المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مجلس في الفوائد - ترتيب الأمالي الخميسية للشجري - جـ ٢

[يحيى بن الحسين الشجري]

فهرس الكتاب

- ‌فِي ذِكْرِ ليلَةِ الْقَدْرِ وفَضْلِهَا ومَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الْفَوَائِدِ وَالْحِكَايَاتِ

- ‌وَفِيهِ أَيْضًا فِي الْفَوَائِدِ وَالْحِكَايَاتِ

- ‌فِي الْفَوَائِدِ أَيْضًا

- ‌مَجْلِسٌ فِي الْفَوَائِدِ

- ‌فِي ذِكْرِ عِيدِ الْفِطْرِ وَصَدَقَتِهِ وَصَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ وَعِيدِ النَّحْرِ وَفَضْلِهَا وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ عَاشُورَاءَ وَصَوْمِهِ وَذِكْرِ فَضْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي صَوْمِ رَجَبٍ وَفَضْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي فَضْلِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَفَضْلِ صَوْمِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَفَضْلِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌في صِلَةِ الرَّحِمِ ، مَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الْأُخُوَّةِ فِي اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَفَضْلِهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي زِيَارَةِ الْإِخْوَانِ ، وَفَضْلِهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ مُعَاشَرَةِ النَّاسِ وَاخْتِلَافِ عَادَاتِهِمْ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذَمِّ الِاقْتِصَارِ عَلَى الدُّنْيَا، وَجَمْعِ الْمَالِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ:

- ‌فِي فَضْلِ قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الصَّبْرِ عَلَى الشَّدَائِدِ ، وَفَضْلِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الْحَيَاءِ وَفَضْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي مَدْحِ الْقَنَاعَةِ ، وَالِاجْتِزَاءِ بِالْيَسِيرِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الْغِيبَةِ وَذَمِّ أَهْلِهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْكِبْرِ، وَذَمِّ أَهْلِهِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ:

- ‌فِي ذِكْرِ الرِّيَاءِ ، وَشَرِّ عَاقِبَتِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْوُلَاةِ ، وَالْأُمَرَاءِ ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ

- ‌فِي الْقُضَاةِ وَإِكْرَامِ الشُّهُودِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْمَشِيبِ ، وَالْعُمْرِ وَلُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى ، بِالْمُعَمَّرِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌مَجْلِسٌ فِي الْفَوَائِدِ

- ‌فِي ذِكْرِ آخِرِ الزَّمَانِ ، وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، وَأَمَارَاتُهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌في ذكر المعرض ، والعرض ، وما يتصل بذلك

- ‌فِي ذِكْرِ عِيَادَةِ الْمَرْضَى ، وَفَضْلِهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ ، وَاخْتِلَافِ الْمَوْتَى ، وَذِكْرِ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَثَوَابِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْمَحْشَرِ ، وَهَوْلِهِ ، وَذِكْرِ الْجَنَّةِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

الفصل: ‌مجلس في الفوائد

أَتَأْنَسُ فِي الدُّنْيَا وَأَنْتَ غَرِيبُ

وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا مِثْلُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ

وَمَا الْمَوْتُ إِلَّا نَازِلٌ وَقَرِيبُ

وَقَالَ:

أَيَا نَفْسُ قَدْ أَثْقَلْتِنِي بِذُنُوبِي

أَيَا نَفْسُ كُفِّي عَنْ هَوَاكِ وَتُوبِي

وَكَيْفَ التَّصَابِي بَعْدَ مَا ذَهَبَ الصِّبَا

وَقَدْ مَلَّ مِقْرَاضِي عِتَابَ مَشِيبِي.

‌مَجْلِسٌ فِي الْفَوَائِدِ

2717 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَيْذَةَ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، بِأَصْفَهَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحَبَّابِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ: مَالِكُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ وَائِلَةَ بْنِ دَهْمَانَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ، قَالَ ابْنُ سَلَّامٍ: " وَكَانَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ الْبَصْرِيُّ يَوْمَ الْفُجَّارِ مَعَ قَوْمِهِ كَثُرَ صَنِيعُهُ يَوْمَئِذٍ ، وَهُوَ عَلَى هَوَازِنَ، حِينَ لَقِيَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَسَاقَ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَذُرَارِيهِمْ، فَخَالَفَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصُّمَةِ فَلَحَّ ، وَأَبِي، فَصَارُوا إِلَى أَمْرِهِ ، فَلَمْ يَحْمَدُوا رَأْيَهُ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ رَئِيسَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى هَزِيمَةَ أَصْحَابِهِ ، قَصَدَ قَصْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَكَانَ شَدِيدَ الْإِقْدَامِ لِيُصِيبَهُ زَعْمٌ، فَوَقَاهُ مُرْثِدُ بْنُ أَبِي مُرْثِدٍ الْغَنَوِيِّ ، فَقَتَلَهُ، وَحَمَّلَهُ فَرَسَهُ مَحَاحاً، فَلَمْ يُقْدِمْ، ثُمَّ أَتَاهُ ، وَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُقْدِمْ ، فَقَالَ:

أَقْدِمْ مَحَاحُ إِنَّهُ يَوْمٌ نَكَرَ

مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ يَحْمِي وَيَكِرُّ

وَيَطْعَنُ الطَّعْنَةَ تَفْرِي وَتُهِرُّ

لَهَا مِنَ الْبَطْنِ نَجِيعٌ مُنْهَمِرٌ

وَيَغْلِبُ الْفَاضِلَ مِنَّا مُنْكَسِرٌ

إِذَا تَوَالَتْ زُمَرُ بَعْدَ زُمَرَ

ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ الْقَادِسِيَّةَ ، فَقَالَ:

أَقْدِمْ مَحَاحُ إِنَّهَا الْأَسَاوِرُ

وَلَا يَهُولَنَّكَ رِجْلٌ بَارِدَةٌ

ثُمَّ انْهَزَمَ مِنْ حُنَيْنٍ، فَصَارَ إِلَى الطَّايِفِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لَوْ أَتَانِي ، لَأَمَّنْتُهُ ، وَأَعْطَيْتُهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، فَجَاءَ ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ ، وَوَجَّهَهُ إِلَى أَقْبَالِ أَهْلِ الطَّائِفِ، وَكَتَبَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى عُمَرَ يَسْتَمِدُّهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَتَسْتَمِدُّنِي ، وَأَنْتَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ ، وَمَعَكَ مَالِكُ بْنُعَوْفٍ ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ: حَنْظَلَةُ الْكَاتِبُ قَالَ ابْنُ سَلَّامٍ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ قَوْمِهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَعْطَانِي يَتَأَلَّفُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَلَمْ أُحِبُّ أَنْ آخُذَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَجْرًا ، فَأَنَا أَرُدُّهَا، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يُعْطِكَهَا ، إِلَّا وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا لَكَ حَقًّا "

2718 -

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ التَّوْزِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ عَلِيلٍ

ص: 348

الْعَنْزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيلُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُونِيُّ، وَعِدَادُهُ فِي بَنِي رَبِيعَةَ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كُنَّا ثَلَاثَةَ إِخْوَةٍ لَنَا إِبِلٌ ، وَخَيْرٌ كَثِيرٌ، فَقَسَّمْنَاهُ، فَمَا زِلْتُ أُنْفِقُ مَالِي، وَأُفَرِّقُهُ فِي النَّوَائِبِ وَالْحُقُوقِ ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ ، إِلَّا ثَلَاثُونَ نَاقَةً، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ يَوْمٍ ، قَالَتْ لَهُ ابْنَةٌ لَهُ يُقَالُ لَهَا: صَيْدَا، وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ: يَا أَبَتِ أَتْلَفْتَ مَالَكَ وَذَهَبْتَ بِهِ ، فَلَمْ يَبْقَ ، إِلَّا ثَلَاثُونَ نَاقَةً، فَأَيْنَ تَقَعُ مِنْ أَهْلِكَ وَنَوَائِبِكَ؟ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ ، سَهِرَ لِقَوْلِهَا، وَأَنْشَدَ:

فَكَيْفَ يَنَامُ اللَّيْلَ مَنْ جُلَّ مَالِهِ

ثَلَاثُونَ فِيهَا أَهْلُهُ وَالنَّوَائِبُ

فَإِنْ أَنَا لَمْ أَكْسِبْ شِيَابًا حَلُوبَةً

وَصَيْدَاءَ فَارْتَمَّتْ عِظَامِي الثَّعَالِبُ

قَالَ وَالشَّيَّابُ: ابْنُهُ، وَصَيْدَا: ابْنَتُهُ، فَسَمِعَتِ ابْنَتُهُ هَذَا الْبَيْتَ، فَحَسِبَتْ أَنَّهُ يَخْرُجُ لِلطَّلَبِ ، وَمَا تَدْرِي مَا يَكُونُ مِنْهُ، فَصَارَتْ إِلَى أَحَدِ عَمَّيْهَا ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ فِي الْمَنْزِلِ، فَنَزَلَتْ عِنْدَ ابْنَتِهِ، وَجَاءَ الْعَمُّ ، فَقَالَ لِابْنَتِهِ: مَنْ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: صَيْدَاءُ، قَالَ: لَا تَخَافِي يَا بُنَيَّةُ قِفِي مَكَانَكِ، وَأَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا، وَصَارَ يَعْنِي: الْعَمَّ إِلَى أخَيِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا جَاءَ بِكَ؟ ، قَالَ: هَذِهِ صَيْدَاءُ فِي الْبَيْتِ ، فَعَظُمْ عَلَى الْعَمِّ ، لِصِيَانَتِهِمْ لَهَا، وَقَالَ: مَا جَاءَ بِهَا؟ فَقَصَّ الْقِصَّةَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَخِي: هَذِهِ مِائَةُ نَاقَةٍ قَدْ بَذَلْتُهَا مِنْ مَالِي بِأَعْبَدِهَا ، فَمُرْ بِمِثْلِهَا، فَأَمَرَ لَهَا بِمِثْلِهَا وَافِرًا ، فَصَارَ إِلَيْهَا، فَقَالَ يَا بُنَيَّةُ: قَدْ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكِ بِأَبِيكِ، فَانْطَلِقِي بِهَذِهِ إِلَيْهِ، وَقُولِي لَهُ: قَالَ: فَجَاءَتْ تَسُوقُ بِهَا، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ ، فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَأَقَامَ ، وَسَكَتَ "

2719 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ بْنِ حَيَوَيْهِ الْخَرَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشُّكْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَزِيدَ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: خَرَجَ الْفَرَزْدَقُ يُرِيدُ الشَّامَ يَزُورُ بَني أُمَيَّةَ، وَبَاتَ بِامْرَأَةٍ مِنَ الْغَوْثِ بْنِ أَدَدَ مِنْ طَيِّءَ ، فَوَقَرَ فِي مَسَامِعِهَا مِنْ كَلَامِ الْفَرَزْدَقِ مَا لَمْ تَسْمَعْ مِثْلَهُ، قَالَ: فَقَالَتْ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ الشَّامَ لِبَعْضِ مَا كُنْتُ أَزُورُ لَهُ بَنِي أُمَيَّةَ، قَالَتْ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تُقَصِّرَ خَطْوَتَكَ وَتُصِيبَ حَاجَتَكَ؟ قَالَ: أَنَا إِذًا كَالْمَطْمُورِ بِأَرْضِهِ، فَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: هَا هُنَا سَاعٍ مِنْ سُعَاةِ الْعَرَبِ إِنْ أَتَيْتَهُ أَغْنَاكَ، قَالَ: وَمَا عَسِيتُ أَنْ يَصْنَعَ بِي سَاعٍ مِنْ سُعَاةِ الْعَرَبِ؟ فَقَالَتْ: أَدْنَى ذَلِكَ أَنْ تُصِيبَ وَصْلَةً إلى حاجتك، قَالَ: فَوَقَعَ الْكَلَامُ بِمُوَافَقَةِ أَبِي فِرَاسٍ، فَغَدَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَصْدِفُ عَلَى الْمَاءِ ، فَانْتَسَبَ إِلَيْهِ ، وَتَعَرَّفَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَلَمَّا فَرَغَ ، أَعْطَاهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ بِرَعَاتِهَا، قَالَ: فَأْقبَلَ يُوَدِّعُهُ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ ، فَلَأُعْطِيَّنَّكَ جَمِيعَ مَا أَحْتَنِي قَالَ:

ص: 349

حَسَبِي أَغْنَيْتَنِي عَلَى دَهْرِي ، وَأَعْفَيْتَنِي مِنْ مَسْأَلَةِ اللِّئَامِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ:

تَقُولُ ابْنَةُ الْغَوْثَا مَالَكَ هَا هُنَا

وَأَنْتَ تَمِيمِيٌّ مَعَ الشَّرَفِ حَاجِبُهُ

فَقُلْتُ لَهَا الْحَاجَاتُ يَطْرَحُهُنَّ بِالْفَتَى

وَهُمْ تَعْنَانِي فَغَنَى رَكَائِبُهُ

وَمَا حُبُّ لَيْلَى قَادَنَا مِنْ بِلَادِنَا

وَلَا كَانَ دِينُ مَنْ بِهَا أَنَا طَالِبُهُ

وَلَكِنْ أَتَيْنَا خَنَدَفِيًّا كَأَنَّهُ

هِلَالُ سَمَاءٍ زَالَ عَنْ سَحَائِبِهِ

وَكَائِنٌ تَخَطَّتْ مِنْ فَسَاطِيطِ عَامِلٍ

إِلَيْكَ وَمِنْ خَرْقٍ تَعَاوَى ثَعَالِبُهُ

وَالْمَعْنِيُّ لِهَذَا: الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ.

2720 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْجِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَرْخِيُّ الْمُؤَدِّبُ:

الْخَطُّ يَبْقَى زَمَانًا ثُمَّ يَنْدَرِسُ

وَالْمَرْءُ يُحْصِي عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَالنَّفَسُ

فَاْخُطْط بِكَفِّكَ مَا تَحْمَدُ عَوَاقِبَهُ

فَأَنْتَ بِاللَّفْظِ وَالْأَنْفَاسِ مُحْتَبَسُ

لَوْ صَحَّ عِنْدَ لِسَانِ الْمَرْءِ أَنَّ لَهُ

مُسَائِلًا لَاعْتَرَاهُ الصَّمْتُ وَالْخَرَسُ

2721 -

حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ ، إِمْلَاءً مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الرُّمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَكْلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: وُجِدَ عَلَى بَابِ صَنْعَاءَ كِتَابٌ بِالْمُسْنَدِ: إِذَا اتَّضَعَتِ الْعَتَاقُ، وَارْتَفَعَتِ الدَّقَّاقُ، وَذَهَبَتْ مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ، ظَهَرَ مِنَ الْأَمْرِ مَا لَا يُطَاقُ، الْعَتَاقُ: الْخِيَارُ.

2722 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقَنَّعِيُّ ، إِمْلَاءً، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الصُّولِيُّ، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: أَنْشَدَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ الصُّولِيُّ ، لِخَالِهِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْأَحْنَفِ:

إِنْ قَالَ لَمْ يَفْعَلْ وَإِنْ سَيَّلَ

لَمْ يَبْذِلْ وَإِنْ عِوْتِبَ لَمْ يَعْتِبْ

صَبَّ بِعِصْيَانِي وَلَوْ قَالَ لِي

لَا تَشْرَبِ الْبَارِدَ لَمْ أَشْرَبْ

ثُمَّ قَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الَكَلَامُ الحسن المعنى، السهل المورد، القريب المتناول، المليح اللفظ، العذب المستمع، القليل النظير، العزيز الشبيه، الممتع البعيد قربه، الصعب في سهولته، قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسَ يَقُولُونَ: هَذَا الْكَلَامُ وَاللَّهِ أَحْسَنُ مِنْ شِعْرِهِ.

2723 -

قَالَ لَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: هَذَا الْبَيْتُ هُوَ أَوَّلُ الْأَبْيَاتِ:

إِلَيْكَ أَشْكُو رَبِّ مَا حَلَّ بِي

مِنْ حُبِّ هَذَا الْعَاتِبِ لِمُذْنِبٍ.

ص: 350