأبو داود) هو الطيالسي
[3167]
إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ أَيْ سَتُبْعَثُونَ عُرَاةً بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعُ عَارٍ وَهُوَ مَنْ لَا سِتْرَ لَهُ (غُرْلًا) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ جَمْعُ أَغْرَلَ وَهُوَ الْأَقْلَفُ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ وَهُوَ مَنْ بَقِيَتْ غِرْلَتُهُ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي يَقْطَعُهَا الْخَاتِنُ مِنَ الذكر كما بدأنا أول خلق نعيده الْكَافُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ نُعِيدُهُ أَيْ نُعِيدُ الْخَلْقَ إِعَادَةً مِثْلَ الْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى بَدَأْنَاهُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا نُعِيدُهُمْ يوم القيامة وبقية الاية وعدا علينا مَنْصُوبٌ بِوَعَدْنَا مُقَدَّرٌ قَبْلَهُ وَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ ما قبله إنا كنا فاعلين أَيْ مَا وَعَدْنَاهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مَبْسُوطًا فِي بَابِ شَأْنِ الْحَشْرِ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ عُرَاةً وَأَنَّهُ سَيُؤْتَى بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ وَالتَّنْكِيرُ لِلتَّقْلِيلِ فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ أَيْ إِلَى جِهَةِ النَّارِ فَأَقُولُ رَبِّ أَصْحَابِي خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَؤُلَاءِ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ الْمُرَادُ مِنَ الْإِحْدَاثِ الِارْتِدَادُ عَنِ الْإِسْلَامِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي فَيُقَالُ هَؤُلَاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ وَفِي حَدِيثٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْهُ أَنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى قَالَ الْقَاضِي يُرِيدُ بِهِمْ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي أَيَّامِهِ كَأَصْحَابِ مُسَيْلِمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَأَضْرَابِهِمْ فَإِنَّ أَصْحَابَهُ وَإِنْ شَاعَ عُرْفًا فِيمَنْ يُلَازِمُهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ شَاعَ اسْتِعْمَالُهُ لُغَةً فِي كُلِّ مَنْ تَبِعَهُ أَوْ أَدْرَكَ حَضْرَتَهُ وَوَفَدَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَرَّةً وَقِيلَ أَرَادَ بِالِارْتِدَادِ إِسَاءَةَ السِّيرَةِ وَالرُّجُوعَ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَصِدْقِ النِّيَّةِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيَا انْتَهَى فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ هُوَ عِيسَى عليه الصلاة والسلام وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى أُمَّتِي شَهِيدًا أَيْ مُطَّلِعًا رَقِيبًا حافظا ما دمت فيهم