الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِصَّةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ الْقِصَّةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد وبن جرير
1 -
(باب ومن سُورَةُ الْمُؤْمِنِ)
وَتُسَمَّى سُورَةَ غَافِرٍ مَكِّيَّةٌ إِلَّا الذين يجادلون في آيات الله وَالَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ آيَةً
قَوْلُهُ الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ شَيْءٌ مِنْ شَرْحِهِ وَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ أَبْوَابِ الدَّعَوَاتِ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ
2 -
(بَاب وَمِنْ سُورَةِ حم السَّجْدَةِ)
وَتُسَمَّى سُورَةَ فُصِّلَتْ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ آيَةً [3248] قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ) اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ الْأَزْدِيُّ (اخْتَصَمَ عِنْدَ الْبَيْتِ) أَيِ الْكَعْبَةِ (قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ) الشَّكُّ مِنْ أَبِي مَعْمَرٍ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ بن مَسْعُودٍ بِلَفْظِ ثَقَفِيٌّ وَخَتَنَاهُ قُرَشِيَّانِ وَلَمْ يَشُكَّ
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ وَهْبٍ هَذِهِ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهَا (قَلِيلٌ) بِالتَّنْوِينِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ (فِقْهُ قُلُوبِهِمْ) بِإِضَافَةِ فِقْهُ إِلَى قُلُوبِهِمْ وَقِيلَ بِإِضَافَةِ قَلِيلٌ إِلَى فِقْهُ وَقُلُوبُهُمْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ الْمُبْتَدَأُ أَيْ قُلُوبُهُمْ قَلِيلَةُ الْفِقْهِ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ)
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْفِطْنَةَ قَلَّمَا تَكُونُ مَعَ الْبِطْنَةِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا رَأَيْتُ سَمِينًا عَاقِلًا إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ (أَتُرَوْنَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ أَتَظُنُّونَ (إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَهُوَ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا) وَجْهُ الْمُلَازَمَةِ فِيمَا قَالَ أَنَّ نِسْبَةَ جَمِيعِ الْمَسْمُوعَاتِ إِلَى اللَّهِ عَلَى السَّوَاءِ وَأَبْطَلَ الْقِيَاسَ الْفَاسِدَ فِي تَشْبِيهِهِ بِالْخَلْقِ فِي سَمَاعِ الْجَهْرِ دُونَ السِّرِّ وَأَثْبَتَ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ حَيْثُ شَبَّهَ السِّرَّ بِالْجَهْرِ لِعِلَّةِ أَنَّ الْكُلَّ إِلَيْهِ سَوَاءٌ
وَإِنَّمَا جَعَلَ قَائِلَهُ مِنْ جُمْلَةِ قَلِيلِ الْفَهْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِهِ وَشَكَّ فِيهِ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سمعكم ولا أبصاركم وبعده ولا جلودكم أي أنكم تستترون والحيطان وَالْحُجُبِ عِنْدَ ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ وَمَا كَانَ اسْتِتَارُكُمْ ذَلِكَ خِيفَةَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ جَوَارِحُكُمْ لِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غَيْرَ عَالِمِينَ بِشَهَادَتِهَا عَلَيْكُمْ بَلْ كُنْتُمْ جَاحِدِينَ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ أَصْلًا وَلَكِنَّكُمْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيْ وَلَكِنَّكُمْ إِنَّمَا اسْتَتَرْتُمْ لِظَنِّكُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْخَفِيَّاتُ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بربكم أرداكم أي وذلك الظن هو الذين أهلككم وذلكم مبتدأ وظنكم خبر والذي ظننتم بربكم صفته وأرداكم خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ ظَنُّكُمْ بَدَلٌ مِنْ ذَلِكُمْ وأرداكم الخبر
فأصبحتم من الخاسرين أَيْ فِي مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ) بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ) بْنُ مَسْعُودٍ قَوْلُهُ (قُرَشِيٌّ وَخَتَنَاهُ) تَثْنِيَةُ خَتَنٍ مُحَرَّكَةٌ وَهُوَ الصِّهْرُ أَوْ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ كَالْأَبِ وَالْأَخِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ
قَوْلُهُ (عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ) الْكُوفِيِّ قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنْ بن مَسْعُودٍ حَدِيثَ إِنِّي لَمُسْتَتِرٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَعَنْهُ عمارة بن عمير ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ انْتَهَى (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ) أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
[3250]
قَوْلُهُ (إِنَّ الَّذِينَ قالوا ربنا الله وحده لا شريك له ثم استقاموا أَيْ دَامُوا أَوْ ثَبَتُوا عَلَى التَّوْحِيدِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى إِلَهٍ غَيْرِ اللَّهِ
قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَعْنَى الِاسْتِقَامَةِ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لله تعالى
وقال قتادة وبن زَيْدٍ ثُمَّ اسْتَقَامُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ
وَقَالَ الْحَسَنُ اسْتَقَامُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ فَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ واجتنبوا معاصيه
وقال بن عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ اسْتَقَامُوا عَلَى شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى مَاتُوا وَقِيلَ غير ذلك
قلت قول بن عَبَّاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ (قَدْ قَالَ النَّاسُ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى قَدْ قَالَهَا أُنَاسٌ (ثُمَّ كَفَرَ أَكْثَرُهُمْ) يَعْنِي فَلَيْسَ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةُ مِمَّنِ اسْتَقَامُوا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وبن جَرِيرٍ
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ رَوَى عَفَّانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ حَدِيثًا) عَفَّانُ هَذَا هُوَ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ
وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ وَرَوَى هُوَ عَنْهُ حَدِيثًا وَاحِدًا كَمَا أَنَّ الْبُخَارِيَّ مِنْ شُيُوخِ التِّرْمِذِيِّ وَرَوَى عَنْهُ حَدِيثَيْنِ كَمَا عَرَفْتَ فِي الْمُقَدِّمَةِ بَاب وَمِنْ سُورَةِ حم عسق وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سُورَةُ حم عسق وَهِيَ
مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ آيَةً قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ) الْهِلَالِيِّ أَبِي زَيْدٍ الْعَامِرِيِّ الْكُوفِيِّ الزَّرَّادِ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ قُلْ لا أسألكم عليه
43 -
أَيْ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ في القربى أَيْ مَظْرُوفَةً فِيهَا بِحَيْثُ تَكُونُ الْقُرْبَى مَوْضِعًا للمودة وظرفا لها لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ مَحَبَّتِكُمْ عَنْهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي بَيْنَكُمْ أَوْ تَوَدُّوا أَهْلَ قَرَابَتِي وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا
قَالَ الزَّجَّاجُ إِلَّا الْمَوَدَّةَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ أَيْ إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي فَتَحْفَظُونِي وَالْخِطَابُ لِقُرَيْشٍ وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي مَالِكٍ وَالشَّعْبِيِّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى الِانْقِطَاعِ لَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا قَطُّ وَلَكِنْ أَسْأَلُكُمُ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ ارْقُبُونِي فِيهَا وَلَا تُعَجِّلُوا إِلَيَّ وَدَعُونِي وَالنَّاسَ وَبِهِ قَالَ قتادة ومقاتل والسدي والضحاك وبن زيد وغيرهم وهو الثابت عن بن عَبَّاسٍ (فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ) قَالَ الْحَافِظُ هَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَدْ جَاءَ عَنْهُ مِنْ روايته عن بن عباس مرفوعا فأخرج الطبري وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قَرَابَتُكَ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنَا مَوَدَّتُهُمْ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ سَاقِطٌ لِمُخَالَفَتِهِ هَذَا الحديث الصحيح يعني حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ (فَقَالَ بن عَبَّاسٍ أَعَلِمْتَ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ لِلْإِنْكَارِ وَفِي رِوَايَةِ البخاري فقال بن عَبَّاسٍ عَجِلْتَ
قَالَ الْحَافِظُ أَيْ أَسْرَعْتَ فِي التَّفْسِيرِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ) الْبَطْنُ مَا دُونَ الْقَبِيلَةِ وَفَوْقَ الْفَخِذِ (لَهُ) أَيْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال إِلَّا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ فَحَمَلَ الْآيَةَ عَلَى أَنْ تُوَادُّوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ الْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَكُمْ فَهُوَ خَاصٌّ
بِقُرَيْشٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَأَمَّا حَدِيثُ بن عباس أيضا عند بن أَبِي حَاتِمٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ في القربى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِمَوَدَّتِهِمْ قَالَ فَاطِمَةُ وَوَلَدُهَا عليهم السلام
فقال بن كثير إسناده ضعيف فيه منهم لَا يُعْرَفُ إِلَّا عَنْ شَيْخٍ شِيعِيٍّ مُخْتَرِقٍ وَهُوَ حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ
وَالْآيَةُ مَكِّيَّةٌ وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ لِفَاطِمَةَ أَوْلَادٌ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ تُزَوَّجْ بِعَلِيٍّ إِلَّا بَعْدَ بَدْرٍ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَتَفْسِيرُ الْآيَةِ بِمَا فَسَّرَ بِهِ حبر الأمة وترجمان القران بن عباس أحق وأولى ولا ننكر الْوَصَاةُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ وَاحْتِرَامُهُمْ وَإِكْرَامُهُمْ إِذْ هُمْ مِنَ الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ بَيْتٍ وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَخْرًا وَحَسَبًا وَنَسَبًا وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا مُتَّبِعِينَ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُهُمْ كَالْعَبَّاسِ وَبَنِيهِ وَعَلِيٍّ وَآلِ بَيْتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ رضي الله عنهم وَنَفَعَنَا بِمَحَبَّتِهِمْ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ ورواه بن جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ والقول بنسخ هذه الاية غير مرضي لِأَنَّ مَوَدَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَفَّ الْأَذَى عَنْهُ وَمَوَدَّةَ أَقَارِبِهِ مِنْ فَرَائِضِ الدِّينِ وَهُوَ قَوْلُ السَّلَفِ فَلَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إِلَى نَسْخِ هَذِهِ الْآيَةِ
وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مسنده عن بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى مَا آتَيْتُكُمْ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى أَجْرًا إِلَّا أَنْ تُوَادُّوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَنْ تَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ وَهَكَذَا رَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ البصري مثله
قال الحافظ بن كَثِيرٍ وَهَذَا كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ بِقَوْلٍ ثَانٍ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى أَيْ إِلَّا أَنْ تَعْمَلُوا بِالطَّاعَةِ الَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ زُلْفَى انْتَهَى
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ
قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى هَذَا الْبَلَاغِ وَالنُّصْحِ لَكُمْ ما لا تُعْطُونِيهِ وَإِنَّمَا أَطْلُبُ مِنْكُمْ أَنْ تَكُفُّوا شَرَّكُمْ عَنِّي وَتَذْرُونِي أُبَلِّغُ رِسَالَاتِ رَبِّي إِنْ لَمْ تَنْصُرُونِي فَلَا تُؤْذُونِي لِمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الاية
ويدل على ذلك حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ وَأَمَّا الْأَقْوَالُ الْبَاقِيَةُ فَمَرْجُوحَةٌ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ
[3252]
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمِ) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَازِعِ الْكِلَابِيُّ الْقَيْسِيُّ (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَازِعِ) الْكِلَابِيُّ الْبَصْرِيُّ مَجْهُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ
قَوْلُهُ (فَأُخْبِرْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ) بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَاضِي الْبَصْرَةِ كَانَ ظَلُومًا
وَذَكَرَهُ أَبُو الْعَرَبِ الصِّقِلِّيُّ فِي كِتَابِ الضعفاء وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ (فَقُلْتُ إِنَّ فِيهِ) أَيْ فِي
بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ (لَمُعْتَبَرًا) أَيْ عِبْرَةً وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ قَاضِيًا وَالْآنَ هُوَ مَحْبُوسٌ (قَالَ) أَيْ شَيْخُ بَنِي مُرَّةَ الْمَذْكُورُ (وَإِذَا) لِلْمُفَاجَأَةِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ (فِي قُشَاشٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقَشِيشُ كَأَمِيرٍ اللُّقَاطَةُ كَالْقُشَاشِ بِالضَّمِّ وَقَالَ فِيهِ اللُّقَاطَةُ بِالضَّمِّ مَا كَانَ سَاقِطًا مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ (تُمْسِكُ بِأَنْفِكَ) أَيْ تَكَبُّرًا (هَاتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ أَيْ أَعْطِ وَحَدِّثْنِي بِذَلِكَ الْحَدِيثِ (حَدَّثَنِي أَبِي أَبُو بُرْدَةَ) أَبُو بُرْدَةَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ أَبِي (أَبِي مُوسَى) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ أَبِيهِ نَكْبَةٌ أَيْ مِحْنَةٌ وَأَذًى وَالتَّنْوِينُ لِلتَّقْلِيلِ لَا لِلْجِنْسِ لِيَصِحَّ تَرَتُّبُ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِالْفَاءِ وَهُوَ فَمَا فَوْقَهَا أَيْ فِي الْعِظَمِ أَوْ دُونَهَا أَيْ فِي الْمِقْدَارِ إِلَّا بِذَنْبٍ أَيْ يَصْدُرُ مِنَ الْعَبْدِ وَمَا يَعْفُو اللَّهُ مَا مَوْصُولَةٌ أَيِ الَّذِي يَغْفِرُهُ وَيَمْحُوهُ أَكْثَرُ أَيْ مِمَّا يُجَازِيهِ (قَالَ) أَيْ أَبُو مُوسَى (وَقَرَأَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (وَمَا أَصَابَكُمْ) خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ مصيبة أي بلية وشدة (فيما كسبت أيديكم أَيْ كَسَبْتُمْ مِنَ الذُّنُوبِ وَعَبَّرَ بِالْأَيْدِي لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَفْعَالِ تُزَاوَلُ بِهَا وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ أَيْ مِنَ الذُّنُوبِ فَلَا يُجَازِي عَلَيْهِ وَهُوَ تَعَالَى أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ الْجَزَاءَ فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُذْنِبِينَ فَمَا يُصِيبُهُمْ فِي الدُّنْيَا لِرَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ فِي الْآخِرَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ مَجْهُولَانِ كَمَا عَرَفْتَ
44 -
سُورَةُ الزُّخْرُفِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ تِسْعٌ وَثَمَانُونَ آيَةً [3253] قَوْلُهُ كَانُوا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْهُدَى إِلَّا أوتوا الجدل أي أعطوه وهو حال وقد مُقَدَّرَةٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَعَمُّ عَامٌّ الْأَحْوَالَ وَصَاحِبُهَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي خَبَرِ كَانَ وَالْمَعْنَى مَا كَانَ ضَلَالَتُهُمْ وَوُقُوعُهُمْ فِي الْكُفْرِ إِلَّا بِسَبَبِ الْجِدَالِ وَهُوَ الْخُصُومَةُ بِالْبَاطِلِ مَعَ نَبِيِّهِمْ وَطَلَبِ الْمُعْجِزَةِ مِنْهُ عِنَادًا أَوْ جُحُودًا وَقِيلَ مُقَابَلَةُ الْحُجَّةِ بِالْحُجَّةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ هُنَا الْعِنَادُ وَالْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ ضَرْبُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لِتَرْوِيجِ مَذَاهِبِهِمْ وَآرَاءِ مَشَايِخِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ نُصْرَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ لَا الْمُنَاظَرَةُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَإِظْهَارِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ اسْتِشْهَادًا عَلَى مَا قرره ما ضربوه أَيْ هَذَا الْمَثَلَ لَكَ يَا مُحَمَّدُ وَهُوَ قَوْلُهُمْ أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ أَرَادُوا بِالْآلِهَةِ هُنَا الْمَلَائِكَةَ يَعْنِي الْمَلَائِكَةُ خَيْرٌ أَمْ عِيسَى يُرِيدُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ خَيْرٌ مِنْ عِيسَى فَإِذَا عَبَدَتِ النَّصَارَى عِيسَى فَنَحْنُ نَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ أَيْ ما قالوا ذلك القول إلا جدلا أي إلا لمخاصمتك وإذائك بالباطل لا لطلب إلا الحق كذا قال بعض العلماء
قال القارىء والأصح في معنى الاية أن بن الزِّبَعْرَى جَادَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حصب جهنم آلِهَتُنَا أَيِ الْأَصْنَامُ خَيْرٌ عِنْدَكَ أَمْ عِيسَى فَإِنْ كَانَ فِي النَّارِ فَلْتَكُنْ آلِهَتُنَا مَعَهُ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ
فَأَوَّلًا أَنَّ مَا لِغَيْرِ ذَوِي الْعُقُولِ فَالْإِشْكَالُ نَشَأَ عَنِ الْجَهْلِ بِالْقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ وَثَانِيًا أَنَّ عِيسَى وَالْمَلَائِكَةَ خُصُّوا عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ انتهى
قلت بن الزِّبَعْرَى بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْأَلِفِ الْمَقْصُورَةِ قَالَ الشهاب بن الزِّبَعْرَى هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا كَانَتْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَيَانِ