المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخطوط: كان الغالب على خط أهل القرون الثلاثة الأولى هو الخط - تحقيق النصوص ونشرها

[عبد السلام هارون]

الفصل: ‌ ‌الخطوط: كان الغالب على خط أهل القرون الثلاثة الأولى هو الخط

‌الخطوط:

كان الغالب على خط أهل القرون الثلاثة الأولى هو الخط الكوفي، وقد بدأ مزج الخط الكوفي بالخط الحديث في أواخر خلافة بني أمية وصدر الدولة العباسية. يقول القلقشندي:

"ذكر صاحب إعانة النشي أن أول ما نقل الخط العربي من الكوفي إلى ابتداء هذه الأقلام المستعملة الآن، في أواخر دولة بني أمية وأوائل خلافة بني العباس.

قلت: على أن الكثير من كتاب زماننا يزعمون أن الوزير أبا علي بن مقلة1 هو أول من ابتدع ذلك، وهو غلط، فإنا نجد من الكتب بخط الأولين فيما قبل المائتين ما ليس على صورة الكوفي، بل يتغير عنه إلى نحو هذه الأوضاع المستقرة وإن كان هو إلى الكوفي أميل، لقربه من نقله عنه".

هذا ما كان في الجانب الشرقي من الدولة الإسلامية. وكان في الجانب الغربي من الدولة خط قديم يسمى "الإفريقي"، وأوضاعه كما يقول ابن خلدون2 قريبة من أوضاع الخط المشرقي.

ولما تغلب الأمويون على الأندلس ظهر لهم هناك خط خاص هو المعروف بالخط الأندلسي، ويظهر فيه بعض الميل إلى الاقتباس من الحروف الإفرنجية. وعندما تقلص ظل العرب والأفارقة من الأندلس وتلاشي ملكهم بها فانتشروا في عدوة المغرب وإفريقية منذ ظهور الدولة اللمتونية غلب خطهم الأندلسي على الخط الإفريقي القديم وعفى عليه، إلا بقايا منه ظلت ببلاد الجريد التي لم يخالط أهلها كتاب الأندلس.

1 وهو الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسن، من وزراء الدولة العباسية، ولد سنة 272 وتوفي سنة 328.

2 المقدمة 306.

ص: 25

وقد اكتسب الخط الأندلسي بالمغرب حياة جديدة وجمالا جديدًا، لكنه لم يلبث أن اضمحل، وصار كما يقول ابن خلدون1:"مائلًا إلى الرداءة، بعيدًا عن الجودة".

وليس يعني هذا القول أن الخط الأندلسي انقرض وصار إلى الزوال، ولكنه يعني أنه لم يعد الخط الغالب، وإنما كان يصطنعه قليل من الناس.

ويتضح من كلام ابن خلدون في مقدمته أن ما سماه المتأخرون "الخط المغربي" إنما هو الحالة التي صار إليها الخط الأندلسي الجميل.

وابن خلدون المتوفي سنة 808 لم يعرف هذه التسمية -أعني الخط المغربي- التي تدل على الخط الحديث الساذج المشتق من الأندلسي.

والخط الأندلسي يمتاز عن الخط المغربي بما يشيع فيه من الاستدارات وتداخل الكلمات وإطالة أواخر الحروف، والعناية يتنسيق الكتابة وتحسينها.

ويشتركان في طريقة النقط، فالفاء لا توضع فوقها النقطة كما يضعها المشارقة وإنما تجعل في أسفل الحرف، والقاف لا توضع فوقها نقطتان، بل توضع فوقها نقطة واحدة.

والترتيب الهجائي للحروف الأندلسية والمغربية يخالف طريقة المشارقة؛ ومن هنا اختلف ترتيب بعض معاجمهم وكتب رجالهم عن ترتيب المشارقة؛ يظهر ذلك لمن نظر في معجم ما استعجم للبكري نشرة وستنفلد، ومشارق الأنوار للقاضي عياض.

وهذا ترتيب حروفهم: "أب ت ث ج ح خ د ذ ر ز ط ظ ك ل م ن ص ض ع غ ف ق س ش هـ ولا ي".

1 المقدمة 367.

ص: 26