المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعاطي السحر وإتيان السحرة والطريقة المباحة في ذلك] - تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[أولا العقيدة]

- ‌[بيان ما يقع عند القبور وما يتصل بالحلف والأيمان والنذور]

- ‌[التوسل المشروع والتوسل الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[معنى لا إله إلا الله وبيان مقتضاها وشروطها]

- ‌[أهمية توحيد الإلهية]

- ‌[التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم والتبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حكم وقوع الكثير من العامة في جملة من المخالفات الفادحة في التوحيد]

- ‌[الاستهزاء بشعائر الدين الظاهرة]

- ‌[أهم الكتب التي ينصح بها سماحتكم أن تقرأ في مجال العقيدة]

- ‌[المزاح بألفاظ فيها كفر أو فسق وموقف طلبة العلم والدعاة منه]

- ‌[ما يخطر ببال الإنسان من وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان]

- ‌[مخالفة ما علم من الدين بالضرورة بدعوى الاجتهاد]

- ‌[حكم من سب الله أو سب رسوله أو انتقصهما]

- ‌[تعاطي السحر وإتيان السحرة والطريقة المباحة في ذلك]

- ‌[النفاق خطره أنواعه صفة أهله والتحذير منهم]

- ‌[ثانيا الصلاة]

- ‌[كيفية الصلاة في الأماكن التي يطول فيها الليل أو النهار جدا]

- ‌[من صلى وليس على عاتقيه شيء]

- ‌[معنى قوله أسفروا بالفجر والجمع بينه وبين حديث الصلاة على وقتها]

- ‌[إطالة السراويل]

- ‌[صلاة من صلى إلى غير القبلة بعد الاجتهاد]

- ‌[التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة]

- ‌[فضل الصلاة في حجر إسماعيل]

- ‌[الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة]

- ‌[قضاء الصلاة الفائتة والترتيب فيها]

- ‌[عورة المرأة في الصلاة]

- ‌[طهرت المرأة من الحيض في وقت العصر أو العشاء فهل تصلي معها الظهر]

- ‌[الصلاة في المسجد الذي به قبر]

- ‌[حكم تأخير كثير من العمال الصلاة عن أوقاتها]

- ‌[وجد في ثوبه نجاسة بعدما سلم من صلاته]

- ‌[الواجب على المسلم نحو من ترك الصلاة أو تهاون بها]

- ‌[حكم قضاء الصلاة على المغمى عليه من جراء حوادث السيارات]

- ‌[حكم تأخير المرضى للصلاة]

- ‌[تارك الصلاة عمدا]

- ‌[الأذان بعد الوقت ومشروعية الأذان في البرية]

- ‌[الأذان والإقامة للنساء]

- ‌[الصلاة بغير إقامة]

- ‌[دليل قول المؤذن في الفجر الصلاة خير من النوم]

- ‌[تكرار قول الصلاة جامعة عند الكسوف]

- ‌[الصلاة إلى سترة وهل الخط يقوم مقام السترة]

- ‌[موضع وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[حكم جلسة الاستراحة ولمن تشرع]

- ‌[كيفية الصلاة في الطائرة]

- ‌[حكم العبث في الصلاة ونصيحة لمن يفعل ذلك]

- ‌[وضع الركبتين قبل اليدين عند الخفض للسجود والعكس]

- ‌[النحنحة والبكاء في الصلاة]

- ‌[المرور بين يدي المصلي ومعنى قطع المار للصلاة]

- ‌[رفع الأيدي للصلاة]

- ‌[مسح الجبهة بعد الصلاة]

- ‌[المصافحة بعد الصلاة]

- ‌[تغيير المكان لأداء السنة بعد الصلاة]

- ‌[صحة ما ورد في الحث على قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له

- ‌[التهاون بصلاة الجماعة ورد بعض الشبهات في ذلك]

- ‌[قراءة المؤتم للفاتحة خلف الإمام ومتى يقرؤها]

- ‌[إلحاق حكم الدخان وكل ما له رائحة كريهة بحكم الثوم والبصل]

- ‌[موضع بدء الصف خلف الإمام]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل]

- ‌[حكم صلاة المنفرد خلف الصف]

- ‌[اشتراط النية في الإمامة والائتمام بالمسبوق]

- ‌[ما يدركه المسبوق مع الإمام يعتبر أول صلاته]

- ‌[الصلاة خارج المسجد إذا امتلأ المسجد بالمصلين]

- ‌[كيفية إدراك الركعة]

- ‌[انتظار الإمام للداخل لإدراك الركعة]

- ‌[كيفية وضع الصبيان في الصلاة]

- ‌[إقامة جماعة أخرى بعد جماعة المسجد]

- ‌[المشروع إذا انتقض وضوء الإمام]

- ‌[ما تدرك به الجماعة]

- ‌[صلاة ركعتي الفجر بعد إقامة الصلاة]

- ‌[الاقتصار على تسليمة واحدة في الصلاة]

- ‌[حكم الركعة الزائدة لمسبوق صلى ركعتين مع الإمام وزاد الإمام ركعة]

- ‌[صلاة الإمام بالجماعة على غير وضوء نسيانا]

- ‌[إمامة من يرتكب بعض المعاصي الظاهرة]

- ‌[موقف المأموم من الإمام إذا كان المأموم واحدا]

- ‌[شك المصلي في الصلاة ثلاثا صلى أم أربعا]

- ‌[سجود السهو بعد السلام أم قبله]

- ‌[سجود المسبوق والمأموم للسهو]

- ‌[سجود السهو في بعض الحالات]

- ‌[حكم تلازم الجمع والقصر والأفضل للمسافر في ذلك]

- ‌[وقت القصر والجمع للمسافر]

- ‌[مسافة السفر المبيح للقصر وحكم القصر لمن نوى الإقامة أكثر من أربعة]

- ‌[الجمع بين المغرب والعشاء للمطر في الوقت الحاضر]

- ‌[هل النية شرط للجمع]

- ‌[حكم الموالاة بين الصلاتين في الجمع]

- ‌[حكم صلاة المقيم خلف المسافر وحكم القصر للمسافر سواء كان إماما أم]

- ‌[حضر جماعة عند الجمع بين المغرب والعشاء للمطر والإمام يصلي العشاء]

- ‌[فضل السنن والرواتب والنوافل المطلقة في السفر]

- ‌[بعض مسائل سجود التلاوة]

- ‌[صلاة الكسوف وتحية المسجد في وقت النهي]

- ‌[المراد بدبر لصلاة]

- ‌[الذكر الجماعي بعد الصلاة وحكم الجهر به]

- ‌[صلاة من تكلم في الصلاة نسيانا]

- ‌[ثالثا الزكاة]

- ‌[حكم تارك الزكاة]

- ‌[يملك عددا من أنواع المواشي لكن لا يبلغ كل نوع منها نصابا بمفرده]

- ‌[الرجلين أو الثلاثة يجمعون مواشيهم من أجل الزكاة]

- ‌[عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها]

- ‌[الضابط في تقدير الفقير الذي يعطى من الزكاة وحكم إخراجها مرة أخرى]

- ‌[إعطاء الزكاة لمن سرق في غير بلده في الوقت الحاضر]

- ‌[إعطاء الزكاة للمجاهدين المسلمين]

- ‌[إخراج زكاة الحلي الملبوس أو المعد للبس أو العارية]

- ‌[الإجابة على من يرى وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال]

- ‌[كيفية إخراج زكاة من يتاجر في الألبسة والأواني وغيرها]

- ‌[الزكاة في الأسهم وكيفية إخراجها]

- ‌[كيفية إخراج زكاة من يصرف بعض ماله ويوفر البعض الآخر]

- ‌[الزكاة في أموال اليتامى]

- ‌[حكم الزكاة في أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس]

- ‌[زكاة الزروع فيما يسقى بالمطر وما يسقى بالمكائن]

- ‌[حكم الزكاة في الفواكه والخضروات التي تنتجها المزارع]

- ‌[المعتمد في المكاييل التي تعرف بها الأنصبة في الزكاة]

- ‌[حكم الزكاة في فوائد البنوك]

- ‌[صدقة الفطر]

- ‌[حكم إخراج صدقة الفطر للمجاهدين]

- ‌[رابعا الصيام]

- ‌[من يجب عليه صيام رمضان وفضل صيامه وصيام التطوع]

- ‌[أمر الصبي المميز بالصيام والحكم لو بلغ في أثناء الصيام]

- ‌[بيان الأفضل للمسافر من فطر أو صيام]

- ‌[ثبوت دخول شهر رمضان وحكم من رأى الهلال وحده]

- ‌[كيفية الصيام إذا اختلفت المطالع]

- ‌[كيفية صيام من يطول نهارهم أو يقصر]

- ‌[السحور وقت أذان الفجر]

- ‌[الفطر للمرأة الحامل]

- ‌[حكم الفدية لمن يرخص لهم في الفطر]

- ‌[حكم الصيام للمرأة الحائض والنفساء]

- ‌[حكم صيام التطوع لمن عليه أيام من رمضان لم تقض]

- ‌[حكم من كان مريضا ودخل عليه رمضان ولم يصم ثم مات بعد رمضان]

- ‌[حكم استعمال الإبر التي في الوريد والإبر التي في العضل للصائم]

- ‌[حكم استعمال معجون الأسنان وقطرة الأذن والأنف والعين للصائم]

- ‌[صيام من حصل له ألم في أسنانه وعمل له الطبيب تنظيفا أو حشوا أو خلع]

- ‌[حكم من أكل أو شرب في نهار الصيام ناسيا]

- ‌[حكم من ترك قضاء صيام رمضان حتى دخل رمضان الذي بعده]

- ‌[حكم من يصوم وهو تارك للصلاة]

- ‌[حكم من أفطر في رمضان غير منكر لوجوبه]

- ‌[الحكم إذا طهرت الحائض في أثناء نهار رمضان]

- ‌[الحكم إذا خرج من الصائم دم كالرعاف ونحوه]

- ‌[أكل الصائم أو شرب أو جامع ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر]

- ‌[جامع في نهار رمضان وهو صائم مسافرا وغير مسافر]

- ‌[حكم استعمال البخاخ في الفم للصائم نهارا لمريض الربو ونحوه]

- ‌[حكم أخذ الحقنة الشرجية عند الصائم للحاجة]

- ‌[حكم من ذرعه القيء وهو صائم]

- ‌[حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم]

- ‌[حكم الاعتكاف للرجل والمرأة ومسائل متعلقة بالاعتكاف]

- ‌[خامسا الحج]

- ‌[الأنساك الثلاثة في الحج وكيفية العمل بها]

- ‌[من أتى بالعمرة في أشهر الحج ثم خرج من مكة إلى المدينة وأقام فيها]

- ‌[من تجاوز الميقات ملبيا بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض يمنعه]

- ‌[من أحرم من الميقات لكنه في التلبية نسي أن يقول لبيك عمرة متمتعا]

- ‌[من حج عن والدته وعند الميقات لبى بالحج ولم يلب عن والدته]

- ‌[إحرام المرأة في الشراب والقفازين وحكم خلع ما أحرمت فيه]

- ‌[التلفظ باللسان في نية الإحرام وصفتها]

- ‌[مكان إحرام من قدم إلى مكة في عمل أو مهمة ثم حصل له فرصة الحج]

- ‌[هل يشترط للإحرام ركعتان]

- ‌[من يحس بخروج مذي أو قطرات من البول أثناء الإحرام وعند خروجه إلى]

- ‌[تغيير لباس الإحرام لغسله]

- ‌[وضع الطيب على الإحرام قبل عقد النية والتلبية]

- ‌[مكان إحرام من كان في منى قبل يوم التروية]

- ‌[وقت التمتع وحكم الإحرام بالحج قبل يوم التروية]

- ‌[جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر]

- ‌[فعل المحرم إذا خاف ألا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف]

- ‌[للمرأة أن تحرم في أي الثياب شاءت]

- ‌[وقت إحرام الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو]

- ‌[مكان إحرام من كان سكنه دون المواقيت]

- ‌[مكان إحرام الحاج يوم التروية]

- ‌[نوى بالحج قادما من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة ولم يحرم]

- ‌[نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قلبه تمتعا فأتى بالعمرة ثم]

- ‌[نوى بالحج متمتعا وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفردا]

- ‌[أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطع أن يفدي]

- ‌[أحرم بالحج والعمرة قارنا وبعد العمرة حل الإحرام]

- ‌[من حج وهو تارك للصلاة سواء كان عامدا أو متهاونا]

- ‌[استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشهرية في أيام الحج]

- ‌[طواف المرأة إذا حاضت أو نفست بعد إحرامها]

- ‌[ركعتا الطواف خلف المقام]

- ‌[من أخر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وجعله طوافا وحكم طواف الإفاضة]

- ‌[أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي]

- ‌[الطهارة للطواف والسعي]

- ‌[حكم طواف الوداع في العمرة وحكم شراء شيء من مكة بعد طواف الوداع]

- ‌[تقديم السعي على الطواف]

- ‌[صفة السعي ومكان بدايته وعدد أشواطه]

- ‌[أفضلية الحلق على التقصير بعد أداء النسك]

- ‌[وقت توجه الحاج إلى عرفة ووقت انصرافه منها]

- ‌[حكم الوقوف بمزدلفة والمبيت فيها وما قدره]

- ‌[المبيت خارج منى أيام التشريق ووقت بداية الحاج بالنفير من منى]

- ‌[الأفضل للحاج في أعمال يوم النحر وحكم التقديم والتأخير]

- ‌[التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي]

- ‌[رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلا لمن ليس لديه عذر]

- ‌[وقت بداية رمي الجمرات وكيفيته وعدد الحصى ووقت الانتهاء منه]

- ‌[من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض]

- ‌[الرمي من الحصى الذي حول الجمار]

الفصل: ‌[تعاطي السحر وإتيان السحرة والطريقة المباحة في ذلك]

شيئا مما حرمه الله بن الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، كمن جحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة، أو وجوب صوم رمضان، أو وجوب الحج في حق من استطاع السبيل إليه، أو جحد وجوب بر الوالدين أو نحو ذلك، ومثل ذلك من استحل شرب الخمر أو عقوق الوالدين، أو استحل أموال الناس ودماءهم بغير حق، أو استحل الربا أو نحو ذلك من المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة وبإجماع سلف الأمة، فإنه كافر مرتد عن الإسلام إن كان يدعي الإسلام بإجماع أهل العلم. وقد بسط العلماء رحمهم الله في هذه المسائل وغيرها من نواقص الإسلام في باب حكم المرتد ووضحوا أدلتها، فمن أراد الوقوف على ذلك فليراجع هذا الباب في كتب أهل العلم من الحنابلة، والشافعية، والمالكية، والحنفية وغيرهم، ليجد ما يشفيه ويكفيه إن شاء الله. ولا يجوز أن يعذر أحد بدعوى الجهل في ذلك؛ لأن هذه الأمور من المسائل المعلومة بين المسلمين وحكمها ظاهر في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والله ولي التوفيق.

[تعاطي السحر وإتيان السحرة والطريقة المباحة في ذلك]

13 -

كثر في هذا العصر تعاطي السحر وإتيان السحرة، فما حكم ذلك؟ وما الطريقة المباحة لعلاج المسحور؟

ص: 48

الجواب: السحر من أعظم الكبائر الموبقات، بل هو من نواقض الإسلام، كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ - وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102 - 103](1) . فأخبر - سبحانه - في هاتين الآيتين أن الشياطين يعلمون الناس السحر وأنهم كفروا بذلك، وأن الملكين ما يعلمان من أحد حتى يخبراه أن ما يعلمانه كفر وأنهما فتنة.

وأخبر - سبحانه - أن متعلمي السحر يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنهم ليس لهم عند الله من خلاق في الآخرة، والمعنى ليس لهم حظ ولا نصيب من الخير في الآخرة.

وبين - سبحانه - أن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه بهذا السحر وأنهم لا يضرون أحدا إلا بإذن الله، المراد بذلك إذنه الكوني القدري لا إذنه الشرعي؛ لأن جميع ما يقع في الوجود يكون بإذنه

(1) سورة البقرة الآيتان: 102، 103.

ص: 49

القدري ولا يقع في ملكه ما لا يريده كونا وقدرا، وبين سبحانه أن السحر ضد الإيمان والتقوى.

وبهذا كله يعلم أن السحر كفر وضلال وردة عن الإسلام إذا كان من فعله يدعي الإسلام، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اجتنبوا السبع الموبقات، قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات» . فبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح أن الشرك والسحر من السبع الموبقات أي: المهلكات، والشرك أعظمها؛ لأنه أعظم الذنوب، والسحر من جملته ولهذا قرنه الرسول صلى الله عليه وسلم به؛ لأن السحرة لا يتوسلون إلى السحر إلا بعبادة الشياطين والتقرب إليهم بما يحبون من الدعاء، والذبح، والنذر، والاستعانة وغير ذلك. روى النسائي رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه» . وهذا يفسر قوله - تعالى - في سورة الفلق: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4](1) قال أهل

(1) سورة الفلق، الآية:4.

ص: 50

التفسير: إنهن الساحرات اللاتي يعقدن العقد وينفثن فيها بكلمات شركية يتقربن بها إلى الشياطين لتنفيذ مرادهم في إيذاء الناس وظلمهم.

وقد اختلف العلماء في حكم الساحر، هل يستتاب وتقبل توبته؟ أم يقتل بكل حال ولا يستتاب إذا ثبت عيه السحر؟ والقول الثاني: هو الصواب؛ لأن بقاءه مضر بالمجتمع الإسلامي والغالب عليه عدم الصدق في التوبة؛ ولأن في بقائه خطرا كبيرا على المسلمين. واحتج أصحاب هذا القول على ما قالوه: بأن عمر رضي الله عنه أمر بقتل السحرة ولم يستتبهم وهو ثاني الخلفاء الراشدين الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم، واحتجوا أيضا بما رواه الترمذي رحمه الله عن جندب بن عبد الله البجلي أو عن جندب الخير الأزدي مرفوعا وموقوفا:«حد الساحر ضربه بالسيف» . وقد ضبطه بعض الرواة بالتاء فقال: «حد الساحر ضربة بالسيف» . والصحيح عند العلماء وقفه على جندب.

وصح عن حفصة أم المؤمنات رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت من غير استتابة. قال الإمام أحمد رحمه الله ثبت ذلك - يعني قتل الساحر - من غير استتابة عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني بذلك: عمر، وجندبا، وحفصة.

ومما ذكرنا نعلم أنه لا يجوز إتيان السحرة وسؤالهم عن شيء ولا

ص: 51

تصديقهم، كما لا يجوز إتيان العرافين والكهنة، وأن الواجب قتل الساحر متى ثبت تعاطيه السحر بإقراره أو بالبينة الشرعية من غير استتابة.

أما العلاج للسحر فيعالج بالرقى الشرعية والأدوية النافعة المباحة، ومن أنفع العلاج علاج المسحور بقراءة الفاتحة عليه مع النفث وآية الكرسي، وآيات السحر في الأعراف، ويونس، وطه، وبقراءة قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات مع الدعاء الصحيح المشهور الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم لعلاج المرضى: وهو: «اللهم رب الناس اذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما» . ويكرر ذلك ثلاثا.

ويدعو أيضا بالرقية التي رقى بها جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم وهي: " بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك ". ويكررها ثلاثا. وهذه الرقية من أنفع العلاج بإذن الله - سبحانه -.

ومن العلاج أيضا إتلاف الشيء الذي يظن أنه عمل فيه السحر من صوف أو خيوط معقدة أو غير ذلك مما يظن أنه سبب السحر مع العناية من المسحور بالتعوذات الشرعية، ومنها التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات صباحا ومساء وقراءة السور

ص: 52