المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الورق والوراقون: يذكر ابن النديم1 أن العرب كانت تكتب في أكتاف - تحقيق النصوص ونشرها

[عبد السلام هارون]

الفصل: ‌ ‌الورق والوراقون: يذكر ابن النديم1 أن العرب كانت تكتب في أكتاف

‌الورق والوراقون:

يذكر ابن النديم1 أن العرب كانت تكتب في أكتاف الإبل اللخاف وهي الحجارة البيض العريضة الرقاق، وفي العسب عسب النخل، وأنهم بعد ذلك كتبوا في الجلود المدبوغة. ويذكر أن الدباغة في أول الأمر كانت بالنورة وهي شديدة الجفاف، ثم كانت الدباغة الكوفية تدبغ بالتمر وفيها لين، ثم كتبوا في الورق الخراساني، وكان يعمل من الكتابن وحدث صنعه في أيام بني أميه وقيل في الدولة العباسية، وقيل إن صناعا من الصين عملوه بخراسان على مثال الورق الصيني الذي كان يصنع من الحشيشن ويذكر من أنواعه: السليماني، والطلحى، والنوحي، والفرعوني، والجعفري، والطاهري.

ويقول ابن خلدون: "وكانت السجلات أولا لانتساخ العلوم وكتب الرسائل السلطانية والإقطاعات والصكوك، في الرقوق المهيأة بالصناعة من الجلد، لكثرة الرفة وقلة التآليف صدر الملة، كما نذكره، وقلة الرسائل السلطانية والصكوك مع ذلك، فاقتصروا على الكتاب في الرق تشريفا للمكتوبات، ميلا بها إلى الصحة والاتقان. ثم طما بحر التأليف والتدوين وكثر ترسيل السلطان وصكوكه، وضاق الرق عن ذلك، فأشار الفضل بن يحيى بصناعة الكاغد وصنعته وكتب فيه رسائل السلطان وصكوكه، واتخذه الناس من بعده صحفا لمكتوباتهم السلطانية والعلمية وبلغت الإجادة صناعة ما شاءت".

ويسجل الجهشياري2 أن الورق كان مستعملًا بكثرة في أيام أبي جعفر المنصور، وأنه كان يجتلب من مصر، إذ لم تكن صناعة الورق قد أقيمت بغداد.

1 الفهرست 21.

2 الوزراء والكتاب 138.

ص: 14

قال: ووقف أبو جعفر على كثرة القراطيس في خزائنه، فدعا بصالح صاحب المصلى فقال له: إني أمرت بإخراج حاصل القراطيس في خزائننا فوجدته شيئًا كثيرًا جدًّا، فتول بيعه وإن تعط بكل طومار إلا دانقًا -الدانق سدس الدرهم فإن تحصيل ثمنه أصلح منه.

قال صالح: وكان الطومار في ذلك الوقت بدرهم. فانصرفت من خضرته على هذا، فلما كان في الغد دعاني فدخلت عليه فقال لي: فكرت في كتبنا وأنها قد جرت في القراطيس، وليس يؤمن حادث بمصر فتقطع القراطيس عنا بسببه، فنحتاج إلى أن نكتب فيما لم نعوده عمالنا، فدع القراطيس استظهارا على حالها.

ويعين ابن النديم فترة من الزمن في أيام الدولة العباسية كانت الناس فيها ببغداد لا يكتمون إلا في الطروس -والطرس في اللغة: الصحيفة تمحى ثم تكتب- وهذه الفترة هي سنون تلت نهب الناس للدواوين في أيام محمد بن زبيدة، وكانت الدواوين في جلود فكانت تمحى ثم يكتب فيها.

والظاهر أن العرب كانوا يكتبون في كل من الجلود والأوراق في عهد الدولة الأموية، وصدر صالح من عهد الدولة العباسية، وأن الورق لم يستعمل بكثرة ظاهرة إلا منذ أشار الفضل بن يحيى البرمكي بصناعة الكاغد.

ومن النصوص النادرة ما وجدنه في ترجمة الشافعي، في سير النبلاء للذهبي، أنه كان يكتب في الألواح والعظام.

ويذكر القلقشندي1 تعليلا للكتابة في الجلود، وهو قوله: "أجمع رأي الصحابة على كتابة القرآن في الرق لطول بقائه، أو لأنه الموجود عندهم حينئذ،

1 صبح الأعشى 2: 486.

ص: 15

وبقي الناس على ذلك إلى أن ولي الرشيد الخلافة وقد كثر الورق، وفشا بين الناس، فأمر ألا يكتب الناس إلا في الكاغد؛ لأن الجلود ونحوها تقبل المحو والإعادة، فتقبل التزوير، بخلاف الورق فإنه متى محي فيه فسد، وإن كشط ظهر كشطه. وانتشرت الكتابة في الورق إلى سائر الأقطار، وتعاطاها من قرب ومن بعد".

مع ذلك ظل عِلْيةَ القوم يستعملون الجلود ويأنفون من الكتابة في الورق. وقد سجل الجاحظ في رسالة الجد والهزل1 التي ساقها إلى محمد بن عبد الملك بن الزيات، نقد محمد له في استعماله الورق وإهماله الجلود، ورده عليه فقال: "وما عليك أن تكون كتبي كلها من الورق الصيني ومن الكاغد الخرساني؟ قل لي: لم زينت النسخ في الجلود، ولم حثثتني على الأدم وأنت تعلم أن اجلود جافية الحجم، ثقيلة الوزن، إن أصابها الماء بطلت، وإن كان يوم لنق استرخت ولو لم يكن فيها إلا أنها تبغض إلى أربابها نزول الغيث، وتكره إلى مالكيها الحيا لكان في ذلك ما كفى ومنع منها. وقد علمت أن الوراق لا يخط في تلك الأيام سطرا، ولا يقطع فيها جلدا

وهي أنتن ريحا وأكثر ثمنا وأحمل للغش، يغش الكوفي بالواسطي، والواسطي بالبصري

ولو أراد صاحب علم أن يحمل منها قدر ما يكفيه في سفره لما كفاه حمل بعير، ولو أراد مثل ذلك من القطني لكفاه ما يحمل مع زاده.

وقلت لي: عليك بها فإنها أحمل للحك والتغيير، وأبقى على تعاور العارية وعلى تقليب الأيدي، ولرديدها ثمنن ولطرسها مرجوع

وليس لدفاتر القطني أثمان في السوق وإن كان فيها كل حديث طريف، ولطف مليح، وعلم نفيس. وقلت: وعلى الجلود يعتمد في حساب الدواوين وفي الصكاك والعهود،

1 رسالة الجاحظ 1: 252-253 تحقيق عبد السلام هارون.

ص: 16

وفي الشروط وصور العقارات، وفيها تكون نموذجات للنقوش، ومنها تكون خرائط البرد، وهن أصلح للجرب، ولعفاص الجرة، وسداد القارورة. وزعمت أن الأرضة إلى الكاغد أسرع، وأنكرت أن تكون الفأرة إلى الجلود أسرع، بل زعمت أنها الكاغد أسرع وله أفسد، فكنت سبب المضرة في اتخاذ الجلود والاستبدال والكاغد، وكنت سبب البلية في تحويل الدفاتر الخفاف في المحمل إلى المصاحف التي تثقل الأيدي، وتحطم الصدور، ونقوش الظهور، وتعمى الأبصار".

ويقول الجاحظ في الحيوان1: "وقيل لابن داحة وأخرج كتاب أبي الشمقمق، وإذا هو في جلود كوفية ودفتين طائفيتين بخط عجيب، فقيل له: لقد أضيع من تجود بشعر أبي الشمقمق! فقال: لا حرم والله، وإن العلم ليعطيكم على حساب ما تعطونه، ولو استطعت أن أودعه سويداء قلبي أو أجعله محفوظا على ناظري لفعلت! ".

فهذا كله آية على أن الجلودكانت مستعملة في العراق وما جاوره في كتابة دواوين العلم، إلى القرن الثالث الهجري، ودليل على أن الورق لم يحل محلها بصفة قاطعة.

ويروون أن الشافعي كان كثيرًا ما يكتب الرسائل على العظام لقلة الورق2. أما في مصر فإن ورق البردي كان هو المادة الشائعة في الكتابة إلى أن حلت الجلود ثم الأوراق محلها.

الوراقون:

فرغنا من الحديث في الورق، ثم نفرغ للكلام على الوراقين.

1 الحيوان 1: 61.

2 المطالع النصرية ص18.

ص: 17

وقد عقد ابن خلدون لهم فضلا في مقدمته1 بسط فيه صناعتهم فقال: كانت العناية قديما بالدواوين العلمية والسجلات في نسخها وتجليدها وتصحيحها بالرواية والضبط، وكان سبب ذلك ما وقع من ضخامة الدولة وتوابع الحضارة، وقد ذهب العهد بذهاب الدولة وتقلص العمران، بعد أن كان منه في الملة الإسلامية بخر زاخر بالعراق والأندلس، إذ هو كله من توابع العمران واتساع نطاق الدولة، ونفاق أسواق ذلك لديهما، فكثر التآليف العليمة والدواوين، وحرص الناس على تناقلها في الآفاق والأمصار، فانتسخت وجلدت، وجاءت صناعة الوراقين المعانين للانتساخ والتصحيح والتجليد وسائر الأمور الكتبية والدواوين، واختصت بالأمصار العظيمة العمران".

ويفهم من هذا أن الوراقة جاءت تابعة لقوة الدولة واتساع الحضارة، وأن الوراقين كان لهم مكان في الأمصار العظيمة والبلدان الكبيرة، فهم بمثابة المطابع الحديثة التي تحتل أمصار بلادنا الآن. وكانت مهمتهم موزعة بين الانتساخ، والتصحيح، والتجليد، والتذهيب، وكل ما يمت إلى صناعة الكتب بصلة".

وكانت لهم أسواق في بعض الأمصار، كانت بمثابة المعاهد العلمية وجاءت في فهرست ابن النديم2 عن ابن دريد قال:"رأيت رجلا في الوراقين بالبصرة يقرأ كتاب المنطق لابن السكيت".

وكانت صناعة هؤلاء الوراقين رائجة رواجا. فالجاحظ3 يذكر أن يحيى بن خالد البرمكي لم يكن في خزانة كتبه كتاب إلا وله "ثلاث نسخ".

1 المقدمة 367-368.

2 الفهرست ص82.

3 الحيوان 1: 60.

ص: 18

ويذكر المقريزي أنه كان في خزانة العزيز بالله 30 نسخة من كتاب العين و100 نسخة من الجمهرة. وأنه كان في خزانة كتب الفاطميين 1200 نسخة من تاريخ الطبري1.

وكان العلماء يستعينون بالوراقين في التآليف.

قال أبو بريدة الوضاحي2: أمر أمير المؤمنين المأمون الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو، وما سمع من العرب، فأمر أن تفرد له حجرة من حجر الدار، ووكل بها جواري وخدما للقيام بما يحتاج إليه، حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشوف نفسه إلى شيء، حتى إنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصبر له الوراقين يكتبون، حتى صنف كتاب الحدود.

وكانت ثقة القوم بالوراقين نازلة، لأنهم لم يكونوا في الغالب من العلماء أو من أهل الرواية، بل هم أهل صناعة وتكسب. وقد عرف الطعن فيهم قديما. قال ثعلب3 في الكلام على كتاب العين:"وقد حشا الكتاب أيضا قوم علماء، إلا أنه لم يؤخذ منهم رواية، ت وإنما وجد بنقل الوراقين، فاختل الكتاب لهذه الجهة".

ومن أوائل هؤلاء الوراقين خالد بن أبي الهياج الذي سلف ذكره في فصل أوائل التصنيف، كان موصوفا بحسن الخط، قال ابن النديم:"وهو الذي كتب الكتاب الذي قبله مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالذهب من: "الشَّمْسِ وَضُحَاهَا" إلى آخر القرآن. فيقال إن عمر بن عبد العزيز قال: "أريد أن تكتب لي مصحفا على هذا المثال". فكتب له مصحفا تنوق فيه، فأقبل

1 المزهر 1: 87.

2 معجم الأدباء 20: 12.

3 المقريزي 2: 253-255.

ص: 19

عمر يقلبه ويستحسنه واستكثر ثمنه فرده عليه.

ومنهم مالك بن دينار السامي، مولى بن سامة بن لؤي، أبو يحيى البصري الزاهد؛ كان أبوه من سبى سجستان؛ وكان يكتب المصاحف بأجرة ويتقوت بذلك.

وممن كان يتقوت بالنسخ من العلماء أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم المهندس البصري، نزيل مصر، المتوفى نحو سنة 430. ذكر القفطي1 أنه كان ينسخ في مدة سنة ثلاثة كتب في ضمن أشغاله، وهي إقليدس، والمتوسطات والمجسطي، ويتكلم في مدة السنة؛ فإذا شرع في نسخها جاءه من يعطيه فيها مائة وخمسين دينارًا مصرية، فجعلها مؤونة لنفسه.

ومن العلماء الوراقين أبو موسى الحامض2، أبو عبد الله الكرماني3.

ومن طريف ما يروى عن أحد النحاة، وهو يحيى بن محمد الأرزني، ما ذكره ياقوت4 في شأنه إذ يقول:"إمام في العربية مليح الخط سريع الكتابة، كان يخرج في وقت العصر إلى سوق الكتب ببغداد فلا يقوم من مجلسه حتى يتب الفصيح لثعلب، وبيعه بنصف دينار، ويشتري نبيدا ولحما وفاكهة، ولا يبيت حتى ينفق ما معه منه".

ويروى ابن النديم5 في ترجمته ليحيى بن عدي المنطقي النصراني أن يحيى

1 إخبار العلماء 155.

2 الفهرست 117.

3 الفهرست 118.

4 إرشاد الأريب 20: 34-35. وانظر البغية 416.

5 الفهرست: 269.

ص: 20

كان ينسخ كتب التفسير والكلام، مع أنه كان من النصارى اليعقوبية. وهذا أمر عجب. ويذكر أنه لقيه وعاتبه على كثرة نسخه، فقال له: من أي شيء تعجب في هذا الوقت من صبري. قد نسخت بخطي نسختين من التفسير للطبري، وحملتها إلى ملوك الأطراف؛ وقد كتبت من كتب المتكلمين ما لا يحصى، ولعهدي بنفسي وأنا أكتب في اليوم والليلة مائة ورقة وأقل.

وهذا النص وسابقه يبين لنا قوة المرانة التي كانت لهؤلاء الوراقين في سرعة الخط.

وممن عرف بسرعة الخط هشام بن يوسف الراوي القاضي، قال عن نفسه: قدم سفيان الثوري اليمن فقالوا: اطلبوا كاتبا سريع الخط. فارتادوني فكنت أكتب1.

ومنهم أبو علي الحسن بن شهاب العكبري. قال

السمعاني2:

كان حسن الخط يكتب بالورقة، وكان سريع القلم صحيح النقل وكان يقول: كتبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم راضية.

وقد عثرت في تاريخ بغداد للخطيب3 في ترجمة الفراء علىنص يلقي ضوءا على الأجور التي كان الوراقون يتقاضونها في عهد الدولة العباسية. وذلك عند الكلام على كتاب "المعاني للفراء": أنه لما فرغ من كتاب المعاني "خزنه الوراقون عن الناس ليكسبوا به، وقالوا: لا تخرجه إلا لمن أراد أن ننسخه له على خمس أوراق بدرهم. فشكا الناس إلى الفراء، فدعا الوراقين فقال لهم في

1 تهذيب التهذيب 11: 57.

2 في الأنساب 396.

3 تاريخ بغداد 14: 150. ونقله عنه ابن خلكان في ترجمته. وذكر الخبر أيضا ياقوت في معجم الأدباء 20: 12-13.

ص: 21

ذلك، فقالوا: إنما صحبناك لننتفع بك، وكل ما صنفته فليس بالناس إليه من حاجة ما بهم إلى هذا الكتاب، فدعنا نعيش به. فقال: فقار بوهم تنفعوا وينتفعوا فأبوا عليه، فقال: سأريكم، وقال للناس: إني ممل كتاب معان أتم شرحا وأبسط قولا من الذي أمليت. فجلس يملي فأملى الحمد في مائة ورقة، فجاء الوراقون إليه وقالوا: نحن نبلغ الناس ما يحبون. ننسخوا كل عشر أوراق بدرهم.

وهذا الأجر ينبئ في جلاء واضح عن كثرة الوراقين بالقدر الذي يهبط به لأجر إلى هذا المستوى.

وعثرت كذلك على نص نادر لابن النديم في الفهرست1، يذكر فيه مقدار الورقة التي يعنيها في كتابه، وهي الورقة السليمانية، قال:

"فإذا قلنا: إن شعر فلان عشر ورقات فإنا إنما عنينا بالورقة أن تكون سليمانية، ومقدار ما فيها عشرون سطرًا، أعطني في صفحة الورقة".

وليس معنى هذا أن مقدار الورقة في المخطوطات القديمة تعني هذا القدر فإن مقادير الأوراق تتفاوت بلا ريب بين المخطوطة والأخرى. وإنما ذكرت هذا تسجيلا لما يعني ابن النديم في كتابه.

ومما يعنينا تسجيله أيضا ما ذكر في تقدير "المجلد" قديما. جاء في ترجمة يحيى بن المبارك اليزيدي عند ابن خلكان2 عن أبي حمدون الطيب قال: شهدت ابن أبي العتاهية وقد كتب عن أبي محمد اليزيدي قريبا من ألف مجلد، عن أبي عمرو بن العلاء خاصة، فيكون ذلك عشرة آلاف ورفة؛ لأن تقدير المجلد عشر ورقات.

1 الفهرست 227.

2 الوفيات 2: 230.

ص: 22

فكأن المجلد أطلق قديما على ما يسمى بالكراسة، التي هي إلى وقتنا هذا تقدر بعشر ورقات.

أما تقدير المجلد حديثًا فليس له معيار معين.

وكان بعض الوراقين يتجازون مهمتهم الأصيلة إلى صناعة التأليف. قال ابن النديم1:

"كانت الأسمار والخرافات مرغوبا فيها مشتهاة في أيام خلفاء بن العباس وسيما في أيام المقتدر، فصنف الوراقون وكذبوا، فكان ممن يفتعل ذلك رجل يعرف بابن دلان، واسمه أحمد بن محمد بن دلان، وآخر يعرف بابن العطار، وجماعة".

وكما كان هناك وراقون قد نصبوا أنفسهم لهذه الصناعة في السوق، كن هناك وراقون خاصون. فمنهم دماذ أبو غسان2 كان يروى عن أبي عبيدة، وكان يورق كتبه، وأخذ عنه الأنساب والأخبار والمآثر.

وكان لأبي عثمان الجاحظ أكثر من وراق؛ فمنهم أبو يحيى زكريا بن يحيى ذكره القالي في الأمالي3، وياقوت في معجم الأدباء نقلا عن ابن النديم4. ومنهم أبو القاسم عبد الوهاب بن عيسى، ذكره الخطيب لي تاريخ بغداد5 والزبيدي في تاج العروس، وكانت وفاته سنة 319 فيما ذكره الخطيب.

وكان لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد وراقون6 منهم ابن الزجاجي واسمه

1 الفهرست 428.

2 الفهرست 81.

3 الأمالي 1: 148

4 معجم الأدباء 13: 106

5 تاريخ بغداد 5695.

6 تاج العروس 10: 108.

ص: 23

إسماعيل بن محمد، والساسي واسمه إبراهيم بن محمد.

ومن هؤلاء الوراقين علان الشعوبي1 كان ينسج في بيت الحكمة للرشيد والمأمون والبرامكة.

ومنهم أحمد بن أحمد، ابن أخي الشافعي، كان يورق لابن عبدوس الجهشياري2.

ومنهم أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي هاشم لمعري، لزم أبا العلاء ونسخ له كتبه بأسرها، بدون أجر3.

أما القاضي أبو المطرفن قاضي الجماعة بقرطبة، فكان له ستة وراقين ينسخون له دائما، وكان قد رتب لهم على وظيفة معلومة4.

ولم يخل هذا الميدان من عنصر المرأة، إذ نجد من أسمائهن "ثناء" الكاتبة جارية ابن فيوما، ذكرها ابن النديم فيمن كتبوا الخطوط الأصيلة الموزونة5.

1 ابن النديم 153.

2 معجم الأدباء 2: 137.

3 تعريف القدماء 32، 38، 101، 201.

4 الصلة بن بشكوال 1: 304-306.

5 الفهرست ص11.

ص: 24