الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زد على ذلك أنَّ التدبر في هذا الكون العظيم يعرف الإنسان من خلاله مدى كرمه على ربه حيث سخر جميع هذه الكائنات لخدمة الإنسان، ولو انساق المسلمون إلى توجيهات كتابهم الحكيم؛ لكانوا أسبق إلى غزو الفضاء من غيرهم، ولكن معنى الدين انكمش في نفوسهم فانكمشت همتهم عن ذلك (1) .
وأخيرا فإنَّ الإنسان في القرآن الكريم كائن مكرَّم مفضَّل محترم سخِّرت له الكائنات الموجودة من حوله كلها كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} (لقمان:20) .
ومن مظاهر تكريم المولى عز وجل للإنسان في القرآن الكريم، أمره الملائكة بالسجود له، وجعل الاستهانة بالإنسان عصياناً وخيم العاقبة كما حدث مع إبليس.
والأدل من هذا وذاك كونه تبارك وتعالى يفرح بعودة عبده المؤمن التائب من ذنبه، وكونه غفوراً رحيماً لمن أخلص له التوبة، كما قال تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} (طه:82)(2) .
1- علل وأدوية ص34 محمد الغزالي.
2-
انظر: علل وأدوية ص14 محمد الغزالي.
المطلب الأول: عناية المملكة بمدارس تحفيظ القرآن الكريم
لقد حرصت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها على ترسيخ القرآن الكريم في نفوس أبنائها، واتخذت لذلك عدة وسائل، من ضمنها دمج مادة
القرآن الكريم في المقررات الدراسية؛ بل إنَّها المادة الأولى، ويتم عليها التركيز عن طريق حفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره.
كما أنَّها قد اتخذت وسيلة أخرى هي تخصيص مدارس خاصة بتحفيظ القرآن الكريم في وزارة المعارف، حيث إنَّ هذه الوزارة كانت حريصة على نشر تلاوة القرآن الكريم وحفظه؛ فمن أجل ذلك فتحت مدارس متخصصة ذات أهداف سامية لتخريج طلاب يحفظون القرآن الكريم خلال دراستهم.
واهتماماً من الوزارة بهذا الأمر فقد كلفت إدارة التربية الإسلامية بالإشراف فنيا وتربويا على هذه المدارس.
ولقد انتشرت مدارس تحفيظ القرآن الكريم في أنحاء المملكة انتشاراً عديم النظير، فبدأت في المدينة ومكة وجدة والرياض والدمام، ثم بعد ذلك شملت جميع مناطق المملكة، والآن يتزاحم عليها أولياء الأمور، كلٌ يريد أن يحظى ابنه بهذا الشرف، شرف حفظ كتاب الله، مما جعل انتشار هذه المدارس مطلباً حقيقياً لجميع المواطنين، وفعلاً بدأت هذه الدولة - حرسها الله - في تطبيق هذه الرغبات، ففي منطقة المدينة وحدها ثلاث عشرة مدرسة ما بين ابتدائية ومتوسطة وثانوية.ناهيك عن ما في غيرها من المناطق، وقد وزع القرآن الكريم على المراحل الثلاث.
ففي المرحلة الابتدائية يحفظ الطالب خلال ست سنوات (15) جزءا من القرآن العظيم، وفي المرحلة المتوسطة يحفظ الطالب (15) جزءا من القرآن خلال ثلاث سنوات، أما في المرحلة الثانوية فإنَّ الطالب يراجع فيها القرآن كاملاً حتى يترسخ الحفظ في نفوس الطلاب.
ولعل من أهم أسباب كثرة الطلب على مدارس تحفيظ القرآن المزايا التي وضعتها هذه المدارس، وهذه المزايا هي (1) :
1-
تخريج الطالب فيها وقد حفظ كتاب الله تعالى كاملاً مجوداً، وعلم تاريخه وتدوينه وترقيمه وشكله وتفسيره، وجملة من أحكامه دون أن يقل مستواه في المواد الأخرى ونشاطه الصفي.
2-
تهيئة الجو المناسب للطالب للتخلق بأخلاق القرآن.
3-
صرف المكافآت الشهرية، فهذه المدارس تصرف للطالب في المرحلة الثانوية (600) ريال، وفي المتوسطة
(500)
ريال، وفي الابتدائية (250) ريالاً.
كل هذه الأسباب مجتمعة المعنوية والمادية جعلت خدمة المملكة لكتاب الله تعالى عن طريق هذه المدارس، تتميز عن غيرها، وتجني ثماراً لهذا البلد وللإسلام حيث خرَّجت شباباً، كانوا معلمين في تعليم هذه البلاد التي يتعلم فيها أبناؤها وأبناء الجليات المسلمة المقيمة فيها، فكما كانوا معلمين للقرآن في التعليم العام كانوا أيضا طلاب جامعات، وقد درست مجموعة منهم في كلية القرآن وفي أقسام الثقافة الإسلامية، وبعضهم اتجه إلى الطب وغيره من الأقسام العلمية، وكان بارزا في تخصصه؛ لأنَّ القرآن ينمي الذاكرة ويضيف إليها قدرة على الفهم والاستيعاب (2) .والله أعلم
1- تقارير الأمانة العامة للتوجيه الإسلامي بوزارة المعارف.
2-
تقارير الأمانة العامة للتوجيه الإسلامي بوزارة المعارف.