المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في ذكر المحشر ، وهوله ، وذكر الجنة ، وما يتصل بذلك - ترتيب الأمالي الخميسية للشجري - جـ ٢

[يحيى بن الحسين الشجري]

فهرس الكتاب

- ‌فِي ذِكْرِ ليلَةِ الْقَدْرِ وفَضْلِهَا ومَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الْفَوَائِدِ وَالْحِكَايَاتِ

- ‌وَفِيهِ أَيْضًا فِي الْفَوَائِدِ وَالْحِكَايَاتِ

- ‌فِي الْفَوَائِدِ أَيْضًا

- ‌مَجْلِسٌ فِي الْفَوَائِدِ

- ‌فِي ذِكْرِ عِيدِ الْفِطْرِ وَصَدَقَتِهِ وَصَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ وَعِيدِ النَّحْرِ وَفَضْلِهَا وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ عَاشُورَاءَ وَصَوْمِهِ وَذِكْرِ فَضْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي صَوْمِ رَجَبٍ وَفَضْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي فَضْلِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَفَضْلِ صَوْمِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَفَضْلِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌في صِلَةِ الرَّحِمِ ، مَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الْأُخُوَّةِ فِي اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَفَضْلِهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي زِيَارَةِ الْإِخْوَانِ ، وَفَضْلِهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ مُعَاشَرَةِ النَّاسِ وَاخْتِلَافِ عَادَاتِهِمْ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذَمِّ الِاقْتِصَارِ عَلَى الدُّنْيَا، وَجَمْعِ الْمَالِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ:

- ‌فِي فَضْلِ قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الصَّبْرِ عَلَى الشَّدَائِدِ ، وَفَضْلِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الْحَيَاءِ وَفَضْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي مَدْحِ الْقَنَاعَةِ ، وَالِاجْتِزَاءِ بِالْيَسِيرِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي الْغِيبَةِ وَذَمِّ أَهْلِهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْكِبْرِ، وَذَمِّ أَهْلِهِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ:

- ‌فِي ذِكْرِ الرِّيَاءِ ، وَشَرِّ عَاقِبَتِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْوُلَاةِ ، وَالْأُمَرَاءِ ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ

- ‌فِي الْقُضَاةِ وَإِكْرَامِ الشُّهُودِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْمَشِيبِ ، وَالْعُمْرِ وَلُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى ، بِالْمُعَمَّرِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌مَجْلِسٌ فِي الْفَوَائِدِ

- ‌فِي ذِكْرِ آخِرِ الزَّمَانِ ، وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، وَأَمَارَاتُهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌في ذكر المعرض ، والعرض ، وما يتصل بذلك

- ‌فِي ذِكْرِ عِيَادَةِ الْمَرْضَى ، وَفَضْلِهَا ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ ، وَاخْتِلَافِ الْمَوْتَى ، وَذِكْرِ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَثَوَابِهِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

- ‌فِي ذِكْرِ الْمَحْشَرِ ، وَهَوْلِهِ ، وَذِكْرِ الْجَنَّةِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

الفصل: ‌في ذكر المحشر ، وهوله ، وذكر الجنة ، وما يتصل بذلك

‌فِي ذِكْرِ الْمَحْشَرِ ، وَهَوْلِهِ ، وَذِكْرِ الْجَنَّةِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

2990 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ رَيْذَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ خَالَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ طَهِيرٍ، عَنِ السُّدَيِّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قِيلَ لِأَهْلِ النَّارِ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ فِي النَّارِ عَدَدَ كُلِّ حَصَاةٍ فِي الدُّنْيَا لَفَرِحُوا بِهَا، وَلَوْ قِيلَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ فِي الْجَنَّةِ عَدَدَ كُلَّ حَصَاةٍ فِي الدُّنْيَا ، لَحَزِنُوا، وَلَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَهُمُ الْأَبَدَ»

2991 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ رَيْذَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَرِيرٍ الصُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، قَالَ لِرَجُلٍ:" قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَفْسًا بِكَ مُطْمَئِنَّةً تُؤْمِنُ بِلِقَائِكَ، وَتَرْضَى بِقَضَائِكَ، وَتَقْنَعُ بِعَطَائِكَ "، سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الشَّامِيُّ يكْنَي بِأَبِي ثَابِتٍ، كَانَ قَاضِيًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ ثِقَةٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ

2992 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حِبَّانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمُبَارَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحْبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، قَالَ فِي مَسِيرٍ لَهُ:«إِنَّا مُدْلِجُونَ ، وَلَا يَدْلُجُ مُصْعَبٌ وَلَا مُصْعَفٌ» قَالَ: فَارْتَحَلَ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ صَعْبَةٍ ، فَسَقَطَ ، فَانْدَقَّتْ عُنُقُهُ ، فَمَاتَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا فَنَادَى: أَنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ لِعَاصٍ "

2993 -

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَسَّانٍ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْأَسْفَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ أَبِي حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَبِيرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رَبَابٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 425

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «رِيحُ الْجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، لَا يَجِدُ رِيحَهَا مُخْتَالٌ ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ»

2994 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْجَوْزَدَانِيُّ الْمُقْرِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْمَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ مُخَارِقٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ»

2995 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسَدٍ الْمَدِينِيُّ، سَنَةَ تِسْعٍ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، قَالَ:«مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بَحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجِئُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا»

2996 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُوسَى بْنِ أَبِي حَرْبٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَكِينُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ، قَالَ: ذَكَرَ أَبِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ ، إِلَّا رَفَعَهُ قَالَ:«لَمْ يَلْقَ ابْنُ آدَمَ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، ثُمَّ إِنَّ الْمَوْتَ عَلَيْهِ لَأَهَوْنُ مِمَّا بَعْدَهُ، إِنَّهُمْ لَيُلْقَوْنَ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَشِدَّتِهِ حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ، حَتَّى إِنَّ السُّفُنَ لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهِ ، لَجَرَتْ»

2997 -

أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤِدِّبُ الْمَكْفُوفُ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدً بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، كَتَبَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الدِّمَشْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ الْقَاسِمُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَوَانَةَ، عَنِ ابْنِ حَرْبٍ، عَنِ ابْنِ

ص: 426

عَجْلَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ عَلِيًّا عليه السلام شَيَّعَ جِنَازَةً ، فَلَمَّا وُضِعَتْ فِي لَحْدِهَا ، عَجَّ أَهْلُهَا ، وَبَكَوْا، فَقَالَ: " مَا يَبْكُونَ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عَايَنُوا مَا عَايَنَ مَيِّتُهُمْ ، لَأَذْهَلَتْهُمْ مُعَايَنَتُهُمْ عَنْ مَيِّتِهِمْ، وَإِنَّ لَهُ فِيهِمْ لَعَوْدَةً ، ثُمَّ عَوْدَةً ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَامَ ، فَقَالَ: أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي ضَرَبَ لَكُمُ الْأَمْثَالَ، وَوَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ، وَجَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعًا تَعِي مَا عَنَاهَا، وَأَبْصَارًا تَنْجَى عَنْ غَشَاهَا

2998 -

أَظُنُّهُ تَتَجَافَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَفْئِدَةٌ تَفْهَمُ مَا دَهَاهَا، فِي تَرْكِيبِ صُوَرِهَا وَمَا أَعْمَرَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثًا، وَلَمْ يَضْرِبْ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا، بَلْ أَكْرَمَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ، وَأَرْدَفَكُمْ بِالرَّفْدِ وَالرَّوَافِدِ، وَأَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ، وَأَرْصَدَ لَكُمُ الْجَزَاءَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ، وَجِدُّوا فِي الطَّلَبِ، وَبَادِرُوا بِالْعَمَلِ مُقَطِّعَ النَّهَمَاتِ، وَهاذِمَ اللَّذَّاتِ، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا، وَلَا تُؤْمَنُ فَجَائِعُهَا، غُرُورٌ خَاتِلٌ، وَسُنْحٌ قَافِلٌ، وَسَناءٌ مَائِلٌ، يَمْضِي مُسْتَطْرَقُهَا، وَيُرْوَى مُسْتَرْدِيًا. . . شَهَوَاتِهَا ،. . . بِضَرْعِهَا.

اتَّعِظُوا عِبَادَ اللَّهِ بِالْعِبَرِ، وَاعْتَبِرُوا بِالْأَثَرِ، وَازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ، وَانْفَعُوا بِالْمَوَاعِظِ، فَكَانَ قَدْ عَلِقَتْكُمْ مَخَالِيبُ الْمَنِيَّةِ، وَضَمِنْتُمْ بَيْتَ التُّرَابِ، وَدَهِمَتْكُمْ مُقَطَّعَاتُ الْأُمُورِ بِنَفْخَةِ الصُّورِ، وَبُعْثِرَتِ الْقُبُورُ، وَسِيَاقَةُ الْمَحْشَرِ، وَمَوْقِفُ الْحِسَابِ بِإِحَاطَةِ قُدْرَةِ الْجَبَّارِ، {كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 21] ، سَائِقٌ يَسُوقُهَا لِمَحْشَرِهَا، وَشَهِيدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهِا بِعَمَلِهَا، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ شُهَدَاءَ ، وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ، وَهُمْلَا يُظْلَمُونَ، فَارْتَجَّتْ لِذَلِكَ الْيَوْمِ الْبِلَادُ، وَنَادَى الْمُنَادِي، وَكَانَ يَوْمُ التَّلَاقِ، وَكُشِفَ عَنْ سَاقٍ، وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَحُشِرَتِ الْوُحُوشُ، وَكَانَ مَوَاطِنَ الْحَشْرِ، وَبَدَتِ الْأَسْرَارُ، وَهُتِكَتِ الْأَسْتَارُ، وَارْتَجَّتِ الْأَفْئِدَةُ، وَنَزَلَ بِأَهْلِ النَّارِ مِنَ اللَّهِ سَطْوَةً حَمِيجَةً، وَعُقُوبَةً مَسِيحَةً، وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لَهَا كُلُبٌ وَلُجُبٌ، وَقَصْفٌ وَرَعْدٌ، وَتَغَيُّطٌ وَوَعِيدٌ، وَتَأَجُّجٌ مِنْ جَحِيمِهَا، وَغَلَى حَمِيمُهَا، وَتَوَقَّدَ سَمْومُهَا، وَلَا يُنْفَسُ خَالِدُهَا، وَلَا يُسْتَقَالُّ عَثَرَاتُهَا، وَلَا تَنْقَطِعُ حَسَرَاتُهَا، وَلَا تَنْفَصِمُ كَبَوَاتُهَا، مَعَهُمْ مَلَائِكَةٌ يُبَشِّرُونَهُمْ بِنُزُلٍ مِنْ حَمِيمٍ، وَتَصْلِيَةِ جَحِيمٍ، فَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَحْجُوبُونَ، وَلِأَوْلِيَائِهِ مُفَارِقُونَ، وإِلَى النَّارِ مُنْطَلِقُونَ، حَتَّى إِذَا أَتَوْا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ تَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنْهُمْ وَمِمَّا قَرُبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، قَالُوا:{فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ {100} وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الصافات: 100-101] ، وَجَهَنَّمُ تَرْمِيهِمْ بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ، وَتُنَادِيهِمْ ، وَهِيَ مُشْرِفَةٌ عَلَيْهِمْ: إِلَيَّ يَا أَهْلِي، وَعِزَّةِ رَبِّي لَأَنْتَقِمَنَّ الْيَوْمَ مِنْ أَعْدَائِهِ، قَالَ: ثُمَّ يَأْتِيهِمْ مَلَكٌ مِنَ الزَّبَانِيَةِ مَعَهُ سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ وَعَمُودٍ مِنْ نَارٍ، فَيَجْمَعُ الْأُمَّةَ مِنَ الْأُمَمِ فَيَطْعَنُ بِهِمْ أَكْتَافَهُمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ صُدُورِهِمْ، ثُمَّ يُدْخِلُ السِّلْسِلَةِ إِلَى مَكَانِ النَّقْبِ، حَتَّى إِذَا جَمَعَهُمْ جَمِيعًا وَلَّى بِهِمْ ظَهْرُهُ ثُمَّ يَنْثُرُهُمْ نَثْرَةً، صَوَابُهُ

يَنْتُرُهُمْ بِالتَّاءِ، لَا يَبْقَى عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِمْ إِلَّا انْفَصَلَ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِمْ عَنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَسْحَبُهُمْ حَتَّى يلْقِيَهُمْ فِي النَّارِ عَلَى

ص: 427

وُجُوهِهِمْ، وَيَقُولُ: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ.

عِبَادَ اللَّهِ، اتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ كَنَعَ ، فَخَنَعَ ، وَأَوْجَلَ فَوَجِلَ، وَحَذِرَ فَأَبْصَرَ، وَوَعَظَ فَازْدَجَرَ، فَاحْتَثَّ طَلَبًا، وَنَجَا هَرَبًا، وَقَدِمَ لِلْمَعَادِ، وَاسْتَظْهَرَ بِالزَّادِ وَكَفَى بِاللَّهِ مُنْتَقِمًا وَنَصِيرًا، وَكَفَى بِالْكِتَابِ حَجِيجًا ، وَخَصِيمَا، وَكَفِى بِالْجَنَّة ثَوَابًا، وَكَفَى بِالنَّارِ عِقابًا وَوَبَالًا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ

2999 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنَابَاذِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِبَّانَ ، إِمْلَاءً، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَمَّالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مُعْتَمِدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، قَالَ:" مَرَّ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام عَلَى مَدِينَةٍ خَرِبَةٍ فَأَعْجَبَهُ الشَّأْنُ، فَقَالَ يَا رَبِّ: مُرْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَنْ تُجِيبَنِي، قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ الْخَرِبَةُ جُوبِي عِيسَى، فَنَادَتِ الْمَدِينَةُ: عِيسَى حَبِيبِي مَا تُرِيدُ مِنِّي؟ قَالَ: مَا فَعْلَ أَشْجَارُكِ؟ وَمَا فَعَلَ قُصُورُكِ؟ وَأَيْنَ سُكَّانُكِ؟ قَالَتْ: حَبِيبِي، جَاءَ وَعْدُ رَبِّكَ الْحَقُّ، فَيَبِسَتْ أَشْجَارِي، وَيَبِسَتْ أَنْهَارِي، وَخُرِّبَتْ قُصُورِي، وَمَاتَ سُكَّانِي، قَالَ: فَأَيْنَ أَمْوَالُهُمْ؟ قَالَتْ: جَمَعُوهَا مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَهِيَ مَوْضُوعَةٌ فِيَّ، لِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، قَالَ: فَنَادَى عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام تَعَجَّبْتُ مِنْ ثَلَاثٍ: طَالِبِ الدُّنْيَا ، وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ، وَبَانِيَ الْقُصُورِ ، وَالْقَبْرُ مَنْزِلُهُ، وَمَنْ يَضْحَكُ مِلْءَ فِيهِ ، وَالنَّارُ أَمَامَهُ، ابْنَ آدَمَ: لَا بِالْكَثِيرِ تَشْبَعُ، وَلَا بِالْقَلِيلِ تَقْنَعُ، تَجْمَعُ مَالَكَ لِمَنْ لَا يَحْمَدُكَ، وَتُقْدِمُ عَلَى رَبٍّ لَا يَعْذُرُكَ، إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدُ بَطْنِكَ وَشَهْوَتِكَ، وَإِنَّمَا تَمْلَأُ بَطْنَكَ ، إِذَا دَخْلَتَ قَبْرَكَ، وَحَيْثُ تَرَى مَالَكَ فِي مِيرَاثِ غَيْرِكَ "

3000 -

أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ الْمَكْفُوفُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّاجِرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: صَعَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " عِبَادَ اللَّهِ الْمَوْتُ شَيْءٌ لَيْسَ مِنْهُ فَوْتٌ، إِنْ أَقَمْتُمْ ، أَخَذَكُمْ، وَإِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ ، أَدْرَكَكُمْ، الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيكُمْ، فَالنَّجَا النَّجَا، الْوَحَا الْوَحَا، فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ طَالِبٌ حَثِيثٌ، احْذَرُوا ضَغْطَةَ الْقَبْرِ ، وَظُلْمَتَهُ ، وَضِيقَهُ، أَلَا وَإِنَّ الْقَبْرَ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ ، أَوْ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَلَا وَإِنَّهُ يَتَكَلَّمُ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَيَقُولُ أَنَا بَيْتُ الظُّلْمَةِ، وَأَنَا بَيْتُ الْوَحْشَةِ، وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ، أَلَا وَإِنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، يَوْمَ يَشِيبُ فِيهِ الصَّغِيرُ، وَيَهْرِمُ فِيهِ الْكَبِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى

ص: 428

النَّاسَ سُكَارَى ، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ، أَلَا وَإِنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، نَارٌ حَرُّهَا شَدِيدٌ، وَقَعْرُهَا عَمِيقٌ، وَحَبْلُهَا حَدِيدٌ، لَيْسَ لِلَّهِ فِيهَا رَحْمَةٌ، قَالَ: فَبَكَى الْمُسْلِمُونَ حَوْلَهُ بُكَاءً شَدِيدًا، فَقَالَ: أَلَا وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ رَحْمَةٌ ، وَجَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُتَّقِينَ، أَجَارَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ "

3001 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شَيْطَا الْمُقْرِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ جَعْفَرٍ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ الْخَتْلِيُّ، سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْبَكَّائِينَ النَّوَّاحِينَ يَقُولُ: وَامَوْتَاهُ وَلَيْسَ مِنَ الْمَوْتِ مَنْجًى، كَأَنِّي بِالْمَوْتِ قَدْ غَادَانِي وَمَسَّنِي، وَكَأَنِّي عَنْ قَلِيلٍ لَا أُزَارُ ، وَلَا أُوتَى، وَكَأَنِّي عَنْ قَلِيلٍ أُوَدِّعُ الدِّينَ وَالدُّنْيَا، وَكَأَنِّي أَتَّخِذُ الْقَبْرَ بَيْتًا، وَاللَّحْدَ مُتَّكًأ، وَكَأَنِّي عَنْ قَلِيلٍ أُوَسَّدُ بِلَبِنَةٍ ، وَأُسْتَرُ بِأُخْرَى، وَكَأَنِّي عَنْ قَلِيلٍ أُجَاوِرُ أَهْلَ الْبِلَى، وَكَأَنِّي عَنْ قَلِيلٍ أُجَاوِرُ قَوْمًا جُفَاةً، وَاغَفْلَتَاهُ ، وَاهَوْلَاهُ، أَيَّ الْأَهْوَالِ أَتَذَكَّرُ؟ وَأَيَّهَا أَنْسَى؟ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَوْتُ وَغُصَصُهُ، وَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْظَمُ ، وَأَدْهَى إِسْرَافِيلُ لَوْ قَدْ نَادَى ، فَأَسْمَعُ النِّدَاءَ ، فَأَزْعَجَنِي غَدًا مِنْ ضِيقِ لَحْدِي وَحِيدًا مُنْفَرِدًا ، مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ ، شَاخِصًا بَصَرِي ، مُقَلَّدًا عَمَلِي، قَدْ أَلْجَمَنِي عَرَقِي ، وَتَبَرَّأَ مِنِّي، نَعَمْ، وَأُمِّي وَأَبِي، نَعَمْ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ كَدِّي وَسَعْيِي، فَبَقَيْتُ فِي ظُلَمِ الْقِيَامَةِ مُتَحَيِّرًا، فَمَنْ تَقَبَّلَ نِدَايَ؟ وَمَنْ يُؤَمِّنُ رَوْعَتِي؟ وَمَنْ يُطْلِقُ لِسَانِي إِذَا غَشِيَنِي فِي النُّورِ، ثُمَّ سَاءَلْتَنِي عَمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي؟ فَإِنْ قُلْتُ: لَمْ أَفْعَلْ، قُلْتَ: أَلَمْ أَكُنْ شَاهِدًا أَرَى؟ ، وَإِنْ قُلْتُ: فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ مِنْ عَدْلِكَ، فَمِنْ عَدْلِكَ مَنْ يُجِيرُنِي؟ وَمِنْ عَذَابِكَ مَنْ يُنْجِينِي؟ يَا ذُخْرِي وَذَخِيرَتِي، وَيَا مَوْضِعَ بَثِّي وَشَكْوَايَ، مَنْ لِي غَيْرَكَ؟ إِنْ دَعَوْتُ غَيْرَكَ لَمْ يُجِبْنِي، وَإِنْ سَأَلْتُ غَيْرَكَ لَمْ يُعْطِنِي، فَرِضَاكَ قَبْلَ لِقَاكَ وَرِضَاكَ قَبْلَ نُزُولِ النَّارِ، يَا لَهَا فَظَاعَةِ لَيْلَةٍ بِتُّهَا بَيْنَ أَهْلِي قَدِ اسْتَوْحَشُوا لِمَكَانِي عِنْدَهُمْ، وَقَدْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَأْنَسُونَ بِقُرْبِي، خَمُدْتُ فَمَا أَجَبْتُ دَاعِيًا وَلَا بَاكِيًا يَبْكُونَ مَيِّتًا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مُسَجَّى، فَمَا كَانَ

هَمُّهُمْ حِينَ أَصْبَحُوا إِلَّا غَاسِلًا، نَزَعُوا خَاتَمِي، وَجَرَّدُوا عَنِّي ثِيَابِي وَوُضُوئِي لِغَيْرِ صَلَاةٍ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا قَالَ: جَفُوهُ وَقَرِّبُوا أَكْفَانًا فَأَدْرَجُونِي وَأَنَا سَطِيحٌ عَلَى أَعْوَادِ الْمَنَايَا إِلَى عَسْكَرِ الْمَوْتَى، مَرُّوا بِيَ عَلَى النَّاسِ، فَكَمْ مِنْ نَاظِرٍ مُتَفَكِّرٍ؟ وَآخَرَ عَنْ ذَلِكَ لَاهٍ، بَكَى أَهْلِي وَأَيْقَنُوا أَنَّهَا غَيْبَتِي لَا يَرْجُونَ لِقَائي، نَادَوْا بِاسْمِي ، فَأَسْمَعُوا مَنْ حَوْلِي وَلَمْ يَسْمَعُونِي، وَلَقَدْ عَظُمَ الَّذِي إِلَيْهِ يَحْمِلُونِي، نَزَلَ قَبْرِي ثَلَاثَةٌ كَأَنَهُّمْ بِذَحْلٍ يَطْلُبُونِي، فَدُلِّيتُ فِي أَضْيَقِ مَضْجَعٍ، وَصَارَ الرَّأْسُ تَحْتَهُ الثَّرَى ، وَبِهِ سَدُّونِي، فَيَا رَبِّ ارْحَمْ عَثْرَتِي وَآنِسْ وَحْشَتِي، وَبَرِّدْ مَضْجَعِي، وَنَوِّرْ فِي الْقُبُورِ قَبْرِي.

فِي الْحِكَايَاتِ

3002 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْجِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُفِيدُ ،

ص: 429

بِجُرْجَرَايَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِمْدَانُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ الْمَنْحُورَانِيُّ فَخَرَجْنَا نُعَزِّي ابْنَهُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ دَفْنِ أَبِيهِ ، نَزَعَ ثِيَابَهُ ، وَدَخَلَ الْمَاءَ فِي نَهْرٍ، وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي لَا أَمْلِكُ الْيَوْمَ شَيْئًا مِمَّا وَرِثْتُ عَنْ أَبِي لِأَنَّهُ يَتَخَالَجُ فِي صَدْرِي، وَكَانَ لِي صَدِيقًا مُؤَانِسًا، فَقَالَ: إِنْ وَاسَيْتُمُونِي بِقَمِيصٍ حَتَّى أَخْرُجَ مِنَ الْمَاءِ ، فَعَلْتُمْ، فَأَلْقَوْا إِلَيْهِ قَمِيصًا فَخَرَجَ مِنَ الْمَاءِ ، وَكَانَ أَبُوهُ تَرَكَ مَا لَا يُحْصَى.

3003 -

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ التَّوْزِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى الْمَرْزُبَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَيْنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْيَامِيُّ، قَالَ: لَا تَجِدُ الْعَاقِلَ يُحَدِّثُ مَنْ يَخَافُ تَكْذِيبَهُ، وَلَا يَسْأَلُ مَنْ يَخَافُ مَنْعَهُ، وَلَا يَرْجُو مَنْ يُعَنِّفُ بِرَجَائِهِ، وَلَا يَعِدُ مَا لَا يَسْتَطِيعُ إِنْجَازَهُ.

3004 -

أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْعَيْنَا لِلْعَيْنَانِيِّ:

قَصَدْتُكَ لَا أُدْلِي بِقُرْبِي وَلَا يَدِي

إِلَيْكَ سِوَى أَنِّي بِجُودِكَ وَاثِقٌ

فَإِنْ قُلْتَ لِي خَيْرًا أَكُنْ لَكَ شَاكِرًا

وَإِنْ قُلْتَ لِي عُذْرًا فَإِنَّكَ صَادِقٌ

وَلَا أَجْعَلُ الْحِرْمَانَ شَيْئًا أَتَيْتُهُ

إِلَيَّ وَإِنْ عَاقَتْ يَدَيْكَ الْعَوَائِقُ

3005 -

أَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمُحَسِّنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الصَّابِي لِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ بِهِمَا إِلَى الشَّرِيفِ الرَّضِيِّ رضي الله عنه:

أَقْعَدَتْنَا زَمَانَةٌ وَزَمَانٌ

عَائِقٌ عَنْ قَضَاءِ حَقِّ الشَّرِيفِ

وَالْفَتَى ذُو الشَّبَابِ يَبْسُطُ فِي التَّقْصِيرِ

عَدِوَّ الشَّيِخِ الْعَلِيلِ الضَّعِيفِ

3006 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ حَيَوَيْهِ الْخَرَّازُ، بِقِرَاءَةِ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْفُرَاتِ عَلَيْهِ ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمودٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْبَهْلُولِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ مِسْعَرًا يَقُولُ:

رَأَيْتُ الْجُوعَ يَطْرُدُهُ رَغِيفٌ

وَمِلْءُ الْقُعُبِ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ.

3007 -

أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعَلَوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقُ الزُّبَيْرِيُّ النميري البصري، قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ

ص: 430

أَبِي طَالِبٍ عليهم السلام: أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا الْحُسَيْنِ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَتَكَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ زَيْدًا لَمِنَ الْفَاضِلِينَ فِي قِيلِهِ وَدِينِهِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُلَطِّفُ بِزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام ، وَيُكَاتِبُهُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: كَتَبَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي كِتَابٍ كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ: وَإِنَّ الدُّنْيَا إِذَا شَغَلَتْ عَنِ الْآخِرَةِ ، فَلَا خَيْرَ فِيهَا لِمَنْ نَالَهَا، فَاتَّقِ اللَّهَ ، وَلْتَعْظُمْ رَغْبَتُكَ فِي الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ ، يَزِدْهُ اللَّهُ تَوْفِيقًا، وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا ، فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْآخِرَة.

3008 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَتِيقِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ حَيَوَيْهِ الْخَرَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْخَلَّابِ، قَالَ: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ خَالُ سُلَيْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَلْعَبُ الشِّطْرَنْجَ، فَقِيلَ لَهُ إِنَّ خَالَكَ بِالْبَابِ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ دَعْنَا ، يَرَانَا نَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ، قَالَ: خَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ يُرِيدُ الْحَجَّ ، وَيُرِيدَ يَدْعُوَكَ، قَالَ: ابْسُطُوا عَلَى الشِّطْرَنْجِ مِنْدِيلًا، وَأَمَرَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَجَثَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ يَا خَالُ: نَظَرْتَ فِي الشِّعْرِ نُنْشِدُ شَيْئًا مِنْهُ؟ فَقَالَ لَا، شَغَلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَعَاشُ، فقَالَ سَمِعْتُ مِنَ الْحَدِيثِ شَيْئًا، فَقَالَ لَا، شَغَلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَعَاشُ، قَالَ: فَنَظَرْتَ فِي الْعَرَبِيَّةِ؟ قَالَ: لَا، شَغَلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَعَاشُ، قَالَ: وَيْلَكَ الْعَبْ بِالشِّطْرَنْجِ، فَمَا مَعَكَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ.

3009 -

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفُتُوحِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ طَرَّازَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَكْلِيُّ، عَنِ الْهَرْمَانِيِّ، عَنْ رَجِلٍ مِنْ هَمَذَانَ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِضِرَارٍ الصُّدَائِيِّ: يَا ضِرَارُ ، صِفْ لِي عَلِيًّا، قَالَ: أَعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: لَتَصِفَنَّهُ، قَالَ: أَمَّا إِذَا لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ: " فَكَانَ وَاللَّهِ بَعِيدَ الْمَدَى، شَدِيدَ الْقُوَى يَقُولُ فَصْلًا، وَيَحْكُمُ عَدْلًا، يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاجِذِهِ، يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا ، وَزَهْرَتِهَا، وَيَسْتَأْنِسُ مِنَ اللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ، وَكَانَ وَاللَّهِ غَزِيرَ الْعَبْرَةِ، طَوِيلَ الْفِكْرَةِ، وَيُقَلِّبُ كَفَّهُ، وَيُخَاطِبُ نَفْسَهُ، يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا قَصُرَ، وَمِنَ الطَّعَامِ مَا خَشُنَ، كَانَ فِينَا كَأَحَدِنَا ، يُجِيبُنَا ، إِذَا سَأَلْنَاهُ، وَيُنَبِّئُنَا ، إِذَا اسْتَنْبَأْنَاهُ، وَنَحْنُ وَاللَّهِ مَعَ تَقْرِيبِهِ إِيَّانَا وَقُرْبِهِ مِنَّا، لَا نَكَادُ نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ، وَلَا نَبْتَدِيهِ ، لِعَظَمَتِهِ، يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ ، وَيُحِبُّ الْمَسَاكِينَ، لَا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ، وَلَا يَيْأَسُ الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِهِ، وَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ ، وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ، وَغَارَتْ نُجُومُهُ، وَقَدْ مَثُلَ فِي مِحْرَابِهِ، قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ

ص: 431

السَّلِيمِ، وَيَبْكِى بُكَاءَ الْحَزِينِ، وَيَقُولُ: يَا دُنْيَا غُرِّي غَيْرِي، أَبِي تَعَرَّضْتِ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ؟ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، قَدْ بَايَنْتُكِ ثَلَاثًا لَا رَجْعَةَ فِيهَا، فَعُمْرُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ حَقِيرٌ، آهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ ، وَبُعْدِ السَّفَرِ ، وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ "، فَبَكَى مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ، كَانَ وَاللَّهِ كَذَلِكَ، فَكَيْفَ حُزْنُكَ عَلَيْهِ يَا ضِرَارُ؟ قَالَ: حُزْنُ مَنْ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِي حِجْرِهَا

3010 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَخْفَشُ النَّحْوِيُّ، قَالَ: تَكَلَّمَ رَجُلٌ بِحَضْرَةِ أَعْرَابِيٍّ ، فَأَطَالَ ، وَلَمْ يُجِدْ، فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: يابْنَ أَخِي أَمْسِكْ، فَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِكَ رُزِقَ الصَّمْتُ الْمَحَبَّةَ.

3011 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَخْفَشُ قَالَ: تَكَلَّمَ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ، وَكَانَ عَيِيًّا مُتَفَاصِحًا، فَأَعْجَبَهُ مَا كَانَ مِنْهُ، فَقَالَ لِأَعْرَابِيٍّ بِالْحَضْرَةِ: مَا تَعُدُّونَ الْعِيَّ فِيكُمْ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ فِيهِ مُنْذُ الْيَوْمِ.

3012 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمِقْدَارِ ، إِمْلَاءً فِي شَارِعِ ابْنِ أَبِي عَوْفٍ بِبَغْدَادَ، قَالَ: رَأَيْتُ مَكْتُوبًا عَلَى حَائِطٍ بِالْعَلْثِ:

إِنَّ الْيَهُودَ بِحُبِّهَا لِعُزَيْرِهَا

أَمِنَتْ حَوَادِثَ دَهْرِهَا الْخَوَّانِ

وَبَنُو الصَّلِيبِ بِحُبِّ عِيسَى أَصْبَحُوا

يَمْشُونَ زَهْوًا فِي قُرَى نَجْرَانِ

وَتَرَى الْمَجُوسَ بِحُبِّهِمْ نِيرَانَهُمْ

لَا يَكْتُمُونَ عِبَادَةَ النِّيرَانَ

وَالصَّادِعُونَ بِمَدْحِ رَبٍّ

عَادِلٍ يُرْمَوْنَ فِي الْآفَاقِ بِالْبُهْتَانِ

لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِبَانَةِ رُشْدِهِمْ

خَوْفًا مِنَ التَّشْنِيعِ وَالْعُدْوَانِ.

3013 -

وَحَدَّثَنَا أَيْضًا إِمْلَاءً، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ:

لَئِنْ كَانَ هَذَا الدَّهْرُ أَوْدَى بِعَاصِمٍ

وَوَافَتْ بِهِ الْآجَالُ يَوْمًا مُقَدَّرًا

لَمَا كَانَ إِلَّا كَابْنَةِ الْخِدْرِ عِفَّةً

أَبِيَّ الْخَنَا عَفَّ الثَّيَابِ مُطَهَّرًا

وَلَا قَسَطَتْ خَيْلٌ بِخَيْلٍ عَجَاجَةً

وَلَا اصْطَفَّتِ الْأَقْدَامُ إِلَّا تَقَسْوَرا

يُقَدِّمُ فِي النَّادِي الْجَلِيسَ أَمَامَهُ

وَيَأْبَى غَدَاةَ الرَّوْعِ أَنْ يَتَأَخَّرَا.

3014 -

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ التَّوَّزِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ خَلَفٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ: «خُلَّتَانِ مَنْ كَانَتا فِيهِ هَنِئَاهُ دِينُهُ وَدُنْيَاهُ، مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ ، لَمْ تَزَلْ نَفْسُهُ تَتُوقُ إِلَى عَمَلِهِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ

ص: 432

إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ ، لَمْ تَسْمُ نَفْسُهُ» ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ

لَا تَنْظُرَنَّ إِلَى ذَوِي الْمَالِ الْمُوَثَّلِ وَالرِّيَاشِ

فَتَظَلَّ مَحْزُونَ الْفُؤَادِ بِحَسْرَةٍ قَلِقَ الْفِرَاشِ

وَانْظُرْ إِلَى مَنْ كَانَ دُونَكَ

أَوْ شَبِيهَكَ فِي الْمَعَاشِ

3015 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَائِشَةَ، يَقُولُ: قَدِمَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ الْبَصْرَةَ وَمَعَهَا ابْنَانِ لَهَا كَأَنَّهُمَا مُهْرَانِ عَرَبِيَّانِ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَتْ أَنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ، فَدَفَنَتْهُ ، ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ بَعْدَ مُدَّةٍ ، فَدَفَنَتْهُ إِلَى جَانِبِهِ، ثُمَّ جَعَلَتْ لِنَفْسِهَا بَيْنَهُمَا مَوْضِعًا ، فَكَانَتْ تَأْتِيهُمَا ، فَتَبْكِي هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً، فَلَمَّا نَفِدَتِ الدُّمُوعُ ، أَنْشَأَتْ تَقُولُ:

فَلِلَّهِ جَارَايَ اللَّذَانِ كِلَاهُمَا

قَرِيبَانِ مِنِّي وَالْمَزَارُ بَعِيدٌ

هُمَا تَرَكَا عَيْنَيَّ لَا مَاءَ فِيهِمَا

وَشَكَّا فُؤَادَ الْقَلْبِ فَهُوَ عَمِيدٌ

ثُمَّ أَنْشَدَ ابْنُ عَائِشَةَ لِغَيْرِهَا:

مُقِيمَانِ بِالْبَيْدَاءِ لَا يَبْرَحَانِهَا

وَلَا يَسْأَلَانِ الرَّكْبَ أَيْنَ يُرِيدُ

كَوَاظِمُ أَسْرَارٍ ضَوَامِرُ

أَعْظُمٍ بَلِينَ وَبَالِي حُبِّهِنَّ جَدِيدُ

أَزُورُ وَأَعْتَادُ الْقُبُورَ وَلَا أَرَى

سِوَى رَمْسِ أَحْجَارٍ عَلَيْهِ لُبُودٌ

لِكُلِّ أُنَاسٍ مَقْبَرٌ يَعْيَا بِهِمْ

فَهُمْ يَنْقُصُونَ وَالْقُبُورُ تَزِيدُ.

فِي الْحِكَايَاتِ:

3016 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ رُسْتُمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَقِيلُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي مُنْطَلِقٌ ، فَزَوِّدْنِي؟ فَقَالَ لَهُ:«أَقْبِلِ الْحَقَّ مِنَ الْبَغِيضِ الْبَعِيدِ، وَأَنْكِرِ الْمُنْكَرَ عَلَى الْحَبِيبِ الْقَرِيبِ»

3017 -

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي يَعْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْبَهْلُولِ بْنِ عَمَّتِي، قَالَ: رَأَيْتُ بِمَرْبَعَةِ ابْنِ الْعَبَّاسِ بَيْنَ شَارِعِ بَابِ الشَّامِ وَبَيْنَ شَارِعِ ، الْمَرَاوِزَةِ بِالْحَرْبِيَّةِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ مَسْجِدًا خَرَابًا عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ:

وَقَفْتُ فَبَكَّيْتُ الْمَنَازِلَ وَالصَّحْبَا

وَلَمْ أَقْضِ مِمَّا يَسْتَحِقُّونَهُ النَّحْبَا

فَكَتَبَ تَحْتَهُ:

وَمَا يَنْفَعُ الْمَحْزُونَ أَنْ يُقْصِرَ الْبُكَا

إِذَا كَانَ مَنْ يَهْوَاهُ قَدْ سَكَنَ التُّرْبَا

بَلَى قَدْ يَرُدُّ الدَّمْعُ مِنْ غَرْبَةِ الْجَوَى

قَلِيلًا وَمَا يَشْفِى بِإِجْرَائِهِ الْكُرَبَا

ص: 433

3018 -

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ نَزِيلُ الْبَصْرَةِ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ فِي بَنِي حَرَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الصُّولِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: يَقُولُونَ: يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَخْتَارَ عَدُوَّهُ ، كَمَا يَخْتَارُ صَدِيقَهُ، أَنْشَدَ لِيَزِيدَ الْمُهَلِّبِيِّ:

فَعَدِّ عَنْ شَتْمِي فَإِنِّي امْرُؤٌ

حَلَّمَنِي قِلَّةُ أَكْفَائِي

وَأَنْشَدَ:

إِنِّي إِذَا هَرَّ كَلْبُ الْقَوْمِ قُلْتُ لَهُ

سَلْمَى وَبِكِ مَخْنُوقٌ عَلَى الْحَرْزِ

مَنْ يَشْرَبِ السُّمَّ مُغْتَرًّا بِرِقَّتِهِ

يُصْبِحْ فَرِيسَةَ مَحْتُومٍ مِنَ الْقَدَرِ

وَأَنْشَدَ عَنْ أَبِي مُحَلَّمٍ:

إِنَّ بَخِيلًا كُلَّمَا هَجَانِي

نِلْتُ مِنَ الْأَعْطَشِ أَوْ أَبَانِ

أَوْ طَلْحَةُ الْخَيْرِ فَتَى الْفِتْيَانِ

أُولَاكَ قَوْمٌ شَأْنُهُمْ كَشَانِي

مَا نِلْتُ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ كَفَانِي

وَإِنْ سَكَتُّ عَرَفُوا إِحْسَانِي

3019 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْجِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُفِيدُ ، بِجُرْجَرَايَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِهْرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقَسِّمُ تُفَّاحَ الْفَيْءِ، فَيَتَنَاوَلُ ابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ تُفَّاحَةً ، فَانْتَزَعَهَا فِيهِ ، فَأَوْجَعَهُ، فَسَعَى إِلَى أُمِّهِ مُسْتَعْبِرًا، فَأَرْسَلَتْ لَهُ إِلَى السُّوقِ ، فَاشْتَرَتْ لَهُ تُفَّاحًا، فَلَمَّا رَجَعَ عُمَرُ ، وَجَدَ رِيحَ التُّفَّاحِ، فَقَالَ يَا فَاطِمَةُ: هَلْ أَتَيْتِ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْفَيْءِ؟ قَالَتْ: لَا ، وَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ انْتَزَعْتُهَا مِنَ ابْنِي ، فَكَأَنَّمَا انْتَزَعْتُهَا مِنْ قَلْبِي، وَلَكِنْ كرهت أَنْ أُضِيعَ نَصِيبِي مِنَ اللَّهِ عز وجل بِتُفَّاحَةٍ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ

3020 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حِمْدَانَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَلَاءَ يَعْنِي ابْنَ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ الْهَاشِمِيُّ الصُّوفِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، يَقُولُ: وَسَمِعْتُ الشِّبْلِيَّ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ: دَخَلْتُ إِلَى سَرِيٍّ السَّقْطِيِّ ، فَنَظَرَ إِلَيَّ شَذْرًا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ: الْعِلْمُ غَرَرٌ، وَالْمَعْرِفَةُ مَكْرٌ، وَالْمُشَاهَدَةُ حِجَابٌ، فَمَتَى مَا شَهِدْتَهُ فِي الْوُجُودِ ، فَأَنْتَ غَائِبٌ عَنْهُ

3021 -

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ حَاتِمٍ النَّوْشَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ يَقُولُ شِعْرًا:

ص: 434

مَوْتُ التَّقِيِّ حَيَاةٌ لَا نَفَادَ لَهَا

قَدْ مَاتَ قَوْمٌ وَهُمْ فِي النَّاسِ أَحْيَاءٌ

3022 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الشُّكْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ التَّهْتِيُّ، قَالَ: شَهِدْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، فَتَكَلَّمَ الْفُضَيْلُ ، فَقَالَ: كُنْتُمْ مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ سِرَاجُ الْبِلَادِ يُسْتَضَاءُ بِكُمْ ، فَصِرْتُمْ ظُلْمَةً، كُنْتُمْ نُجُومًا يُهْتَدَى بِكُمْ ، فَصِرْتُمْ حِيرَةً، لَا يَسْتَحِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ هَؤُلَاءِ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مِنْ أَيْنَ هُوَ يَجِيءُ، يَسْنِدُ ظَهْرَهُ ، فَيَقُولُ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، فَرَفَعَ سُفْيَانُ رَأْسَهُ فَقَالَ هَاهِ هَاهِ، وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَسْنَا بِصَالِحِينَ ، إِنَّا لَنُحِبُّ الصَّالِحِينَ، فَسَكَتَ فُضَيْلٌ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ، فَحَدَّثَنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا

3023 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْجِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْهَمْدَانِيُّ مِنْ لَفْظِهِ بِبَابِ النَّدْوَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الصَّيَّادَ ، بِنَهْرِ جُورَ يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ أَبُو سَهْلٍ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ سَهْلٌ صَبِيًّا، فَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْأَبُ فِي الصَّلَاةِ يَجِيءُ سَهْلٌ ، فَيَدْخُلُ مَعَهُ، قَالَ لَهُ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ لِمَ تَدْخُلُ مَعِيَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ لَهُ سَهْلٌ: يَا أَبَتِ، أَنَا أُحِبُّ ذِكْرَ اللَّهِ عز وجل، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: إِنْ كُنْتَ كَمَا تَقُولُ: اسْكُتْ بِلِسَانِ رَأْسِكَ، وَقُلْ بِلِسَانِ قَلْبِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: اللَّهُ قَرِيبٌ مِنِّي ، وَهُوَ يَرَانِي.

فَسَكَتَ سَهْلٌ بُرْهَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَتِ، قَدْ قُلْتُهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَقْتٍ: يَا أَبَتِ، قَدْ قُلْتُهَا قَالَ: قُلْهَا سَبْعَ مَرَاتٍ، قَالَ: فَسَكَتَ ثُمَّ ، قَالَ بَعْدَ وَقْتٍ: يَا أَبَتِ، قَدْ قُلْتُهَا، فَقَالَ يَا بُنَيَّ أَنْ تَقُولَ أَكْثَرَ الْأَوْقَاتِ هَذَا بِقَلْبِكَ، وَتَرَكَهُ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ ، ثُمَّ صَاحَ بِهِ أَبُوهُ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، الْفَضْلُ الَّذِي أَلْقَيْتُهُ إِلَيْكَ تَقُولُهُ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ، أَوْ تَقُولُهُ دَائِمًا؟ فَقَالَ: يَا أَبَتِ، إِنِّي أَسْتَحِقُّ مِنَ اللَّهِ عز وجل ، وهُو يَرَانِي دَائِمًا، وَأَنَا أَغْفَلُ عَنْ هَذَا، مَا كُنْتُ بِالَّذِي أَفْقِدُهُ ، إِلَّا إِذَا كُنْتُ نَائِمَا، فَبَاسَ بَيْنَ عَيْنَيَّ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، أَظُنُّ اللَّهَ عز وجل يَجْعَلُ لَكَ شَأْنًا مِنَ الشَّأْنِ

3024 -

وَبِهِ قَالَ: الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الْبَصْرِيُّ الْحَنِيفِيُّ، نَزِيلُ الْأَهْوَازِ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي جَامِعِهَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بُنْدَارٍ الْأُذُنِيُّ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْأَدِيبُ ، بِأَنْطَاكِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْقُوشُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَمْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ حَمْرَانَ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ حَمْرَانُ ، وَجَدْنَاهُ قَابِضًا عَلَى رُقْعَةٍ ، فَانْتَزَعْنَاهَا مِنْ يَدِهِ ، فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ:

قَدْ كُنْتُ ذَا مَالٍ بِلَا وَالِدِي

أَعْطَانِيَ الْمَالَ فْأَقْنَانِي

مَا قُرَّتِ الْعَيْنُ بِهِ سَاعَةً

إِلَّا تَذَكَّرْتُ فَأَشْجَانِي

عَلِمْتُ بِأَنِّي صَابِرٌ لِلْبِلَى

وَفاقِدٌ أَهْلِي وَجِيرَانِي

ص: 435

وَتَارِكٌ مَالِي عَلَى حَالِهِ

نَهْبًا لِشَيْطَانِ بْنِ شَيْطَان

لِمَرْأَةِ ابْنِي وَلِزَوْجِ ابْنَتِي

يَا لَكَ مِنْ غَبْنٍ وَخَسْرَانِ

يَسْعَدُ فِي مَالِي وَأَشْقَى بِهِ

قَوْمٌ ذَوُوا غِلٍّ وَشَنَآنِ

إِنْ أَحَسُّوا كَانَ لَهُمْ أَجْرُهُ

وَخَفَّ مِنْ ذَلِكَ مِيزَانِي

وَيْحَكِ يَا أَسْمَاءُ مَا شَانِي

وَاطْلُبِي وَاللَّهِ مَا شَانِي

الْمَوْتُ حَقٌّ فَاعْلَمِي أَنِّي نَازِلٌ

فَبَشِّرِي لَحْدِي وَأَكْفانِي

3025 -

أَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَبَّغَاء ، لِنَفْسِهِ، يَرْثِى أَبَا الْيَقْظَانِ عَمَّارَ بْنَ نَصْرٍ:

أَمُرُّ بِدَارِ عَمَّارِ بْنِ نَصْرٍ

فَأَمْنَحُهَا التَّحِيَّةَ وَالدُّمُوعَا

وَأَسْتَحِي رَبَّهَا أَنْ يَرَانِي بِهَا

حَيًّا وَقَدْ أَوْدَى صَرِيعًا

وَكُنْتُ بِهَا أَرُودُ الْعَيْشَ غَضًّا

بُلْبُلَة وَأَنْتَجِعُ الرَّبِيعَا

فَتَغْمُرُنِي فِي سَحَابَتِهَا انْسِكَابًا

وَتُوسِعُنِي أَهِلَّتُهَا طُلُوعًا

فَلَيْتَ كَمَا بِهَا عِشْنَا جَمِيعًا

وَحَمَّ حِمَامَهُ مِتْنَا جَمِيعًا.

3026 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عِيسَى الْإِسْكَافِيُّ نَزِيلُ قَمَّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَرَسْتَ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ النَّحْوِيُّ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: أنشدنا الأمير أبو العباس عبد الله بن المعتز لنفسه:

آه من سفرة بغير إياب

آه من حسرة على الأحباب

آه من مضجعي وحيداً فريداً

فوق فرش مر الحصا والتراب

ص: 436