المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ المؤمنين)

- ‌(بَاب وَمِنْ سورة النور)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْفُرْقَانِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ النَّمْلِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْقَصَصِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ السَّجْدَةِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ سَبَأٍ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْمَلَائِكَةِ)

- ‌(باب ومن سورة الصافات)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ ص)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الزُّمَرِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ حم السَّجْدَةِ)

- ‌(باب ومن سورة الدخان)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْأَحْقَافِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ ق)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الذَّارِيَاتِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الطُّورِ)

- ‌(باب ومن سورة والنجم)

- ‌(باب ومن سورة القمر)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الرحمن)

- ‌(بَاب ومن سورة الواقعة)

- ‌(بَاب ومن سُورَةُ الْحَدِيدِ)

- ‌(باب سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ)

- ‌45 - كتاب الدعوات

- ‌(باب ما جاء في فضل الدعاء)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ)

- ‌(باب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَوْمِ يَجْلِسُونَ فيذكرون الله مَا لَهُمْ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَوْمِ يَجْلِسُونَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ مُسْتَجَابَةٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الدَّاعِيَ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رَفْعِ الْأَيْدِي عِنْدَ الدعاء)

- ‌(باب ما جاء في من يَسْتَعْجِلُ فِي دُعَائِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَنَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْبِيحِ والتكبير والتحميد عند المنام)

- ‌(باب ما جاء ما يقال إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ)

- ‌(باب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الْعَبْدُ إِذَا مَرِضَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى مُبْتَلًى)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنْ مجلسه)

- ‌(باب ما جاء ما يقال عِنْدَ الْكَرْبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مُسَافِرًا)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ)

- ‌(باب ما جار مَا يَقُولُ إِذَا وَدَّعَ إِنْسَانًا)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي دَعْوَةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(باب ما جاء ما يقول إذا ركب الناقلة)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا هَاجَتِ الرِّيحُ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْغَضَبِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا)

- ‌(بَاب ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا)

- ‌(باب ما يقول إذا فرغ من الطعام)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ نَهِيقَ الْحِمَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي جَامِعِ الدَّعَوَاتِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عَقْدِ التَّسْبِيحِ بِالْيَدِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ)

- ‌(بَاب خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ)

- ‌ قَوْلُهُ (عَنْ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) بْنِ عُرْوَةَ النَّخَعِيُّ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(باب ومن سورة الزمر)

وَأَسَأَلُكَ حُبَّكَ قَالَ الطِّيبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَسْأَلُكَ حُبَّكَ إِيَّايَ أَوْ حُبِّي إِيَّاكَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ إِنَّهَا أَيْ هَذِهِ الرُّؤْيَا حَقٌّ إِذْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ فَادْرُسُوهَا أَيْ فَاحْفَظُوا أَلْفَاظَهَا الَّتِي ذَكَرْتُهَا لَكُمْ فِي ضِمْنِهَا أَوْ أَنَّ هَذِهِ الروايات حق فادرسوها أي اقرأوها ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا أَيْ مَعَانِيَهَا الدَّالَّةَ هِيَ عَلَيْهَا قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ لِتَعَلَّمُوهَا فَحَذَفَ اللَّامَ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وبن مَرْدَوَيْهِ

قَوْلُهُ (وَهَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ) أَيْ كَوْنُهُ من مسند عبد الرحمن بن عايش غَيْرَ مَحْفُوظٍ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عايش عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (وَرَوَى بِشْرُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ (بْنُ بَكْرٍ) التِّنِّيسِيُّ الْبَجْلِيُّ دِمَشْقِيُّ الْأَصْلِ ثِقَةٌ يُغْرِبُ مِنَ التَّاسِعَةِ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عائش عن النبي) أَيْ بِغَيْرِ لَفْظِ سَمِعْتُ (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عايش لم يسمع من النبي) قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِهِ للتصريح بسماعه من النبي ولكن قال بن خُزَيْمَةَ قَوْلُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ سَمِعْتُ النبي وَهْمٌ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النبي

تنبيه إعلم أن الترمذي أورد حديث بن عباس وحديث معاذ بن جبل المذكورين ها هنا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى مَا كَانَ لِيَ من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون لَكِنَّ الِاخْتِصَامَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ الاختصام المذكور في الحديثين المذكورين

قال بن كَثِيرٍ وَلَيْسَ هَذَا الِاخْتِصَامُ (يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي حديث معاذ بن جبل وحديث بن عَبَّاسٍ) هُوَ الِاخْتِصَامَ الْمَذْكُورَ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ هَذَا قَدْ فُسِّرَ وَأَمَّا الِاخْتِصَامُ الَّذِي فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ فُسِّرَ بَعْدَ هَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بشرا من طين) إلخ

0 -

(باب ومن سُورَةُ الزُّمَرِ)

مَكِّيَّةٌ إِلَّا قُلْ يَا عِبَادِيَ الذين أسرفوا على

ص: 78

أنفسهم الْآيَةَ فَمَدَنِيَّةٌ وَهِيَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ آيَةً [3236] قَوْلُهُ (عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ) كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَوْ أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ

قَوْلُهُ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَكُمْ مِنَ الْمَظَالِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عند ربكم تختصمون قبله إنك ميت وإنهم ميتون قال الحافظ بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ

إِنَّكُمْ سَتُنْقَلُونَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لَا مَحَالَةَ وَسَتَجْتَمِعُونَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَتَخْتَصِمُونَ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عز وجل فَيَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَيَفْتَحُ بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ فَيُنَجِّي الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلِصِينَ الْمُوَحِّدِينَ وَيُعَذِّبُ الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهَا فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ وَذِكْرِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهَا شَامِلَةٌ لِكُلِّ مُتَنَازِعَيْنِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ تُعَادُ عَلَيْهِمُ الْخُصُومَةُ فِي الدار الاخرة

قلت الأمر كما قال بن كَثِيرٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ هَذَا وَأَحَادِيثُ أُخْرَى ذكرها بن كَثِيرٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

وَقِيلَ يَعْنِي الْمُحِقَّ وَالْمُبْطِلَ وَقِيلَ تُخَاصِمُهُمْ يَا مُحَمَّدُ وَتَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَهُمْ وَأَنْذَرْتَهُمْ وَهُمْ يُخَاصِمُونَكَ أَوْ يُخَاصِمُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ وَالظَّالِمُ الْمَظْلُومَ (أَتُكَرَّرُ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّكْرِيرِ (عَلَيْنَا الْخُصُومَةُ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّنَا

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن ماجه وبن أبي حاتم

[3237]

قوله (عن ثابت) هو بن أسلم البناني

ص: 79

يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم أَيْ أَفْرَطُوا عَلَيْهَا وَتَجَاوَزُوا الْحَدَّ فِي كُلِّ فعل مذموم لا تقنطوا بِفَتْحِ النُّونِ وَبِكَسْرِهَا أَيْ لَا تَيْأَسُوا مِنْ رحمة الله أَيْ مِنْ مَغْفِرَتِهِ إِنَّ اللَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعا قال الحافظ بن كَثِيرٍ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَعْوَةٌ لِجَمِيعِ الْعُصَاةِ مِنَ الْكَفَرَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ تَابَ مِنْهَا وَرَجَعَ عَنْهَا

وَإِنْ كَانَتْ مَهْمَا كَانَتْ وَإِنْ كَثُرَتْ وَكَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ هَذِهِ عَلَى غَيْرِ تَوْبَةٍ لِأَنَّ الشِّرْكَ لَا يُغْفَرُ لِمَنْ لَمْ يتب منه

ثم ذكر حديث بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وأكثروا فأتوا محمدا فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه محسن لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ والذين لا يدعون مع الله إلها وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحق ولا يزنون وَنَزَلَ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تقنطوا من رحمة الله أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثَ أُخْرَى مَا لَفْظُهُ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَغْفِرُ جَمِيعَ ذَلِكَ مَعَ التَّوْبَةِ

وَلَا يَقْنَطَنَّ عَبْدٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَإِنْ عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ وَكَثُرَتْ فَإِنَّ بَابَ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ وَاسِعٌ انْتَهَى

وَقَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنِ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيِّ وَالْحَقُّ أَنَّ الْآيَةَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالتَّوْبَةِ بَلْ هِيَ عَلَى إِطْلَاقِهَا قَالَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يشاء هُوَ أَنَّ كُلَّ ذَنْبٍ كَائِنًا مَا كَانَ ما عدا الشِّرْكَ بِاللَّهِ مَغْفُورٌ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ إِخْبَارَهُ لَنَا بِأَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَشَاءُ غُفْرَانَهَا جَمِيعًا وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ يَشَاءُ الْمَغْفِرَةَ لِكُلِّ الْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ تَعَارُضٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ انْتَهَى

قُلْتُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَمَا قال بن كَثِيرٍ هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَا يُبَالِي أَيْ مِنْ أَحَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

وَالظَّاهِرُ مِنْ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يُبَالِي كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَدَارِكِ تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي قِرَاءَةِ النَّبِيِّ عليه السلام يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ولا يبالي وقال القارىء وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْآيَةِ فَنُسِخَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً مِنْ عِنْدِهِ عليه الصلاة والسلام كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ

ص: 80

حسن غريب) وأخرجه أحمد وبن الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمُ (لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ) وَشَهْرٌ هَذَا صَدُوقٌ كَثِيرُ الْإِرْسَالِ وَالْأَوْهَامِ

قَوْلُهُ (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ النَّخَعِيُّ (عَنْ عَبِيدَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الموحدة بن عمر والسلواني (عن عبد الله) هو بن مَسْعُودٍ

قَوْلُهُ (جَاءَ يَهُودِيٌّ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ جَاءَ حَبْرٌ (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ (وَالْخَلَائِقَ) أَيْ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ وَفِي رِوَايَةٍ وَسَائِرَ الْخَلْقِ (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) جَمْعُ نَاجِذٍ بِنُونٍ وَجِيمٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الضَّحِكِ مِنَ الْأَسْنَانِ وَقِيلَ هِيَ الْأَنْيَابُ وَقِيلَ الْأَضْرَاسُ وَقِيلَ الدَّوَاخِلُ مِنَ الْأَضْرَاسِ الَّتِي فِي أَقْصَى الْحَلْقِ

وَفِي الرِّوَايَةِ الاتية فضحك النبي تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَضَحِكَ رَسُولُ الله تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ تَعَجُّبًا مِمَّا قَالَ الْحَبْرُ تَصْدِيقًا لَهُ وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عِنْدَهُ وَتَصْدِيقًا لَهُ بِزِيَادَةِ وَاوٍ

قَالَ النووي ظاهر الحديث أن النبي صَدَّقَ الْحَبْرَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبِضُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرِضِينَ وَالْمَخْلُوقَاتِ بِالْأَصَابِعِ ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا الْإِشَارَةُ إِلَى نَحْوِ مَا يَقُولُ

قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَيْسَ ضحكة وَتَعَجُّبُهُ وَتِلَاوَتُهُ الْآيَةَ تَصْدِيقًا لِلْحَبْرِ بَلْ هُوَ رَدٌّ لِقَوْلِهِ وَإِنْكَارٌ وَتَعَجُّبٌ مِنْ سُوءِ اعْتِقَادِهِ فَإِنَّ مَذْهَبَ الْيَهُودِ التَّجْسِيمُ فَفُهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ تَصْدِيقًا لَهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَلَى مَا فَهِمَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى

وَقَالَ التَّمِيمِيُّ تَكَلَّفَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَأَتَى فِي مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ السَّلَفُ وَالصَّحَابَةُ كَانُوا أَعْلَمَ بِمَا رَوَوْهُ وَقَالُوا إِنَّهُ ضَحِكَ تَصْدِيقًا لَهُ وَثَبَتَ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصابع الرحمن انتهى وقد اشتد إنكار بن خُزَيْمَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى أَنَّ الضَّحِكَ الْمَذْكُورَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ

فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ صَحِيحِهِ بِطَرِيقِهِ قَدْ أَجَلَّ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَنْ أَنْ يُوصَفَ رَبُّهُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيْسَ هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ فَيَجْعَلُ بَدَلَ الْإِنْكَارِ وَالْغَضَبِ عَلَى الْوَاصِفِ ضَحِكًا بَلْ لَا يُوَصِّفُ النَّبِيَّ بِهَذَا الْوَصْفِ مَنْ يُؤْمِنُ بِنُبُوَّتِهِ انْتَهَى

قُلْتُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الضَّحِكَ الْمَذْكُورَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ لَا شَكَّ عِنْدِي أَنَّهُ يستأهل

ص: 81

أَنْ يُنْكَرَ عَلَيْهِ أَشَدُّ الْإِنْكَارِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّيْسِيرِ ثم قرأ رسول الله وما قدروا الله حق قدره أَيْ مَا عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ أَوْ مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ حِينَ أَشْرَكُوا بِهِ غَيْرَهُ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَفِيهَا مَذْهَبَانِ التَّأْوِيلُ وَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ مَعَ الْإِيمَانِ بِهَا مَعَ اعْتِقَادٍ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا غَيْرُ مُرَادٍ فَعَلَى قَوْلِ الْمُتَأَوِّلِينَ يَتَأَوَّلُونَ الْأَصَابِعَ هُنَا عَلَى الِاقْتِدَارِ أَيْ خَلْقِهَا مَعَ عِظَمِهَا بِلَا تَعَبٍ وَلَا مَلَلٍ وَالنَّاسُ يَذْكُرُونَ الْأُصْبُعَ فِي مِثْلِ هَذَا لِلْمُبَالَغَةِ وَالِاحْتِقَارِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ بِأُصْبُعِي أقتل زيدا أي لأكلفه عَلَيَّ فِي قَتْلِهِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَصَابِعُ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ وَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ يَدَ الْجَارِحَةِ مُسْتَحِيلَةٌ انْتَهَى

قُلْتُ الْإِمْسَاكُ عَنِ التَّأْوِيلِ وَإِمْرَارُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَحْرِيفٍ هُوَ مَذْهَبُ السلف

قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ هُوَ أَسْلَمُ

قُلْتُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَصَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ

[3240]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ) بْنِ الْحَجَّاجِ الْأَسَدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ الْأَصَمُّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ أَخْبَرَنَا (أَبُو كُدَيْنَةَ) بِكَافٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ مُصَغَّرًا اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ مِنَ السَّابِعَةِ (عَنْ أَبِي الضُّحَى) اسْمُهُ مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ بِالتَّصْغِيرِ

قَوْلُهُ (إِذَا وَضَعَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ عَلَى ذِهْ) وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ يَوْمَ يَجْعَلُ اللَّهُ سبحانه وتعالى السَّمَاءَ عَلَى ذِهْ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ (وَأَشَارَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ بِخِنْصَرِهِ أَوَّلًا ثُمَّ تَابَعَ حَتَّى بَلَغَ الْإِبْهَامَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَا لَفْظُهُ وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ مَسْرُوقٍ عِنْدَ الْهَرَوِيِّ مَرْفُوعًا

ص: 82

نَحْوُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شُجَاعِ) بْنِ رَجَاءٍ الْبَلْخِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ

[3243]

قَوْلُهُ (عَنْ مطرف) هو بن طريف

قوله (قال رسول الله كَيْفَ أَنْعَمُ) أَيْ أَفْرَحُ وَأَتَنَعَّمُ وَحَنَى جَبْهَتَهُ أَيْ أَمَالَهَا وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّوَجُّهِ لِإِصْغَاءِ السَّمْعِ وَإِلْقَاءِ الْأُذُنِ وَأَصْغَى سَمْعَهُ أَيْ أَمَالَ أُذُنَهُ لِيَسْمَعَ أَمْرَ اللَّهِ وَإِذْنَهُ بِالنَّفْخِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ الصُّورِ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الْقِيَامَةِ

[3244]

قوله (أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم) هو بن عُلَيَّةَ

قَوْلُهُ (قَالَ أَعْرَابِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الصُّورُ إِلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مَعَ شَرْحِهِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَأَوْرَدَ الترمذي هذا الحديث والذي قبله ها هنا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا من شاء الله إلخ

قوله (أخبرنا مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو) بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ (أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ) هو بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ

قَوْلُهُ (قَالَ يَهُودِيٌّ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى

ص: 83

الْبَشَرِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ فَقَالَ لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ وفي رواية لهما استب وجل مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ والذي اصطفى موسى عَلَى الْعَالَمِينَ لِقَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ (فَصَكَّ بِهَا وَجْهَهُ) أَيْ لَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ قَالَ الْحَافِظُ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِمَا فَهِمَهُ مِنْ عُمُومِ لفظ العالمين فدخل فيه محمد وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ أَنَّ مُحَمَّدًا أَفْضَلُ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى كَذِبِهِ (فَقَالَ رسول الله) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رسول الله

فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا فَمَا بَالُ فُلَانٍ لَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ

وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعد فدعا النبي الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ وَنُفِخَ فِي الصور أَيِ النَّفْخَةُ الْأُولَى فَصَعِقَ أَيْ مَاتَ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أَيْ فِي الصُّورِ أُخْرَى أَيْ مَرَّةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ فَإِذَا هُمْ أَيْ جَمِيعُ الْخَلَائِقِ الْمَوْتَى قِيَامٌ أَيْ مِنْ قُبُورِهِمْ يَنْظُرُونَ أَيْ يَنْتَظِرُونَ مَا يُفْعَلُ بِهِمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ وَفِي لَفْظٍ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ فَلَا أَدْرِي أَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَلَا أَدْرِي وَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ

قَالَ الْحَافِظُ أَيْ فَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ صَعِقَ أَيْ فَإِنْ كَانَ أَفَاقَ قَبْلِي فَهِيَ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ فَلَمْ يُصْعَقْ فَهِيَ فَضِيلَةٌ أَيْضًا

وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَلَا أَدْرِي كَانَ فِيمَنْ صَعِقَ أَيْ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ الْأُولَى الَّتِي صُعِقَهَا لَمَّا سَأَلَ الرُّؤْيَةَ وبين ذلك بن الْفَضْلِ فِي رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ ممن استثنى الله أن في رواية بن الْفَضْلِ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بَيَانَ السَّبَبِ فِي اسْتِثْنَائِهِ وَهُوَ أَنَّهُ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ فَلَمْ يُكَلَّفْ بِصَعْقَةٍ أُخْرَى وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ قَوْلُهُ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي هَذَا مِنْ أَشْكَلِ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّ مُوسَى قَدْ مَاتَ فَكَيْفَ تُدْرِكُهُ الصَّعْقَةُ وَإِنَّمَا تَصْعَقُ الْأَحْيَاءَ وَقَوْلُهُ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يَأْتِ أَنَّ مُوسَى رَجَعَ إِلَى الْحَيَاةِ وَلَا أَنَّهُ حَيٌّ كَمَا جَاءَ فِي عِيسَى وَقَدْ قال لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ

قَالَ الْقَاضِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الصَّعْقَةَ صَعْقَةُ فَزَعٍ بَعْدَ الْبَعْثِ حِينَ تَنْشَقُّ

ص: 84

السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فَتَنْتَظِمُ حِينَئِذٍ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ وَيُؤَيِّدُهُ قوله فَأَفَاقَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَفَاقَ مِنَ الْغَشْيِ وَأَمَّا الْمَوْتُ فَيُقَالُ بُعِثَ مِنْهُ وَصَعْقَةُ الطُّورِ لَمْ تكن موتا وأما قوله فلا أدري أفاق قبلي فيحتمل أنه قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ إِنْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ على ظاهره وأن نبينا أول شخص من تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ عَلَى الْإِطْلَاقِ

قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنَ الزُّمْرَةِ الَّذِينَ هُمْ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُمُ الْأَرْضُ فَيَكُونُ مُوسَى مِنْ تِلْكَ الزُّمْرَةِ وَهِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ زمرة الأنبياء وصلوات الله وسلامه عليهم إنتهى

قلت ها هنا أَبْحَاثٌ وَأَنْظَارٌ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَمَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مَقْصُورًا وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّ متى اسم أمه وهو مردود بحديث بن عباس عند البخاري ومسلم عن النبي قَالَ مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَنَسَبُهُ إِلَى أَبِيهِ فَقَوْلُهُ وَنَسَبُهُ إِلَى أَبِيهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَتَّى أَبُوهُ لَا أُمُّهُ فَقَدْ كَذَبَ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ مُتَسَاوُونَ فِي مَرْتَبَةِ النُّبُوَّةِ وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ بِاعْتِبَارِ الدَّرَجَاتِ فَلَفْظُ أَنَا وَاقِعٌ

موقع هو ويكون راجعا إلى النبي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسَ الْقَائِلِ فَحِينَئِذٍ كَذَبَ بِمَعْنَى كَفَرَ كَنَى بِهِ عَنِ الْكُفْرِ لِأَنَّ هَذَا الْكَذِبَ مُسَاوٍ لِلْكُفْرِ

كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ الضَّمِيرُ فِي أَنَا قيل يعود إلى النبي وَقِيلَ يَعُودُ إِلَى الْقَائِلِ أَيْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْضُ الْجَاهِلِينَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عِبَادَةٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ

فَإِنَّهُ لَوْ بَلَغَ مِنَ الْفَضَائِلِ مَا بَلَغَ لم يبلغ درجة لنبوة وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الرِّوَايَةُ الَّتِي قَبْلَهُ وَهِيَ قوله لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى انْتَهَى

قُلْتُ ضَمِيرُ أنا إذا عاد إلى النبي فالظاهر أنه قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ الخلق وأما قول من قال إنه قَالَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا إِنْ كَانَ قَالَهُ بَعْدَ أَنْ أُعْلِمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ فَقَدْ كَذَبَ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ

قِيلَ خَصَّ يُونُسَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُ بِأَوْصَافٍ تُوهِمُ انْحِطَاطَ رُتْبَتِهِ حَيْثُ قَالَ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عليه إذ أبق إلى الفلك المشحون

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

[3246]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ

قَوْلُهُ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْ فِي الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ بكسر

ص: 85

الْهَمْزَةِ أَيْ قَائِلًا إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ أَنْ تَكُونُوا أَحْيَاءً دَائِمًا أَنْ تَصِحُّوا بِكَسْرِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ أَيْ تَكُونُوا صَحِيحِي الْبَدَنِ دَائِمًا فَلَا تَسْقَمُوا مِنْ بَابِ سَمِعَ أَيْ لَا تَمْرَضُوا أَنْ تَشِبُّوا بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ تَدُومُوا شَبَابًا فَلَا تَهْرَمُوا مِنْ بَابِ سَمِعَ أَيْ لَا تَشِيبُوا أَنْ تَنْعَمُوا بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ يدوم لكم النعيم فلا تبأسوا سكون الْمُوَحَّدَةِ فَالْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ لَا يُصِيبَكُمْ بَأْسٌ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَالِ

وَالْبَأْسُ وَالْبُؤْسُ وَالْبَأْسَاءُ وَالْبُؤْسَى بِمَعْنًى قَالَهُ النَّوَوِيُّ

وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ بَئِسَ كَسَمِعَ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بما كنتم تعملون وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ التي أورثتموها بما كنتم تعملون الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي الْكِتَابِ فَهِيَ فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ وَكَانَ للترمذي أو يُورِدَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ أَوْ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الزُّخْرُفِ

وَهَذَا الْحَدِيثُ أخرجه أيضا مسلم في صحيحه مرفوعا

[3241]

قَوْلُهُ (عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ) بْنِ الضُّرَيْسِ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مُصَغَّرًا الْأَسَدِيِّ أَبِي بَكْرٍ الْكُوفِيِّ قَاضِي الرَّيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّامِنَةِ

قَوْلُهُ وَالْأَرْضُ جميعا حال أي السبع قبضته أَيْ مَقْبُوضَتُهُ وَفِي مُلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كيف يشاء يوم القيامة والسماوات مطويات أَيْ مَجْمُوعَاتٌ بِيَمِينِهِ وَبَعْدَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركون أَيْ بِنِسْبَةِ الْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ إِلَيْهِ (قَالَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ) وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ طَرِيقِ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ هَذِهِ الْآيَةَ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الأرض قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ قَالَ عَلَى الصِّرَاطِ

وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ يَكُونُونَ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ

وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ وَجْهُ الْجَمْعِ (وَفِي الْحَدِيثِ

ص: 86