الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: شبهات وردود عليها
أولاً:
قال بعضهم: نعم لا يجوز للحائض المكث في المسجد وأن هذا هو الأصل، ولكن يجوز لها عند الضرورة المكث فيه، وطلب العلم الشرعى ضرورة وبالتالى يجوز لها حضور مجالس العلم بالمساجد، وهذا استثناء من الأصل.
والجواب:
نعم، طلب العلم الشرعي ضرورة وبخاصّة في هذا الزمان، ولكن هل هو آكد من الصلاة التي هي عماد الدين والركن الثاني للإسلام بعد الشهادتين؟ فبالرغم من هذه المكانة للصلاة فقد منع الله سبحانه وتعالى الحائض من أداء الصلاة طوال حيضتها، وكذا الصوم، و..........إلخ مما هو آكد من حضور دروس العلم.
ثمّ إنّ العبد لابد أن يقف عند مُراد سيده فإذا طلب منه الفعل فَعَل، وإذا طلب منه الكفّ امتنَع، وفي كلٍِ من الفعل والكفّ عندئذ عبودية لّله تعالى.
وقد سبق نقل قول قليوبي من حاشيته على المنهاج حيث قال:وتثاب الحائض على ترك ما حَرُم عليها إذا قصدت امتثال الشارع في تركه.
كما أنّ الضرورة التي أجاز بها العلماء للمرأة الحائض دخول المسجد هي: الخوف على النفس أو العرض أو المال، ويتضح ذلك من كلام الأئمة الآتي:
- قال الإمام ابن القيم (1) وهو يتكلم عن جواز الطواف للمضطرة، قال رحمه الله:
الضرورة تبيح دخول المسجد للحائض والجنب، فإنّها لو خافت: العدو أو من يستكرهها على الفاحشة أو أخذ مالها،ولم تجد ملجأً إلا المسجد جاز لها دخوله مع الحيض، وهذه تخاف ما هو قريب من ذلك فإنّها تخاف لإن أقامت بمكة أن يؤخذ مالها إن كان لها مال وإلا أقامت بغربة ضرورة وقد تخاف في إقامتها ممن يتعرض لها وليس لها من يدفع عنها.
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (2) :
(1) إعلام الموقعين عن رب العالمين 3 / 24 ط. دار الكتب العلمية.
(2)
الفتاوى الكبرى 2/ 404 ط. دار الغد العربي.
المعتكفة إذا حاضت خرجت من المسجد ونصبت لها قبة في فنائه، وهذا أيضاً يدل على أن منع الحائض كمنعها من الاعتكاف فيه لحرمة المسجد، وإلا فالحيض لا يبُطل اعتكافها لأنّها مضطرة إليه، بل إنّما منع من المسجد لا الاعتكاف فإنّها ليست مضطرة إلى أن تقيم في المسجد، ولو أُبيح لها ذلك مع دوام الحيض لكان في ذلك إباحة المسجد للحيّض.........وقد جمع سبحانه بين العكوف والطواف والصلاة في الأمر بتطهير بيته بقوله سبحانه {طهرا بيتىَ للطائفين والعاكفين والركّع السجود} ،فمنعه من الحيض من تمام طهارته.
وقال أيضاً (1) : حدث الحائض أغلظ من حدث الجنب من جهة أنّها لا تصوم ما لم ينقطع الدم والجنب يصوم، ومن جهة أنّها ممنوعة من الصلاة طهرت أو لم تطهر، ويمنع الرجل من وطئها أيضاً، فهذا يقتضى أن المقتضى في حقّها أقوى، لكن إذا احتاجت إلى الفعل استباحت المحظور مع قيام سبب الحظر لأجل الضرورة كما يُباح سائر المحرمات مع الضرورة من الدمِّ والميتة ولحم الخنزير. أ. هـ
- قلت: ومن أجل ذلك فقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بجواز الطواف للحائض إذا اضطرت لذلك بأن تفقد الرفقة مثلاً واحتاجت إلى الرجوع لديارها بعد أداء مناسك الحجّ ولم يبق لها إلا الطواف كما وضّح هو ذلك، وكذا تلميذه ابن القيم كما سبق، واعتبرا أن ذلك ضرورة كضرورة أكل الميتة ولحم الخنزير والدمّ لمن خشىَّ على نفسه الهلاك والموت.
فهل يمكن اعتبار حضور الحائض لدرس علم في هذه المنزلة التي يُخشى فيها على النفس من الموت أو الهلاك إذا لم تحضر الدروس لمدة أربعة أو خمسة أو ستة أيام؟؟! بالقطع لا، والفارق كبير جداً.
كما أنّه يُمكن تعويض هذه الدروس إمّا بتسجيلها بالمسجلات أو بنقلها كتابة، كما سيأتي في فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
(1) الفتاوى الكبرى 2/389