المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[التوسل المشروع والتوسل الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم] - تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[أولا العقيدة]

- ‌[بيان ما يقع عند القبور وما يتصل بالحلف والأيمان والنذور]

- ‌[التوسل المشروع والتوسل الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[معنى لا إله إلا الله وبيان مقتضاها وشروطها]

- ‌[أهمية توحيد الإلهية]

- ‌[التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم والتبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حكم وقوع الكثير من العامة في جملة من المخالفات الفادحة في التوحيد]

- ‌[الاستهزاء بشعائر الدين الظاهرة]

- ‌[أهم الكتب التي ينصح بها سماحتكم أن تقرأ في مجال العقيدة]

- ‌[المزاح بألفاظ فيها كفر أو فسق وموقف طلبة العلم والدعاة منه]

- ‌[ما يخطر ببال الإنسان من وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان]

- ‌[مخالفة ما علم من الدين بالضرورة بدعوى الاجتهاد]

- ‌[حكم من سب الله أو سب رسوله أو انتقصهما]

- ‌[تعاطي السحر وإتيان السحرة والطريقة المباحة في ذلك]

- ‌[النفاق خطره أنواعه صفة أهله والتحذير منهم]

- ‌[ثانيا الصلاة]

- ‌[كيفية الصلاة في الأماكن التي يطول فيها الليل أو النهار جدا]

- ‌[من صلى وليس على عاتقيه شيء]

- ‌[معنى قوله أسفروا بالفجر والجمع بينه وبين حديث الصلاة على وقتها]

- ‌[إطالة السراويل]

- ‌[صلاة من صلى إلى غير القبلة بعد الاجتهاد]

- ‌[التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة]

- ‌[فضل الصلاة في حجر إسماعيل]

- ‌[الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة]

- ‌[قضاء الصلاة الفائتة والترتيب فيها]

- ‌[عورة المرأة في الصلاة]

- ‌[طهرت المرأة من الحيض في وقت العصر أو العشاء فهل تصلي معها الظهر]

- ‌[الصلاة في المسجد الذي به قبر]

- ‌[حكم تأخير كثير من العمال الصلاة عن أوقاتها]

- ‌[وجد في ثوبه نجاسة بعدما سلم من صلاته]

- ‌[الواجب على المسلم نحو من ترك الصلاة أو تهاون بها]

- ‌[حكم قضاء الصلاة على المغمى عليه من جراء حوادث السيارات]

- ‌[حكم تأخير المرضى للصلاة]

- ‌[تارك الصلاة عمدا]

- ‌[الأذان بعد الوقت ومشروعية الأذان في البرية]

- ‌[الأذان والإقامة للنساء]

- ‌[الصلاة بغير إقامة]

- ‌[دليل قول المؤذن في الفجر الصلاة خير من النوم]

- ‌[تكرار قول الصلاة جامعة عند الكسوف]

- ‌[الصلاة إلى سترة وهل الخط يقوم مقام السترة]

- ‌[موضع وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[حكم جلسة الاستراحة ولمن تشرع]

- ‌[كيفية الصلاة في الطائرة]

- ‌[حكم العبث في الصلاة ونصيحة لمن يفعل ذلك]

- ‌[وضع الركبتين قبل اليدين عند الخفض للسجود والعكس]

- ‌[النحنحة والبكاء في الصلاة]

- ‌[المرور بين يدي المصلي ومعنى قطع المار للصلاة]

- ‌[رفع الأيدي للصلاة]

- ‌[مسح الجبهة بعد الصلاة]

- ‌[المصافحة بعد الصلاة]

- ‌[تغيير المكان لأداء السنة بعد الصلاة]

- ‌[صحة ما ورد في الحث على قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له

- ‌[التهاون بصلاة الجماعة ورد بعض الشبهات في ذلك]

- ‌[قراءة المؤتم للفاتحة خلف الإمام ومتى يقرؤها]

- ‌[إلحاق حكم الدخان وكل ما له رائحة كريهة بحكم الثوم والبصل]

- ‌[موضع بدء الصف خلف الإمام]

- ‌[صلاة المفترض خلف المتنفل]

- ‌[حكم صلاة المنفرد خلف الصف]

- ‌[اشتراط النية في الإمامة والائتمام بالمسبوق]

- ‌[ما يدركه المسبوق مع الإمام يعتبر أول صلاته]

- ‌[الصلاة خارج المسجد إذا امتلأ المسجد بالمصلين]

- ‌[كيفية إدراك الركعة]

- ‌[انتظار الإمام للداخل لإدراك الركعة]

- ‌[كيفية وضع الصبيان في الصلاة]

- ‌[إقامة جماعة أخرى بعد جماعة المسجد]

- ‌[المشروع إذا انتقض وضوء الإمام]

- ‌[ما تدرك به الجماعة]

- ‌[صلاة ركعتي الفجر بعد إقامة الصلاة]

- ‌[الاقتصار على تسليمة واحدة في الصلاة]

- ‌[حكم الركعة الزائدة لمسبوق صلى ركعتين مع الإمام وزاد الإمام ركعة]

- ‌[صلاة الإمام بالجماعة على غير وضوء نسيانا]

- ‌[إمامة من يرتكب بعض المعاصي الظاهرة]

- ‌[موقف المأموم من الإمام إذا كان المأموم واحدا]

- ‌[شك المصلي في الصلاة ثلاثا صلى أم أربعا]

- ‌[سجود السهو بعد السلام أم قبله]

- ‌[سجود المسبوق والمأموم للسهو]

- ‌[سجود السهو في بعض الحالات]

- ‌[حكم تلازم الجمع والقصر والأفضل للمسافر في ذلك]

- ‌[وقت القصر والجمع للمسافر]

- ‌[مسافة السفر المبيح للقصر وحكم القصر لمن نوى الإقامة أكثر من أربعة]

- ‌[الجمع بين المغرب والعشاء للمطر في الوقت الحاضر]

- ‌[هل النية شرط للجمع]

- ‌[حكم الموالاة بين الصلاتين في الجمع]

- ‌[حكم صلاة المقيم خلف المسافر وحكم القصر للمسافر سواء كان إماما أم]

- ‌[حضر جماعة عند الجمع بين المغرب والعشاء للمطر والإمام يصلي العشاء]

- ‌[فضل السنن والرواتب والنوافل المطلقة في السفر]

- ‌[بعض مسائل سجود التلاوة]

- ‌[صلاة الكسوف وتحية المسجد في وقت النهي]

- ‌[المراد بدبر لصلاة]

- ‌[الذكر الجماعي بعد الصلاة وحكم الجهر به]

- ‌[صلاة من تكلم في الصلاة نسيانا]

- ‌[ثالثا الزكاة]

- ‌[حكم تارك الزكاة]

- ‌[يملك عددا من أنواع المواشي لكن لا يبلغ كل نوع منها نصابا بمفرده]

- ‌[الرجلين أو الثلاثة يجمعون مواشيهم من أجل الزكاة]

- ‌[عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها]

- ‌[الضابط في تقدير الفقير الذي يعطى من الزكاة وحكم إخراجها مرة أخرى]

- ‌[إعطاء الزكاة لمن سرق في غير بلده في الوقت الحاضر]

- ‌[إعطاء الزكاة للمجاهدين المسلمين]

- ‌[إخراج زكاة الحلي الملبوس أو المعد للبس أو العارية]

- ‌[الإجابة على من يرى وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال]

- ‌[كيفية إخراج زكاة من يتاجر في الألبسة والأواني وغيرها]

- ‌[الزكاة في الأسهم وكيفية إخراجها]

- ‌[كيفية إخراج زكاة من يصرف بعض ماله ويوفر البعض الآخر]

- ‌[الزكاة في أموال اليتامى]

- ‌[حكم الزكاة في أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس]

- ‌[زكاة الزروع فيما يسقى بالمطر وما يسقى بالمكائن]

- ‌[حكم الزكاة في الفواكه والخضروات التي تنتجها المزارع]

- ‌[المعتمد في المكاييل التي تعرف بها الأنصبة في الزكاة]

- ‌[حكم الزكاة في فوائد البنوك]

- ‌[صدقة الفطر]

- ‌[حكم إخراج صدقة الفطر للمجاهدين]

- ‌[رابعا الصيام]

- ‌[من يجب عليه صيام رمضان وفضل صيامه وصيام التطوع]

- ‌[أمر الصبي المميز بالصيام والحكم لو بلغ في أثناء الصيام]

- ‌[بيان الأفضل للمسافر من فطر أو صيام]

- ‌[ثبوت دخول شهر رمضان وحكم من رأى الهلال وحده]

- ‌[كيفية الصيام إذا اختلفت المطالع]

- ‌[كيفية صيام من يطول نهارهم أو يقصر]

- ‌[السحور وقت أذان الفجر]

- ‌[الفطر للمرأة الحامل]

- ‌[حكم الفدية لمن يرخص لهم في الفطر]

- ‌[حكم الصيام للمرأة الحائض والنفساء]

- ‌[حكم صيام التطوع لمن عليه أيام من رمضان لم تقض]

- ‌[حكم من كان مريضا ودخل عليه رمضان ولم يصم ثم مات بعد رمضان]

- ‌[حكم استعمال الإبر التي في الوريد والإبر التي في العضل للصائم]

- ‌[حكم استعمال معجون الأسنان وقطرة الأذن والأنف والعين للصائم]

- ‌[صيام من حصل له ألم في أسنانه وعمل له الطبيب تنظيفا أو حشوا أو خلع]

- ‌[حكم من أكل أو شرب في نهار الصيام ناسيا]

- ‌[حكم من ترك قضاء صيام رمضان حتى دخل رمضان الذي بعده]

- ‌[حكم من يصوم وهو تارك للصلاة]

- ‌[حكم من أفطر في رمضان غير منكر لوجوبه]

- ‌[الحكم إذا طهرت الحائض في أثناء نهار رمضان]

- ‌[الحكم إذا خرج من الصائم دم كالرعاف ونحوه]

- ‌[أكل الصائم أو شرب أو جامع ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر]

- ‌[جامع في نهار رمضان وهو صائم مسافرا وغير مسافر]

- ‌[حكم استعمال البخاخ في الفم للصائم نهارا لمريض الربو ونحوه]

- ‌[حكم أخذ الحقنة الشرجية عند الصائم للحاجة]

- ‌[حكم من ذرعه القيء وهو صائم]

- ‌[حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم]

- ‌[حكم الاعتكاف للرجل والمرأة ومسائل متعلقة بالاعتكاف]

- ‌[خامسا الحج]

- ‌[الأنساك الثلاثة في الحج وكيفية العمل بها]

- ‌[من أتى بالعمرة في أشهر الحج ثم خرج من مكة إلى المدينة وأقام فيها]

- ‌[من تجاوز الميقات ملبيا بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض يمنعه]

- ‌[من أحرم من الميقات لكنه في التلبية نسي أن يقول لبيك عمرة متمتعا]

- ‌[من حج عن والدته وعند الميقات لبى بالحج ولم يلب عن والدته]

- ‌[إحرام المرأة في الشراب والقفازين وحكم خلع ما أحرمت فيه]

- ‌[التلفظ باللسان في نية الإحرام وصفتها]

- ‌[مكان إحرام من قدم إلى مكة في عمل أو مهمة ثم حصل له فرصة الحج]

- ‌[هل يشترط للإحرام ركعتان]

- ‌[من يحس بخروج مذي أو قطرات من البول أثناء الإحرام وعند خروجه إلى]

- ‌[تغيير لباس الإحرام لغسله]

- ‌[وضع الطيب على الإحرام قبل عقد النية والتلبية]

- ‌[مكان إحرام من كان في منى قبل يوم التروية]

- ‌[وقت التمتع وحكم الإحرام بالحج قبل يوم التروية]

- ‌[جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر]

- ‌[فعل المحرم إذا خاف ألا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف]

- ‌[للمرأة أن تحرم في أي الثياب شاءت]

- ‌[وقت إحرام الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو]

- ‌[مكان إحرام من كان سكنه دون المواقيت]

- ‌[مكان إحرام الحاج يوم التروية]

- ‌[نوى بالحج قادما من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة ولم يحرم]

- ‌[نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قلبه تمتعا فأتى بالعمرة ثم]

- ‌[نوى بالحج متمتعا وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفردا]

- ‌[أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطع أن يفدي]

- ‌[أحرم بالحج والعمرة قارنا وبعد العمرة حل الإحرام]

- ‌[من حج وهو تارك للصلاة سواء كان عامدا أو متهاونا]

- ‌[استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشهرية في أيام الحج]

- ‌[طواف المرأة إذا حاضت أو نفست بعد إحرامها]

- ‌[ركعتا الطواف خلف المقام]

- ‌[من أخر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وجعله طوافا وحكم طواف الإفاضة]

- ‌[أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي]

- ‌[الطهارة للطواف والسعي]

- ‌[حكم طواف الوداع في العمرة وحكم شراء شيء من مكة بعد طواف الوداع]

- ‌[تقديم السعي على الطواف]

- ‌[صفة السعي ومكان بدايته وعدد أشواطه]

- ‌[أفضلية الحلق على التقصير بعد أداء النسك]

- ‌[وقت توجه الحاج إلى عرفة ووقت انصرافه منها]

- ‌[حكم الوقوف بمزدلفة والمبيت فيها وما قدره]

- ‌[المبيت خارج منى أيام التشريق ووقت بداية الحاج بالنفير من منى]

- ‌[الأفضل للحاج في أعمال يوم النحر وحكم التقديم والتأخير]

- ‌[التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي]

- ‌[رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلا لمن ليس لديه عذر]

- ‌[وقت بداية رمي الجمرات وكيفيته وعدد الحصى ووقت الانتهاء منه]

- ‌[من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض]

- ‌[الرمي من الحصى الذي حول الجمار]

الفصل: ‌[التوسل المشروع والتوسل الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم]

وشئت، فقال له صلى الله عليه وسلم: أجعلتني لله ندا، قل ما شاء الله وحده» . فدل هذا الحديث على أنه إذا قال: ما شاء الله وحده، فهذا هو الأكمل، وإن قال: ما شاء الله ثم شاء فلان فلا حرج جمعا بين الأحاديث والأدلة كلها، والله ولي التوفيق.

[التوسل المشروع والتوسل الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم]

2 -

يخلط بعض الناس بين التوسل بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومحبته وطاعته، والتوسل بذاته وجاهه كما يقع الخلط بين التوسل بدعائه، عليه الصلاة والسلام، في حياته وسؤاله الدعاء بعد مماته، وقد ترتب على هذا الخلط التباس المشروع من ذلك بالممنوع منه، فهل من تفصيل يزيل اللبس في هذا الباب، ويرد به على أصحاب الأهواء الذين يلبسون على المسلمين في هذه المسائل؟

الجواب: لا شك أن كثيرا من الناس لا يفرقون بين التوسل المشروع والتوسل الممنوع بسبب الجهل وقلة من ينبههم ويرشدهم إلى الحق، ومعلوم أن بينهما فرقا عظيما، فالتوسل المشروع هو الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، وخلق من أجله الثقلين، وهو عبادته - سبحانه - ومحبته ومحبة رسوله، عليه الصلاة والسلام، ومحبة جميع الرسل والمؤمنين والإيمان به وبكل ما أخبر الله به ورسوله من البعث والنشور، والجنة والنار، وسائر ما أخبر الله به ورسوله.

ص: 18

فهذا كله من الوسيلة الشرعية لدخول الجنة والنجاة من النار، والسعادة في الدنيا والآخرة، ومن ذلك دعاؤه - سبحانه - والتوسل إليه بأسمائه وصفاته ومحبته، والإيمان به وبجميع الأعمال الصالحة التي شرعها لعباده، وجعلها وسيلة إلى مرضاته والفوز بجنته وكرامته، والفوز أيضا بتفريج الكروب وتيسير الأمور في الدنيا والآخرة، كما قال الله عز وجل:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3](1) . وقال - سبحانه -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4](2) . وقال عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5](3) . وقال عز وجل: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الذاريات: 15](4) . وقال - سبحانه -: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [القلم: 34](5) . وقال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 29] الآية (6) . هو العلم والهدى والفرقان. والآيات في هذا المعنى كثيرة. ومن التوسل المشروع التوسل إلى الله - سبحانه - بمحبة نبيه،

(1) سورة الطلاق الآية: 2.

(2)

سورة الطلاق الآية: 4.

(3)

سورة الطلاق الآية 5.

(4)

سورة الذاريات، الآية 15.

(5)

سورة القلم، الآية:34.

(6)

سورة الأنفال، الآية:29.

ص: 19

صلى الله عليه وسلم، والإيمان به، واتباع شريعته؛ لأن هذه الأمور من أعظم الأعمال الصالحات، ومن أفضل القربات، أما التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم أو بذاته، أو بحقه، أو بجاه غيره من الأنبياء والصالحين أو ذواتهم أو حقهم، فمن البدع التي لا أصل لها؛ بل من وسائل الشرك، لأن الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلم الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم وبحقه لم يفعلوا ذلك، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ولما أجدبوا في عهد عمر رضي الله عنه لم يذهبوا إلى قبره صلى الله عليه وسلم ولم يتوسلوا به ولم يدعوا عنده؛ بل استسقى عمر رضي الله عنه بعمه صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب أي بدعائه فقال رضي الله عنه وهو على المنبر: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا. وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون. رواه البخاري في صحيحه.

ثم أمر رضي الله عنه العباس أن يدعو فدعا وأمن المسلمون على دعائه فسقاهم الله عز وجل. وقصة أهل الغار مشهورة وهي ثابتة في الصحيحين، وخلاصتها أن ثلاثة ممن كان قبلنا آواهم المبيت والمطر إلى غار، فدخلوا فيه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ولم يستطيعوا دفعها، فقالوا فيما بينهم: لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوه - سبحانه - واستغاثوا به وتوسل أحدهم ببر والديه، والثاني بعفته عن

ص: 20

الزنا بعد القدرة، والثالث بأدائه الأمانة. فأزاح الله عنهم الصخرة وخرجوا، وهذه القصة من الدلائل العظيمة على أن الأعمال الصالحة من أعظم الأسباب في تفريج الكروب والخروج من المضائق، والعافية من شدائد الدنيا والآخرة.

أما التوسل بجاه فلان أو بحق فلان أو ذاته، فهذا من البدع المنكرة، ومن وسائل الشرك، وأما دعاء الميت والاستغاثة به فذلك من الشرك الأكبر.

والصحابة رضي الله عنهم كانوا يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم، وأن يستغيث لهم إذا أجدبوا، ويشفع في كل ما ينفعهم حين كان حيا بينهم، فلما توفي صلى الله عليه وسلم، لم يسألوه شيئا بعد وفاته، ولم يأتوا إلى قبره يسألونه الشفاعة أو غيرها؛ لأنهم يعلمون أن ذلك لا يجوز بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وإنما يجوز ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم قبل موته ويوم القيامة حين يتوجه إليه المؤمنون ليشفع لهم ليقضي الله بينهم ولدخولهم الجنة، بعدما يأتون آدم، ونوحا، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، عليهم الصلاة والسلام، فيعتذرون عن الشفاعة، كل واحد يقول: نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، فإذا أتوا عيسى عليه الصلاة والسلام، اعتذر إليهم وأرشدهم إلى أن يأتوا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم فيأتونه فيقول:«أنا لها، أنا لها» لأن الله - سبحانه - قد وعده ذلك فيذهب ويخر ساجدا بين يدي الله

ص: 21