الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها"1.
1 رواه مسلم 4/160 وأبو داود 1/339 والبيهقي 7/229 وأحمد 3/312، 386.
19-
الأولى ترك العزل:
ولكن تركه أولى لأمور:
الأول: أن فيه إدخال ضرر على المرأة لما فيه من تفويت لذتها2 فإن وافقت عليه ففيه ما يأتي وهو:
الثاني: أنه يفوت بعض مقاصد النكاح وهو تكثير نسل أمة نبينا صلى الله عليه وسلم وذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر3 بكم الأمم"4.
1 رواه مسلم 4/160 وأبو داود 1/339 والبيهقي 7/229 وأحمد 3/312، 386.
2 ذكره الحافظ في "الفتح".
3 أي: أغالب بكم الأمم السابقة في الكثرة وهو تعليل للأمر بتزوج الولود الودود وإنما أتى بقيدين لأن الودود إذا لم تكن ولودا لا يرغب الرجل فيها والولود غير الودود لا تحصل المقصود. كذا في "فيض القدير"
4 حديث صحيح رواه أبو داود 1/320 والنسائي 2 =
ولذلك وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالوأد الخفي حين سألوه عن العزل فقال:
"ذلك الوأد الخفي"1.
= والمحاملي في "الأمالي" رقم 21- نسختي من حديث معقل بن يسار وصححه الحاكم 2/162 ووافقه الذهبي ورواه أحمد 3/158 وسعيد بن منصور والطبراني في "الأوسط" كما في "زوائده" 162/1 والبيهقي 7/81 من حديث أنس وصححه ابن حبان 1228 وقال الهيثمي 4/258:
"إسناده حسن" وفيه نظر كما بينته في "إرواء الغليل" 1811 وتقدم لفظه ص 16.
ورواه ابو محمد بن معروف في "جزئه" 131/2 والخطيب في "تاريخه" 12/377 من حديث ابن عمر وسنده جيد كما قال السيوطي في "الجامع الكبير" 3/351/1 ولأحمد رقم 6598 نحوه من حديث ابن عمر وسنده حسن في الشواهد.
1 أخرجه مسلم 4/161 والطحاوي في "المشكل" 2/370 - 371 وأحمد 6/361 و 434 والبيهقي 7/231 عن سعيد بن أبي أيوب: حدثني أبو الأسود عن عروة عن عائشة عن جذامة بنت وهب.
واعلم أن قول الشوكاني 6/169: إن هذا الحديث تفرد =
ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن الأولى تركه في حديث أبي
= به سعيد ان أبي أيوب وهم فاحش فقد تابعه حيوة بن شريح ويحيى بن أيوب عند الطحاوي وابن لهيعة عند أحمد ثلاثتهم عن أبي الأسود ولهذا قال الحافظ في الفتح 6/254:
"والحديث صحيح لا ريب فيه".
وقد توهم بعضهم أنه معارض لحديث أبي سعيد المتقدم ص 52 بلفظ:
وأن اليهود زعموا أن الموءودة الصغرى العزل فقال صلى الله عليه وسلم:
"كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه لم تستطع أن تصرفه".
ولا معارضة بينهما كما بينه المحققون من العلماء وأحسن ما قيل في الجمع بينهما قول الحافظ ابن حجر 9/254:
"وجمعوا بين تكذيب اليهود في قولهم: "الموءودة الصغرى" وبين إثبات كونه وأدا خفيا في حديث جذامة بأن قولهم: "الموءودة الصغرى" يقتضي أنها وأد ظاهر لكنه صغير بالنسبة إلى دفن المولود بعد وضعه حيا فلا يعارض قوله: "إن العزل وأد خفي" فإنه يدل على أنه ليس في حكم الظاهر أصلا فلا يترتب عليه حكم وإنما جعله وأدا من جهة اشتراكهما في قطع الولادة قال بعضهم قوله الوأد الخفي ورد على طريق التشبيه لأنه قطع طريق الولادة قبل مجيئه فأشبه قتل الولد بعد مجيئه". =
سعيد الخدري أيضا قال:
"ذكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ولم يفعل ذلك أحدكم؟! " - ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم - "فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها". وفي رواية فقال: "وإنكم لتفعلون وإنكم لتفعلون وإنكم لتفعلون؟ ما
= وقال ابن القيم في التهذيب 3/85:
"فاليهود ظنت أن العزل بمنزلة الوأد في إعدام ما انعقد بسبب خلقه فكذبهم في ذلك وأخبر أنه لو أراد الله خلقه ماصرفه أحد وأما تسميته وأدا خفيا فلأن الرجل إنما يعزل عن امرأته هربا من الولد وحرصا على أن لايكون فجرى قصده ونيته وحرصه على ذلك مجرى من أعدم الولد بوأده لكن ذلك ظاهر من العبد فعلا وقصدا وهذ وأد خفي منه وإنما أراده ونواه عزما ونية فكان خفيا".
فأفاد التشبيه المذكور في الحديث كراهة العزل وأما الاستدلال به على التحريم كما فعل ابن حزم فقد تعقبوه بأنه ليس صريحا في المعنى إذا لا يلزم من تسميته وأدا خفيا على طريق التشبيه أن يكون حراما كما في الفتح أيضا وقد روى ابن خزيمة في حديث علي بن حجر ج 3 رقم 33 – بترقيمي عن العلاء عن أبيه أنه قال: سألت ابن عباس عن العزل فلم ير به بأسا. وسنده صحيح.
ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة" 1.
1 رواه مسلم 4/158 بالروايتين والنسائي العشرة 82/1 وابن منده في التوحيد 60/2 بالأولى. والبخاري 9/251 - 252 بالأخرى.
قال الحافظ في الفتح في شرح الرواية الأولى:
"أشار إلى أنه لم يصرح لهم بالنهي وإنما أشار إلى الأولى ترك ذلك لأن العزل إنما كان خشية حصول الولد فلا فائدة في ذلك لأن الله إن كان قدر خلق الولد لم يمنع العزل ذلك فقد يسبق الماء ولا يشعر العازل فيحصل العلوق ويلحقه الولد ولا راد لما قضى الله".
قلت: وهذه الإشارة إنما هي بالنظر إلى العزل المعروف يومئذ وأما في هذا العصر فقد وجدت وسائل يستطيع الرجل بها أن يمنع الماء عن زوجته منعا باتا مثل ما يسمى اليوم بربط المواسير وكيس الكاوتشوك الذي يوضع على العضو عند الجماع ونحوه فلا يرد عليه حينئذ هذا الحديث وما في معناه بل يرد ما ذكر في الأمرين الأولين وخاصة الثاني منهما فتأمل.
وعلى كل حال فالكراهة عندي فيما إذا لم يقترن مع الأمرين أو أحدهما شيء آخر هو من مقاصد أهل الكفر في العزل مثل خوف الفقر من كثرة الأولاد وتكلف الإنفاق عليهم وتربيتهم ففي هذه =