المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سُورَة الممتحنة ذكر فِيهَا ثَمَانِيَة أَحَادِيث 1326 - الحَدِيث الأول رُوِيَ أَن - تخريج أحاديث الكشاف - جـ ٣

[الجمال الزيلعي]

الفصل: ‌ ‌سُورَة الممتحنة ذكر فِيهَا ثَمَانِيَة أَحَادِيث 1326 - الحَدِيث الأول رُوِيَ أَن

‌سُورَة الممتحنة

ذكر فِيهَا ثَمَانِيَة أَحَادِيث

1326 -

الحَدِيث الأول رُوِيَ أَن مولاة لأبي عَمْرو بن صَيْفِي بن هَاشم يُقَال لَهَا سارة أَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُجهز لِلْفَتْحِ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (أَمُسْلِمَة جِئْت) قَالَت لَا قَالَ (أفمهاجرة) قَالَت لَا قَالَ (فَمَا جَاءَ بك) فَقَالَت كُنْتُم الْأَهْل وَالْمُوَالَى وَالْعشيرَة وَقد ذهبت الموَالِي يَعْنِي قتلوا يَوْم بدر فَاحْتَجت حَاجَة شَدِيدَة فَحَث عَلَيْهَا بني عبد الْمطلب فَكَسَوْهَا وَحملُوهَا وزودوها فَأَتَاهَا حَاطِب ابْن أبي بلتعة وَأَعْطَاهَا عشرَة دَنَانِير وَكَسَاهَا بردا واستحملها كتابا إِلَى أهل مَكَّة نسخته من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أهل مَكَّة أعلمُوا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يُرِيدكُمْ فَخُذُوا حذركُمْ فَخرجت سارة وَنزل جِبْرِيل عليه السلام بالْخبر فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عليا وَعمَّارًا وَعمر وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر والمقداد وَأَبا مرْثَد وَكَانُوا فُرْسَانًا وَقَالَ (انْطَلقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَة خَاخ فَإِن بهَا ظَعِينَة مَعهَا كتاب من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أهل مَكَّة فَخُذُوهُ مِنْهَا وَحلوهَا فَإِن أَبَت فَأَضْرَبُوا عُنُقهَا) فَأَدْرَكُوهَا فَجحدت وَحلفت فَهموا بِالرُّجُوعِ فَقَالَ عَلّي مَا كذبنَا وَلَا كذب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وسل سَيْفه وَقَالَ أَخْرِجِي الْكتاب أَو تَضَعِي رَأسك فَأَخْرَجته من عقَاص شعرهَا

ص: 447

وَرُوِيَ أَنه عليه السلام أَمن النَّاس إِلَّا أَرْبَعَة هِيَ أحدهم فَاسْتَحْضر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ حَاطِبًا وَقَالَ مَا حملك عَلَى هَذَا فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا كفرت مُنْذُ أسلمت وَلَا غشتك مُنْذُ نَصَحْتُك وَلَا أَحْبَبْتهم مُنْذُ فَارَقْتهمْ وَلَكِنِّي كنت امْرَءًا مُلْصقًا فِي قُرَيْش وَرُوِيَ عَزِيزًا فيهم أَي غَرِيبا وَلم أكن من أَنْفسهَا وكل من مَعَك من الْمُهَاجِرين لَهُم قَرَابَات بِمَكَّة يحْمُونَ أَهَالِيهمْ وَأَمْوَالهمْ غَيْرِي فَخَشِيت عَلَى أَهلِي فَأَرَدْت أَن أَتَّخِذ عِنْدهم يدا وَقد علمت أَن الله ينزل عَلَيْهِم بأسه وَأَن كتابي لَا يَنْفَعهُمْ شَيْئا فَصدقهُ وَقبل عذره فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله دَعْنِي أضْرب عنق هَذَا الْمُنَافِق فَقَالَ (وَمَا يدْريك يَا عمر لَعَلَّ الله قد اطلع عَلَى أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم) فَفَاضَتْ عينا عمر وَقَالَ الله وَرَسُوله أعلم فَنزلت

هُوَ كَذَلِك بِتَمَامِهِ فِي تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ وَكَذَلِكَ فِي أَسبَاب النُّزُول لِلْوَاحِدِيِّ

قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ والْحَدِيث رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا ابْن ماجة بِنَقص أَلْفَاظ فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي موضِعين فِي الْجِهَاد وَرَوَاهُ فِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي المناقب وَأَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير كلهم من حَدِيث عبيد الله بن أبي رَافع عَن عَلّي رضي الله عنه قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَنا وَالزُّبَيْر والمقداد فَقَالَ (انْطَلقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَة خَاخ فَإِن بهَا ظَعِينَة مَعهَا كتاب فَخُذُوهُ مِنْهَا) فَانْطَلَقْنَا تَتَعَادَى بِنَا خَيْلنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَة فَإِذا نَحن بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا هَلُمِّي الْكتاب قَالَت مَا عِنْدِي من كتاب فَقُلْنَا لتخْرجن الْكتاب أَو لتلْقين الثِّيَاب فَأَخْرَجته من عقَاص شعرهَا فأتينا بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَإِذا فِيهِ من حَاطِب بن أبي بلتعة

ص: 448

إِلَى نَاس من الْمُشْركين يُخْبِرهُمْ بِبَعْض أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ (يَا حَاطِب مَا هَذَا قَالَ لَا تجْعَل عَلّي يَا رَسُول الله إِنِّي كنت امْرَءًا مُلْصقًا فِي قُرَيْش وَلم أكن من أَنْفسهَا وَكَانَ مَعَك من الْمُهَاجِرين بهَا قَرَابَات يحْمُونَ بهَا أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ فَأَحْبَبْت إِذْ فَاتَنِي فيهم ذَلِك أَن أَتَّخِذ مِنْهُم يدا يحْمُونَ بهَا قَرَابَتي وَمَا فعلت ذَلِك كفرا وَلَا ارْتِدَادًا عَن ديني وَلَا رضَا بالْكفْر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ (إِنَّه قد صدقكُم) فَقَالَ عمر دَعْنِي يَا رَسُول الله أضْرب عنق هَذَا الْمُنَافِق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ (إِنَّه قد شهد بَدْرًا فَمَا يدْريك لَعَلَّ الله اطلع عَلَى أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم) قَالَ وَفِيه أنزل الله يأيها الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء السُّورَة

انْتَهَى

وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَنا وَأَبا مرْثَد الغنوي وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وكلنَا فَارس فَقَالَ انْطَلقُوا الحَدِيث ذكره فِي كتاب اسْتِتَابَة الْمُرْتَدين وَرَوَاهُ فِي كتاب الاسْتِئْذَان وَفِيه فَقَالَ عَلّي مَا كذب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَفِيه فَقَالَ عمر إِنَّه قد خَان الله وَرَسُوله فَدَعْنِي أضْرب عُنُقه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (أَلَيْسَ من أهل بدر وَمَا يدْريك لَعَلَّ الله اطلع عَلَى أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد وَجَبت لكم الْجنَّة) قَالَ فَدَمَعَتْ عينا عمر وَقَالَ الله وَرَسُوله أعلم

وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب وَفِيه فَأَخْرَجته من حجزَتهَا

الرِّوَايَتَانِ فِي صَحِيح ابْن حبَان ذكر الأول فِي النَّوْع الثَّانِي من الْقسم الثَّالِث عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن عَلّي فَذكره بِلَفْظ الصَّحِيحَيْنِ الأول وَفِيه فَأَخْرَجته من حجزَتهَا ثمَّ أَعَادَهُ فِي النَّوْع الْحَادِي عشر مِنْهُ فَذكره بِسَنَد الصَّحِيحَيْنِ وَمَتنه إِلَّا أَنه قَالَ بَعَثَنِي أَنا وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة والمقداد بن الْأسود

وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْفَضَائِل بِلَفْظ الصَّحِيحَيْنِ وَفِي لفظ لأبي دَاوُد قَالَت مَا معي من كتاب فَقَالَ عَلّي وَالَّذِي يحلف بِهِ لأَقْتُلَنك أَو لتخرجي الْكتاب الحَدِيث بِطُولِهِ

ص: 449

وَرَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَابْن هِشَام وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي ثني الْمُنْذر بن سعيد عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ لما أجمع فَذكره بِلَفْظ ابْن هِشَام ثمَّ قَالَ وحَدثني عتبَة بن جبيرَة عَن الْحصين بن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن سعد قَالَ هِيَ سارة وَجعل لَهَا عشرَة دَنَانِير

وَفِي السِّيرَة فِي فتح مَكَّة من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثني مُحَمَّد بن جَعْفَر ابْن الزُّبَيْر عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر وَغَيره من عُلَمَائِنَا قَالُوا لما أجمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ السّير إِلَى مَكَّة كتب حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى قُرَيْش كتابا يُخْبِرهُمْ فِيهِ بأَمْره ثمَّ أعطَاهُ امْرَأَة زعم مُحَمَّد بن جَعْفَر أَنَّهَا من مزينة زَاد الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي يُقَال لَهَا كنُود وَزعم غَيره أَنَّهَا سارة مولاة لبني عبد الْمطلب وَجعل لَهَا جعلا عَلَى أَن تبلغه قُريْشًا فَجَعَلته فِي رَأسهَا ثمَّ فتلت عَلَيْهِ قُرُونهَا ثمَّ خرجت بِهِ وَأَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ الْخَبَر من السَّمَاء بِمَا فعل حَاطِب فَبعث عَلّي بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر بن الْعَوام فَقَالَ (أدْركَا امْرَأَة قد كتب مَعهَا حَاطِب بِكِتَاب إِلَى قُرَيْش يُحَذرهُمْ مَا قد اجْتَمَعنَا عَلَيْهِ من أَمرهم) فَخَرَجَا حَتَّى أَدْركَاهَا بِالْحُلَيْفَة فَاسْتَنْزَلَاهَا فَالْتَمَسَا رَحلهَا فَلم يجدا شَيْئا فَقَالَ عَلَى وَالله مَا كذب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَلَا كذبنَا لتخْرجن هَذَا الْكتاب أَو ليكشفنك فَلَمَّا رَأَتْ الْجد قَالَت لَهُ أعرض فَأَعْرض فَحلت قُرُون رَأسهَا وَدفعت الْكتاب إِلَيْهِ فَأَتَى بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَدَعَا حَاطِبًا الحَدِيث

وَرَوَى الطَّبَرِيّ أَيْضا وَابْن أبي حَاتِم فِي تفسيريهما وَأَبُو يعلي فِي مُسْنده من حَدِيث أبي سِنَان سعيد بن سِنَان عَن عَمْرو بن مرّة الْجملِي عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي البخْترِي عَن الْحَارِث عَن عَلّي قَالَ لما أَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَن يَأْتِي مَكَّة أسر إِلَى أنَاس من أَصْحَابه أَنه يُرِيد مَكَّة فيهم حَاطِب بن أبي بلتعة وَأَفْشَى فِي النَّاس أَنه يُرِيد خَيْبَر قَالَ فَكتب حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أهل مَكَّة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يُرِيدكُمْ فَأخْبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قَالَ فَبَعَثَنِي وَأَبا مرْثَد وَلَيْسَ منا رجل إِلَّا وَعِنْده فرس فَقَالَ ائْتُوا رَوْضَة خَاخ فَإِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ امْرَأَة مَعهَا كتاب فَخُذُوهُ مِنْهَا فَانْطَلَقْنَا حَتَّى رَأينَا الْمَكَان فَقُلْنَا لَهَا هَاتِي الْكتاب فَقَالَت مَا معي كتاب ففتشناها فَلم نجده فَقُلْنَا لَهَا

ص: 450

لَتُخْرِجنَّهُ أَو لَنُجَرِّدَنَّكِ قَالَ عَمْرو بن مرّة فَأَخْرَجته من حجزَتهَا وَقَالَ حبيب بن أبي ثَابت فَأَخْرَجته من قبلهَا فَأتوا بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ الحَدِيث

وَقَوله وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَمن النَّاس إِلَّا أَرْبَعَة هِيَ أحدهم

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب فتح مَكَّة أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا أَبُو زرْعَة عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الدِّمَشْقِي ثَنَا الْحسن بن بشر الْكُوفِي ثَنَا الحكم بن عبد الْملك عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك قَالَ أَمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ النَّاس يَوْم فتح مَكَّة إِلَّا أَرْبَعَة من النَّاس عبد الْعُزَّى بن خطل وَمقيس بن ضَبَابَة وَعبد الله بن سعد بن أبي سرح وَأم سارة مولاة لقريش وَفِي لفظ سارة مولاة لبَعض بني عبد الْمطلب أَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فشكت إِلَيْهِ الْحَاجة فَأَعْطَاهَا شَيْئا ثمَّ أَتَاهَا رجل فَبعث مَعهَا بِكِتَاب إِلَى أهل مَكَّة فَذكر قصَّة حَاطِب

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث الْحسن بن بشر بِهِ سندا ومتنا

وَكَذَلِكَ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط وَقَالَ تفرد بِهِ الْحسن بن بشر

وَذكره ابْن هِشَام فِي السِّيرَة من قَول ابْن إِسْحَاق قَالَ فِيهِ وَسَارة مولاة لبَعض بني عبد الْمطلب وَزَاد خَامِسًا قَالَ وَالْحُوَيْرِث بن نقيذ فَإِنَّهُ لما حمل الْعَبَّاس ابْن عبد الْمطلب بِنْتي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ من مَكَّة يُرِيد الْمَدِينَة جلس لَهما فَرَمَى بهما الأَرْض

وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه فِي آخر الْحَج من حَدِيث عمر بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن ابْن سعيد المَخْزُومِي عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَجعل الْحُوَيْرِث عوض سارة ثمَّ رَوَاهُ فِي آخر الْبيُوع من حَدِيث مُصعب بن سعد عَن أَبِيه وَجعل عوضهَا عِكْرِمَة بن أبي جهل

وَبِهَذَا السَّنَد والمتن رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي الْبيُوع وَسكت عَنهُ

ص: 451

وَفِي عُيُون الْأَثر لأبي الْفَتْح الْيَعْمرِي وَمَغَازِي الْوَاقِدِيّ وَهَبَّار بن الْأسود وَقَيْنَتَا ابْن خطل كَانَتَا تُغنيَانِ بهجوه عليه السلام قَالَ

وَأما ابْن خطل فَإِنَّهُ كَانَ مُسلما وَبَعثه النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ مُصدقا وَمَعَهُ آخر من الْأَنْصَار فَعمد ابْن خطل عَلَى الْأنْصَارِيّ وَهُوَ نَائِم فَقتله ثمَّ ارْتَدَّ مُشْركًا فَأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ يَوْم الْفَتْح بقتْله وَهُوَ مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَقتله أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ وَقيل سعيد بن حُرَيْث المَخْزُومِي وَقيل عمار بن يَاسر وَالْأول أثبت ثمَّ أسْند عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ سَمِعت أَبَا بَرزَة يَقُول أَنا أخرجت عبد الله بن خطل من تَحت أَسْتَار الْكَعْبَة فَضربت عُنُقه بَين الرُّكْن وَالْمقَام

وَأما ابْن أبي سرح فَإِنَّهُ أَيْضا كَانَ مِمَّن أسلم وَهَاجَر وَكَانَ يكْتب الْوَحْي للنَّبِي صلى الله عليه وسلم َ ثمَّ ارْتَدَّ وَلحق بالمشركين فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح اخْتَبَأَ عِنْد عُثْمَان فَأَتَى بِهِ وَاسْتَأْمَنَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَحسن بعد ذَلِك إِسْلَامه ولاه عمر ثمَّ عُثْمَان بعده

وَأما عِكْرِمَة فَإِنَّهُ فر إِلَى الْيمن وَلَحِقتهُ امْرَأَته أم حَكِيم بنت الْحَارِث بن هِشَام فَردته فَأسلم وَحسن إِسْلَامه

وَأما الْحُوَيْرِث بن نقيذ وَكَانَ يُؤْذِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ بِمَكَّة فَقتله عَلّي بن أبي طَالب يَوْم الْفَتْح

وَأما مقيس بن ضَبَابَة فَإِنَّهُ أَيْضا كَانَ مُسلما وَلكنه قتل رجلا من الْأَنْصَار بأَخيه هِشَام بن ضَبَابَة بعد أَن أَخذ الدِّيَة وَكَانَ الْأنْصَارِيّ قتل أَخَاهُ مُسلما خطأ فِي غَزْوَة ذِي قرد وَهُوَ يرَى أَنه من الْعَدو ثمَّ لحق بِمَكَّة مُرْتَدا فَقتله يَوْم الْفَتْح نميلَة بن عبد الله اللَّيْثِيّ وَهُوَ ابْن عَمه

وَأما هَبَّار بن الْأسود فَهُوَ الَّذِي عرض لِزَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ حِين بعث بهَا زَوجهَا أَبُو الْعَاصِ إِلَى الْمَدِينَة فَنَخَسَ بهَا فَأسْقطت وَأَلْقَتْ مَا فِي بَطنهَا وَأَهْرَقت الدِّمَاء وَلم يزل بهَا مَرضهَا حَتَّى مَاتَت سنة ثَمَان فَقَالَ لَهُم عليه السلام (إِن وجدْتُم هَبَّارًا فَأَحْرقُوهُ بالنَّار) ثمَّ قَالَ (اقْتُلُوهُ وَلَا تحرقُوهُ) فَلم يُوجد ثمَّ إِنَّه أسلم

ص: 452

بعد الْفَتْح وَحسن إِسْلَامه وَصَحب النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَجعل النَّاس يَسُبُّونَهُ فَقَالَ عليه السلام (من سبك فَسَبهُ) فَانْتَهوا عَنهُ

وَأما قَيْنَتَا ابْن خطل فقتلت إِحْدَاهمَا وَاسْتُؤْمِنَ لِلْأُخْرَى فَعَاشَتْ مُدَّة ثمَّ مَاتَت فِي حَيَاته عليه السلام

وَأما سارة فَاسْتُؤْمِنَ لَهَا أَيْضا فَأَمَّنَهَا عليه السلام وَعَاشَتْ إِلَى أَن أَوْطَأَهَا رجل فرسا بِالْأَبْطح فَمَاتَتْ فِي زمن عمر

انْتَهَى

وَقَالَ السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف

وَأما الْقَيْنَتَانِ اللَّتَان أَمر بِقَتْلِهِمَا فهما سارة وَفَرْتَنَا فَأسْلمت فَرَّتْنَا وَأمنت سارة وَعَاشَتْ إِلَى زمن عمر

انْتَهَى

وَقَالَ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي بَاب غَزْوَة الْفَتْح وَأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ يَوْمئِذٍ بقتل سِتَّة نفر وَأَرْبع نسْوَة عِكْرِمَة بن أبي جهل وَهَبَّار بن الْأسود وَعبد الله بن أبي سرح وَمقيس بن ضَبَابَة وَالْحُوَيْرِث بن نقيذ وَهِنْد بنت عتبَة وَسَارة مولاة عَمْرو بن هِشَام وَفَرْتَنَا وَقَرِيبَة فَقتل مِنْهُم ابْن خطل وَمقيس بن ضَبَابَة وَالْحُوَيْرِث بن نقيذ انْتَهَى

وَكَذَلِكَ قَالَه الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي

1327 -

الحَدِيث الثَّانِي رُوِيَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ تزوج أم حَبِيبَة فَلَانَتْ عِنْد ذَلِك عَرِيكَة أبي سُفْيَان وَاسْتَرْخَتْ شَكِيمَته فِي الْعَدَاوَة وَكَانَت أم حَبِيبَة قد أسلمت وَهَاجَرت مَعَ زَوجهَا عبيد الله بن جحش إِلَى الْحَبَشَة فَتَنَصَّرَ وَأَرَادَهَا عَلَى النَّصْرَانِيَّة فَأَبت وَصَبَرت عَلَى دينهَا وَمَات زَوجهَا فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ إِلَى النَّجَاشِيّ فَخَطَبَهَا عَلَيْهِ وسَاق عَنهُ إِلَيْهَا مهرهَا أَربع مائَة دِينَار وَبلغ ذَلِك أَبَاهَا فَقَالَ ذَلِك الْفَحْل لَا يُقْدَع أَنفه

ص: 453

قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ

وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي سنَنَيْهِمَا فِي النِّكَاح من حَدِيث عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن أم حَبِيبَة أَنَّهَا كَانَت تَحت عبيد الله بن جحش فَمَاتَ بِأَرْض الْحَبَشَة فَزَوجهَا النَّجَاشِيّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَأَمْهَرهَا عَنهُ أَرْبَعَة أُلَّاف دِرْهَم وَبعث بهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ مَعَ شُرَحْبِيل بن حَسَنَة

انْتَهَى

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسلا عَن الزُّهْرِيّ أَن النَّجَاشِيّ زوج أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عَلَى صدَاق أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَكتب بذلك إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقبل

انْتَهَى

وَرَوَى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي النِّكَاح من طَرِيق ابْن الْمُبَارك أَنا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن أم حَبِيبَة أَنَّهَا كَانَت تَحت عبيد الله بن جحش فَمَاتَ بِأَرْض الْحَبَشَة فَزَوجهَا النَّجَاشِيّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ وَأَمْهَرهَا عَنهُ أَرْبَعَة آلَاف وَبعث بهَا إِلَيْهِ مَعَ شُرَحْبِيل بن حَسَنَة

انْتَهَى

وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ هن وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة فِي مسنديهما كَذَلِك وَزَاد فِيهِ وَلم يُرْسل إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَكَانَ مُهُور أَزوَاجه أَرْبَعمِائَة دِرْهَم

انْتَهَى

ثمَّ رَوَى فِي فَضَائِل أم حَبِيبَة بِسَنَدِهِ إِلَى الزُّهْرِيّ قَالَ تزوج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان وَكَانَت قبله تَحت عبيد الله بن جحش الْأَسدي وَكَانَ قد هَاجر بهَا من مَكَّة إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ افْتتن وَتَنصر وَمَات نَصْرَانِيّا وَأثبت الله الْإِسْلَام لأم حَبِيبَة حَتَّى رجعت إِلَى الْمَدِينَة فَخَطَبَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَزَوجهَا إِيَّاه عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ الزُّهْرِيّ وَزَعَمُوا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ كتب إِلَى النَّجَاشِيّ فَزَوجهَا إِيَّاه وسَاق عَنهُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة

انْتَهَى

ص: 454

ثمَّ أسْند إِلَى الْوَاقِدِيّ ثني إِسْحَاق بن مُحَمَّد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلّي عَن أَبِيه قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي إِلَى النَّجَاشِيّ يخْطب عَلَيْهِ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان وَكَانَت تَحت عبيد الله بن جحش وَزوجهَا إِيَّاه وَأصْدقهَا النَّجَاشِيّ من عِنْده عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَرْبَعمِائَة دِينَار

انْتَهَى

ثمَّ أسْند أَيْضا إِلَى الْوَاقِدِيّ حَدثنِي عبد الله بن جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد بن أبي عون قَالَ لما بلغ أَبَا سُفْيَان بن حَرْب نِكَاح النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ ابْنَته قَالَ ذَلِك الْفَحْل لَا يفرع أَنفه هَكَذَا وجدته فِي نُسْخَة مُعْتَمدَة وَهَكَذَا وجدته فِي تَارِيخ ابْن أبي خَيْثَمَة يفرع بِالْفَاءِ وَالرَّاء وَبَينه فِي الْحَاشِيَة وَوَجَدته فِي عُيُون الْأَثر يقزع وَوَجَدته فِي طَبَقَات ابْن سعد بِالْفَاءِ وَالرَّاء كَمَا فِي تَارِيخ ابْن أبي خَيْثَمَة

ثمَّ أسْند الْحَاكِم إِلَى الْوَاقِدِيّ ثني عبد الله بن عَمْرو بن زُهَيْر عَن إِسْمَاعِيل بن عَمْرو ابْن سعيد بن الْعَاصِ قَالَ قَالَت أم حَبِيبَة لما مَاتَ عبيد الله بن جحش رَأَيْت فِي النّوم كَأَن أبي يَقُول لي يَا أم الْمُؤمنِينَ فَفَزِعت وَأَوَّلْتهَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يَتَزَوَّجنِي قَالَت فَمَا هُوَ إِلَّا أَن انْقَضتْ عدتي فَمَا شَعرت إِلَّا برَسُول النَّجَاشِيّ جَارِيَة يُقَال لَهَا أَبْرَهَة كَانَت تقوم عَلَى بَنَاته دخلت عَلّي فَقَالَت إِن الْملك يَقُول لَك إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ كتب إِلَيّ أَن أزَوجك مِنْهُ فَقلت بشرك الله بِالْخَيرِ ثمَّ قَامَت فَدفعت لَهَا سواري من فضَّة وخواتيم فضَّة كَانَت فِي أَصَابِع رِجْلَيْهَا سُرُورًا بِمَا بَشرَتهَا وَأرْسلت إِلَى خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ فَوَكَّلَتْهُ فَلَمَّا كَانَ الْعشَاء أَمر النَّجَاشِيّ جَعْفَر بن أبي طَالب وَمن هُنَاكَ من الْمُسلمين فَحَضَرُوا فَخَطب النَّجَاشِيّ فَقَالَ الْحَمد لله الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار بِحَق حَمده وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وحدة لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَنه الَّذِي بشر بِهِ عِيسَى بن مَرْيَم أما بعد فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ كتب إِلَيّ أَن أزَوجهُ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان وَقد أَجَبْته إِلَى مَا دَعَا وَقد أَصدقتهَا عَنهُ أَرْبَعمِائَة دِينَار ثمَّ سكب الدَّنَانِير فَتكلم خَالِد بن سعيد فَقَالَ الْحَمد لله أَحْمَده أَسْتَعِينهُ وَأَسْتَنْصِرهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله أرْسلهُ بِالْهُدَى وَدين الْحق

ص: 455

لِيظْهرهُ عَلَى الدَّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ أما بعد فقد أجبْت إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَزَوجته أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان فَبَارك الله لرَسُوله ثمَّ قبض الدَّنَانِير ودعا النَّجَاشِيّ بِطَعَام فَأَكَلُوا ثمَّ تفَرقُوا فَلَمَّا وصل الذَّهَب أم حَبِيبَة أرْسلت مِنْهُ إِلَى أَبْرَهَة خمسين دِينَارا الَّتِي بَشرَتهَا فَردَّتهَا وَردت جَمِيع مَا أخذت مِنْهَا وَقَالَت قد عزم عَلّي الْملك أَن لَا أرزأك شَيْئا وَقد أسلمت لله وَاتَّبَعت رَسُوله صلى الله عليه وسلم َ فَإِذا وصلت إِلَيْهِ فَأَقْرئِيهِ مني السَّلَام واعلميه أَنِّي قد اتبعت دينه وَقد أَمر الْملك نِسَاءَهُ أَن يبْعَثْنَ إِلَيْك بِكُل مَا عِنْدهن من الْعطر قَالَت فَلَمَّا كَانَ الْغَد جَاءَتْنِي بِعُود وَوَرس وَعَنْبَر وَزَباد كثير وَكَانَت هِيَ الَّتِي جَهَّزْتنِي فَلَمَّا قدمت عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أخْبرته الْخَبَر وَمَا فعل النَّجَاشِيّ وَمَا فعلت أَبْرَهَة معي وَأَقْرَأْته مِنْهَا السَّلَام فَقَالَ (وَعَلَيْهَا السَّلَام وَرَحْمَة الله)

انْتَهَى

وَسكت عَن هَذِه الْأَحَادِيث الواقدية كلهَا

وَرَوَى ابْن هِشَام فِي أَوَائِل السِّيرَة حَدثنِي زِيَاد بن عبد الله البكائي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثني مُحَمَّد بن عَلّي بن الْحُسَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ بعث فِي أم حَبِيبَة إِلَى النَّجَاشِيّ عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي فَخَطَبَهَا عَلَيْهِ النَّجَاشِيّ فَزَوجهُ إِيَّاهَا وَأصْدقهَا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَرْبَعمِائَة دِينَار فَقَالَ مُحَمَّد بن عَلّي مَا نرَى عبد الْملك ابْن مَرْوَان وقف صدَاق النِّسَاء عَلَى أَرْبَعمِائَة دِينَار إِلَّا عَن ذَلِك وَكَانَ الَّذِي أملكهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ

انْتَهَى

وَقَالَ أَبُو نعيم فِي كتاب دَلَائِل النُّبُوَّة فِي الْبَاب التَّاسِع عشر قَالَ وَبعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ عَمْرو بن أُمِّيّه الضمرِي إِلَى النَّجَاشِيّ فَزَوجهُ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان وَأصْدقهَا عَنهُ من مَاله أَرْبَعمِائَة دِينَار وَبعث بهَا إِلَيْهِ قَالَ وَكَانَ ذَلِك فِي سنة سِتّ من الْهِجْرَة بعد رُجُوع النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ من خَيْبَر قَالَ وَلَا أعلم فِي ذَلِك خلافًا

انْتَهَى كَلَامه

وَرَوَى ابْن سعد فِي الطَّبَقَات أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ ثني سيف ابْن سُلَيْمَان عَن ابْن أبي نجيح وَثني عبد الله بن مُحَمَّد الجُمَحِي عَن أَبِيه عَن عبد الْعَزِيز بن سابط فَذكر قصَّة الْمُهَاجِرين إِلَى أَرض الْحَبَشَة

ص: 456

الْهِجْرَة الأولَى كَانُوا أحد عشر رجلا وَأَرْبع نسْوَة مِنْهُم عُثْمَان بن عَفَّان وَزَوجته رقية بنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ

وَالْهجْرَة الثَّانِيَة كَانُوا ثَلَاثَة وَثَمَانِينَ رجلا وَاحِد وَإِحْدَى عشرَة امْرَأَة فَلَمَّا سمعُوا بِهِجْرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ إِلَى الْمَدِينَة رَجَعَ بَعضهم وَبَقِي بَعضهم فَلَمَّا كَانَ شهر ربيع الأول سنة سبع من الْهِجْرَة أرسل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ إِلَى النَّجَاشِيّ عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي بِكِتَاب يَدعُوهُ فِيهِ إِلَى الْإِسْلَام فَأسلم وَسَأَلَهُ أَن يُزَوجهُ أم حَبِيبَة وَكَانَت هَاجَرت مَعَ زَوجهَا عبيد الله بن جحش وَتَنصر وَمَات فَزَوجهُ النَّجَاشِيّ إِيَّاهَا وَأصْدقهَا عَنهُ أَرْبَعمِائَة دِينَار وَوَلَّى تَزْوِيجهَا خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ وَسَأَلَهُ أَن يبْعَث إِلَيْهِ بِمن بَقى من أَصْحَابه فَفعل وَحَملهمْ مَعَ عَمْرو بن أُميَّة حَتَّى قدمُوا الْمَدِينَة فوجدوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قد فتح خَيْبَر فَكلم عليه السلام الْمُسلمين أَن يُدْخِلُوهُمْ فِي سِهَامهمْ فَفَعَلُوا

مُخْتَصر

وَرَوَى ابْن أبي شيبَة فِي مصنفة فِي النِّكَاح ثَنَا عَبدة عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي جَعْفَر أَن

النَّجَاشِيّ زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أم حَبِيبَة عَلَى أَرْبَعمِائَة دِينَار انْتَهَى

وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط فِي تَرْجَمَة أَحْمد بن النَّضر من حَدِيث أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ زوجه النَّجَاشِيّ أم حَبِيبَة أَصْدف عَنهُ من مَاله مِائَتي دِينَار

انْتَهَى

وَرَوَى فِي مُعْجَمه الْكَبِير من حَدِيث عُرْوَة بن الزُّبَيْر أَن عبيد الله بن جحش مَاتَ بِالْحَبَشَةِ نَصْرَانِيّا وَمَعَهُ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان فَأَنْكحهَا عُثْمَان بن عَفَّان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ من أجل أَنَّهَا بنت صَفيه بنت أبي الْعَاصِ وَصفيه عمَّة عُثْمَان بن عَفَّان

وَأخرج من حَدِيث بَقِيَّة ثَنَا أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم عَن عَطِيَّة بن قيس أَن أم حَبِيبَة كَانَت بِأَرْض الْحَبَشَة وَأَنه عليه السلام تزَوجهَا وَأصْدقهَا عَنهُ النَّجَاشِيّ أَرْبَعمِائَة دِينَار

انْتَهَى

وَرَوَى الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره فِي سُورَة النِّسَاء من طَرِيق أبي عبيد ثَنَا أَبُو الْيَمَان عَن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مَرْيَم عَن ضَمرَة بن حبيب أَن أم حَبِيبَة كَانَت

ص: 457

بِأَرْض الْحَبَشَة مَعَ جَعْفَر بن أبي طَالب وَأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ تزَوجهَا فَأَصدق عَنهُ النَّجَاشِيّ أَرْبَعمِائَة دِينَار

انْتَهَى

وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي فِي عُيُون الْأَثر وَقع فِي الصَّحِيح أخرج مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي زميل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما كَانَ الْمُسلمُونَ لَا ينظرُونَ إِلَى أبي سُفْيَان وَلَا يُقَاعِدُونَهُ فَقَالَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم َ يَا نَبِي الله ثَلَاث أَعطيتهنَّ قَالَ نعم عِنْدِي أحسن الْعَرَب أم حَبِيبَة أزَوّجكَهَا قَالَ نعم قَالَ وَمُعَاوِيَة تَجْعَلهُ كَاتبا بَين يَديك قَالَ نعم وَتُؤَمِّرنِي حَتَّى أقَاتل الْكفَّار كَمَا كنت أقَاتل الْمُسلمين قَالَ نعم قَالَ أَبُو زميل لَوْلَا أَنه طلب ذَلِك من النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ مَا أعطَاهُ لِأَنَّهُ لم يكن يسْأَل شَيْئا إِلَّا قَالَ نعم

انْتَهَى

قَالَ عبد الْحق فِي الْجمع فِي الصَّحِيحَيْنِ لم يُخرجهُ البُخَارِيّ وَالصَّحِيح أَنه عليه السلام تزَوجهَا قبل إِسْلَام أبي سُفْيَان

انْتَهَى

وَقَول أبي سُفْيَان يَوْم الْفَتْح للنَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَسأَلك ثَلَاثًا فَذكر مِنْهُنَّ أَن يتَزَوَّج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أم حَبِيبَة يَعْنِي ابْنَته فَأَجَابَهُ عليه السلام لما سَأَلَ قَالَ وَهَذَا مُخَالف لما اتّفق عَلَيْهِ أَرْبَاب السّير وَالْعلم بالْخبر قَالَ وَأجَاب عَنهُ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ جَوَابا يتساءل هزلا فَقَالَ يحْتَمل أَن أَبَا سُفْيَان ظن أَنه تَجَدَّدَتْ لَهُ عَلَيْهَا ولَايَة بِمَا حصل لَهُ من الْإِسْلَام فَأَرَادَ تَجْدِيد العقد يَوْم ذَاك لَا غير

1328 -

الحَدِيث الثَّالِث رُوِيَ أَن أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق قدمت عَلَيْهَا أمهَا قتيلة بنت عبد الْعُزَّى وَهِي مُشركَة بِهَدَايَا فَلم تقبلهَا وَلم تَأذن لَهَا فِي الدُّخُول فَنزلت بِعني قَوْله تَعَالَى لَا يَنْهَاكُم الله الْآيَة فَأمرهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَن تدْخلهَا وَتقبل مِنْهَا وتكرمها

ص: 458

قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من طَرِيق ابْن الْمُبَارك عَن مُصعب بن ثَابت ابْن عبد الله بن الزُّبَيْر عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قدمت قتيلة بنت عبد الْعُزَّى عَلَى ابْنَتهَا أَسمَاء بنت أبي بكر وَكَانَ أَبُو بكر طَلقهَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَقدمت عَلَى ابْنَتهَا بِهَدَايَا صَبَّابًا وَسمنًا وَأَقِطًا فَأَبت أَسمَاء أَن تقبلهَا أَو تدْخلهَا منزلهَا حَتَّى أرْسلت إِلَى عَائِشَة أَن سَلِي عَن هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَأَخْبَرته فَأمرهَا أَن تقبل هَدَايَاهَا وَتدْخلهَا منزلهَا فَأنْزل الله تَعَالَى لَا يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين لم يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدَّين الْآيَتَيْنِ

انْتَهَى

وَقَالَ حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مسانيدهم وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه والطبري وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول

وَحَدِيث أَسمَاء فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عُرْوَة عَنْهَا بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ

1329 -

الحَدِيث الرَّابِع كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يَقُول للممتحنة (بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ مَا خرجت من بغض زوج بِاللَّه مَا خرجت رَغْبَة عَن أَرض إِلَى أَرض بِاللَّه مَا خرجت التمَاس دنيا بِاللَّه مَا خرجت إِلَّا حبا لله وَرَسُوله)

قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث قيس بن الرّبيع عَن الْأَغَر بن الصَّباح عَن خَليفَة بن حُصَيْن عَن أبي نصر الْأَسدي قَالَ سُئِلَ ابْن عَبَّاس كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يمْتَحن النِّسَاء قَالَ كَانَ إِذا أَتَتْهُ امْرَأَة لتسلم حَلفهَا بِاللَّه مَا خرجت لِبُغْض زوج بِاللَّه مَا خرجت إِلَّا حبا لِاكْتِسَابِ دنيا وَبِاللَّهِ مَا خرجت رَغْبَة عَن أَرض إِلَى أَرض وَبِاللَّهِ مَا خرجت إِلَّا حبا لله وَلِرَسُولِهِ)

انْتَهَى

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه حَدثنَا سَلمَة بن شبيب ثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف الْفِرْيَانِيُّ ثَنَا قيس بن الرّبيع بِهِ سندا ومتنا وَهُوَ مَوْجُود فِي نسخ التِّرْمِذِيّ الَّتِي هِيَ من رِوَايَة

ص: 459

الصَّدَفِي دون غَيرهَا وَلم يذكرهُ ابْن عَسَاكِر فِي أَطْرَافه وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب

وَقَالَ الْبَزَّار لَا نعلمهُ يرْوَى عَن ابْن عَبَّاس إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد

انْتَهَى

وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي أَوَاخِر الْمَغَازِي من حَدِيث قَتَادَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ مُرْسلا

1330 -

الحَدِيث الْخَامِس رُوِيَ أَن صلح الْحُدَيْبِيَة كَانَ عَلَى أَن من أَتَاكُم من أهل مَكَّة يرد إِلَيْنَا وَمن أَتَى مِنْكُم مَكَّة لَا يرد إِلَيْكُم وَكَتَبُوا بذلك كتابا وختموه فَجَاءَت سبيعة بنت الْحَارِث الأسْلَمِيَّة مسلمة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم َ بِالْحُدَيْبِية وَأَقْبل زَوجهَا مُسَافر المَخْزُومِي وَقيل صَيْفِي بن الراهب فَقَالَ يَا مُحَمَّد ارْدُدْ عَلّي امْرَأَتي فَإنَّك قد شرطت علينا أَن ترد علينا من أَتَاك منا وَهَذِه طِينَة الْكتاب لم تَجف فَنزلت بَيَانا لِأَن الشَّرْط إِنَّمَا كَانَ فِي الرِّجَال دون النِّسَاء

وَعَن الضَّحَّاك كَانَ بَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَبَين الْمُشْركين عهد أَلا يَأْتِيك منا امْرَأَة لَيست عَلَى دينك إِلَّا رَددتهَا إِلَيْنَا فَإِن دخلت فِي دينك وَلها زوج أَن ترد عَلَى زَوجهَا الَّذِي أنْفق عَلَيْهَا وَلِلنَّبِيِّ عليه السلام من الشَّرْط مثل ذَلِك

وَعَن قَتَادَة ثمَّ نسخ هَذَا الحكم وَهَذَا الْعَهْد بِبَرَاءَة فَاسْتَحْلَفَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَحَلَفت فَأعْطَى زَوجهَا مَا أنْفق وَتَزَوجهَا عمر

قلت غَرِيب ذكره الْبَغَوِيّ هَكَذَا عَن ابْن عَبَّاس من غير سَنَد

1331 -

الحَدِيث السَّادِس رُوِيَ أَن من لحق بالمشركين من نسَاء الْمُؤمنِينَ الْمُهَاجِرين رَاجِعَة عَن

ص: 460

الْإِسْلَام سِتّ نسْوَة أم الحكم بنت أبي سُفْيَان كَانَت تَحت عِيَاض بن شَدَّاد الفِهري وَفَاطِمَة بنت أبي أُميَّة كَانَت تَحت عمر بن الْخطاب وَهِي أُخْت أم سَلمَة وَبرْوَع بنت عقبَة كَانَت تَحت شماس بن عُثْمَان وَعَبدَة بنت عبد الْعُزَّى ابْن نَضْلَة وَزوجهَا عَمْرو بن عبد ود وَهِنْد بنت أبي جهل كَانَت تَحت هِشَام ابْن الْعَاصِ وَأم كُلْثُوم بنت جَرْوَل كَانَت تَحت عمر بن الْخطاب وَأَعْطَاهُمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ مُهُور نِسَائِهِم من الْغَنِيمَة

قلت غَرِيب وَذكره هَكَذَا الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ هَكَذَا عَن ابْن عَبَّاس من غير سَنَد وَلَا راو

1332 -

الحَدِيث السَّابِع رَوَى أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ لما فرغ يَوْم فتح مَكَّة من بيعَة الرِّجَال أَخذ فِي بيعَة النِّسَاء وَهُوَ عَلَى الصَّفَا وَعمر بن الْخطاب أَسْفَل مِنْهُ يُبَايِعهُنَّ بِإِذْنِهِ ويبلغهن عَنهُ وَهِنْد بنت عتبَة امْرَأَة أبي سُفْيَان مُتَقَنعَة مُتَنَكِّرَة خوفًا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَن يعرفهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (أُبَايِعكُنَّ عَلَى أَن لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا) فَرفعت هِنْد رَأسهَا وَقَالَت وَالله لقد عَبدنَا الْأَصْنَام وَإنَّك لتأْخذ علينا أمرا مَا رَأَيْنَاك أَخَذته عَلَى الرِّجَال تبَايع الرِّجَال عَلَى الْإِسْلَام وَالْجهَاد فَقَالَ عليه الصلاة والسلام وَلَا يَسْرِقن فَقَالَت إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح وَإِنِّي أصبت من مَاله هَنَات فَمَا أَدْرِي أَيحلُّ أم لَا فَقَالَ أَبُو سُفْيَان مَا أصبت من مَالِي فِيمَا مَضَى وَفِيمَا غبر فَهُوَ لَك حَلَال فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَعرفهَا فَقَالَ لَهَا (وَإنَّك لهِنْد بنت عتبَة) قَالَت نعم فَاعْفُ عَمَّا سلف يَا نَبِي الله عَفا الله عَنْك فَقَالَ وَلَا يَزْنِين فَقَالَت أَو تَزني الْحرَّة وَفِي رِوَايَة مَا زنت مِنْهُنَّ امْرَأَة قطّ فَقَالَ وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ فَقَالَت رَبَّيْنَاهُمْ

ص: 461

صغَارًا وَقَتَلْتُمُوهُمْ كبارًا فَأنْتم وهم أعلم وَكَانَ ابْنهَا حنظله بن أبي سُفْيَان قد قتل يَوْم بدر فَضَحِك عمر حَتَّى اسْتَلْقَى وَتَبَسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان فَقَالَت وَالله إِن الْبُهْتَان لأمر عَظِيم الْقبْح وَمَا تَأْمُرنَا إِلَّا بِالرشد وَمَكَارِم الْأَخْلَاق فَقَالَ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف فَقَالَت وَالله مَا جلسنا فِي مَجْلِسنَا هَذَا وَفِي أَنْفُسنَا أَن نَعْصِيك فِي شَيْء

وَقيل فِي كَيْفيَّة الْمُبَايعَة أَنه دَعَا بقدح مَاء فَغمسَ يَده فِيهِ ثمَّ غمس أَيْدِيهنَّ

وَقيل صَافَحَهُنَّ وَكَانَ عَلَى يَده ثوب قطري

وَقيل كَانَ عمر يُصَافِحهُنَّ عَنهُ

قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ

وَرَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره مُخْتَصرا فَقَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سعد ثَنَا أبي عَن عمي ثني أبي عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَمر عمر بن الْخطاب فَقَالَ قل لَهُنَّ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يُبَايِعكُنَّ عَلَى أَن لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَكَانَت هِنْد بنة عتبَة بن ربيعَة الَّتِي شقَّتْ بطن حَمْزَة مُتَنَكِّرَة فِي النِّسَاء فَقَالَت إِنِّي إِن أَتكَلّم يعرفنِي فَيَقْتُلنِي فَتَنَكَّرت فرقا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَقَالَت كَيفَ تقبل من النِّسَاء مَا لم تقبله من الرِّجَال فَنظر إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَقَالَ لعمر قل لَهُنَّ وَلَا يَسْرِقن قَالَت هِنْد وَالله إِنِّي لَأُصِبْت من مَال أبي سُفْيَان الهنت مَا أَدْرِي أحل لي أم لَا قَالَ فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَصرف عَنْهَا ثمَّ قَالَ وَلَا يَزْنِين فَقَالَت يَا رَسُول الله وَهل تَزني الْحرَّة قَالَ لَا ثمَّ قَالَ وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ قَالَت هِنْد أَنْت قَتلتهمْ يَوْم بدر فَأَنت وهم أبْصر قَالَ وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ بَين أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ قَالَ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف قَالَ مَنعهنَّ أَن يَنحن وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يُمَزِّقْنَ الثِّيَاب وَيَخْدِشْنَ

ص: 462

الْوُجُوه وَيَقْطَعْنَ الشُّعُور وَيدعونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور

انْتَهَى

وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن مقَاتل بن حَيَّان فَذكره كَمَا تقدم وَزَاد فَلَمَّا قَالَ وَلَا تقتلن أَوْلَادكُنَّ قَالَت هِنْد رَبَّيْنَاهُمْ صغَارًا فَقَتَلْتُمُوهُمْ كبارًا فَضَحِك عمر بن الْخطاب حَتَّى اسْتَلْقَى

قَوْله وَقيل فِي كَيْفيَّة الْمُبَايعَة إِنَّه دَعَا بقدح مَاء إِلَى آخِره

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث جبارَة بن الْمُغلس ثَنَا عبد الله بن حَكِيم عَن حجاج عَن دَاوُد بن أبي عَاصِم عَن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عِنْده المَاء فَإِذا بَايع النِّسَاء غمسن أَيْدِيهنَّ فِيهِ

انْتَهَى

وَفِي تَارِيخ أَصْبَهَان فِي بَاب الْحَاء الْمُهْملَة لأبي نعيم عَن صغدي بن سِنَان ثَنَا عُثْمَان بن عبد الْملك عَن شهر بن حَوْشَب عَن أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن قَالَت مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عَلَى نسْوَة فَسلم عَلَيْهِنَّ فَقُلْنَ يَا رَسُول الله إِنَّا نحب أَن نُبَايِعك ونصافحك قَالَ (إِنِّي لَا أُصَافح النِّسَاء) ثمَّ دَعَا بِقَعْبٍ مَاء فَخَاضَ فِيهِ يَده فَقَالَ (ضعن أَيْدِيكُنَّ فِيهِ) وَكَانَت بيعتهن

انْتَهَى

وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث أبي مُطِيع الحكم بن عبد الله عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن ابْن عجلَان عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ إِذا صَافح النِّسَاء دَعَا بقدح من مَاء فَغمسَ يَده فِيهِ ثمَّ غمسن أَيْدِيهنَّ فِيهِ وَكَانَت هَذِه بيعتهن

انْتَهَى

وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر هُوَ الْوَاقِدِيّ ثَنَا أُسَامَة ابْن زيد اللَّيْثِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده فَذكره سَوَاء ببقبق

قَوْله وَقيل صَافَحَهُنَّ وَعَلَى يَده ثوب قطري

ص: 463

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن الشّعبِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ حِين بَايع النِّسَاء أَتَى بِبرد قطري فَوَضعه عَلَى يَده وَقَالَ (لَا أُصَافح النِّسَاء)

انْتَهَى

وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَفِي تَفْسِيره أخبرنَا الثَّوْريّ عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مُرْسلا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يُصَافح النِّسَاء وَعَلَى يَده ثوب قطري

وَرَوَى ابْن سعد فِي الطَّبَقَات الْمُرْسلين

قَوْله وَقيل كَانَ عمر يُصَافِحهُنَّ عَنهُ

رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي الْقسم الثَّانِي عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَطِيَّة عَن جدته أم عَطِيَّة قَالَت لما قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ الْمَدِينَة أَمر نسَاء الْأَنْصَار فجمعن فِي بَيت ثمَّ أرسل إلَيْهِنَّ عمر فجَاء عمر فَسلم علينا فَقَالَ أَنا رَسُول رَسُول الله إلَيْكُنَّ فَقُلْنَ مرْحَبًا برَسُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ أُبَايِعكُنَّ عَلَى أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ مد يَده من خَارج الْبَيْت وَمَدَدْنَا أَيْدِينَا من دَاخل الْبَيْت فَقَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَبَايَعْنَاهُ انْتَهَى

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده والطبري فِي تَفْسِيره وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب الكنى

وَفِي الصَّحِيح مَا يدْفع هَذِه الرِّوَايَات عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يُبَايع النِّسَاء بالْكلَام بِهَذِهِ الْآيَة عَلَى أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه سَيِّئًا قَالَت وَمَا مست يَده يَد امْرَأَة قطّ إِلَّا امْرَأَة يملكهَا

انْتَهَى

رَوَاهُ البُخَارِيّ بِهَذَا اللَّفْظ وَرَوَاهُ مُسلم فِي أَوَاخِر الْجِهَاد بِلَفْظ وَالله مَا مست يَد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يَد امْرَأَة قطّ غير أَنه يُبَايِعهُنَّ بالْكلَام

وَرَوَى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي السّير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي صَحِيحَيْهِمَا وَمَالك فِي الْمُوَطَّأ فِي أول الْجِهَاد مَالك عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بِهِ من حَدِيث مُحَمَّد بن

ص: 464

الْمُنْكَدر عَن أُمَيْمَة بنت رقيقَة قَالَت أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فِي نسْوَة نُبَايِعهُ عَلَى الْإِسْلَام فَقلت يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ هَلُمَّ نُبَايِعك فَقَالَ (إِنِّي لَا أُصَافح النِّسَاء إِنَّمَا قولي لمِائَة امْرَأَة كَقَوْلي لامْرَأَة وَاحِدَة) وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَهُوَ فِي لفظ الْحَاكِم وَكَذَلِكَ الطَّبَرِيّ إِنَّمَا قولي لامْرَأَة كَقَوْلي لمِائَة امْرَأَة وَهُوَ فِي مُسْند أَحْمد باللفظين وَكَذَلِكَ الطَّبَقَات لِابْنِ سعد

وَذكر الْحَازِمِي فِي كتاب النَّاسِخ والمنسوخ حَدِيث الشّعبِيّ بِلَفْظ أبي دَاوُد ثمَّ قَالَ وَهَذَا مُرْسل لَا يُقَاوم الْأَحَادِيث الثَّابِتَة ثمَّ ذكر حَدِيث أُمَيْمَة هَذَا ثمَّ قَالَ فَإِن كَانَ ثَابتا فَفِيهِ دَلَائِل عَلَى النّسخ وَله شَاهد فِي بعض الْأَحَادِيث

انْتَهَى

وَرَوَى الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي فِي غَزْوَة الْفَتْح ثني ابْن أبي سُبْرَة عَن مُوسَى بن عقبَة عَن أبي حَبِيبَة مولَى الزُّبَيْر عَن عبد الله بن الزُّبَيْر قَالَ لما كَانَ يَوْم الْفَتْح أسلم عشرَة نسْوَة من قُرَيْش مِنْهُنَّ هِنْد بنت عتبَة وَأم حَكِيم بنت الْحَارِث بن هِشَام امْرَأَة عِكْرِمَة بن أبي جهل فَأَتَيْنَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فبايعنه فَقَالَت هِنْد يَا رَسُول الله نُصَافِحك قَالَ (إِنِّي لَا أُصَافح النِّسَاء إِن قولي لمِائَة امْرَأَة مثل قولي لامْرَأَة وَاحِدَة) قَالَ الْوَاقِدِيّ وَيُقَال وضع عَلَى يَده ثوبا ثمَّ مَسَحْنَ عَلَى يَده وَيُقَال إِنَّه أَتَى بقدح من مَاء فَوضع يَده فِيهِ ثمَّ جَعلهنَّ يَضعن أَيْدِيهنَّ فِيهِ قَالَ وَالْأول أثبت عندنَا مُخْتَصر

1333 -

الحَدِيث الثَّامِن عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَنه قَالَ (من قَرَأَ سُورَة الممتحنة كَانَ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات شُفَعَاء يَوْم الْقِيَامَة)

قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أخبرنَا أَبُو الْحسن الْخَبَّازِي الْمُقْرِئ أَنا ابْن حسان أَنا الفرقدي ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَمْرو ثَنَا يُوسُف بن عَطِيَّة ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (من قَرَأَ سُورَة الممتحنة) إِلَى آخِره سَوَاء

ص: 465

وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان

وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدّم فِي يُونُس

ص: 466