الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحث الثالث
زيارة القبور
تصفَّحنا كتاب الله تعالى نلتمس فيه دلالة على هذا الموضوع، فلم نجد إلا قوله تعالى:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} أي من المنافقين {مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} ، ثم علل ذلك بقوله:{إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84].
فدلّ بطريق الإيماء على أن النهي يتناول كل من وُجدت فيه العلة، وهي الكفر بالله والموت عليه. ومفهومه أن مَن لم توجد فيه العلة، وهو مَن مات على دين الإسلام غير منهيّ عن الصلاة عليه والقيام على قبره.
وهذا واضح ولكن الشأن في تفسير القيام على القبر، فنقول: قال السيوطي في «فتاواه»
(1)
كما نقله الآلوسي في «تفسيره»
(2)
قال الآلوسي: وفي كون المراد بالقيام على القبر الوقوف عليه حالة الدفن وبعده ساعةً خفاء، إذ المتبادر من القيام على القبر ما هو أعمّ من ذلك. نعم، كان الوقوف بعد الدفن قَدْر نَحْر جزور مندوبًا
(3)
، ولعلّه لشيوع ذلك إذ
(1)
«الحاوي للفتاوي» : (1/ 308).
(2)
«روح المعاني» : (10/ 155).
(3)
انظر الأحاديث في ذلك في «البدر المنير» : (5/ 335 - 339).
ذاك أَخَذَ في مفهوم القيام على القبر ما أخذ. انتهى.
أقول: قوله: «نعم كان الوقوف بعد الدفن قدر
…
[إلخ]». إنما رُوِيَ هذا في وصية [عمرو بن العاص]
(1)
ولم يسنده إلى السنة، نعم في «سنن أبي داود»
(2)
عن عثمان [قال: كان] النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دفن الميت وقف عليه فقال: «استغفروا لأخيكم ثم سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» .
والذي يظهر لي تناول النهي في الآية للقيام للزيارة، إذ الفعل في سياق النهي فيعمّ، فالمعنى: لا يكن منكَ قيامٌ على قبره، و «قيام» يتناول القيام للدفن والقيام للزيارة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص [السبب]
(3)
.
وعليه ففي الآية النهي عن القيام على المنافق، سواء أكان للدفن أو للزيارة، فكلاهما منهيٌّ عنه في [حق المنافقين]
(4)
بالمنطوق، وفي حق الكفَّار بالمفهوم، ومأذون فيه
(5)
في حقّ المسلمين بالمفهوم، والله أعلم.
[ص 2] ثم رجعنا النظرَ إلى السنة فوجدنا حديث مسلم
(6)
عن بُريدة
(1)
أخرجه مسلم (121). وما بين المعكوفين مطموس في الأصل.
(2)
(3221). وأخرجه الحاكم: (1/ 370)، والبيهقي:(4/ 56). قال الحاكم: صحيح الإسناد. وحسَّنه النووي والمنذري وابن حجر. انظر «الخلاصة» (2/ 1028) للنووي، و «البدر المنير»:(5/ 330 - 331).
(3)
مطموسة في الأصل.
(4)
مطموسة في الأصل.
(5)
طمس في بعض الكلمة ولعلها ما قدّرت.
(6)
(1977).
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» الحديث.
ولابن ماجه
(1)
عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة» .
وحديث مسلم
(2)
عن بُريدة أيضًا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلّمهم إذا خرجوا إلى المقابر: «السلام عليكم أهلَ الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية» .
وحديث مسلم وغيره
(3)
عن أبي هريرة قال: زار النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم قبر أُمه فبكى وأبكى مَن حوله، فقال:«استأذنتُ ربي في أن أستغفر لها فلم يأذَن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكِّر الموتَ» .
وحديث مسلم
(4)
أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المقبرة فقال: «السلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون
…
» الحديث. وقد مرّ.
(1)
(1571).
(2)
(975).
(3)
مسلم (976)، وأخرجه أبو داود (3234)، والنسائي (2034)، وابن ماجه (1572)، وأحمد (9688).
(4)
(249).