الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا ندخل وليمة فيها طبل ولا معزاف1.
1 رواه أبو الحسن الحربي في "الفوائد المنتقاة" 4/3/1 بسند صحيح عنه.
34-
ما يستحب لمن حضر الدعوة:
ويستحب لمن حضر الدعوة أمران:
الأول: أن يدعو لصاحبها بعد الفراغ بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم وهو أنواع:
أ - عن عبد الله بن بسر أن أباه صنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما فدعاه فأجابه فلما فرغ من طعامه قال:
"اللهم اغفر لهم وارحمهم وبارك لهم فيما رزقتهم"2.
2 رواه ابن أبي شيبة 12/158/1 - 2 ومسلم 6/122 وأبو داود 2/135 والنسائي في الوليمة 66/3 والترمذي 4/281 وصححه والبيهقي 7/274 وأحمد 4/178 – 188 و 190 واللفظ له وابن السني رقم 470 والطبراني 1/116/1 وعنه ابن عساكر 8/171 و 2/9 و 3/1 – 2.
ب - عن المقداد بن الأسود قال: قدمت أنا وصاحبان لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأصابنا جوع شديد فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد فانطلق بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله وعنده أربع أعنز فقال لي: "يا مقداد جزئ ألبانها بيننا أرباعا" فكنت أجزئه بيننا أرباعا [فيشرب كل إنسان نصيبه ونرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه] فاحتبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فحدثت نفسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتى بعض الأنصار فأكل حتى شبع وشرب حتى روي فلو شربت نصيبه "! " فلم أزل كذلك حتى قمت إلى نصيبه فشربته "! " ثم غطيت القدح فلما فرغت أخذني ما قدم وما حدث فقلت: يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم جائعا ولا يجد شيئا فتسجيت1 [قال: وعلي شملة من صوف كلما رفعت على رأسي خرجت قدماي وإذا أرسلت على قدمي خرج رأسي قال:][وجعل لا يجيئني النوم] وجعلت أحدث نفسي [قال: وأما صاحباي فناما] فبينا أنا
1 أي: تغطيت يعني: يريد أن ينام.
كذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم تسليمة يسمع اليقظان ولا يوقظ النائم [ثم أتى المسجد فصلى] ثم أتى القدح فكشفه فلم ير شيئا فقال:
"اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني"، واغتنمت الدعوة [فعمدت إلى الشملة فشددتها علي] فقمت إلى الشفرة1 1 فأخذتها ثم أتيت الأعنز فجعلت أجتسها2 أيها اسمن [فأذبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم] فلا تمر يدي على ضرع واحدة إلا وجدتها حافلا3 [فعمدت إلى إناء لآل محمد ما كانوا يطمعون أن يحلبوا فيه] فحلبت حتى ملأت القدح ثم أتيت [به] رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال:"أما شربتم شرابكم الليلة يا مقداد؟ " قال:] فقلت: اشرب يا رسول الله! فرفع رأسه إلي فقال: "بعض سوآتك يا مقداد ما الخبر؟ " قلت: اشرب ثم الخبر فشرب حتى روي ثم ناولني فشربت فلما
1 هي السكين العظيمة العريضة.
2 أي: أمسها بيدي.
3 أي: ممتلئا لبنا.
عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روي وأصابتني دعوته ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض فقال: "ما الخبر؟ " فأخبرته فقال: "هذه بركة نزلت من السماء فهلا أعلمتني حتى نسقي صاحبينا؟ " فقلت: [والذي بعثك بالحق] إذا أصابتني وإياك البركة فما أبالي من أخطأت1.
الثاني: عن أنس أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [كان يزور الأنصار فإذا جاء إلى دور الأنصار جاء صبيان الأنصار يدورون حوله فيدعوا لهم ويمسح رؤوسهم ويسلم عليهم فأتى إلى باب سعد بن عبادة فـ] استأذن على سعد فقال: "السلام عليكم ورحمة الله" فقال سعد: وعليك السلام ورحمة الله ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حتى سلم ثلاثا ورد عليه سعد ثلاثا ولم يسمعه [وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد فوق ثلاث تسليمات فإن أذن له
1 رواه مسلم 6/128 - 129 وأحمد 6/2 و 3 و 4 – 5 والسياق له وابن سعد 1/183 – 184 وروى وبعضه الترمذي 3/394 وصححه والحربي في "الغريب" 5/189/1.
وإلا انصرف] فرجع النبي صلى الله عليه وسلم واتبعه سعد فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي ما سلمت تسليمة إلا هي بأذني ولقد رددت عليك ولم أسمعك أحببت أن أستكثر من سلامك ومن البركة [فادخل يا رسول الله] ثم أدخله البيت فقرب له زبيبا فأكل نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ قال:
"أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون"1.
1 رواه أحمد 3/138 وأبو علي الصفار في حديثه والطحاوي في المشكل 1/498 – 499 والزيادات له والبيهقي 7/287 وابن عساكر 7/59 - 60 وإسنادهم صحيح ولأبي داود منه 2/150 وكذا ابن السني رقم 476 الدعاء فقط وصححه العراقي في التخريج 2/12 وابن الملقن في الخلاصة ومن قبلهما عبد الحق في أحكامه 194/2 وعندهما جملة: "أفطر
…
" في أول الحديث وكذا رواه ابن ماجه 1/531 والطبراني 69/204/2 والخطيب في الموضح 2/72 من حديث مصعب بن ثابت عن عبد الله بن الزبير قال: أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ فقال: فذكره.
لكن مصعب هذا ضعيف كما قال البوصيري في الزوائد.
..............................................................................................
"تنبيه": عزا الذهبي في العلو ص 63 – طبع الأنصار هذا الحديث لـ "الصحيحين" بزيادة في آخره":وذكركم الله فيمن عنده" وكل ذلك وهم فليس هو في الصحيحين ولا فيه هذه الزيادة في شيء من طرقه التي وقفت عليها.
واعلم أن هذا الذكر ليس مقيدا بالصائم بعد إفطاره بل هو دعاء لصاحب الطعام بالتوفيق حتى يفطر الصائمون عنده وينال أجر إفطارهم فهو كالجملتين الأخريين: "أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة" وهو بالنسبة إلينا لا يمكن أن يكون إلا دعاء كما لا يخفى وليس في الحديث التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم كان صائما فلا يجوز تخصيصه بالصائم وقوله في حديث ابن الزبير: "أفطر رسول الله
…
" لا يحتج به لضعف السند إليه كما سبق وإن كان روي ذلك عن أنس أيضا أخرجه ابن أبي شيبة 2/181/2 وأحمد والنسائي في تاب الوليمة 66/2 وابن الأعرابي في المعجم 39/3 وأبو نعيم 3/72 عن يحيى بن أبي كثير عن أنس.
وقال النسائي:
"يحيى بن أبي كثير لم يسمعه من أنس".
ثم ساقه هو وابن المبارك في الزهد 221/2 من طرق أخرى عنه قال: حدثت عن أنس فهذا منقطع.
الأمر الثاني: الدعاء له ولزوجه بالخير والبركة وفيه أحاديث:
الأول: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات فتزوجت امرأة ثيبا فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تزوجت يا جابر؟ " فقلت: نعم فقال: "أبكرا أم ثيبا" قلت: بل ثيبا قال: "فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك؟ " فقلت له: إن عبد الله هلك وترك [تسع أو سبع] بنات وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن فقال:
"بارك الله لك" أو قال لي خيرا1.
وله طريق آخر عن أنس رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان 2/280 عن عبد الحكيم بن زياد عنه به مرفوعا وزاد في آخره:
"اللهم اجعل صلواتك على آل سعد بن عبادة".
وسنده ضعيف فيه من لا يعرف وعيسى بن شعيب وهو متروك وعبد الحكيم بن زياد لم أعرفه.
1 رواه البخاري 9/423 والسياق له ومسلم 4/176 والزيادة له وفي الباب عن أنس وقد مضى في المسألة 16.
الثاني: عن بريدة رضي الله عنه قال: قال نفر من الأنصار لعلي: عندك فاطمة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال: "ما حاجة ابن أبي طالب؟ " فقال: يا رسول الله! ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مرحبا وأهلا" لم يزد عليهما فخرج علي بن أبي طالب على أولئك الرهط من الأنصار ينتظرونه قالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: مرحبا وأهلا فقالوا: يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما أعطاك الأهل والمرحب فلما كان بعد ذلك بعدما زوجه قال: يا علي إنه لا بد للعروس1 من وليمة فقال سعد: عندي كبش وجمع له رهط من الأنصار أصوعا من ذرة فلما كانت ليلة البناء قال: لا تحدث شيئا حتى تلقاني فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فتوضأ فيه ثم أفرغه على علي فقال:
1 وفي رواية: "للعرس" وهي رواية أحمد وقد تقدمت بتمامها في المسألة رقم 24.
"اللهم بارك فيهما وبارك لهما في بنائهما"1.
الثالث: عن عائشة رضي الله عنها قالت:
تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم فأتتني أمي فأدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن:
"على الخير والبركة وعلى خير طائر"2.
الخامس: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ3 الإنسان إذا تزوج قال:
1 رواه ابن سعد 8/20 - 21 والطبراني في "الكبير" 1/112/1 بسند حسن. وابن عساكر 12/88/2 وقد سبق الكلام عليه في المسألة المشار إليها آنفا.
2 أي: على أفضل حظ ونصيب وطائر الإنسان: نصيبه. والحديث رواه البخاري 9/182 ومسلم 4/141 والبيهقي 7/149.
3 بفتح الراء وتشديد الفاء مهموز معناه دعا له في موضع قولهم: "بالرفاه والبنين" وكانت كلمة تقولها أهل الجاهلية فورد النهي عنها. كذا في "الفتح" 9/182 ثم ذكر أحاديث في النهي عنها منها حديث الحسن الآتي بعده