الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَهِيقَ الْحِمَارِ أَيْ صَوْتَهُ الْمُنْكَرَ وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَنُبَاحَ الْكِلَابِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ أَيِ اعْتَصِمُوا بِهِ مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُكُمْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ التَّعَوُّذِ فَإِنَّهُ أَيِ الْحِمَارُ رَأَى شَيْطَانًا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ رَفْعَهُ لَا يَنْهَقُ الْحِمَارُ حَتَّى يَرَى شَيْطَانًا أَوْ يَتَمَثَّلَ لَهُ شَيْطَانٌ
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ وَصَلُّوا عَلَيَّ
قَالَ عِيَاضٌ وَفَائِدَةُ الْأَمْرِ بِالتَّعَوُّذِ لِمَا يُخْشَى مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّ وَسْوَسَتِهِ فَيُلْجَأُ إِلَى اللَّهِ فِي ذَلِكَ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي أَوَاخِرِ بَدْءِ الْخَلْقِ وَمُسْلِمٌ فِي الدَّعَوَاتِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْأَدَبِ وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَفِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
9 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ)
وَالتَّحْمِيدِ [3460] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ) الْقَطَوَانِيُّ الْكُوفِيُّ (عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (عَنْ أَبِي بَلْجٍ) بفتح أو وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا جِيمٌ (عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ) الْأَوْدِيِّ
قَوْلُهُ إِلَّا كُفِّرَتْ مِنَ التَّكْفِيرِ أَيْ مُحِيَتْ وَأُزِيلَتْ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْمُوَحَّدَةِ هُوَ مَا يَعْلُو الْمَاءَ وَنَحْوَهُ مِنَ الرَّغْوَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكِنَايَةُ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وبن أَبِي الدُّنْيَا وَالْحَاكِمُ (وَأَبُو بَلْجٍ اسْمُهُ يَحْيَى بن أبي سليم ويقال بن سُلَيْمٍ أَيْضًا) يَأْتِي
تَرْجَمَتُهُ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ وَوَقَعَ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَحَاتِمٌ يُكَنَى أَبَا يُونُسَ الْقُشَيْرِيَّ قال الحافظ في تهذيب التهذيب حاتم بن أبي صغيرة وهو بن مُسْلِمٍ أَبُو يُونُسَ الْقُشَيْرِيُّ وَقِيلَ الْبَاهِلِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو صَغِيرَةَ أَبُو أُمِّهِ وَقِيلَ زَوْجُ أمه وقال بن معين وأبو حاتم والنسائي ثقة انتهى [3461] قَوْلُهُ (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ) هَذِهِ الْغَزْوَةُ هِيَ غَزْوَةُ خَيْبَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ (فَلَمَّا قَفَلْنَا) أَيْ رَجَعْنَا (أَشْرَفْنَا) أَيِ اطَّلَعْنَا مِنْ قَوْلِهِمْ أَشْرَفْتُ عَلَيْهِ إِذَا اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَصَمَّ وَلَا غَائِبٍ بَلْ هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ قَرِيبٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ هو بينكم وبين رؤوس رِحَالِكُمْ بِكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ رَحْلٍ بِالْفَتْحِ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ كَالسَّرْجِ
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ هُوَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ ثم بعير بِهِ عَنِ الْبَعِيرِ انْتَهَى
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّحَالِ هُنَا الرَّوَاحِلُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَالَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ
قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ بِالْعِلْمِ وَالْإِحَاطَةِ فَهُوَ يجاز كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد أَلَا أُعَلِّمُكَ كَنْزًا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهَا كَلِمَةُ اسْتِسْلَامٍ وَتَفْوِيضٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاعْتِرَافٍ بِالْإِذْعَانِ لَهُ وَأَنَّهُ لَا صَانِعَ غَيْرُهُ وَلَا رَادَّ لِأَمْرِهِ وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فِي الْأَمْرِ
وَمَعْنَى الْكَنْزِ هُنَا أَنَّهُ ثَوَابٌ مُدَّخَرٌ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ ثَوَابٌ نَفِيسٌ كَمَا أَنَّ الْكَنْزَ أَنْفَسُ أَمْوَالِكُمْ
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْحَوْلُ الْحَرَكَةُ وَالْحِيلَةُ أَيْ لَا حَرَكَةَ وَلَا اسْتِطَاعَةَ وَلَا حِيلَةَ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا حَوْلَ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا قُوَّةَ فِي تَحْصِيلِ خَيْرٍ إِلَّا بِاللَّهِ وَقِيلَ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَتِهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَتِهِ إِلَّا بِمَعُونَتِهِ وَحُكِيَ هَذَا عن بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه
وَكُلُّهُ
مُقَارِبٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشيخان وأبو داود والنسائي وبن ماجة ومعنى قوله هو بينكم وبين رؤوس رواحلكم إنما يعني علمه وقدرته وكذلك يأولون قَوْلَهُ تَعَالَى وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد أَيْ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ بِالْعِلْمِ مِنْ حَبْلِ وَرِيدِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا شَيْءٌ مِنْ خَفِيَّاتِهِ فَكَأَنَّ ذَاتَهُ قَرِيبَةٌ مِنْهُ
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَجَوَّزَ بِقُرْبِ الذَّاتِ عَنْ قُرْبِ الْعِلْمِ
وَنَقَلَ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِ الْعُلُوِّ ص 144 عَنِ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقْرَبُ مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَ شَاءَ كَمَا قَالَ وَنَحْنُ أقرب إليه من حبل الوريد
0 -
باب [3462] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا سَيَّارُ) بْنُ حَاتِمٍ الْعَنَزِيُّ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ) الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ) أَبِي شَيْبَةَ الْوَاسِطِيِّ الْكُوفِيِّ (عَنِ الْقَاسِمُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
قَوْلُهُ لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ) أَيِ الْخَلِيلَ عليه الصلاة والسلام لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي قال القارىء بِالْإِضَافَةِ وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ بِتَنْوِينِ لَيْلَةٍ أَيْ لَيْلَةً أُسْرِيَ فِيهَا بِي وَهِيَ لَيْلَةُ الْمِعْرَاجِ (فَقَالَ) أَيْ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ أَقْرِئْ أَمْرٌ مِنَ الْإِقْرَاءِ أَوْ مِنْ قَرَأَ يَقْرَأُ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ أَيْ بَلِّغْهُمْ مِنِّي السَّلَامَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وسكون الراء هي التراب من قرابها الْمِسْكُ وَالزَّعْفَرَانُ وَلَا أَطْيَبَ مِنْهُمَا عَذْبَةُ الْمَاءِ أَيْ مَاؤُهَا طَيِّبٌ لَا مُلُوحَةَ فِيهِ وَأَنَّهَا بِالْفَتْحِ وَيُكْسَرُ أَيِ الْجَنَّةَ قِيعَانٌ بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُ قَاعٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْخَالِيَةُ مِنَ الشَّجَرِ وَأَنَّ بِالْوَجْهَيْنِ غِرَاسَهَا بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ غَرْسٍ بِالْفَتْحِ وَهُوَ مَا يُغْرَسُ أَيْ يَسْتُرُهُ تُرَابُ الْأَرْضِ مِنْ نَحْوِ الْبَذْرِ لِيَنْبُتَ بَعْدَ ذَلِكَ
وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ التُّرْبَةُ طَيِّبَةً وماؤها عذبا
كَانَ الْغِرَاسُ أَطْيَبَ لَا سِيَّمَا وَالْغَرْسُ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَالْمَعْنَى أَعْلِمْهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَنَحْوَهَا سَبَبٌ لِدُخُولِ قَائِلِهَا الْجَنَّةَ وَلِكَثْرَةِ أَشْجَارِ مَنْزِلِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَرَّرَهَا نَبَتَ لَهُ أَشْجَارٌ بِعَدَدِهَا
وَقَالَ الطِّيبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَرْضَ الْجَنَّةِ خَالِيَةٌ عَنِ الْأَشْجَارِ وَالْقُصُورِ وَيَدُلُّ قَوْلُهُ تَعَالَى جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ خَالِيَةٍ عَنْهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ جَنَّةً لِأَشْجَارِهَا الْمُتَكَاثِفَةِ الْمُظِلَّةِ بِالْتِفَافِ أَغْصَانِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهَا كَانَتْ قِيعَانًا ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَدَ بِفَضْلِهِ فِيهَا أَشْجَارًا وَقُصُورًا بِحَسَبِ أَعْمَالِ الْعَامِلِينَ لِكُلِّ عَامِلٍ مَا يَخْتَصُّ بِهِ بسبب عمله ثم إنه تعالى لما بسره لِمَا خُلِقَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ لِيَنَالَ بِذَلِكَ الثَّوَابَ جَعَلَهُ كَالْغَارِسِ لِتِلْكَ الْأَشْجَارِ مَجَازًا إِطْلَاقًا للسبب على المسبب انتهى قال القارىء وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْخُلُوِّ الْكُلِّيِّ مِنَ الْأَشْجَارِ وَالْقُصُورِ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا قِيعَانًا أَنَّ أَكْثَرَهَا مَغْرُوسٌ وَمَا عَدَاهُ مِنْهَا أَمْكِنَةٌ وَاسِعَةٌ بِلَا غَرْسٍ لِيَنْغَرِسَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ وَيَتَمَيَّزَ غَرْسُهَا الْأَصْلِيُّ الَّذِي بِلَا سَبَبٍ وَغَرْسُهَا الْمُسَبَّبِ عَنْ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) أَخْرَجَهُ أحمد بإسناد حسن وبن أبي الدنيا وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَزَادَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ رَوَيَاهُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق عن القاسم عن أبيه عن بن مَسْعُودٍ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هذا الوجه من حديث بن مَسْعُودٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ أَبُو شَيْبَةَ الْكُوفِيُّ وَاهٍ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ وَاهٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَلَفْظُهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ قِيعَانًا فَأَكْثِرُوا مِنْ غَرْسِهَا
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا غَرْسُهَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[3463]
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) الْقَطَّانُ (أَخْبَرَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ) فِي التَّقْرِيبِ موسى بن عبد الله ويقال بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيُّ أَبُو سَلَمَةَ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ عَابِدٌ لَمْ يَصِحَّ أَنَّ الْقَطَّانَ طَعَنَ فِيهِ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
قَوْلُهُ أَيَعْجِزُ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَنْ يكسب أي
يَحْصُلَ تُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ الْوَاحِدَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَهُوَ أَقَلُّ الْمُضَاعَفَةِ الْمَوْعُودَةِ فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء وَتُحَطُّ بِالْوَاوِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَوْ تُحَطُّ بِأَوْ قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا هُوَ فِي عَامَّةِ نسخ صحيح مسلم أو يحيط بِأَوْ وَفِي بَعْضِهَا وَيُحَطُّ بِالْوَاوِ
وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ كَذَا هُوَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ أَوْ يُحَطُّ بِأَوْ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ مُوسَى الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ جِهَتِهِ فَقَالُوا وَيُحَطُّ بِالْوَاوِ انْتَهَى
قال القارىء قَدْ تَأْتِي الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَهَا يُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ عليه فيحط بعض ويكتسب بَعْضٌ
وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أو بمعنى بل فحينئذ بجمع لَهُ بَيْنَهُمَا وَفَضْلُ اللَّهِ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مسلم والنسائي وبن حبان
1 -
باب [3464] قَوْلُهُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ قِيلَ الْوَاوُ زَائِدَةٌ أَيْ تَسْبِيحًا مَقْرُونًا بِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ يُقَالُ غَرَسْتُ الشَّجَرَةَ غَرْسًا وَغِرَاسًا إِذَا نَصَبْتُهَا فِي الْأَرْضِ نَخْلَةٌ أَيْ غُرِسَتْ لَهُ بِكُلِّ مَرَّةٍ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَيِ الْمُعَدَّةِ لِقَائِلِهَا خُصَّتْ لِكَثْرَةِ مَنْفَعَتِهَا وَطِيبِ ثَمَرَتِهَا وَلِذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى مَثَلَ الْمُؤْمِنِ وَإِيمَانِهِ بِهَا وَثَمَرَتَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَلَمْ تَرَ كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة وهي كلمة التوحيد كشجرة طيبة وَهِيَ النَّخْلَةُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ غُرِسَتْ له شجرة
وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مَوْضِعَيْنِ بِإِسْنَادَيْنِ قَالَ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ
وَقَالَ فِي الْآخَرِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ
كَذَا فِي الترغيب للمنذري
[3465]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ) الْقُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ (حدثنا المؤمل) بن إسماعيل
[3466]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ (عَنْ سُمَيٍّ) مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَوْلُهُ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَيْ فِي يَوْمٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ مِائَةَ مَرَّةٍ قَالَ الطِّيبِيُّ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مُجْتَمِعَةً فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَوْ آخِرِهِ إلا أن الأولى جَمَعَهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ كِنَايَةً عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والشيخان وبن مَاجَهْ
[3467]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى) الْمَرْوَزِيُّ (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ المعجمة وسكون التحتانية بن عزوان الضَّبِّيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ (عَنْ عُمَارَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَخِفَّةِ الْمِيمِ (بْنِ الْقَعْقَاعِ) بِفَتْحِ قَافَيْنِ وَبِعَيْنَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ) بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ قَوْلُهُ كَلِمَتَانِ أَيْ جُمْلَتَانِ مُفِيدَتَانِ وَفِيهِ إِطْلَاقُ الْكَلِمَةِ عَلَى الْكَلَامِ وَهُوَ مِثْلُ كلمة الإخلاص وكلمة الشهادة وهو خبر وخفيفتان وَمَا بَعْدَهُ صِفَةٌ وَالْمُبْتَدَأُ سُبْحَانَ اللَّهِ إِلَى آخِرِهِ وَالنُّكْتَةُ فِي تَقْدِيمِ الْخَبَرِ تَشْوِيقُ السَّامِعِ إِلَى الْمُبْتَدَأِ وَكُلَّمَا طَالَ الْكَلَامُ فِي وَصْفِ الْخَبَرِ حَسُنَ تَقْدِيمُهُ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَوْصَافِ الْجَمِيلَةِ تَزِيدُ السَّامِعَ شَوْقًا خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ أَيْ يَجْرِيَانِ عَلَيْهِ بِالسُّهُولَةِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ أَيْ بِالْمَثُوبَةِ
قَالَ الْحَافِظُ وَصَفَهُمَا بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ لِبَيَانِ قِلَّةِ الْعَمَلِ وَكَثْرَةِ الثَّوَابِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْخِفَّةُ مُسْتَعَارَةٌ لِلسُّهُولَةِ شَبَّهَ سُهُولَةَ جَرَيَانِ هَذَا الْكَلَامِ بِمَا يَخِفُّ عَلَى الْحَامِلِ مِنْ بَعْضِ الْحُمُولَاتِ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ فَذَكَرَ الْمُشَبَّهَ وَأَرَادَ الْمُشَبَّهَ بِهِ
وَأَمَّا الثِّقَلُ فَعَلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ تَتَجَسَّمُ عِنْدَ الْمِيزَانِ
انْتَهَى
وَقِيلَ تُوزَنُ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبِطَاقَةِ وَالسِّجِلَّاتِ
وَقَالَ الْحَافِظُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْأَعْمَالَ هِيَ الَّتِي تُوزَنُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو داود والترمذي وصححه بن حِبَّانَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَثْقَلُ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ
قَالَ وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ السَّلَفِ عَنْ سَبَبِ ثِقَلِ الْحَسَنَةِ وَخِفَّةِ السَّيِّئَةِ فَقَالَ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ حَضَرَتْ مَرَارُتُهَا وَغَابَتْ حَلَاوَتُهَا فَثَقُلَتْ فَلَا يَحْمِلْنَكَ ثِقَلُهَا عَلَى تَرْكِهَا وَالسَّيِّئَةُ حَضَرَتْ حَلَاوَتُهَا وَغَابَتْ مَرَارَتُهَا فَلِذَلِكَ خَفَّتْ فَلَا يَحْمِلْنَكَ خِفَّتُهَا عَلَى ارْتِكَابِهَا انْتَهَى حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ تَثْنِيَةُ حَبِيبَةٍ وَهِيَ الْمَحْبُوبَةُ لِأَنَّ فِيهِمَا الْمَدْحَ بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا التَّنْزِيهُ وَبِالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا الْحَمْدُ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ قَائِلَهَا مَحْبُوبُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الْخَيْرِ لَهُ وَالتَّكْرِيمِ وَخَصَّ الرَّحْمَنَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى لِلتَّنْبِيهِ عَلَى سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ حَيْثُ يُجَازِي عَلَى الْعَمَلِ الْقَلِيلِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ
فَإِنْ قِيلَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ يَسْتَوِي الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَوْصُوفُهُ مَعَهُ فَلِمَ عَدَلَ عَنِ التَّذْكِيرِ إِلَى التَّأْنِيثِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ وَقِيلَ أنث لمناسبة الثقيلتين والخفيفتين سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِتَقْدِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ عَلَى سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ
وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الدَّعَوَاتِ وَوَقَعَ عِنْدَهُ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالتَّوْحِيدِ بِتَقْدِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَلَى سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَكَذَلِكَ وَقَعَ عند مسلم وبن مَاجَهْ
قَالَ الْحَافِظُ قِيلَ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَبِحَمْدِهِ لِلْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ أُسَبِّحُ اللَّهَ مُتَلَبِّسًا بِحَمْدِي لَهُ مِنْ أَجْلِ تَوْفِيقِهِ
وَقِيلَ عَاطِفَةٌ وَالتَّقْدِيرُ أُسَبِّحُ اللَّهَ وَأَتَلَبَّسُ بِحَمْدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةً بِمَحْذُوفٍ مُتَقَدِّمٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِحَمْدِهِ فَيَكُونُ سُبْحَانَ اللَّهِ جُمْلَةً مُسْتَقِلَّةً وَبِحَمْدِهِ جُمْلَةٌ أُخْرَى انْتَهَى
قُلْتُ الْوَاوُ إِذَا كَانَتْ لِلْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْدِيرَ نُسَبِّحُ اللَّهَ وَنَحْنُ مُتَلَبِّسُونَ بِحَمْدِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد والشيخان والنسائي وبن ماجة وبن حِبَّانَ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ الْحَافِظُ وَجْهُ الْغَرَابَةِ فِيهِ هُوَ تَفَرُّدُ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ وَشَيْخُهُ وَشَيْخُ شَيْخِهِ وَصَحَابيهِ انْتَهَى
[3468]
قَوْلُهُ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ مُجْتَمَعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً كَانَ أَيْ مَا ذَكَرَ لَهُ أَيْ لِلْقَائِلِ بِهِ عِدْلُ عَشْرِ
رِقَابٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى الْمِثْلِ أَيْ ثَوَابُ عِتْقِ عَشْرِ رِقَابٍ وَهُوَ جَمْعُ رَقَبَةٍ وهي في الأصل العنق فجعلته كِنَايَةً عَنْ جَمِيعِ ذَاتِ الْإِنْسَانِ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِبَعْضِهِ أَيْ يُضَاعَفُ ثَوَابُهُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ ثَوَابِ الْعِتْقِ الْمَذْكُورِ وَكُتِبَتْ أَيْ ثَبَتَتْ مِائَةُ حَسَنَةٍ بِالرَّفْعِ وَمُحِيَتْ أَيْ أُزِيلَتْ وَكَانَ حِرْزًا أي حفظا وَمَعْنًى مِنَ الشَّيْطَانِ أَيْ مِنْ غَوَائِلِهِ وَوَسَاوِسِهِ يَوْمَهُ ذَلِكَ أَيْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَالَهُ فِيهِ حَتَّى يُمْسِيَ ظَاهِرُ التَّقَابُلِ أَنَّهُ إِذَا قَالَ فِي اللَّيْلِ كَانَ لَهُ حِرْزًا مِنْهُ لَيْلَةَ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِصَارًا مِنَ الرَّاوِي أَوْ تُرِكَ لِوُضُوحِ الْمُقَابَلَةِ وَتَخْصِيصُ النَّهَارِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ فِيهِ إِلَى الْحِفْظِ قاله القارىء
قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ كَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ وَحُفِظَ يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ وزاد من قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي كَانَ لَهُ مثل ذلك ومثل ذلك
في طريق أُخْرَى يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا بَعْدُ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ ظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَحْصُلُ هَذَا الْأَجْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ لِمَنْ قَالَ هَذَا التَّهْلِيلَ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي يَوْمِهِ سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً فِي مَجَالِسَ أَوْ بَعْضَهَا أَوَّلَ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا آخِرَهُ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُتَوَالِيَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لِيَكُونَ حِرْزًا لَهُ فِي جَمِيعِ نَهَارِهِ وَكَذَا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ لِيَكُونَ حِرْزًا لَهُ فِي جَمِيعِ لَيْلِهِ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ أَيْ بِأَيِّ عَمَلٍ كَانَ مِنَ الْحَسَنَاتِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا التَّهْلِيلَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ فِي الْيَوْمِ كَانَ لَهُ هَذَا الْأَجْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمِائَةِ وَيَكُونُ لَهُ ثَوَابٌ آخَرُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْحُدُودِ الَّتِي نَهَى عَنِ اعْتِدَائِهَا وَمُجَاوَزَةِ أَعْدَادِهَا وَأَنَّ زِيَادَتَهَا لَا فَضْلَ فِيهَا أَوْ تُبْطِلُهَا كَالزِّيَادَةِ فِي عَدَدِ الطَّهَارَةِ وَعَدَدِ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الزِّيَادَةَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ لَا مِنْ نَفْسِ التَّهْلِيلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ التَّهْلِيلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ ظَاهِرُهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي التَّهْلِيلِ مُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ أَنَّ التَّسْبِيحَ أَفْضَلُ مِنَ التَّهْلِيلِ لِأَنَّ عَدَدَ زَبَدِ الْبَحْرِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ الْمِائَةِ وَقَدْ قَالَ فِي التَّهْلِيلِ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا
إِنَّ التَّهْلِيلَ الْمَذْكُورَ أَفْضَلُ وَيَكُونُ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْحَسَنَاتِ وَمَحْوِ السَّيِّئَاتِ
وَمَا فِيهِ مِنْ فَضْلِ عِتْقِ الرِّقَابِ وَكَوْنُهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ زَائِدًا عَلَى فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَتَكْفِيرِ الْخَطَايَا لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ
وَقَدْ حَصَلَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ تَكْفِيرُ جَمِيعِ الْخَطَايَا
مَعَ مَا يَبْقَى لَهُ مِنْ زِيَادَةِ عِتْقِ الرِّقَابِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَمَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ مِائَةِ دَرَجَةٍ وَكَوْنُهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ أَفْضَلَ الذِّكْرِ التَّهْلِيلُ مَعَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَفْضَلُ مَا قُلْتُهُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَدِيثَ وَقِيلَ إِنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ وَهِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ
كَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ والنسائي وبن ماجة وأبو عوانة
2 -
باب [3469] قَوْلُهُ مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سبحان الله وبحمده مائة مرة قال القارىء أي فيهما بأي يَأْتِيَ بِبَعْضِهَا فِي هَذَا أَوْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ أَيِ الْقَائِلُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمِائَةِ الْمَذْكُورَةِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ الْمَشْهُورَ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ أَوْ كَلِمَةَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَنْ يَكُونَ مَا جَاءَ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ كُلِّ مَا جَاءَ بِهِ غَيْرُهُ إِلَّا مِمَّا جَاءَ بِهِ مَنْ قَالَ مِثْلَهُ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ قِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَالتَّقْدِيرُ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رَجُلٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمُسَاوَاتِهِ فَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا إِلَّا عَلَى تَأْوِيلِ نَحْوِ قَوْلِهِ وَبَلْدَةٌ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ
وَقِيلَ بِتَقْدِيرِ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ أَوْ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَخْ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[3470]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى) الْفَزَارِيُّ (أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ) بِكَسْرِ زَايٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ وَكَسْرِ رَاءٍ وَبِقَافٍ (عَنْ مَطَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ (الْوَرَّاقِ) هُوَ مَطَرُ بْنُ طَهْمَانَ الْوَرَّاقُ أَبُو رَجَاءٍ السُّلَمِيُّ مَوْلَاهُمُ الْخُرَسَانِيُّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ صَدُوقٌ كَثِيرُ الْخَطَأِ وَحَدِيثُهُ عَنْ عَطَاءٍ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ
قَوْلُهُ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ) كَلِمَةُ ذَاتَ مُقْحَمَةٌ أَيْ قَالَ يَوْمًا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وكذبه الأزدي
3 -
باب [3471] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَذَّاءُ الْوَاسِطِيُّ صَدُوقٌ وَسَطٌ مِنَ التَّاسِعَةِ (عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ حُمْرَةَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْأُمْلُوكِيِّ الْوَاسِطِيِّ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ
وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ حَمْزَةَ بِالْحَاءِ وَالْمِيمِ وَالزَّايِ الْمَنْقُوطَةِ وَهُوَ غَلَطٌ
قَوْلُهُ مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ مِائَةً أَيْ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مِائَةَ مَرَّةٍ بِالْغَدَاةِ وَمِائَةً بِالْعَشِيِّ أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَأَوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ فِي الْمَلَوَيْنِ 2 كَانَ كَمَنْ حَجَّ مِائَةَ حَجَّةٍ أَيْ نَافِلَةً
دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ بِشَرْطِ الْحُضُورِ مَعَ اللَّهِ بِسُهُولَتِهِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَاتِ الشَّاقَّةِ بِغَفْلَتِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مِنْ بَابِ إِلْحَاقِ النَّاقِصِ بِالْكَامِلِ مُبَالَغَةً فِي التَّرْغِيبِ أَوْ يُرَادُ التَّسَاوِي بَيْنَ التَّسْبِيحِ الْمُضَاعَفِ بِالْحِجَجِ الْغَيْرِ الْمُضَاعَفَةِ كَانَ كَمَنْ حمل بالتخفيف أَيْ أَرْكَبَ مِائَةَ نَفْسٍ عَلَى مِائَةِ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ فِي نَحْوِ الْجِهَادِ إِمَّا صَدَقَةً أَوْ عَارِيَةً أَوْ قَالَ غَزَا مِائَةَ غَزْوَةٍ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَمَنْ هَلَّلَ اللَّهَ أَيْ قَالَ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ فِيهِ تَسْلِيَةٌ لِلذَّاكِرِينَ مِنَ الْفُقَرَاءِ الْعَاجِزِينَ عَنِ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بِضَمِّ الْوَاوِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهِمَا يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الذِّكْرِ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام قُلْتُ لِأَنَّ عِتْقَ مَنْ كَانَ مِنْ وَالِدِهِ لَهُ فَضْلٌ عَلَى عِتْقِ غَيْرِهِ
وَذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدًا وَإِسْمَاعِيلَ وَإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَحَدٌ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَكْثَرَ أَيْ بِثَوَابٍ أَكْثَرَ أَوِ الْمُرَادُ بِعَمَلٍ أَفْضَلَ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِأَكْثَرَ لِأَنَّهُ مَعْنَى أَفْضَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ أَيْ جَاءَ بِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ قِيلَ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ مَا قَبْلَهُ وَالَّذِي دَلَّتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْكَثِيرَةُ أَنَّ أَفْضَلَ هَذَا التَّهْلِيلُ فَالتَّحْمِيدُ فَالتَّكْبِيرُ فَالتَّسْبِيحُ فَحِينَئِذٍ يُؤَوَّلُ بِأَنْ يُقَالَ لَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَحَدٌ غَيْرُ الْمُهَلِّلِ وَالْحَامِدِ الْمَذْكُورَيْنِ أَكْثَرَ مِمَّا أَتَى بِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ حُمْرَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا
[3472]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْعِجْلِيُّ الْبَغْدَادِيُّ) هُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعِجْلِيُّ الْبَغْدَادِيُّ (عَنِ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ) بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الهمداني (عن أبي بِشْرٍ) قَالَ فِي الْمِيزَانِ أَبُو بِشْرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَا يُعْرَفُ تَفَرَّدَ عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ
قَوْلُهُ تَسْبِيحَةٌ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ يَدُلُّ عَلَى ذلك
4 -
باب [3473] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ) بْنُ سَعْدٍ (عَنْ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) الْحَرَازِيِّ الْحِمْصِيِّ يُقَالُ هُوَ أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ تَابِعِيٌّ حَسَنُ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ نَاصِبِيٌّ يَنَالُ مِنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه كَذَا فِي الْمِيزَانِ
قَوْلُهُ إِلَهًا
وَاحِدًا أَحَدًا الْوَاحِدُ وَالْأَحَدُ هُنَا بِمَعْنًى فَذَكَرَ الْأَحَدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ لِلتَّأْكِيدِ وَمِمَّا يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالْأَحَدِيَّةِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُقَالُ رَجُلٌ أَحَدٌ وَلَا دِرْهَمٌ أَحَدٌ كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَدِرْهَمٌ وَاحِدٌ قِيلَ وَالْوَاحِدُ يَدْخُلُ فِي الْأَحَدِ وَالْأَحَدُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ فَإِذَا قُلْتَ لَا يُقَاوِمُهُ وَاحِدٌ جَازَ أَنْ يُقَالَ لَكِنَّهُ يُقَاوِمُهُ اثْنَانِ بِخِلَافِ قَوْلِكَ لَا يُقَاوِمُهُ أَحَدٌ
وَذُكِرَ أَحَدٌ فِي الْإِثْبَاتِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ بَعْدَ النَّفْيِ كَمَا أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ
يُقَالُ فِي الدَّارِ وَاحِدٌ وَمَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ فَالْجَوَابُ عنه ما قال بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَابْعَثُوا أحدكم بورقكم عَلَيْهِ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِحَمْلٍ دُونَ آخَرَ وَإِنِ اشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا فِي النَّفْيِ وَالْآخَرِ فِي الْإِثْبَاتِ صَمَدًا الصَّمَدُ هُوَ الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الْحَاجَاتِ أَيْ يُقْصَدُ لِكَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى قَضَائِهَا فَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَالْقَبْضِ بِمَعْنَى الْمَقْبُوضِ لِأَنَّهُ مَصْمُودٌ إِلَيْهِ أَيْ مَقْصُودٌ إِلَيْهِ
قَالَ الزَّجَّاجُ الصَّمَدُ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ السُّؤْدُدُ فَلَا سَيِّدَ فَوْقَهُ وَقِيلَ هُوَ الْمُسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَالْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً أَيْ زَوْجَةً وَلَا وَلَدًا لِأَنَّ الصَّاحِبَةَ تُتَّخَذُ لِلْحَاجَةِ وَالْوَلَدَ لِلِاسْتِئْنَاسِ بِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ ولم يكن له كفوا أحد أَيْ مُكَافِيًا وَمُمَاثِلًا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (وَالْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إِلَخْ)
فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ مُنْقَطِعٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَوَى عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ مُرْسَلًا
[3474]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ) الْكَوْسَجُ (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ) بْنِ شَدَّادٍ الرَّقِّيُّ نَزِيلُ مِصْرَ ثِقَةٌ فَقِيهٌ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ الْأَشْعَرِيِّ
قَوْلُهُ مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ أَيْ عَاطِفٌ رِجْلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ قبل
أَنْ يَنْهَضَ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيُثْنِيَ رِجْلَهُ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ مَكَانِ صَلَاتِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَعْطِفَ رِجْلَهُ وَيُغَيِّرَهَا عَنْ هَيْئَةِ التَّشَهُّدِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا ضِدُّ الْأَوَّلِ فِي اللَّفْظِ وَمِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهُ أَرَادَ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَ رِجْلَهُ عَنْ حَالَتِهَا الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا فِي التَّشَهُّدِ كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ يَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا تَذْكِيرُ الْفِعْلِ وَتَأْنِيثُهُ وَلِذَلِكَ ذَكَّرَ الْفِعْلَ فِي القرينتين الآتيتين أما التأنيث فلا كتاب لَفْظِ عَشْرٍ التَّأْنِيثُ مِنَ الْإِضَافَةِ وَأَمَّا التَّذْكِيرُ فَبِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَكَانَ أَيِ الْقَائِلُ يَوْمَهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ فِي حِرْزٍ أَيْ حِفْظٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ أَيْ مِنَ الْآفَاتِ وَحَرْسٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هُوَ بِمَعْنَى الْحِرْزِ وَالْحِفْظِ مِنَ الشَّيْطَانِ تَخْصِيصٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ لِكَمَالِ الِاعْتِنَاءِ وَلَمْ يَنْبَغِ أَيْ لَمْ يَجُزْ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ لَمْ يَحِلَّ أَنْ يُدْرِكَهُ أَيْ يُهْلِكَهُ وَيُبْطِلَ عَمَلَهُ إِلَّا الشِّرْكُ بِاللَّهِ أَيْ إِنْ وَقَعَ مِنْهُ
قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ اسْتِعَارَةٌ مَا أَحْسَنَ مَوْقِعِهَا فَإِنَّ الدَّاعِيَ إِذَا دَعَا بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ فَقَدْ أَدْخَلَ نَفْسَهُ حَرَمًا آمِنًا فَلَا يَسْتَقِيمُ لِلذَّنْبِ أَنْ يَحِلَّ وَيَهْتِكَ حُرْمَةَ اللَّهِ فَإِذَا خَرَجَ عَنْ حَرَمِ التَّوْحِيدِ أَدْرَكَهُ الشِّرْكُ لَا مَحَالَةَ وَالْمَعْنَى لَا يَنْبَغِي لِذَنْبٍ أَيِّ ذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَ الْقَائِلَ وَيُحِيطَ بِهِ وَيَسْتَأْصِلَهُ سِوَى الشِّرْكِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَبِي ذَرٍّ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ هَذِهِ الْفَضَائِلَ لِكُلِّ ذَاكِرٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْفَضْلَ الْوَارِدَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالْأَذْكَارِ إِنَّمَا هُوَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ فِي الدِّينِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْجَرَائِمِ الْعِظَامِ وَلَيْسَ مَنْ أَصَرَّ عَلَى شَهَوَاتِهِ وَانْتَهَكَ دِينَ اللَّهِ وَحُرُمَاتِهِ بِلَا حَقٍّ بِالْأَفَاضِلِ الْمُطَهَّرِينَ مِنْ ذَلِكَ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات الآية