المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أهمية توحيد الإلهية] - تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[أولا العقيدة]

- ‌[بيان ما يقع عند القبور وما يتصل بالحلف والأيمان والنذور]

- ‌[التوسل المشروع والتوسل الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[معنى لا إله إلا الله وبيان مقتضاها وشروطها]

- ‌[أهمية توحيد الإلهية]

- ‌[التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم والتبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حكم وقوع الكثير من العامة في جملة من المخالفات الفادحة في التوحيد]

- ‌[الاستهزاء بشعائر الدين الظاهرة]

- ‌[أهم الكتب التي ينصح بها سماحتكم أن تقرأ في مجال العقيدة]

- ‌[المزاح بألفاظ فيها كفر أو فسق وموقف طلبة العلم والدعاة منه]

- ‌[ما يخطر ببال الإنسان من وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان]

- ‌[مخالفة ما علم من الدين بالضرورة بدعوى الاجتهاد]

- ‌[حكم من سب الله أو سب رسوله أو انتقصهما]

- ‌[تعاطي السحر وإتيان السحرة والطريقة المباحة في ذلك]

- ‌[النفاق خطره أنواعه صفة أهله والتحذير منهم]

- ‌[ثانيا الصلاة]

- ‌[كيفية الصلاة في الأماكن التي يطول فيها الليل أو النهار جدا]

- ‌[من صلى وليس على عاتقيه شيء]

- ‌[معنى قوله أسفروا بالفجر والجمع بينه وبين حديث الصلاة على وقتها]

- ‌[إطالة السراويل]

- ‌[صلاة من صلى إلى غير القبلة بعد الاجتهاد]

- ‌[التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة]

- ‌[فضل الصلاة في حجر إسماعيل]

- ‌[الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة]

- ‌[قضاء الصلاة الفائتة والترتيب فيها]

- ‌[عورة المرأة في الصلاة]

- ‌[طهرت المرأة من الحيض في وقت العصر أو العشاء فهل تصلي معها الظهر]

- ‌[الصلاة في المسجد الذي به قبر]

- ‌[حكم تأخير كثير من العمال الصلاة عن أوقاتها]

- ‌[وجد في ثوبه نجاسة بعدما سلم من صلاته]

- ‌[الواجب على المسلم نحو من ترك الصلاة أو تهاون بها]

- ‌[حكم قضاء الصلاة على المغمى عليه من جراء حوادث السيارات]

- ‌[حكم تأخير المرضى للصلاة]

- ‌[تارك الصلاة عمدا]

- ‌[الأذان بعد الوقت ومشروعية الأذان في البرية]

- ‌[الأذان والإقامة للنساء]

- ‌[الصلاة بغير إقامة]

- ‌[دليل قول المؤذن في الفجر الصلاة خير من النوم]

- ‌[تكرار قول الصلاة جامعة عند الكسوف]

- ‌[الصلاة إلى سترة وهل الخط يقوم مقام السترة]

- ‌[موضع وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[حكم جلسة الاستراحة ولمن تشرع]

- ‌[كيفية الصلاة في الطائرة]

- ‌[حكم العبث في الصلاة ونصيحة لمن يفعل ذلك]

- ‌[وضع الركبتين قبل اليدين عند الخفض للسجود والعكس]

- ‌[النحنحة والبكاء في الصلاة]

- ‌[المرور بين يدي المصلي ومعنى قطع المار للصلاة]

- ‌[رفع الأيدي للصلاة]

- ‌[مسح الجبهة بعد الصلاة]

- ‌[المصافحة بعد الصلاة]

- ‌[تغيير المكان لأداء السنة بعد الصلاة]

- ‌[صحة ما ورد في الحث على قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له

- ‌[التهاون بصلاة الجماعة ورد بعض الشبهات في ذلك]

- ‌[قراءة المؤتم للفاتحة خلف الإمام ومتى يقرؤها]

- ‌[إلحاق حكم الدخان وكل ما له رائحة كريهة بحكم الثوم والبصل]

- ‌[موضع بدء الصف خلف الإمام]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل]

- ‌[حكم صلاة المنفرد خلف الصف]

- ‌[اشتراط النية في الإمامة والائتمام بالمسبوق]

- ‌[ما يدركه المسبوق مع الإمام يعتبر أول صلاته]

- ‌[الصلاة خارج المسجد إذا امتلأ المسجد بالمصلين]

- ‌[كيفية إدراك الركعة]

- ‌[انتظار الإمام للداخل لإدراك الركعة]

- ‌[كيفية وضع الصبيان في الصلاة]

- ‌[إقامة جماعة أخرى بعد جماعة المسجد]

- ‌[المشروع إذا انتقض وضوء الإمام]

- ‌[ما تدرك به الجماعة]

- ‌[صلاة ركعتي الفجر بعد إقامة الصلاة]

- ‌[الاقتصار على تسليمة واحدة في الصلاة]

- ‌[حكم الركعة الزائدة لمسبوق صلى ركعتين مع الإمام وزاد الإمام ركعة]

- ‌[صلاة الإمام بالجماعة على غير وضوء نسيانا]

- ‌[إمامة من يرتكب بعض المعاصي الظاهرة]

- ‌[موقف المأموم من الإمام إذا كان المأموم واحدا]

- ‌[شك المصلي في الصلاة ثلاثا صلى أم أربعا]

- ‌[سجود السهو بعد السلام أم قبله]

- ‌[سجود المسبوق والمأموم للسهو]

- ‌[سجود السهو في بعض الحالات]

- ‌[حكم تلازم الجمع والقصر والأفضل للمسافر في ذلك]

- ‌[وقت القصر والجمع للمسافر]

- ‌[مسافة السفر المبيح للقصر وحكم القصر لمن نوى الإقامة أكثر من أربعة]

- ‌[الجمع بين المغرب والعشاء للمطر في الوقت الحاضر]

- ‌[هل النية شرط للجمع]

- ‌[حكم الموالاة بين الصلاتين في الجمع]

- ‌[حكم صلاة المقيم خلف المسافر وحكم القصر للمسافر سواء كان إماما أم]

- ‌[حضر جماعة عند الجمع بين المغرب والعشاء للمطر والإمام يصلي العشاء]

- ‌[فضل السنن والرواتب والنوافل المطلقة في السفر]

- ‌[بعض مسائل سجود التلاوة]

- ‌[صلاة الكسوف وتحية المسجد في وقت النهي]

- ‌[المراد بدبر لصلاة]

- ‌[الذكر الجماعي بعد الصلاة وحكم الجهر به]

- ‌[صلاة من تكلم في الصلاة نسيانا]

- ‌[ثالثا الزكاة]

- ‌[حكم تارك الزكاة]

- ‌[يملك عددا من أنواع المواشي لكن لا يبلغ كل نوع منها نصابا بمفرده]

- ‌[الرجلين أو الثلاثة يجمعون مواشيهم من أجل الزكاة]

- ‌[عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها]

- ‌[الضابط في تقدير الفقير الذي يعطى من الزكاة وحكم إخراجها مرة أخرى]

- ‌[إعطاء الزكاة لمن سرق في غير بلده في الوقت الحاضر]

- ‌[إعطاء الزكاة للمجاهدين المسلمين]

- ‌[إخراج زكاة الحلي الملبوس أو المعد للبس أو العارية]

- ‌[الإجابة على من يرى وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال]

- ‌[كيفية إخراج زكاة من يتاجر في الألبسة والأواني وغيرها]

- ‌[الزكاة في الأسهم وكيفية إخراجها]

- ‌[كيفية إخراج زكاة من يصرف بعض ماله ويوفر البعض الآخر]

- ‌[الزكاة في أموال اليتامى]

- ‌[حكم الزكاة في أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس]

- ‌[زكاة الزروع فيما يسقى بالمطر وما يسقى بالمكائن]

- ‌[حكم الزكاة في الفواكه والخضروات التي تنتجها المزارع]

- ‌[المعتمد في المكاييل التي تعرف بها الأنصبة في الزكاة]

- ‌[حكم الزكاة في فوائد البنوك]

- ‌[صدقة الفطر]

- ‌[حكم إخراج صدقة الفطر للمجاهدين]

- ‌[رابعا الصيام]

- ‌[من يجب عليه صيام رمضان وفضل صيامه وصيام التطوع]

- ‌[أمر الصبي المميز بالصيام والحكم لو بلغ في أثناء الصيام]

- ‌[بيان الأفضل للمسافر من فطر أو صيام]

- ‌[ثبوت دخول شهر رمضان وحكم من رأى الهلال وحده]

- ‌[كيفية الصيام إذا اختلفت المطالع]

- ‌[كيفية صيام من يطول نهارهم أو يقصر]

- ‌[السحور وقت أذان الفجر]

- ‌[الفطر للمرأة الحامل]

- ‌[حكم الفدية لمن يرخص لهم في الفطر]

- ‌[حكم الصيام للمرأة الحائض والنفساء]

- ‌[حكم صيام التطوع لمن عليه أيام من رمضان لم تقض]

- ‌[حكم من كان مريضا ودخل عليه رمضان ولم يصم ثم مات بعد رمضان]

- ‌[حكم استعمال الإبر التي في الوريد والإبر التي في العضل للصائم]

- ‌[حكم استعمال معجون الأسنان وقطرة الأذن والأنف والعين للصائم]

- ‌[صيام من حصل له ألم في أسنانه وعمل له الطبيب تنظيفا أو حشوا أو خلع]

- ‌[حكم من أكل أو شرب في نهار الصيام ناسيا]

- ‌[حكم من ترك قضاء صيام رمضان حتى دخل رمضان الذي بعده]

- ‌[حكم من يصوم وهو تارك للصلاة]

- ‌[حكم من أفطر في رمضان غير منكر لوجوبه]

- ‌[الحكم إذا طهرت الحائض في أثناء نهار رمضان]

- ‌[الحكم إذا خرج من الصائم دم كالرعاف ونحوه]

- ‌[أكل الصائم أو شرب أو جامع ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر]

- ‌[جامع في نهار رمضان وهو صائم مسافرا وغير مسافر]

- ‌[حكم استعمال البخاخ في الفم للصائم نهارا لمريض الربو ونحوه]

- ‌[حكم أخذ الحقنة الشرجية عند الصائم للحاجة]

- ‌[حكم من ذرعه القيء وهو صائم]

- ‌[حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم]

- ‌[حكم الاعتكاف للرجل والمرأة ومسائل متعلقة بالاعتكاف]

- ‌[خامسا الحج]

- ‌[الأنساك الثلاثة في الحج وكيفية العمل بها]

- ‌[من أتى بالعمرة في أشهر الحج ثم خرج من مكة إلى المدينة وأقام فيها]

- ‌[من تجاوز الميقات ملبيا بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض يمنعه]

- ‌[من أحرم من الميقات لكنه في التلبية نسي أن يقول لبيك عمرة متمتعا]

- ‌[من حج عن والدته وعند الميقات لبى بالحج ولم يلب عن والدته]

- ‌[إحرام المرأة في الشراب والقفازين وحكم خلع ما أحرمت فيه]

- ‌[التلفظ باللسان في نية الإحرام وصفتها]

- ‌[مكان إحرام من قدم إلى مكة في عمل أو مهمة ثم حصل له فرصة الحج]

- ‌[هل يشترط للإحرام ركعتان]

- ‌[من يحس بخروج مذي أو قطرات من البول أثناء الإحرام وعند خروجه إلى]

- ‌[تغيير لباس الإحرام لغسله]

- ‌[وضع الطيب على الإحرام قبل عقد النية والتلبية]

- ‌[مكان إحرام من كان في منى قبل يوم التروية]

- ‌[وقت التمتع وحكم الإحرام بالحج قبل يوم التروية]

- ‌[جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر]

- ‌[فعل المحرم إذا خاف ألا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف]

- ‌[للمرأة أن تحرم في أي الثياب شاءت]

- ‌[وقت إحرام الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو]

- ‌[مكان إحرام من كان سكنه دون المواقيت]

- ‌[مكان إحرام الحاج يوم التروية]

- ‌[نوى بالحج قادما من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة ولم يحرم]

- ‌[نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قلبه تمتعا فأتى بالعمرة ثم]

- ‌[نوى بالحج متمتعا وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفردا]

- ‌[أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطع أن يفدي]

- ‌[أحرم بالحج والعمرة قارنا وبعد العمرة حل الإحرام]

- ‌[من حج وهو تارك للصلاة سواء كان عامدا أو متهاونا]

- ‌[استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشهرية في أيام الحج]

- ‌[طواف المرأة إذا حاضت أو نفست بعد إحرامها]

- ‌[ركعتا الطواف خلف المقام]

- ‌[من أخر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وجعله طوافا وحكم طواف الإفاضة]

- ‌[أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي]

- ‌[الطهارة للطواف والسعي]

- ‌[حكم طواف الوداع في العمرة وحكم شراء شيء من مكة بعد طواف الوداع]

- ‌[تقديم السعي على الطواف]

- ‌[صفة السعي ومكان بدايته وعدد أشواطه]

- ‌[أفضلية الحلق على التقصير بعد أداء النسك]

- ‌[وقت توجه الحاج إلى عرفة ووقت انصرافه منها]

- ‌[حكم الوقوف بمزدلفة والمبيت فيها وما قدره]

- ‌[المبيت خارج منى أيام التشريق ووقت بداية الحاج بالنفير من منى]

- ‌[الأفضل للحاج في أعمال يوم النحر وحكم التقديم والتأخير]

- ‌[التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي]

- ‌[رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلا لمن ليس لديه عذر]

- ‌[وقت بداية رمي الجمرات وكيفيته وعدد الحصى ووقت الانتهاء منه]

- ‌[من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض]

- ‌[الرمي من الحصى الذي حول الجمار]

الفصل: ‌[أهمية توحيد الإلهية]

سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2](1) وقوله - سبحانه -: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76] الآية (2) والآيات في هذا المعنى كثيرة.

[أهمية توحيد الإلهية]

4 -

تكثر في العصر الحاضر البحوث والمؤلفات والمحاضرات في إثبات وجود الله وتقرير ربوبيته من غير الاستدلال بذلك على لازم ذلك ومقتضاه وهو توحيد الإلهية، وقد ترتب على ذلك: الجهل بتوحيد الإلهية، والتهاون بأمره فحبذا لو ألقيتم الضوء على أهمية توحيد الإلهية من حيث إنه أساس النجاة ومدارها ومفتاح دعوة الرسل، عليهم الصلاة والسلام، والأصل الذي يبنى عليه غيره؟

الجواب: لا ريب أن الله - سبحانه - أرسل الرسل وأنزل الكتب لبيان حقه على عباده ودعوتهم إلى إخلاص العبادة له - سبحانه - دون كل ما سواه، وتخصيصه بجميع عباداتهم؛ لأن أكثر أهل

(1) سورة الأنفال، الآية:2.

(2)

سورة مريم، الآية:76.

ص: 29

الأرض قد عرفوا أن الله ربهم وخالقهم ورازقهم، وإنما وقعوا في الشرك به - سبحانه - بصرف عباداتهم أو بعضها لغيره، جهلا بذلك وتقليدا لآبائهم وأسلافهم، كما جرى لقوم نوح ومن بعدهم من الأمم. وكما جرى لأوائل هذه الأمة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى توحيد الله استنكروا ذلك واستكبروا عن قبوله، وقالوا كما ذكر الله ذلك عنهم:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5](1) هكذا في سورة ص. وقال عنهم - سبحانه - في سورة الصافات: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ - وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: 35 - 36](2) وقال عنهم - سبحانه - في سورة الزخرف،:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23](3) والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالواجب على علماء المسلمين وعلى دعاة الهدى أن يوضحوا للناس حقيقة توحيد الألوهية. . والفرق بينه وبين توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن كثيرا من المسلمين يجهل ذلك فضلا عن غيرهم، وقد كان كفار قريش وغيرهم من العرب وغالب الأمم يعرفون أن الله خالقهم ورازقهم، ولهذا احتج عليهم - سبحانه - بذلك؛ لأنه

(1) سورة ص، الآية 5.

(2)

سورة الصافات، الآيتان: 35، 36.

(3)

سورة الزخرف، الآية:23.

ص: 30

- جل وعلا - وهو المستحق لأن يعبدوه، لكونه خالقهم، ورازقهم، والقادر عليهم من جميع الوجوه، كما قال - سبحانه -:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87](1) .

وقال عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ} [العنكبوت: 61](2) .

وقال - عر وجل - آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسألهم عمن يرزقهم: {يَفْتَرُونَ - قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ} [يونس: 30 - 31](3) قال الله - سبحانه -: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31] والآيات في هذا المعنى كثيرة، يحتج عليهم - سبحانه - بما أقروا به من كونه ربهم، وخالقهم، ورازقهم، وخالق السماء والأرض، ومدبر الأمر على ما أنكروه من توحيد العبادة، وبطلان عبادة الأصنام والأوثان وغيرها من كل ما يعبدون من دون الله.

وهكذا أمر - سبحانه - عباده بأن يؤمنوا بأسمائه وصفاته، وأن ينزهوه عن مشابهة الخلق، فقال - سبحانه -:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]

(1) سورة الزخرف، الآية 87.

(2)

سورة العنكبوت، الآية 61.

(3)

سورة يونس، الآية:31.

ص: 31

(1)

وقال في سورة الحشر: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [الحشر: 22] إلى آخر السورة (2) .

وقال عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ - لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1 - 4](3) وقال عز وجل: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22](4) وقال - سبحانه -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11](5) والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وقد أوضح أهل العلم رحمهم الله أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية وهو إفراد الله بالعبادة، ويوجب ذلك ويقتضيه، ولهذا احتج الله عليهم بذلك، وهكذا توحيد الأسماء والصفات يستلزم تخصيص الله بالعبادة، وإفراده بها لأنه - سبحانه - هو الكامل في ذاته، وفي أسمائه وصفاته، وهو المنعم على عباده، فهو المستحق لأن يعبدوه ويطيعوا أوامره وينتهوا عن نواهيه.

وأما توحيد العبادة، فهو يتضمن النوعين، ويشتمل عليهما لمن حقق ذلك واستقام عليه علما وعملا.

وقد بسط أهل العلم بيان هذا المعنى في كتب العقيدة والتفسير،

(1) سورة الأعراف، الآية:180.

(2)

سورة الحشر، الآيات: 22 - 24.

(3)

سورة الإخلاص كلها.

(4)

سورة البقرة، الآية:22.

(5)

سورة الشورى، الآية:11.

ص: 32

كتفسير ابن جرير، وابن كثير، والبغوي وغيرهم، وكتاب السنة لعبد الله بن أحمد، وكتاب التوحيد لابن خزيمة، ورد العلامة عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي وغيرهم من علماء السلف رحمهم الله في كتبهم.

وممن أجاد في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم - رحمة الله علمهما - في كتبهما.

وهكذا أئمة الدعوة الإسلامية في القرن الثاني عشر وما بعده، كالشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأبنائه، وتلاميذه، وأتباعهم من أهل السنة.

ومن أحسن ما ألف في ذلك: "فتح المجيد" وأصله تيسير العزيز الحميد الأول للشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله والثاني للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله.

ومن أحسن ما جمع في ذلك الأجزاء الأولى من الدرر السنية التي جمعها الشيخ العلامة عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله فإنه جمع فيها فتاوى أئمة الدعوة من آل الشيخ وغيرهم من علماء القرن الثاني عشر وما بعده في العقيدة والأحكام فأنصح بقراءتها ومراجعتها وغيرها من كتب علماء السنة لما في ذلك من الفائدة العظيمة.

ومن ذلك مجموعة الرسائل الأولى لأئمة الدعوة من آل الشيخ وغيرهم رحمهم الله وردود المشايخ: الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، والشيخ عبد الله

ص: 33