المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء ما يقال إذا قام من الليل) - تحفة الأحوذي - جـ ٩

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْحَجِّ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ المؤمنين)

- ‌(بَاب وَمِنْ سورة النور)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْفُرْقَانِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ النَّمْلِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْقَصَصِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ السَّجْدَةِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ سَبَأٍ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْمَلَائِكَةِ)

- ‌(باب ومن سورة الصافات)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ ص)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الزُّمَرِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ حم السَّجْدَةِ)

- ‌(باب ومن سورة الدخان)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الْأَحْقَافِ)

- ‌(باب ومن سُورَةُ ق)

- ‌(باب ومن سُورَةُ الذَّارِيَاتِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الطُّورِ)

- ‌(باب ومن سورة والنجم)

- ‌(باب ومن سورة القمر)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ الرحمن)

- ‌(بَاب ومن سورة الواقعة)

- ‌(بَاب ومن سُورَةُ الْحَدِيدِ)

- ‌(باب سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ)

- ‌45 - كتاب الدعوات

- ‌(باب ما جاء في فضل الدعاء)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ)

- ‌(باب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَوْمِ يَجْلِسُونَ فيذكرون الله مَا لَهُمْ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَوْمِ يَجْلِسُونَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ مُسْتَجَابَةٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الدَّاعِيَ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رَفْعِ الْأَيْدِي عِنْدَ الدعاء)

- ‌(باب ما جاء في من يَسْتَعْجِلُ فِي دُعَائِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَنَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْبِيحِ والتكبير والتحميد عند المنام)

- ‌(باب ما جاء ما يقال إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ)

- ‌(باب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الْعَبْدُ إِذَا مَرِضَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى مُبْتَلًى)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنْ مجلسه)

- ‌(باب ما جاء ما يقال عِنْدَ الْكَرْبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مُسَافِرًا)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ)

- ‌(باب ما جار مَا يَقُولُ إِذَا وَدَّعَ إِنْسَانًا)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي دَعْوَةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(باب ما جاء ما يقول إذا ركب الناقلة)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا هَاجَتِ الرِّيحُ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْغَضَبِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا)

- ‌(بَاب ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا)

- ‌(باب ما يقول إذا فرغ من الطعام)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ نَهِيقَ الْحِمَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي جَامِعِ الدَّعَوَاتِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عَقْدِ التَّسْبِيحِ بِالْيَدِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ)

- ‌(بَاب خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ)

- ‌ قَوْلُهُ (عَنْ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) بْنِ عُرْوَةَ النَّخَعِيُّ)

- ‌(بَاب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌(باب ما جاء ما يقال إذا قام من الليل)

29 -

(باب ما جاء ما يقال إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ)

إِلَى الصَّلَاةِ [3418] قَوْلُهُ (كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ) قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ أَوَّلَ مَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ وَتَرْجَمَ عليه بن خُزَيْمَةَ الدَّلِيلَ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ هَذَا التَّحْمِيدَ بَعْدَ أَنْ يُكَبِّرَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بن سعد عن طاؤس عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا قام للتهجد قال بعد ما يُكَبِّرُ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ انْتَهَى لَكَ الْحَمْدُ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ مُنَوِّرُهُمَا وَخَالِقُ نُورِهِمَا وَقَالَ بن عَبَّاسٍ هَادِي أَهْلِهِمَا

وَقِيلَ مُنَزَّهٌ فِي السَّمَاوَاتِ والأرض من كل عيب ومبرء مِنْ كُلِّ رِيبَةٍ وَقِيلَ هُوَ اسْمُ مَدْحٍ يُقَالُ فُلَانٌ نُورُ الْبَلَدِ وَشَمْسُ الزَّمَانِ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ مُزَيِّنُ السَّمَاوَاتِ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء والأولياء وقال بن بَطَّالٍ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ بِنُورِكَ يَهْتَدِي مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ ذو نور السماوات والأرض يأنت قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَفِي رِوَايَةٍ قَيِّمُ وَفِي أُخْرَى قَيُّومُ وَهِيَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهَا الْقَائِمُ بِأُمُورِ الْخَلْقِ وَمُدَبِّرُ الْعَالَمِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَصْلُهَا مِنَ الْوَاوِ قَيْوَامٌ وَقَيْوِمٌ وَقَيْوُومٌ بِوَزْنِ فَيْعَالٍ فَيَعُولُ وَالْقَيُّومُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَعْدُودَةِ وَهُوَ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا لَا بِغَيْرِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُقَوَّمُ بِهِ كُلُّ مَوْجُودٍ حَتَّى لَا يُتَصَوَّرَ وُجُودُ شَيْءٍ وَلَا دَوَامُ وُجُودِهِ إِلَّا بِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ

الرب يطلق في المغة عَلَى الْمَالِكِ وَالسَّيِّدِ وَالْمُدَبِّرِ وَالْمُرَبِّي وَالْمُنْعِمِ وَالْقَيِّمِ وَلَا يُطْلَقُ غَيْرَ مُضَافٍ إِلَّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى غَيْرِهِ أُضِيفَ فَيُقَالُ رَبُّ كَذَا وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ مُطْلَقًا عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ أَنْتَ الْحَقُّ أَيِ الْمُتَحَقِّقُ الْوُجُودِ الثَّابِتُ بِلَا شَكٍّ فِيهِ

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْوَصْفُ لَهُ سبحانه وتعالى بِالْحَقِيقَةِ خَاصٌّ بِهِ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ إذ

ص: 257

وُجُودُهُ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ وَلَا يَلْحَقُهُ عدم بخلاف غيره

وقال بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنْتَ الْحَقُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يُدَّعَى فِيهِ أَنَّهُ إِلَهٌ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَمَّاكَ إِلَهًا فَقَدْ قَالَ الْحَقَّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ أَيِ الثَّابِتُ قَالَ الطِّيبِيُّ عَرَّفَ الْحَقَّ فِي أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَنَكَّرَ فِي الْبَوَاقِي لِأَنَّهُ مُنَكَّرٌ سَلَفًا وَخَلَفًا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الثَّابِتُ الدَّائِمُ الْبَاقِي وَمَا سِوَاهُ فِي مَعْرِضِ الزَّوَالِ وَكَذَا وَعْدُهُ مُخْتَصٌّ بِالْإِنْجَازِ دُونَ وَعْدِ غَيْرِهِ إِمَّا قَصْدًا وَإِمَّا عَجْزًا تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُمَا وَالتَّنْكِيرُ فِي الْبَوَاقِي لِلتَّفْخِيمِ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ اللِّقَاءُ الْبَعْثُ أَوْ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ الْمَوْتُ وَأَبْطَلَهُ النَّوَوِيُّ وَاللِّقَاءُ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْوَعْدِ لَكِنَّ الْوَعْدَ مَصْدَرٌ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ هُوَ الْمَوْعُودُ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ أَيْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَأَصْلُ السَّاعَةِ الْقِطْعَةُ مِنَ الزَّمَانِ وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْحَقِّ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْأُمُورِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا وَأَنَّهَا مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُصَدَّقَ بِهَا وَتَكْرَارُ لَفْظِ حَقٍّ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّأْكِيدِ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ أَيِ اسْتَسْلَمْتُ وَانْقَدْتُ لِأَمْرِكَ وَنَهْيِكَ وَبِكَ آمَنْتُ أَيْ صَدَّقْتُ بِكَ وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرْتَ وَأَمَرْتَ وَنَهَيْتَ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ أَيْ فَوَّضْتُ الْأَمْرَ إِلَيْكَ تَارِكًا لِلنَّظَرِ فِي الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ أَيْ أَطَعْتُ وَرَجَعْتُ إِلَى عِبَادَتِكَ أَيْ أَقْبَلْتُ عَلَيْهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ رَجَعْتُ إِلَيْكَ فِي تَدْبِيرِ أَمْرِي أَيْ فَوَّضْتُ إِلَيْكَ وَبِكَ خَاصَمْتُ أَيْ بِمَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْبَرَاهِينِ وَالْقُوَّةِ خَاصَمْتُ مَنْ عَانَدَ فِيكَ وَكَفَرَ بِكَ وَقَمَعْتُهُ بِالْحُجَّةِ وَبِالسَّيْفِ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ أَيْ كُلَّ مَنْ جَحَدَ الْحَقَّ حَاكَمْتُهُ إِلَيْكَ وَجَعَلْتُكَ الْحَاكِمَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَا غَيْرَكَ مِمَّا كَانَتْ تَحَاكَمُ إِلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ صَنَمٍ وَكَاهِنٍ وَنَارٍ وَشَيْطَانٍ وَغَيْرِهَا فَلَا أَرْضَى إِلَّا بِحُكْمِكَ وَلَا أَعْتَمِدُ غَيْرَهُ وَقَدَّمَ مَجْمُوعَ صِلَاتِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ عَلَيْهَا إِشْعَارًا بِالتَّخْصِيصِ وَإِفَادَةً لِلْحَصْرِ مَا قَدَّمْتُ أَيْ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ وَمَا أَخَّرْتُ عَنْهُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَيْ أَخْفَيْتُ وَأَظْهَرْتُ أَوْ مَا حَدَّثْتُ بِهِ نَفْسِي وَمَا تَحَرَّكَ بِهِ لِسَانِي

قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَى سُؤَالِهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْفِرَةَ مَعَ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ أَنَّهُ يَسْأَلُ ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَخُضُوعًا وَإِشْفَاقًا وَإِجْلَالًا وَلِيُقْتَدَى بِهِ فِي أَصْلِ الدُّعَاءِ وَالْخُضُوعِ وَحُسْنِ التَّضَرُّعِ فِي هَذَا الدُّعَاءِ الْمُعِينِ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مُوَاظَبَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي اللَّيْلِ عَلَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالِاعْتِرَافِ لِلَّهِ تَعَالَى بِحُقُوقِهِ وَالْإِقْرَارِ بصدقه ووعده ووعيده والبعث والجنة والنار وَغَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وأخرجه الشيخان والنسائي وبن ماجة

ص: 258

30 -

بَاب مِنْهُ [3419] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هُوَ الدَّارِمِيُّ (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ (حَدَّثَنِي أَبِي) أَيْ عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى مَقْبُولٌ من الثامنة (حدثني بن أَبِي لَيْلَى) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ الْقَاضِي صَدُوقٌ سيء الْحِفْظِ جِدًّا مِنَ السَّابِعَةِ (عَنْ دَاوُدَ بْنِ علي هو بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ داود بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ أَبُو سَلْمَانَ أَمِيرُ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا مَقْبُولٌ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس الهاشمي ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الثَّالِثَةِ

قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ (رَحْمَةً) أَيْ عَظِيمَةً كَمَا أَفَادَهُ تَنْكِيرُهُ مِنْ عِنْدِكَ أَيِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ تَهْدِي أَيْ تُرْشِدُ بِهَا قَلْبِي إِلَيْكَ وَتُقَرِّبُهُ لَدَيْكَ وَخَصَّهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْعَقْلِ وَمَنَاطُ التَّجَلِّي وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي أَيْ أَمْرِي الْمُتَفَرِّقَ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ تَجْمَعُ بِهَا شَمْلِي أَيْ مَا تَشَتَّتَ مِنْ أَمْرِي وَتَفَرَّقَ وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ يُقَالُ جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُمْ أَيْ مَا تَشَتَّتَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَفَرَّقَ اللَّهُ شَمْلَهُمْ أَيْ مَا اجْتَمَعَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَتَلُمُّ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ أَيْ تَجْمَعُ شَعَثِي بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مَا تَفَرَّقَ مِنْ أَمْرِي يُقَالُ لَمَّ اللَّهُ شَعَثَ فُلَانٍ أَيْ قَارَبَ بَيْنَ شَتِيتِ أُمُورِهِ وَأَصْلَحَ مِنْ حَالِهِ مَا تَشَعَّثَ غَائِبِي أَيْ مَا غَابَ عَنِّي أي باطني بكمال الْإِيمَانِ وَالْأَخْلَاقِ الْحِسَانِ وَالْمَلَكَاتِ الْفَاضِلَةِ شَاهِدِي أَيْ ظَاهِرِي بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْخِلَالِ الْحَمِيدَةِ وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي أَيْ تَزِيدُهُ وَتَنُمِّيهِ وَتُطَهِّرُهُ مِنَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي أَيْ تَهْدِينِي بِهَا مَا يُرْضِيكَ وَيُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتُكْسَرُ أَيْ أَلِيفِي أَوْ مَأْلُوفِي أَيْ مَا كُنْتُ آلَفُهُ وَتَعْصِمُنِي أَيْ تَمْنَعُنِي وَتَحْفَظُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَيْ تَصْرِفُنِي عَنْهُ وَتَصْرِفُهُ عَنِّي لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ فَإِنَّ القلب إذا

ص: 259

تَمَكَّنَ مِنْهُ نُورُ الْيَقِينِ انْزَاحَ عَنْهُ ظَلَامُ الشَّكِّ وَغَيْمُ الرَّيْبِ وَرَحْمَةً أَيْ عَظِيمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَيْ عُلُوَّ الْقَدْرِ فِيهِمَا الْفَوْزَ فِي الْقَضَاءِ أَيِ الفوز باللطف فيه نزل الشُّهَدَاءِ النُّزُلُ بِضَمَّتَيْنِ وَقَدْ تُسَكَّنُ الزَّايُ أَيْ مَنْزِلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَوْ دَرَجَتَهُمْ فِي الْقُرْبِ مِنْكَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ وَمَنْزِلُهُ أَوْفَى وَأَفْخَمَ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لِلتَّشْرِيعِ

قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَصْلُهُ قِرَى الضَّيْفِ يُرِيدُ مَا لِلشُّهَدَاءِ مِنَ الْأَجْرِ وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ الَّذِينَ قَدَّرْتَ لَهُمُ السَّعَادَةَ الْأُخْرَوِيَّةَ إِنِّي أُنْزِلُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ أَيْ أُحِلُّ بِكَ حَاجَتِي أَيْ أَسْأَلُكَ قَضَاءَ مَا أَحْتَاجُهُ مِنْ أَمْرِ الدَّارَيْنِ وَإِنْ قَصَّرَ رَأْيِي بِتَشْدِيدِ الصَّادِ مِنَ التَّقْصِيرِ أَيْ عَجَزَ عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُوَ أَنْجَحُ وَأَصْلُهُ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ وَضَعُفَ عَمَلِي أَيْ عِبَادَتِي عَنْ بُلُوغِ مَرَاتِبِ الْكَمَالِ فَأَسْأَلُكَ أَيْ فَبِسَبَبِ ضَعْفِي وَافْتِقَارِي إِلَيْكَ أَطْلُبُ مِنْكَ يَا قَاضِيَ الْأُمُورِ حَاكِمَهَا وَمُحْكِمَهَا وَيَا شَافِيَ الصُّدُورِ أَيْ مُدَاوِيَ الْقُلُوبِ مِنْ أَمْرَاضِهَا الَّتِي إِنْ تَوَالَتْ عَلَيْهَا أَهْلَكَتْهَا هَلَاكَ الْعَبْدِ كَمَا تُجِيرُ أَيْ تَفْصِلُ وَتَحْجِزُ بَيْنَ الْبُحُورِ أَيْ تَمْنَعُ أَحَدَهَا مِنَ الِاخْتِلَاطِ بِالْآخَرِ مَعَ الِاتِّصَالِ أَنْ تُجِيرَنِي أَيْ تَمْنَعَنِي (مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ) بِأَنْ تَحْجِزَهُ عَنِّي وَتَمْنَعَهُ مِنِّي وَمِنْ دَعْوَةِ الثُّبُورِ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ هُوَ الْهَلَاكُ أَيْ أَجِرْنِي مِنْ أَنْ أَدْعُوَ ثُبُورًا

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ النَّارِ إِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا وَمِنْ فِتْنَةِ الْقُبُورِ بِأَنْ تَرْزُقَنِي الثَّبَاتَ عِنْدَ سُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَمَا قَصَّرَ عَنْهُ رَأْيِي أَيِ اجْتِهَادِي فِي تَدْبِيرِي وَلَمْ تَبْلُغْهُ نِيَّتِي أَيْ تَصْحِيحُهَا فِي ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ وَلَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلَتِي إِيَّاكَ أَوْ خَيْرٍ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ أَيْ مِنْ غَيْرِ سَابِقَةٍ وَعَدَّلَهُ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُعَدُّ مَعَ مَا قَبْلَهُ تَكْرَارًا فَإِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ أَيْ فِي حُصُولِهِ مِنْكَ لِي بِرَحْمَتِكَ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لِسَعَتِهَا اللَّهُمَّ ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَكَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ بِالْبَاءِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ أَوِ الدِّينُ أَوِ السَّبَبُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى واعتصموا بحبل الله جميعا وَصَفَهُ بِالشِّدَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْحِبَالِ وَالشِّدَّةُ فِي الدِّينِ الثَّبَاتُ وَالِاسْتِقَامَةُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الصَّوَابُ الْحِيَلُ بِالْيَاءِ وَهُوَ الْقُوَّةُ يُقَالُ حَوْلٌ وَحَيْلٌ بمعنى

ص: 260

انْتَهَى وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ أَيِ السَّدِيدِ الْمُوَافِقِ لِغَايَةِ الصَّوَابِ أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ مِنَ الْفَزَعِ وَالْأَهْوَالِ يَوْمَ الْوَعِيدِ لِلْكُفَّارِ بِالْعَذَابِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمَ الْخُلُودِ أَيْ خُلُودِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ الشُّهُودِ جَمْعُ الشَّاهِدِ أَيِ النَّاظِرِينَ إِلَى رَبِّهِمْ الرُّكَّعِ السُّجُودِ الْمُكْثِرِينَ لِلصَّلَاةِ ذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي الدُّنْيَا الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ بِمَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَدُودٌ أَيْ شَدِيدُ الْحُبِّ لِمَنْ وَالَاكَ وَإِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تريد فتعطي من تشاء مسؤوله وَإِنْ عَظُمَ هَادِينَ أَيْ دَالِّينَ لِلْخَلْقِ عَلَى مَا يُوصِلُهُمْ إِلَى الْحَقِّ مُهْتَدِينَ أَيْ إِلَى إِصَابَةِ الصَّوَابِ قَوْلًا وَعَمَلًا غَيْرَ ضَالِّينَ عَنِ الْحَقِّ وَلَا مُضِلِّينَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ سَلْمًا بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ صُلْحًا لِأَوْلِيَائِكَ أَيْ حِزْبِكَ لِأَعْدَائِكَ مِمَّنِ اتَّخَذَ لَكَ شَرِيكًا أَوْ نِدًّا نُحِبُّ بِحُبِّكَ أَيْ بِسَبَبِ حُبِّنَا لَكَ بِعَدَاوَتِكَ أَيْ بِسَبَبِ عَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ أَيْ خَالَفَ أَمْرَكَ اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ أَيْ مَا أَمْكَنَنَا مِنْهُ قَدْ أَتَيْنَا بِهِ وَلَمْ نَأْلُ جَهْدًا وَهُوَ مَقْدُورُنَا وَعَلَيْكَ الْإِجَابَةُ فَضْلًا مِنْكَ لَا وُجُوبًا وَهَذَا الْجُهْدُ بِالضَّمِّ وَتُفْتَحُ الْوُسْعُ وَالطَّاقَةُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ بِضَمِّ التَّاءِ أَيِ الِاعْتِمَادُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا أَيْ عَظِيمًا فَالتَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ وَنُورًا فِي قَبْرِي أَسْتَضِيءُ بِهِ فِي ظُلْمَةِ اللَّحْدِ وَنُورًا مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ أَيْ يَسْعَى أَمَامِي وَنُورًا مِنْ خَلْفِي أَيْ مِنْ وَرَائِي لِيَتْبَعَنِي أَتْبَاعِي وَيَقْتَدِيَ بِي أَشْيَاعِي وَنُورًا عَنْ يَمِينِي وَنُورًا عَنْ شِمَالِي وَنُورًا مِنْ فَوْقِي وَنُورًا مِنْ تَحْتِي يَعْنِي اجْعَلِ النُّورَ يَحُفُّنِي مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ السِّتِّ وَنُورًا فِي سَمْعِي وَنُورًا فِي بَصَرِي وَبِزِيَادَةِ ذَلِكَ تَزْدَادُ الْمَعَارِفُ وَنُورًا فِي بَشَرِي بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ ظَاهِرِ جِلْدِي وَنُورًا فِي لَحْمِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَنُورًا فِي دَمِي وَنُورًا فِي عِظَامِي نَصَّ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا لِأَنَّ إِبْلِيسَ يَأْتِي الْإِنْسَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ فَيُوَسْوِسُهُمْ فَدَعَا بِإِثْبَاتِ النُّورِ فِيهَا لِيَدْفَعَ ظُلْمَتَهُ اللَّهُمَّ أَعْظِمْ لِي نُورًا وَأَعْطِنِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ خَاصٍّ أَيِ اجْعَلْ لِي نُورًا شَامِلًا لِلْأَنْوَارِ المتقدمة وغيرها قال الْقُرْطُبِيُّ هَذِهِ الْأَنْوَارُ الَّتِي دَعَا بِهَا

ص: 261

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ نُورًا يَسْتَضِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي تِلْكَ الظُّلَمِ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ

قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ مُسْتَعَارَةٌ لِلْعِلْمِ وَالْهِدَايَةِ كَمَا قَالَ تعالى فهو على نور من ربه وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ في الناس ثُمَّ قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي مَعْنَاهُ أَنَّ النُّورَ مُظْهِرٌ مَا نُسِبَ إِلَيْهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ فَنُورُ السَّمْعِ مُظْهِرٌ لِلْمَسْمُوعَاتِ وَنُورُ الْبَصَرِ كَاشِفٌ لِلْمُبْصِرَاتِ وَنُورُ الْقَلْبِ كَاشِفٌ عَنِ الْمَعْلُومَاتِ وَنُورُ الْجَوَارِحِ مَا يَبْدُو عَلَيْهَا مِنْ أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ قَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَى طَلَبِ النُّورِ لِلْأَعْضَاءِ عُضْوًا عُضْوًا أَنْ يَتَحَلَّى بِأَنْوَارِ الْمَعْرِفَةِ وَالطَّاعَاتِ وَيَتَعَرَّى عما عدهما فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تُحِيطُ بِالْجِهَاتِ السِّتِّ بِالْوَسَاوِسِ فَكَانَ التَّخَلُّصُ مِنْهَا بِالْأَنْوَارِ السَّادَّةِ لِتِلْكَ الْجِهَاتِ قَالَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ رَاجِعَةٌ إِلَى الْهِدَايَةِ وَالْبَيَانِ وَضِيَاءِ الْحَقِّ وَإِلَى ذَلِكَ يُرْشِدُ قَوْلُهُ تَعَالَى الله نور السماوات والأرض إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي الله لنوره من يشاء انْتَهَى مُلَخَّصًا تَعَطَّفَ الْعِزَّ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ أَيِ التَّرَدِّي بِالْعِزِّ الْعِطَافُ وَالْمِعْطَفُ الرِّدَاءُ وَقَدْ تَعَطَّفَ بِهِ وَاعْتَطَفَ وَتَعَطَّفَهُ وَاعْتَطَفَهُ وَسُمِّيَ عِطَافًا لِوُقُوعِهِ عَلَى عِطْفَيِ الرَّجُلِ وَهُمَا نَاحِيَتَا عُنُقِهِ وَالتَّعَطُّفُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَجَازٌ يُرَادُ بِهِ الِاتِّصَافُ كَأَنَّ الْعِزَّ شَمَلَهُ شُمُولَ الرِّدَاءِ (وَقَالَ بِهِ) أَيْ أَحَبَّهُ وَاخْتَصَّهُ لِنَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يَقُولُ بِفُلَانٍ أَيْ بِمَحَبَّتِهِ واختصاصهد وَقِيلَ مَعْنَاهُ حَكَمَ بِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ يُسْتَعْمَلُ مَعْنَى الْحُكْمِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ مَعْنَاهُ غَلَبَ بِهِ وَأَصْلُهُ مِنَ القَيْلِ الْمَلِكُ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ قَوْلُهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (لَبِسَ الْمَجْدَ) أَيِ ارْتَدَى بِالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَتَكَرَّمَ بِهِ أَيْ تَفَضَّلَ وَأَنْعَمَ عَلَى عِبَادِهِ لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ أَيْ لَا يَنْبَغِي التَّنْزِيهُ الْمُطْلَقُ إِلَّا لِجَلَالِهِ تَقَدَّسَ ذِي الْفَضْلِ أَيِ الزِّيَادَةِ فِي الْخَيْرِ وَالنِّعَمِ جَمْعُ نِعْمَةٍ بِمَعْنَى إِنْعَامٍ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَيِ الَّذِي يُجِلُّهُ الْمُوَحِّدُونَ عَنِ التَّشْبِيهِ بِخَلْقِهِ وَعَنْ أَفْعَالِهِمْ أَوِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَا أَجَلَّكَ وَمَا أَكْرَمَكَ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ

قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَفِي أَسَانِيدِهِ مقال لكنها تعاضدت (لا نعرف مِثْلَ هَذَا) أَيْ مُطَوَّلًا (وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ كريب عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ الْحَدِيثِ) أَيْ مُخْتَصَرًا (وَلَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ لَمْ يُذْكَرْ أَحَدٌ مِنْهُمَا وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ هَذِهِ أَخْرَجَهَا الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا

ص: 262