المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأنساك الثلاثة في الحج وكيفية العمل بها] - تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[أولا العقيدة]

- ‌[بيان ما يقع عند القبور وما يتصل بالحلف والأيمان والنذور]

- ‌[التوسل المشروع والتوسل الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[معنى لا إله إلا الله وبيان مقتضاها وشروطها]

- ‌[أهمية توحيد الإلهية]

- ‌[التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم والتبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حكم وقوع الكثير من العامة في جملة من المخالفات الفادحة في التوحيد]

- ‌[الاستهزاء بشعائر الدين الظاهرة]

- ‌[أهم الكتب التي ينصح بها سماحتكم أن تقرأ في مجال العقيدة]

- ‌[المزاح بألفاظ فيها كفر أو فسق وموقف طلبة العلم والدعاة منه]

- ‌[ما يخطر ببال الإنسان من وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان]

- ‌[مخالفة ما علم من الدين بالضرورة بدعوى الاجتهاد]

- ‌[حكم من سب الله أو سب رسوله أو انتقصهما]

- ‌[تعاطي السحر وإتيان السحرة والطريقة المباحة في ذلك]

- ‌[النفاق خطره أنواعه صفة أهله والتحذير منهم]

- ‌[ثانيا الصلاة]

- ‌[كيفية الصلاة في الأماكن التي يطول فيها الليل أو النهار جدا]

- ‌[من صلى وليس على عاتقيه شيء]

- ‌[معنى قوله أسفروا بالفجر والجمع بينه وبين حديث الصلاة على وقتها]

- ‌[إطالة السراويل]

- ‌[صلاة من صلى إلى غير القبلة بعد الاجتهاد]

- ‌[التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة]

- ‌[فضل الصلاة في حجر إسماعيل]

- ‌[الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة]

- ‌[قضاء الصلاة الفائتة والترتيب فيها]

- ‌[عورة المرأة في الصلاة]

- ‌[طهرت المرأة من الحيض في وقت العصر أو العشاء فهل تصلي معها الظهر]

- ‌[الصلاة في المسجد الذي به قبر]

- ‌[حكم تأخير كثير من العمال الصلاة عن أوقاتها]

- ‌[وجد في ثوبه نجاسة بعدما سلم من صلاته]

- ‌[الواجب على المسلم نحو من ترك الصلاة أو تهاون بها]

- ‌[حكم قضاء الصلاة على المغمى عليه من جراء حوادث السيارات]

- ‌[حكم تأخير المرضى للصلاة]

- ‌[تارك الصلاة عمدا]

- ‌[الأذان بعد الوقت ومشروعية الأذان في البرية]

- ‌[الأذان والإقامة للنساء]

- ‌[الصلاة بغير إقامة]

- ‌[دليل قول المؤذن في الفجر الصلاة خير من النوم]

- ‌[تكرار قول الصلاة جامعة عند الكسوف]

- ‌[الصلاة إلى سترة وهل الخط يقوم مقام السترة]

- ‌[موضع وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[حكم جلسة الاستراحة ولمن تشرع]

- ‌[كيفية الصلاة في الطائرة]

- ‌[حكم العبث في الصلاة ونصيحة لمن يفعل ذلك]

- ‌[وضع الركبتين قبل اليدين عند الخفض للسجود والعكس]

- ‌[النحنحة والبكاء في الصلاة]

- ‌[المرور بين يدي المصلي ومعنى قطع المار للصلاة]

- ‌[رفع الأيدي للصلاة]

- ‌[مسح الجبهة بعد الصلاة]

- ‌[المصافحة بعد الصلاة]

- ‌[تغيير المكان لأداء السنة بعد الصلاة]

- ‌[صحة ما ورد في الحث على قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له

- ‌[التهاون بصلاة الجماعة ورد بعض الشبهات في ذلك]

- ‌[قراءة المؤتم للفاتحة خلف الإمام ومتى يقرؤها]

- ‌[إلحاق حكم الدخان وكل ما له رائحة كريهة بحكم الثوم والبصل]

- ‌[موضع بدء الصف خلف الإمام]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل]

- ‌[حكم صلاة المنفرد خلف الصف]

- ‌[اشتراط النية في الإمامة والائتمام بالمسبوق]

- ‌[ما يدركه المسبوق مع الإمام يعتبر أول صلاته]

- ‌[الصلاة خارج المسجد إذا امتلأ المسجد بالمصلين]

- ‌[كيفية إدراك الركعة]

- ‌[انتظار الإمام للداخل لإدراك الركعة]

- ‌[كيفية وضع الصبيان في الصلاة]

- ‌[إقامة جماعة أخرى بعد جماعة المسجد]

- ‌[المشروع إذا انتقض وضوء الإمام]

- ‌[ما تدرك به الجماعة]

- ‌[صلاة ركعتي الفجر بعد إقامة الصلاة]

- ‌[الاقتصار على تسليمة واحدة في الصلاة]

- ‌[حكم الركعة الزائدة لمسبوق صلى ركعتين مع الإمام وزاد الإمام ركعة]

- ‌[صلاة الإمام بالجماعة على غير وضوء نسيانا]

- ‌[إمامة من يرتكب بعض المعاصي الظاهرة]

- ‌[موقف المأموم من الإمام إذا كان المأموم واحدا]

- ‌[شك المصلي في الصلاة ثلاثا صلى أم أربعا]

- ‌[سجود السهو بعد السلام أم قبله]

- ‌[سجود المسبوق والمأموم للسهو]

- ‌[سجود السهو في بعض الحالات]

- ‌[حكم تلازم الجمع والقصر والأفضل للمسافر في ذلك]

- ‌[وقت القصر والجمع للمسافر]

- ‌[مسافة السفر المبيح للقصر وحكم القصر لمن نوى الإقامة أكثر من أربعة]

- ‌[الجمع بين المغرب والعشاء للمطر في الوقت الحاضر]

- ‌[هل النية شرط للجمع]

- ‌[حكم الموالاة بين الصلاتين في الجمع]

- ‌[حكم صلاة المقيم خلف المسافر وحكم القصر للمسافر سواء كان إماما أم]

- ‌[حضر جماعة عند الجمع بين المغرب والعشاء للمطر والإمام يصلي العشاء]

- ‌[فضل السنن والرواتب والنوافل المطلقة في السفر]

- ‌[بعض مسائل سجود التلاوة]

- ‌[صلاة الكسوف وتحية المسجد في وقت النهي]

- ‌[المراد بدبر لصلاة]

- ‌[الذكر الجماعي بعد الصلاة وحكم الجهر به]

- ‌[صلاة من تكلم في الصلاة نسيانا]

- ‌[ثالثا الزكاة]

- ‌[حكم تارك الزكاة]

- ‌[يملك عددا من أنواع المواشي لكن لا يبلغ كل نوع منها نصابا بمفرده]

- ‌[الرجلين أو الثلاثة يجمعون مواشيهم من أجل الزكاة]

- ‌[عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها]

- ‌[الضابط في تقدير الفقير الذي يعطى من الزكاة وحكم إخراجها مرة أخرى]

- ‌[إعطاء الزكاة لمن سرق في غير بلده في الوقت الحاضر]

- ‌[إعطاء الزكاة للمجاهدين المسلمين]

- ‌[إخراج زكاة الحلي الملبوس أو المعد للبس أو العارية]

- ‌[الإجابة على من يرى وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال]

- ‌[كيفية إخراج زكاة من يتاجر في الألبسة والأواني وغيرها]

- ‌[الزكاة في الأسهم وكيفية إخراجها]

- ‌[كيفية إخراج زكاة من يصرف بعض ماله ويوفر البعض الآخر]

- ‌[الزكاة في أموال اليتامى]

- ‌[حكم الزكاة في أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس]

- ‌[زكاة الزروع فيما يسقى بالمطر وما يسقى بالمكائن]

- ‌[حكم الزكاة في الفواكه والخضروات التي تنتجها المزارع]

- ‌[المعتمد في المكاييل التي تعرف بها الأنصبة في الزكاة]

- ‌[حكم الزكاة في فوائد البنوك]

- ‌[صدقة الفطر]

- ‌[حكم إخراج صدقة الفطر للمجاهدين]

- ‌[رابعا الصيام]

- ‌[من يجب عليه صيام رمضان وفضل صيامه وصيام التطوع]

- ‌[أمر الصبي المميز بالصيام والحكم لو بلغ في أثناء الصيام]

- ‌[بيان الأفضل للمسافر من فطر أو صيام]

- ‌[ثبوت دخول شهر رمضان وحكم من رأى الهلال وحده]

- ‌[كيفية الصيام إذا اختلفت المطالع]

- ‌[كيفية صيام من يطول نهارهم أو يقصر]

- ‌[السحور وقت أذان الفجر]

- ‌[الفطر للمرأة الحامل]

- ‌[حكم الفدية لمن يرخص لهم في الفطر]

- ‌[حكم الصيام للمرأة الحائض والنفساء]

- ‌[حكم صيام التطوع لمن عليه أيام من رمضان لم تقض]

- ‌[حكم من كان مريضا ودخل عليه رمضان ولم يصم ثم مات بعد رمضان]

- ‌[حكم استعمال الإبر التي في الوريد والإبر التي في العضل للصائم]

- ‌[حكم استعمال معجون الأسنان وقطرة الأذن والأنف والعين للصائم]

- ‌[صيام من حصل له ألم في أسنانه وعمل له الطبيب تنظيفا أو حشوا أو خلع]

- ‌[حكم من أكل أو شرب في نهار الصيام ناسيا]

- ‌[حكم من ترك قضاء صيام رمضان حتى دخل رمضان الذي بعده]

- ‌[حكم من يصوم وهو تارك للصلاة]

- ‌[حكم من أفطر في رمضان غير منكر لوجوبه]

- ‌[الحكم إذا طهرت الحائض في أثناء نهار رمضان]

- ‌[الحكم إذا خرج من الصائم دم كالرعاف ونحوه]

- ‌[أكل الصائم أو شرب أو جامع ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر]

- ‌[جامع في نهار رمضان وهو صائم مسافرا وغير مسافر]

- ‌[حكم استعمال البخاخ في الفم للصائم نهارا لمريض الربو ونحوه]

- ‌[حكم أخذ الحقنة الشرجية عند الصائم للحاجة]

- ‌[حكم من ذرعه القيء وهو صائم]

- ‌[حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم]

- ‌[حكم الاعتكاف للرجل والمرأة ومسائل متعلقة بالاعتكاف]

- ‌[خامسا الحج]

- ‌[الأنساك الثلاثة في الحج وكيفية العمل بها]

- ‌[من أتى بالعمرة في أشهر الحج ثم خرج من مكة إلى المدينة وأقام فيها]

- ‌[من تجاوز الميقات ملبيا بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض يمنعه]

- ‌[من أحرم من الميقات لكنه في التلبية نسي أن يقول لبيك عمرة متمتعا]

- ‌[من حج عن والدته وعند الميقات لبى بالحج ولم يلب عن والدته]

- ‌[إحرام المرأة في الشراب والقفازين وحكم خلع ما أحرمت فيه]

- ‌[التلفظ باللسان في نية الإحرام وصفتها]

- ‌[مكان إحرام من قدم إلى مكة في عمل أو مهمة ثم حصل له فرصة الحج]

- ‌[هل يشترط للإحرام ركعتان]

- ‌[من يحس بخروج مذي أو قطرات من البول أثناء الإحرام وعند خروجه إلى]

- ‌[تغيير لباس الإحرام لغسله]

- ‌[وضع الطيب على الإحرام قبل عقد النية والتلبية]

- ‌[مكان إحرام من كان في منى قبل يوم التروية]

- ‌[وقت التمتع وحكم الإحرام بالحج قبل يوم التروية]

- ‌[جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر]

- ‌[فعل المحرم إذا خاف ألا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف]

- ‌[للمرأة أن تحرم في أي الثياب شاءت]

- ‌[وقت إحرام الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو]

- ‌[مكان إحرام من كان سكنه دون المواقيت]

- ‌[مكان إحرام الحاج يوم التروية]

- ‌[نوى بالحج قادما من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة ولم يحرم]

- ‌[نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قلبه تمتعا فأتى بالعمرة ثم]

- ‌[نوى بالحج متمتعا وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفردا]

- ‌[أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطع أن يفدي]

- ‌[أحرم بالحج والعمرة قارنا وبعد العمرة حل الإحرام]

- ‌[من حج وهو تارك للصلاة سواء كان عامدا أو متهاونا]

- ‌[استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشهرية في أيام الحج]

- ‌[طواف المرأة إذا حاضت أو نفست بعد إحرامها]

- ‌[ركعتا الطواف خلف المقام]

- ‌[من أخر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وجعله طوافا وحكم طواف الإفاضة]

- ‌[أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي]

- ‌[الطهارة للطواف والسعي]

- ‌[حكم طواف الوداع في العمرة وحكم شراء شيء من مكة بعد طواف الوداع]

- ‌[تقديم السعي على الطواف]

- ‌[صفة السعي ومكان بدايته وعدد أشواطه]

- ‌[أفضلية الحلق على التقصير بعد أداء النسك]

- ‌[وقت توجه الحاج إلى عرفة ووقت انصرافه منها]

- ‌[حكم الوقوف بمزدلفة والمبيت فيها وما قدره]

- ‌[المبيت خارج منى أيام التشريق ووقت بداية الحاج بالنفير من منى]

- ‌[الأفضل للحاج في أعمال يوم النحر وحكم التقديم والتأخير]

- ‌[التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي]

- ‌[رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلا لمن ليس لديه عذر]

- ‌[وقت بداية رمي الجمرات وكيفيته وعدد الحصى ووقت الانتهاء منه]

- ‌[من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض]

- ‌[الرمي من الحصى الذي حول الجمار]

الفصل: ‌[الأنساك الثلاثة في الحج وكيفية العمل بها]

[خامسا الحج]

[الأنساك الثلاثة في الحج وكيفية العمل بها]

الحج

ص: 185

1 -

ما هي الأنساك الثلاثة في الحج وما كيفية العمل بها وأيها أفضل؟

الجواب: قد بين أهل العلم رحمة الله عليهم أن الأنساك ثلاثة، وكل ذلك وارد في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

النسك الأول: الإحرام بالعمرة وحدها، وذلك بأن يقول القاصد للعمرة: اللهم لبيك عمرة، أو لبيك عمرة، أو اللهم إني وأوجبت عمرة، والمشروع أن يكون هذا بعد تجرده من المخيط، ولبسه إزاره ورداءه إن كان رجلا، وبعد الاغتسال - فإن الاغتسال مشروع - والتطيب وأخذ ما يحتاج إلى أخذه: من قص شارب، أو قلم ظفر، أو نتف إبط، أو حلق عانة، هذا هو الأفضل، والمرأة ليس لها إحرام خاص من جهة الثياب، بل تحرم فيما شاءت، إلا أن الأفضل لها أن تكون في ملابس ليست لافتة للنظر، وليست جميلة، ملابس لا تفتن من رآها هذا هو الأفضل لها، وإن قال المحرم أو المحرمة عند الإحرام، بعد قوله اللهم لبيك عمرة: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، أو تقبلها مني، أو أعني على تمامها وكمالها. كل هذا لا بأس به.

وإن قال المحرم: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو نحو هذه العبارة، ثم أصابه حادث يمنعه من إتمامها، فإن له

ص: 187

التحلل، وليس عليه شيء بهذا الشرط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما اشتكت إليه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها شاكية أي: أنها مريضة قال: «حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» (متفق على صحته) فلو أن المرأة جاءت للعمرة وقالت هذا الشرط، ثم أصابها الحيض ولا تستطيع الجلوس حتى تطهر لأن رفقتها لا يوافقونها فإن هذا عذر لتحللها، أو إذا أصاب المحرم مرض يمنعه من إكمال العمرة كذلك أو غير هذا من الحوادث التي تمنع المحرم من إكمال عمرته.

وهكذا الحكم في الحج وهو النسك الثاني: أن يقول: اللهم لبيك حجا أو لبيك حجا، أو اللهم قد أوجبت حجا على أن يكون ذلك بعد انتهائه من الأشياء المشروعة. هذا هو الأفضل - أي - بعد الغسل وبعد التطيب وبعد تجرده من المخيط كما تقدم.

والمقصود أن الحكم في الحج كالحكم في العمرة في هذا، السنة للمؤمن والمؤمنة أن يكون الإحرام بعد تعاطي ما شرع الله من غسل وطيب ونحو ذلك مما يحتاجه المؤمن والمؤمنة عند الإحرام، وإذا دعت الحاجة إلى أن يقول فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، شرع له ذلك كالعمرة، والواجب أن يكون ذلك في الميقات ليس له تجاوزه حتى يحرم فإذا قدم من نجد أو من الطائف أو من جهة الشرق يكون إحرامه من ميقات الطائف من السيل " وادي قرن "، وإذا أحرم قبل ذلك أجزأه لكنه ترك الأفضل، والسنة ألا

ص: 188

يتقدم بالإحرام بل يؤخره حتى يأتي الميقات، لكن لو أحرم قبل ذلك أجزأه ذلك ولزمه ولكن لا ينبغي له ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرم إلا من الميقات هذا هو السنة فإذا وصل الميقات أحرم منه، وإن تطيب في بيته أو اغتسل في بيته وتعاطى ما يشرع له من قص شارب ونحو ذلك وهو في بيته أو في الطريق كفى ذلك إذا كان الوقت قريبا فيما بينه وبين الإحرام.

ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يستحب أن يصلي ركعتين أيضا قبل أن يحرم، واحتجوا على ذلك بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم قال:«أتاني آت من ربي وقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة» (رواه البخاري) ، وكان هذا في وادي ذي الحليفة، ولأنه صلى الله عليه وسلم أحرم بعد ما صلى الظهر فدل على أن وقوع الإحرام بعد صلاة أفضل، وهذا قول جيد، ولكن ليس في صلاة الإحرام نص واضح أو حديث صحيح في شرعيتها فمن فعلها فلا حرج، وإذا توضأ الوضوء الشرعي وصلى ركعتين سنة الوضوء كفت للإحرام.

أما النسك الثالث: فهو الجمع بينهما أي يجمع بين الحج والعمرة يقول: اللهم لبيك عمرة وحجا، أو حجا وعمرة، أو يلبي بالعمرة في الميقات ثم في أثناء الطريق يدخل الحج ويلبي بالحج قبل أن يشرع في الطواف، وهذا يسمى قرانا وهو الجمع بين الحج

ص: 189

والعمرة، وقد أحرم النبي صلى الله عليه وسلم قارنا في حجة الوداع، لبى بالعمرة والحج جميعا عليه الصلاة والسلام، كما أخبر بذلك أنس رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما وكان قد ساق الهدي، وهذا هو الأفضل لمن ساق الهدي، أما من لم يسق الهدي فالأفضل له التمتع بالعمرة إلى الحج، وهذا هو الذي استقر عليه الأمر بعد ما دخل النبي مكة عليه الصلاة والسلام وطاف وسعى، أمر أصحابه الذين قرنوا أو أفردوا الحج أن يجعلوها عمرة فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا فاستقر بذلك أن التمتع أفضل.

والقارن إذا جعل إحرامه عمرة وكذا المفرد صار متمتعا، إذا دخل بالإفراد أو دخل بالقران وليس معه هدي شرع له إن يتحلل بالطواف والسعي والتقصير ويكون بهذا متمتعا كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره عليه الصلاة والسلام، قال:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولجعلتها عمرة» .

وإذا كان القادم بالعمرة لا يريد الحج سمي معتمرا فقط وقد يسمى متمتعا كما وقع ذلك في كلام بعض الصحابة ولكن في عرف الفقهاء يسمى معتمرا إذا كان لم يقصد الحج وإنما قدم في شوال أو في ذي القعدة يعتمر ويرجع إلى بلاده أما إن بقي في مكة بقصد الحج فهذا يسمى تمتعا وهكذا من جاء في رمضان أو غيره بقصد العمرة يسمى معتمرا والعمرة هي الزيارة للبيت العتيق وإنما يقال للحاج متمتعا إذا قدم بعمرة يقصد البقاء بعدها للحج إن كان

ص: 190

قدومه بعد رمضان في أشهر الحج ثم بقي حتى يحج فهذا يسمى متمتعا كما تقدم وهكذا من أحرم قارنا وبقي للحج ولم يفسخ يسمى متمتعا أيضا ويدخل في قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] فالقارن يسمى متمتعا، هذا هو المعروف عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال ابن عمر «تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج» ، وهو أحرم قارنا عليه الصلاة والسلام، ولكن في عرف الكثير من الفقهاء أن المتمتع هو الذي يحل من عمرته ثم يبقى حتى يحرم بالحج في اليوم الثامن مثلا، فهذا يقال له متمتع في عرف الكثير من الفقهاء، فإن جمع بينهما ولم يتحلل سموه قارنا، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا عرف المعنى والحكم.

فالمتمع والقارن في الأحكام سواء فعلى كل منهما الهدي فإن لم يستطع صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وكل منهما يسمى متمتعا، لكن يتفاوتان في السعي فالمتمتع عند جمهور العلماء عليه سعيان سعي مع طواف العمرة وسعي مع طواف الحج؛ لأنه ثبت في حديث ابن عباس، أن الذين حلوا من العمرة وتمتعوا سعوا سعيين أحدهما مع طواف العمرة والثاني مع طواف الحج، وهذا هو قول جمهور أهل العلم.

أما القارن فليس عليه إلا سعي واحد فإن قدمه مع طواف القدوم كفى وإن أخره وسعى مع طواف الحج كفى، هذا هو

ص: 191

المعتمد وهذا قول جمهور أهل العلم، أن المتمتع عليه سعيان والقارن ليس عليه إلا سعي واحد، وهو مخير إن شاء قدمه مع طواف القدوم وهو أفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه طاف وسعى وطوافه يسمى طواف قدوم لأنه قارن عليه الصلاة والسلام، وإن شاء أخره وطاف مع طواف الحج وهذا من توسعة الله على عباده ورحمته سبحانه وتعالى والحمد لله.

وهنا مسألة قد يسأل عنها وهي ما إذا سافر المتمتع بعد العمرة هل يسقط عنه الدم؟ فيه خلاف بين أهل العلم، والمعروف عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لا يسقط الدم مطلقا سواء سافر إلى أهله أو إلى غير ذلك، لعموم الأدلة. وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه إن سافر مسافة قصر ثم رجع محرما بالحج صار مفردا وسقط عنه الدم.

وذهب آخرون إلى أنه لا يسقط الدم إلا إذا سافر إلى أهله وهذا هو المروي عن عمر رضي الله عنه وابنه عبد الله أنه إن سافر إلى أهله بعد العمرة ثم رجع بحج صار مفردا وليس عليه دم، أما سفره لغير أهله كالسفر للمدينة مثلا بين الحج والعمرة والسفر إلى جدة والطائف فهذا لا يخرجه عن كونه متمتعا وهذا هو الأقرب والأظهر من جهة الدليل أن هذه الأسفار التي بين الحج والعمرة لا يخرجه عن كونه متمتعا بل هو متمتع، وعليه دم التمتع وإن سافر إلى المدينة بعد العمرة أو إلى الطائف أو إلى جدة فهو متمتع، وإنما

ص: 192