المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه: - تحقيق النصوص ونشرها

[عبد السلام هارون]

الفصل: ‌تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه:

والتعريف بالمصطلح الشريف لابن فضل الله العمري1.

وقد يعتري التحريف والتصحيف أسماء المؤلفين المثبتة في الكتب، فالنصرى قد يصحف بالبصري، والحسن بالحسين، والخراز بالخرار، وكل أولئك يحتاج إلى تحقيق لا يكتفي فيه بمراجع واحد، فقد يكون ذلك المرجع فيه عين ذلك التصحيف أو تصحيف آخر أقسى منه، فليس هناك بد من اجتلاب الطمأنينة في ذلك البحث العلمي الواسع.

وما قيل في تزييف العناوين يقال أيضا في تزييف أسماء المؤلفين، لذلك لم يكن بد من أن يتنبه المحقق لهذا الأمر الدقيق.

1 طبع في مطبعة العاصمة سنة 1212 في 240 صفحة.

ص: 42

‌تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه:

وليس الأمر الهين أن نؤمن بصحة نسبة أي كتاب كان إلى مؤلفه، ولا سيما الكتب الخاملة التي ليس لها شهرة، فيجب أن تعرض هذه النسبة على فهارس المكتبات والمولفات الكتبية وكتب التراجم، لنستمد منها اليقين بأن هذا الكتاب صحيح الانتساب.

وقديما تكلم الناس في كتاب العين المنسوب إلى الخليل. وقد ساق السيوطي في المزهر1 نصوص العلماء وأقوالهم في القدح في نسبة هذا الكتاب، ويكادون يجمعون أن الخليل وضع منهجه ورسمه، وأن العلماء حشوه من بعده.

وقد ذكر السيرافي كتابه أخبار النحويين البصريين2 أن الخليل

1 المزهر 1: 86-92.

2 ص38 نشرة فريتس كرنكو.

ص: 42

عمل أول كتاب العين".

والذي نبه العلماء إلى ذلك دراستهم للكتاب، وتأديهم إلى أن مثل هذا التأليف لا يصح أن ينسب إلى رجل قارب الغاية في الفضل مثل الخليل.

فمعرفة القدر العلمي لمؤلف مما يسعف في التحقيق ينسبه الكتاب.

على أن بعض المؤلفين تتفاوت أقدارهم العلمية وتختلف اختلافا ظاهرا بتفاوت أعمارهم، وباختلاف ضروب التأليف التي يعالجونها، فنجد المؤلف الواحد يكتب في صدر شبابه كتابا ضعيفا، فإذا علت به السن وجدت بونا شاسعا بين يوميه. وهو كذلك يكتب في فن من الفنون قويا متقنا، على حين يكتب في غيره وهو من الضعف على حال. فلا يصح أن يجعل هذا القياس حاسما باطراد، في تصحيح نسبة الكتاب.

وتعد الاعتبارات التاريخية من أقوى المقاييس في تصحيح الكتاب وتزييفها، فالكتاب الذي تحشد فيه أخبار تاريخية تالية لعصر مؤلفه الذي نسب إليه جدير بأن يسقط من حساب ذلك المؤلف، ومن أمثلة ذلك كتاب نسب إلى الجاحظ، وعنوانه "كتاب تنبيه الملوك والمكايد"، ومنه صورة مودعة بدار الكتب المصرية برقم 2345 أدب. وهذا الكتاب زيف لا ريب في ذلك؛ فإنك تجد من أبوابه باب "نكت من مكايد كافور الإخشيدي" و"مكيدة توزون بالمتقي الله". وكافور الإخشيدي كان يحيا بين سنتي 292 و357 والمتقي لله كان يحيا سنتي 297 و357. فهذا كله تاريخ بعد وفاة الجاحظ بعشرات من السنين. وأعجب من ذلك مقدمة الكتاب التي لا يصح أن ينتمي إلى قلم الجاحظ وهذا صدرها:"الحمد لله الذي افتتح بالحمد كتابا، وفتح للعبد إذا وافا "وافي" إليه بابا، وقسم بين خليفته فطور وأطوارا وتحزبوا أحزابا وأنفذ فيهم سهمه وأمضى فيهم حكمه وجعل لكل شيء أسبابا، فهم دائرون

ص: 43