الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[3534]
قَوْلُهُ (عَنِ الْجُلَاحِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَخِفَّةِ اللَّامِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (أَبِي كَثِيرٍ) الْمِصْرِيِّ مَوْلَى الْأُمَوِيِّينَ صَدُوقٌ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ عُمَارَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وتخفيف الميم (بن شبيب) بفتح المعجمة وكسر الموحدة الأولى (السبأي) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبِالْهَمْزَةِ الْمَقْصُورَةِ وَيُقَالُ فِيهِ عمار يقال له صحبة وقال بن حِبَّانَ فِي ثِقَاتِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً فَقَدْ وَهِمَ
قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ رَوَى حَدِيثًا وَاحِدًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقِيلَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَوْلُهُ عَلَى أَثَرِ الْمَغْرِبِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَوْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ بَعْدَهُ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَسْلَحَةً قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمَسْلَحَةُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ الثُّغُورَ مِنَ الْعَدُوِّ وَسُمُّوا مَسْلَحَةً لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ ذَوِي سِلَاحٍ أَوْ لِأَنَّهُمْ يَسْكُنُونَ الْمَسْلَحَةَ وَهِيَ كَالثَّغْرِ
وَالْمَرْقَبُ يَكُونُ فِيهِ أَقْوَامٌ يَرْقُبُونَ الْعَدُوَّ لِئَلَّا يَطْرُقَهُمْ عَلَى غَفْلَةٍ فَإِذَا رَأَوْهُ أَعْلَمُوا أَصْحَابَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا لَهُ وَجَمْعُ الْمَسْلَحِ مَسَالِحُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ مُوجِبَاتٍ أَيْ لِلْجَنَّةِ مُوبِقَاتٍ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مُهْلِكَاتٍ وَكَانَتْ لَهُ بِعَدْلِ عَشْرِ رقبات أَيْ مِثْلَ عِتْقِهَا وَالْعَدْلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا بِمَعْنَى الْمِثْلِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ الْمِثْلُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَبِالْكَسْرِ مِنَ الْجِنْسِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
02 -
(بَاب فِي فَضْلِ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ)
وَمَا ذُكِرَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ لِعِبَادِهِ [3535] قَوْلُهُ (فَقُلْتُ ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ) أَيْ جَاءَ بِي عِنْدَكَ طَلَبُ الْعِلْمِ (فَقَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ
أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ (قُلْتُ إِنَّهُ) الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ (حَكَّ فِي صَدْرِي) قَالَ فِي النِّهَايَةِ حَكَّ الشَّيْءُ فِي نَفْسِي إِذَا لَمْ تَكُنْ مُنْشَرِحَ الصَّدْرِ بِهِ وَكَانَ فِي قَلْبِكَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الشَّكِّ وَالرَّيْبِ (الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ حَكَّ (وَكُنْتُ) بِصِيغَةِ الْخِطَابِ (هَلْ سَمِعْتَهُ) أَيِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (قَالَ كَانَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَوْ مُسَافِرِينَ إِلَى قَوْلِهِ لَكِنْ غَائِطٌ وَبَوْلٌ ونوم) تقدم شرح فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ (يَذْكُرُ فِي الْهَوَى شَيْئًا) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْوَاوِ وَهُوَ الْحُبُّ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ هَوِيَهُ كَرَضِيَهُ هوى فهو أَيْ أَحَبَّهُ (بِصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ ثُمَّ وَاوٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْ عَالٍ هَاؤُمُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَاؤُمُ بِمَعْنَى تَعَالَ وَبِمَعْنَى خذ ويقال للجماعة كقوله تعالى هاؤم اقرؤوا كتابيه وَإِنَّمَا رَفَعَ صَوْتَهُ عليه الصلاة والسلام مِنْ طَرِيقِ الشَّفَقَةِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَحْبَطَ عَمَلُهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبي فَعَذَرَهُ لِجَهْلِهِ وَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ حَتَّى كَانَ مِثْلَ صَوْتِهِ أَوْ فَوْقَهُ لِفَرْطِ رَأْفَتِهِ بِهِ انْتَهَى (اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) أَيِ اخْفِضْهُ (وَقَدْ نُهِيتُ عَنْ هَذَا) أَيْ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَغْضُضْ) إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ أَعْرَابِيًّا جِلْفًا جَافِيًا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ (وَلَمَّا يحلق بِهِمْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ
وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَلْحَقْ بِعَمَلِهِمْ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ بِعَمَلِهِمْ وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمِثْلِ عَمَلِهِمْ وَهُوَ يُفَسِّرُ
الْمُرَادَ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَعَهُمْ أَنْ تَكُونَ مَنْزِلَتُهُ وَجَزَاؤُهُ مِثْلَهُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (فَمَا زَالَ يُحَدِّثُنَا) هَذَا قَوْلُ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ (مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مِنْ جَانِبِهِ (مَسِيرَةُ عَرْضِهِ أَوْ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي عَرْضِهِ) كَلِمَةُ أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ عَامًا وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ سَبْعِينَ عَامًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْمَغْرِبِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حسن صحيح) وأخرجه بن ماجة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ
[3536]
قَوْلُهُ (حَاكَ أَوْ حَكَّ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ حَكَّ وَأَمَّا مَعْنَى حَاكَ فَقَالَ فِي الْقَامُوسِ حَاكَ الثَّوْبَ حَوْكًا وَحِيَاكًا وَحِيَاكَةً نَسَجَهُ وَحَاكَ الشَّيْءُ فِي صَدْرِي رَسَخَ وَقَالَ حَاكَ الْقَوْلُ فِي الْقَلْبِ حَيْكًا أَخَذَ (أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ جَافٍ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ صِفَاتٍ لِقَوْلِهِ رَجُلٌ فَالْجِلْفُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْأَحْمَقُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْجِلْفِ وَهِيَ الشَّاةُ الْمَسْلُوخَةُ الَّتِي قُطِعَ رَأْسُهَا وَقَوَائِمُهَا وَيُقَالُ لِلدَّنِّ أَيْضًا شَبَّهَ الْأَحْمَقَ بِهِمَا لِضَعْفِ عَقْلِهِ وَجَافٍ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَفَاءِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ مَنْ بَدَا جَفَا
أَيْ مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ غَلُظَ طَبْعُهُ لِقِلَّةِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَالْجَفَاءُ
غِلَظُ الطَّبْعِ انْتَهَى
(مَهْ) هُوَ اسْمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ بِمَعْنَى اسْكُتْ (قال زر) أي بن حُبَيْشٍ (فَمَا بَرِحَ) أَيْ فَمَا زَالَ (يُحَدِّثُنِي) أَيْ صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ هُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا لا ينفع نفسا إيمانها الْآيَةَ تَمَامُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبْتِ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إنا منتظرون
(باب [3537] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ)
الْجُوزَجَانِيُّ (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدَّةِ التَّحْتَانِيَّةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ (الْحِمْصِيُّ) الْأَلْهَانِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ التَّاسِعَةِ
قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الحنفية بالكافر قاله القارىء
قُلْتُ الظَّاهِرُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ الْأَوَّلُ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ مِنَ الْغَرْغَرَةِ أَيْ مَا لَمْ تَبْلُغِ الرُّوحُ إِلَى الْحُلْقُومِ يَعْنِي مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِالْمَوْتِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ بَعْدَ التَّيَقُّنِ بِالْمَوْتِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يموتون وهم كفار قيل وأما تفسير بن عَبَّاسٍ حُضُورَهُ بِمُعَايَنَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ فَحُكْمٌ أَغْلَبِيٌّ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَا يَرَاهُ وَكَثِيرًا يَرَاهُ قَبْلَ الْغَرْغَرَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن ماجة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ
[3538]
قَوْلُهُ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِلَامِ التَّأْكِيدِ الْمَفْتُوحَةِ وَفِي حديث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا
قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ فَرَحُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ رِضَاهُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ الْفَرَحُ يَنْقَسِمُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا السُّرُورُ وَالسُّرُورُ يُقَارِنُهُ الرِّضَا بِالْمَسْرُورِ بِهِ قَالَ فَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْضَى بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَرْضَى وَاجِدُ ضَالَّتِهِ بِالْفَلَاةِ فَعَبَّرَ عَنِ الرِّضَا بِالْفَرَحِ تَأْكِيدًا لِمَعْنَى الرِّضَا فِي نَفْسِ السَّامِعِ وَمُبَالَغَةً فِي تَقْرِيرِهِ انْتَهَى
قُلْتُ لَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ وَمَذْهَبُ السَّلَفِ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْحَدِيثِ إِمْرَارُهَا عَلَى ظَوَاهِرِهَا مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَأْوِيلٍ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ فَضْلِ الصَّدَقَةِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ
الضَّالَّةُ هِيَ الضَّائِعَةُ مِنْ كُلِّ مَا يُقْتَنَى مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ يُقَالُ ضَلَّ الشَّيْءُ إِذَا ضَاعَ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ فَاعِلَةٌ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهَا فَصَارَتْ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ وَتَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عن بن مَسْعُودٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَأَنَسٍ) أَمَّا حَدِيثُ بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُمَا الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[3539]
قَوْلُهُ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مُحَمَّدُ بْنُ قيس المدني
الْقَاصُّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ وَحَدِيثُهُ عَنِ الصَّحَابَةِ مُرْسَلٌ (عَنْ أَبِي صِرْمَةَ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْأَنْصَارِيِّ (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) الْأَنْصَارِيِّ
قَوْلُهُ (قَدْ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنما كَتَمَهُ أَوَّلًا مَخَافَةَ اتِّكَالِهِمْ عَلَى سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَانْهِمَاكِهِمْ فِي الْمَعَاصِي وَإِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عِنْدَ وَفَاتِهِ لِئَلَّا يَكُونَ كَاتِمًا لِلْعِلْمِ وَرُبَّمَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَحْفَظُهُ غَيْرُهُ فَتَعَيَّنَ علته أَدَاؤُهُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَيْ قَوْمًا آخَرِينَ مِنْ جِنْسِكُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِكُمْ يُذْنِبُونَ فَيَغْفِرَ لَهُمْ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ
قَالَ الطِّيبِيُّ لَيْسَ فِي الْحَدِيثُ تَسْلِيَةً لِلْمُنْهَمِكِينَ فِي الذُّنُوبِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا بُعِثُوا لِيَرْدَعُوا النَّاسَ عَنْ غَشَيَانِ الذُّنُوبِ بَلْ بَيَانٌ لِعَفْوِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَجَاوُزِهِ عَنِ الْمُذْنِبِينَ لِيَرْغَبُوا فِي التَّوْبَةِ وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ هُوَ أَنَّ اللَّهَ كَمَا أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ الْمُحْسِنِينَ أَحَبَّ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنِ الْمُسِيئِينَ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ الْغَفَّارُ الْحَلِيمُ التَّوَّابُ العفو أو لم يَكُنْ لِيَجْعَلَ الْعِبَادَ شَأْنًا وَاحِدًا كَالْمَلَائِكَةِ مَجْبُولِينَ عَلَى التَّنَزُّهِ مِنَ الذُّنُوبِ بَلْ يَخْلُقُ فِيهِمْ مَنْ يَكُونُ بِطَبْعِهِ مَيَّالًا إِلَى الْهَوَى مُتَلَبِّسًا بِمَا يَقْتَضِيهِ ثُمَّ يُكَلِّفُهُ التَّوَقِّيَ عَنْهُ وَيُحَذِّرُهُ عَنْ مُدَانَاتِهِ وَيُعَرِّفُهُ التَّوْبَةَ بَعْدَ الِابْتِلَاءِ فَإِنْ وَفَّى فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَإِنْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ فَالتَّوْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
قوله (أخبرنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ جِيمٍ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ الثُّغُورِ صَدُوقٌ رُبَّمَا أَخْطَأَ مِنَ الثَّامِنَةِ (عَنْ عُمَرَ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو حَفْصٍ (مَوْلَى غُفْرَةَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ ضَعِيفٌ وَكَانَ كَثِيرَ الْإِرْسَالِ مِنَ الْخَامِسَةِ
[3540]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ) البصري مستملي أبي عَاصِمٍ يُلَقَّبُ بِدْعَةَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ ثقة حافظ من الحادية عشرة (حدثنا أَبُو عَاصِمٍ) اسْمُهُ الضَّحَّاكُ النَّبِيلُ (أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ فَائِدٍ) بِالْفَاءِ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ (أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ) الْهُنَائِيُّ الْبَصْرِيُّ
قَوْلُهُ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي مَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ مَا دُمْتَ تَدْعُونِي وَتَرْجُونِي يَعْنِي فِي مُدَّةِ دُعَائِكَ وَرَجَائِكَ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ أَيْ مِنَ الْمَعَاصِي وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وَكَثُرَتْ وَلَا أُبَالِي أَيْ وَالْحَالُ أَنِّي لَا أَتَعَظَّمُ مَغْفِرَتَكَ عَلَيَّ وَإِنْ كَانَ ذَنْبًا كَبِيرًا أَوْ كَثِيرًا
قَالَ الطِّيبِيُّ فِي قَوْلِهِ وَلَا أبالي معنى لا يسأل عما يفعل عَنَانَ السَّمَاءِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ سَحَابَهَا وَقِيلَ مَا عَلَا مِنْهَا أَيْ ظَهَرَ لَكَ مِنْهَا إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ
قَالَ الطِّيبِيُّ الْعَنَانُ السَّحَابُ وَإِضَافَتُهَا إِلَى السَّمَاءِ تَصْوِيرٌ لِارْتِفَاعِهِ وأنه بلغ مبلغ المساء بِقُرَابِ الْأَرْضِ بِضَمِّ الْقَافِ وَيُكْسَرُ أَيْ بِمَا يقارب ملؤها (خَطَايَا) تَمْيِيزُ قُرَابٍ أَيْ بِتَقْدِيرِ تَجَسُّمِهَا لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ عَلَى حِكَايَةِ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ لِعَدَمِ الشِّرْكِ وَقْتَ اللُّقِيِّ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً قَالَ الطِّيبِيُّ ثُمَّ هَذِهِ لِلتَّرَاخِي فِي الْإِخْبَارِ وَأَنَّ عَدَمَ الشِّرْكِ مَطْلُوبٌ أَوَّلِيٌّ وَلِذَلِكَ قَالَ لَقِيتَنِي وَقَيَّدَ بِهِ وَإِلَّا لَكَانَ يَكْفِي أَنْ يُقَالَ خَطَايَا لا تشرك بي
قال القارىء فَائِدَةُ الْقَيْدِ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ عَلَى التَّوْحِيدِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ