المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء في فضل الدعاء) - تحفة الأحوذي - جـ ٩

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ المؤمنين)

- ‌(بَاب وَمِنْ سورة النور)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْفُرْقَانِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ النَّمْلِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْقَصَصِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ السَّجْدَةِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ سَبَأٍ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْمَلَائِكَةِ)

- ‌(باب ومن سورة الصافات)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ ص)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الزُّمَرِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ حم السَّجْدَةِ)

- ‌(باب ومن سورة الدخان)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْأَحْقَافِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ ق)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الذَّارِيَاتِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الطُّورِ)

- ‌(باب ومن سورة والنجم)

- ‌(باب ومن سورة القمر)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الرحمن)

- ‌(بَاب ومن سورة الواقعة)

- ‌(بَاب ومن سُورَةُ الْحَدِيدِ)

- ‌(باب سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ)

- ‌45 - كتاب الدعوات

- ‌(باب ما جاء في فضل الدعاء)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ)

- ‌(باب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَوْمِ يَجْلِسُونَ فيذكرون الله مَا لَهُمْ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَوْمِ يَجْلِسُونَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ مُسْتَجَابَةٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الدَّاعِيَ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رَفْعِ الْأَيْدِي عِنْدَ الدعاء)

- ‌(باب ما جاء في من يَسْتَعْجِلُ فِي دُعَائِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَنَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْبِيحِ والتكبير والتحميد عند المنام)

- ‌(باب ما جاء ما يقال إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ)

- ‌(باب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الْعَبْدُ إِذَا مَرِضَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى مُبْتَلًى)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنْ مجلسه)

- ‌(باب ما جاء ما يقال عِنْدَ الْكَرْبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مُسَافِرًا)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ)

- ‌(باب ما جار مَا يَقُولُ إِذَا وَدَّعَ إِنْسَانًا)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي دَعْوَةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(باب ما جاء ما يقول إذا ركب الناقلة)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا هَاجَتِ الرِّيحُ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْغَضَبِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا)

- ‌(بَاب ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا)

- ‌(باب ما يقول إذا فرغ من الطعام)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ نَهِيقَ الْحِمَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي جَامِعِ الدَّعَوَاتِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عَقْدِ التَّسْبِيحِ بِالْيَدِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ)

- ‌(بَاب خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ)

- ‌ قَوْلُهُ (عَنْ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) بْنِ عُرْوَةَ النَّخَعِيُّ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(باب ما جاء في فضل الدعاء)

بسم الله الرحمن الرحيم

‌45 - كتاب الدعوات

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ جَمْعُ الدَّعْوَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَهُوَ طَلَبُ الْأَدْنَى بِالْقَوْلِ مِنَ الْأَعْلَى شَيْئًا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِكَانَةِ

قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ أَهْلُ الْفَتَاوَى فِي الْأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الزُّهَّادِ وَأَهْلِ الْمَعَارِفِ إِلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ اسْتِسْلَامًا وَقَالَ جَمَاعَةٌ إِنْ دَعَا لِلْمُسْلِمِينَ فَحَسَنٌ وَإِنْ خَصَّ نَفْسَهُ فَلَا وَقِيلَ إِنْ وَجَدَ بَاعِثًا للدعاء استجب وَإِلَّا فَلَا وَدَلِيلُ الْفُقَهَاءِ ظَوَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ انْتَهَى (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) لَمْ يَقَعِ الْبَسْمَلَةُ هُنَا في بعض النسخ

(باب ما جاء في فضل الدعاء)

[3370]

قَوْلُهُ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ) الْبَصْرِيِّ هُوَ أَخُو الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ثِقَةٌ مِنْ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ وَاسْمُ أَبِيهِ يَسَارٌ

قَوْلُهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَيْ مِنَ الْأَذْكَارِ وَالْعِبَادَاتِ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم أَكْرَمَ بِالنَّصْبِ خَبَرُ لَيْسَ أَيْ أَفْضَلَ عَلَى اللَّهِ أَيْ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الدُّعَاءِ لِأَنَّ فِيهِ إِظْهَارَ الْفَقْرِ وَالْعَجْزِ وَالتَّذَلُّلِ وَالِاعْتِرَافِ بِقُوَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ) وأخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد

ص: 218

وبن ماجة وصححه بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ (وَعِمْرَانُ القطان هو بن دَاوِرَ وَيُكَنَى أَبَا الْعَوَّامِ) لَمْ تَقَعْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ

بَاب مِنْهُ [3371] قَوْلُهُ (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ) قَالَ فِي هَامِشِ النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ فِي نُسْخَةِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ وَأَمْثَالُهُ عَبْدُ اللَّهِ مُكَبَّرًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ عُبَيْدُ اللَّهِ مُصَغَّرًا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنَ التَّقْرِيبِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ وَإِمْعَانِ النَّظَرِ انْتَهَى

قُلْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُكَبَّرًا لَيْسَ مِنْ رِجَالِ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ بَلْ هُوَ مِنْ رِجَالِ أَبِي دَاوُدَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُصَغَّرًا مِنْ رِجَالِ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ النُّسَخَ الَّتِي فِيهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ هِيَ الصَّحِيحَةُ وَكَوْنُهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَبْدَ اللَّهِ بِالتَّكْبِيرِ غَلَطٌ صَرِيحٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ هَذَا مِصْرِيٌّ يُكَنَى أَبَا بَكْرٍ ثِقَةٌ وَقِيلَ عَنْ أَحْمَدَ إِنَّهُ لَيَّنَهُ وَكَانَ فَقِيهًا عَابِدًا

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ هُوَ مِثْلُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ مِنَ الْخَامِسَةِ

قَوْلُهُ الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ الْمُخُّ بِالضَّمِّ نِقْيُ الْعَظْمِ وَالدِّمَاغِ وَشَحْمَةُ الْعَيْنِ وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدُّعَاءَ لُبُّ الْعِبَادَةِ وَخَالِصُهَا لِأَنَّ الدَّاعِيَ

إِنَّمَا يَدْعُو اللَّهَ عِنْدَ انْقِطَاعِ أَمَلِهِ مِمَّا سِوَاهُ وَذَلِكَ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ ولا عبادة فوقهما

قال بن الْعَرَبِيِّ وَبِالْمُخِّ تَكُونُ الْقُوَّةُ لِلْأَعْضَاءِ فَكَذَا الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ بِهِ تَتَقَوَّى عِبَادَةُ الْعَابِدِينَ فَإِنَّهُ رُوحُ الْعِبَادَةِ

قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تعالى إن الذين يستكبرون عن عبادتي أَيْ عَنْ دُعَائِي

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حديث بن لَهِيعَةَ) وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ كَمَا

ص: 219

صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَمَعَ ضَعْفِهِ فَهُوَ مُدَلِّسٌ يُدَلِّسُ عَنِ الضُّعَفَاءِ

[3372]

قَوْلُهُ (عَنْ ذَرٍّ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرْهِبِيِّ (عَنْ يُسَيِّعَ) الْكِنْدِيِّ

قَوْلُهُ الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ قَالَ مَيْرَكُ أَتَى بِضَمِيرِ الْفَصْلِ وَالْخَبَرِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ لِيَدُلَّ عَلَى الْحَصْرِ فِي أَنَّ الْعِبَادَةَ لَيْسَتْ غَيْرَ الدُّعَاءِ مُبَالَغَةً وَمَعْنَاهُ أَنَّ الدُّعَاءَ مُعَظَّمُ الْعِبَادَةِ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم الْحَجُّ عَرَفَةُ

أَيْ مُعَظَّمُ أَرْكَانِ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ أَوِ الْمَعْنَى أَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ سَوَاءٌ اسْتُجِيبَ أَوْ لَمْ يُسْتَجَبْ لِأَنَّهُ إِظْهَارُ الْعَبْدِ الْعَجْزَ وَالِاحْتِيَاجَ مِنْ نَفْسِهِ وَالِاعْتِرَافَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إِجَابَتِهِ كَرِيمٌ لَا بُخْلَ لَهُ وَلَا فَقْرَ وَلَا احْتِيَاجَ لَهُ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى يَدَّخِرَ لِنَفْسِهِ وَيَمْنَعَهُ مِنْ عِبَادِهِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ هِيَ الْعِبَادَةُ بَلْ مُخُّهَا انْتَهَى ثُمَّ قَرَأَ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ قِيلَ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَالْمَأْمُورُ بِهِ عِبَادَةٌ وَقَالَ الْقَاضِي اسْتُشْهِدَ بِالْآيَةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرَتُّبَ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ وَالْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ وَيَكُونُ أَتَمَّ الْعِبَادَاتِ وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ مُخُّ الْعِبَادَةِ أَيْ خَالِصُهَا إِنَّ الذين يستكبرون عن عبادتي أي من دعائي كذا فسره الحافظ بن كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ أَيْ صَاغِرِينَ ذَلِيلِينَ

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ الْأَوْلَى حَمْلُ الدُّعَاءِ فِي الْآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ عِبَادَتِي فَوَجْهُ الرَّبْطِ أَنَّ الدُّعَاءَ أَخَصُّ مِنَ الْعِبَادَةِ فَمَنِ اسْتَكْبَرَ عَنِ الْعِبَادَةِ اسْتَكْبَرَ عَنِ الدُّعَاءِ وَعَلَى هَذَا الْوَعِيدُ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ تَرَكَ الدُّعَاءَ اسْتِكْبَارًا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَفَرَ وَأَمَّا مَنْ تَرَكَهُ لِمَقْصِدٍ مِنَ الْمَقَاصِدِ فَلَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ

وَإِنْ كُنَّا نَرَى أَنَّ مُلَازَمَةَ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِكْثَارَ مِنْهُ أَرْجَحُ من الترك لكثرة الأدر الْوَارِدَةِ فِي الْحَثِّ عَلَيْهِ انْتَهَى

وَقَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَى حَدِيثِ النُّعْمَانِ أَنْ تُحْمَلَ الْعِبَادَةُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إِذِ الدُّعَاءُ هُوَ إِظْهَارُ غَايَةِ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ وَالِاسْتِكَانَةِ لَهُ وَمَا شُرِعَتِ الْعِبَادَاتُ إِلَّا لِلْخُضُوعِ لِلْبَارِي وَإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ إِلَيْهِ وَلِهَذَا خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ إِنَّ الَّذِينَ يستكبرون عن عبادتي حَيْثُ عَبَّرَ عَنْ عَدَمِ التَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ بِالِاسْتِكْبَارِ وَوَضَعَ عِبَادَتِي مَوْضِعَ دُعَائِي وَجَعَلَ جَزَاءَ ذَلِكَ الِاسْتِكْبَارِ الصَّغَارَ وَالْهَوَانَ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ

ص: 220

وبن ماجة وبن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد وبن أَبِي شَيْبَةَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَفِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُؤْمِنِ

بَاب مِنْهُ [3373] قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ) الْفَارِسِيِّ الْمَدَنِيِّ الْخَوَّاطِ اسْمُهُ صُبَيْحٌ وَقِيلَ حُمَيْدٌ رَوَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْخُوزِيِّ وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرُهُ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو عَاصِمٍ وَسَمَّاهُ حُمَيْدًا

قال مضر بن محمد عن بن معين ثقة وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) الْخُوزِيِّ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ثُمَّ زَايٍ لَيِّنُ الْحَدِيثِ مِنَ الثَّالِثَةِ

قَوْلُهُ إِنَّهُ الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَرْكَ السُّؤَالِ تَكَبُّرٌ وَاسْتِغْنَاءٌ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ وَنِعْمَ ما قيل الله بغضب إن تركت سؤاله وترى بن آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ مِنْ فَضْلِهِ فَمَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يُبْغِضْهُ وَالْمَبْغُوضُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَقَدْ رَوَى وكيع) هو بن الْجَرَّاحِ (عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ هذا الحديث) ورواه بن مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الْمَدَنِيُّ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ غَضِبَ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ) اسْمُهُ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ النَّبِيلُ (عَنْ حُمَيْدٍ أَبِي الْمَلِيحِ) بِضَمِّ الْحَاءِ مُصَغَّرًا كَمَا سَمَّاهُ حُمَيْدًا وَقِيلَ اسْمُهُ صُبَيْحٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَحَدِيثُ الْبَابِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ في الأدب المفرد وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا فِي الْفَتْحِ

ص: 221