الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم
-
جاءني من الأستاذ السيد حسن قاسم مدير مجلة هدى الإسلام كتاب يشعرني فيه بالعزم على إصدار (عدد ممتاز) من المجلة لذكرى مولد الرسول عليه الصلاة والسلام، ورجا مني أن أكتب كلمة في ذلك، ولكن هذا الكتاب بلغني بأخرة من الوقت في حال تراكم أشغال بين يدي، ولولا أني أغتبط بالمشاركة في هذا العمل المبارك للذت بالاعتذار، وقد تذكرت أني كنت وعدت على صفحات مجلة هدى الإسلام أن سأكتب في حديث:«شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» إجابة لسؤال الأستاذ حسين إبراهيم موسى الذي أرجأته منذ مدة، فقلت: هذا واجب الوفاء، قد أظل زمانه وأقام، ورأيت هذا المبحث جديرًا بالتحقيق والتحرير لتعلقه بالسيرة وبأصول الدين.
الشفاعة:
الشفاعة توسط سيد أو حبيب أو ذي نفوذ لدى من يملك عقوبة أو حقًا بأن يعدل عن الأخذ به، وقد كانت عند العرب في الغالب من شعار الود، وفي الحديث:«قالوا هذا جدير بأن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع» ، وفي شفاعة الحبيب قال الشاعر:
فلا تحرمني نائلاً من شفاعة
…
فإني امرؤ وسط القباب غريب
وقد تطلق الشفاعة مجازًا وتسامحًا على الوساطة في الخير ورفع الدرجة، ومنه قوله تعالى:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: 85]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء» ، وقول دعبل الخزاعي:
شفيعك فاشكر في الحوائج إنه
…
يصونك عن مكروهها وهو يخلق
ومن الشواهد لذلك نكتة تاريخية قل من يتفطن لها وهو ما وقع في ظهير الخليفة القادر بالله الذي أصدره للسلطان يمين الدولة محمود الغزنوي بولاية خراسان فقد جاء فيه: وليناك كورة خراسان ولقبناك يمين الدولة بشفاعة أبي حامد الإسفراييني.
والمراد بالشفاعة الثابتة لرسول الله شفاعته يوم القيامة للناس عند الله تعالى لدفع ما يلاقونه من العذاب؛ وإذ قد أراد الله تعالى إكمال الفضائل لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم كان من جملة ما أعطاه أن أعطاه فضيلة الشفاعة وسماها بالمقام المحمود فقال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء: 79]، تكميلاً لفضائله في الآخرة على حسب ما له من السؤود عند الله تعالى، فقد أعطى أهل السيادة الدنيوية الزائلة، خصلة الشفاعة الزائلة، وأعطى صاحب السيادة الحقة الدائمة الشفاعة الصادقة في دار الخلود، وخصه بها كما خصه بفضائل لم يشاركه فيها أحد، فقد روى مالك في الموطأ والبخاري ومسلم في صحيحهما عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأحلت لي الغنائم، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أنس بن مالك وأبي هريرة وحذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد وتدنو الشمس من رؤوس الخلائق فيبلغ الناس من الكرب والغم ما لا يطيقون فيهتمون لذلك فيلهمون فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يُريحنا من مكاننا، ثم ذكر أنهم يأتون آدم، ثم نوحًا، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى (فكل يعتذر) وأن عيسى يقول: ائتوا محمدًا عبدًا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: فيأتوني فأستأذن على ربي فيأذن لي، فإذا رأيته وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء الله، ثم يقول: يا محمد ارفع رأسك، قل تسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي، ثم أشفع فيحد لي حدًا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجدًا» .
- ووصف مثل مما وصف في المرة الأولى «ثم أشفع فيحد لي حدًّا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة- قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة- فأقول ما بقي في