الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الله عز وجل يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه.
وبعد: إن الإسلام عندما شرع تعدُّد الزوجات أكد بذلك عالمية الدعوة لأنه وضع حلولاً لكل البشر مع تعدُّد أحوالهم الفردية والاجتماعية في السلم وفي الحرب. والرخاء والكرب.
والإسلام حدد عدد الزوجات وكان قبل الإسلام متروكاً لقدرة الرجل - كما قلت.
وأوجب على الرجل حقوقاً تنظِّمُ الأسرة في المبيت والنفقة حتى الكلمة ينطق بها الرجل والابتسامة يبتسمها. اشترط الإسلام العدل النسبي بين الزوجات - كما سبق أن قلتُ.
التعدد حل لمشلكة طبيعية:
لو كان عدد النساء وعدد الرجال متساويين لتزوج كل رجل بامرأة واحدة.
ولو كان عدد النساء يزيد عن عدد الرجال؟
فللمناقشة أحد حلول ثلاثة:
يتزوج كل رجل بامرأة واحدة والباقيات يعشن راهباتٍ أو خليلاتٍ - متسولات جنسيًّا.
أو يعشن طاقاتٍ معطلاتٍ.
أو يشترك كل مجموعة منهن في رجل واحد.
من باب "ما لايدرك كله لا يترك كله"
مشكلة واقعية تحتاج لحل عملي.
ولغة الأرقام تؤكد هذه المشكلة - تؤكد زيادة عدد النساء، وإليك بعض الإحصائيات.
نقلاً عن إدارة التعبئة بمصر العربية:
المحافظة..... عدد الذكور..... عدد الإناث
كفر الشيخ.... 483 ألف.... 490 ألف
بني سويف.... 422 ألف
…
437 ألف
أسوان.... 189 ألف.... 196 ألف امرأة
وعلى القارئ أن يذكر أن عام 1960 عام سلم.
وطبيعي أن تختلف الإحصائية بعد 1967 بعد النكسة.
فأين؟. وماذا يفعل العدد الزائد من النساء؟
1-
راهبات أو خليلات؟
2-
أو تشترك مع غيرها في رجل في الحلال؟
إن نصف رجل في الحلال أو ربع رجل أفضل.
دع الله يُشرِّع لعباده، فهو أعلم بمصلحتهم.
وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
قَالَ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ".
ولعل هذا بسبب الحروب التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها في نبواءته.
روى مسلم في صحيحه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو"
وعالمية الشريعة الإسلامية تفرض صلاحيتها لكل الظروف، في السلم والحرب. والإسلام لم يفرض تعدُّد الزوجات، ولكنه أباحه.
والإسلام لم يبتدع تعدُّد الزوجات، لأنه سابق عليه في الأديان السماوية وفي الجزيرة العربية. ولكنه حدده بأربع زوجات.
واشترط الإسلام - كما سبق - قدرة الرجل على العدل وإن كان نسبياً. وقدرته على الإنفاق.
وجعل للزوجة الأولى أن تجعل من شروط زوجها ألا يتزوج عليها.
فإن خالف الشرط فلها أن تطلب الطلاق. فأي مشكلة والأمر في البقاء والطلاق بيدها؟!
قال معارضو التعدُّد:
إن التعدُّد يهدم قاعدة مساواة المرأة بالرجل.
قلنا: إن الله علم أنَّ المرأة لا تصلح إلا لزوج واحد، حتى يثبت نسب ولدها من أبيه. وحتى يتحمل مسؤولية التربية.
من هنا لم تعدُّد الزوجة الأزواج.
قال لي أحدهم: لماذا لم تعدُّد المرأة الأزواج كما يعدد الرجل الزوجات؟
فقلت له: إذا تزوج الرجل بأربعة فكم يمكن أن يرزق من الأولاد؟
قال: أربعة.
قلت: وإذا تزوجت المرأة أربعة رجال فكم يمكن أن ترزق في العام؟
قال: حمل وحد. ثم ضحك.
يقول الأستاذ العقاد:
"إن طبيعة الرجل أو الذكر عامة إذا أدى مطلب النوع مرة أن يؤدي بعده مرات بلا عائق من التركيب أو التكوين.
وليس هذا في حال الأنثى بميسور على وجه من الوجوه"
الدكتور مراد هوفمان وموضوع تعدُّد الزوجات.
أسلم. وعمل سفيراً لألمانيا في المغرب وكتب عن الإسلام.
ولكن البيئة التي ظهر فيها غير إسلامية. واللغة التي يتكلم بعا غير عربية.
فإن أخطأ فَهْمَ آية قرآنية، أو عادة من عادات العرب فله عذره.
قال: والشروط التي تبيح التعدُّد للزوجات في أغلب الأوقات تجعل التعدُّد في عصرنا مستحيلاً.
ثم ذكر الآيتين {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}
والآية الثانية {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}
وأخذ من ظاهر الآيتين صعوبة التعدد. وإن كان لم يمنعه ولم يحرمه.
واشترط الدكتور مراد هوفمان في إباحة التعدُّد أو يوجد يتامى كأبناء أخيه الذي مات فيتزوج من أرملة أخيه لكي يرعى اليتامى هذا هو رأيه بإيجاز.
وبناء على أخذه بظاهر الآيتين بدون تعمق في فهمها أخطأ الحكم على حكام المسلمين وخلفاء الإسلام فقال: تعدُّد الزوجات في بيوت الأمراء والخلفاء لا يقبله القرآن أو يجيزه وهو أمر تلقائي عفوي غير منطقي وغير إنساني.
وسبب خطأ الدكتور "هوفمان" في الحكم هو خطؤه في فهم العدل المطلوب. ظنُّه العدل المطلق.
وهو العدل النسبي - الذي تكلمت عنه. وهو تحريم الميل كل الميل لزوجة مما ينشأ عنه أن تكون الثانية كالمعلقة لا هي زوجة فتتمتع بحقوقها الشرعية ولا هي مطلقة فتبحث عن زوج:
جاء في معنى الآية الكريمة: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ}
كمال العدل.
لأن أمر النساء يغالب النفس. لأن الله جعل حُسن المرأة وخلقها مؤثران أشد التأثير على الرجل.
{فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} أي لا يفرط أحدكم بإظهار الميل إلى إحداهن أشد الميل حتى يسيء الأخرى بحيث تصير الأخرى كالمعلقة.
{كَالْمُعَلَّقَةِ} هي المرأة التي يهجرها زوجها جهرا طويلاً فلا هي مطلقة ولا هي زوجة.
وقد قالت أمُّ زرع: "زَوْجِي الْعَشَنَّقُ إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ".
وقد دلَّت الآية الكريمة على أن المحبة أمر قهري، وأن للتعلق بالمرأة أسباباً توجبه قد لا تتوفر في بعض النساء، فلا يتكلف الزوج بما ليس في وسعه من الحب والاستحسان. ولكن من الحب حظاً هو اختياري وهي تحمل ما لا يلائمه من خلقها"
فالدكتور "هوفمان" قليل المعارف باللغة التي يحتاجها الدارس لمقاصد القرآن. ومع ذلك فالدكتور منصف حاول بيان بعض الحالات التي تأتي على الرجل عادة فتكثر الأرامل.
ومثل رغبة بعض النساء في تزويج زوجها من امرأة معينة لتدرب أولادها على حبهم لأنها مريضة وستموت، وذكر من الأسباب رغبة بعض النساء من الزواج من رجل معين. وليته طبق هذا الكلام على بيوت الخلفاء.
والدكتور "مراد هوفمان" له عذره - كما قلت - لأنه نشأ وترعرع في ألمانيا فمعرفته بالإسلام وبتاريخه ومجتمعه معرفة محدودة.
أما الدكتور المهندس شحرور فلا عذر له في بلد عربي له حضارات العربية والإسلامية العريقة.
والجهود التي بذلها في كتابه جهود كبيرة. كبيرة فعلاً. لأنه يريد بهذه الجهود نقل حقائق تفوق الجبال الراسيات، نقلها إلى بركة من الأوهام.
والأصابع الكليلة لا تقوى على نقل الجبال الراسيات وأنفاس المرضى المصرورين لا تستطيع أن تطفئ ضوء الشمس.
كنت أريد أن أجمع دراستي لكتابه "الكتاب والقرآن 820 صحيفة" لأخرجها في كتاب مستقل. ولكنني رأيت أن أنقل هنا بعض ما يتعلق بموضوع الأُسْرة والمرأة ليعلم القارئ المسلم ماذا يراد بالإسلام باسم حريَّة الفكر؟
وأوجز هذه السطور عن منهج د / شحرور في كتابه ليعلم القارئ المسلم أن جهوداً كبيرة تبذل لصرف المسلم عن حقائق الإسلام.
وتشويه صورته الناصعة.
كانت هذه الجهود تبذل على يد علماء الاستشراق، وتنقل عن طريق الترجمة إلى بلادنا، هذا فيما بعد الحروب الصليبية لكن القائمين على أمر الغزو الفكري لبلاد محمد صلى الله عليه وسلم وجدوا أن القارئ والدارس لا يطمئن لكثير مما يقرأ. مهما حاول الكاتب - غير المسلم - أن يدعي الحياديَّة والموضوعية في البحث.
من أجل ذلك حاولوا صنع بعض العقول المنتسبة للعربية والإسلام لتقوم بهذه المهمة. فهناك يسمع ما تقول. واستعدوا غزوهم لبلادنا واستعمارهم لكثير منها في تربية هذا الجيل على ما أريد منه، بعد نجاحهم في اختياره.
ونقلوا بعضهم إلى بلاد الشرق والغرب لتعميق هذه المهمة.
وتشكيل عقولهم وقلوبهم.
لا أذكر أسماءهم. فليس هذا موضوعي.
ولكن أذكر غزوهم لبلادنا بالقوانين الوضعية التي أدخلوها لإبعاد الشريعة الإسلامية عن الحكم. بل وعن القضاة عامة. ولم يمض على إدخالها سوى قرن واحد حتى أصبحت قوانينهم هي المصدر الأول للتشريع في بلادنا، أو حتى في أكثرها. وأصبح بعض حملتها من أبناء البلاد - ينظرون للشريعة الإسلامية نظرة التراث الذي أتم دوره في غياب القوانين الوضعية. ويجب أن تحال الشريعة للتقاعد. وكما حدث منذ قرن في القوانين الشرعية، وتكوين عقول تؤمن وتدافع وتعمق القوانين المستورده حتى لم يبق - في بعض البلاد المسلمة من الشريعة الإسلامية سوى "الأحوال الشخصية والميراث".
حاولوا بعد ذلك صنع عقول من أبناء البلاد والمنتسبين للإسلام لغسل عقول الأجيال مما بقى من العقيدة والحضارة الإسلامية والأخلاق الإسلامية.
فجنَّدوا لنفس الأمر مجموعة من أذكياء الشباب المنتسب للإسلام أصحاب القدرة على البيان، وصنعوا لهم مجداً علمياً زائفاً، ومؤهلات عالية، وسخَّروا لهم كل وسائل الإعلام في العالم، حتى يقوموا بما أعدُّوهم له من طعن الإسلام وتشوية صورته من الداخل.
وأقلُّ سهام الداخل دامية وربما قاتله.
والآن مع المهندس الدكتور محمد شحرور وكتابه "الكتاب والقرآن"
وما يتعلق بموضوعنا فقط من هذا الكتاب.
* منهجه في الكتاب:
أولاً: يستخدم الدكتور منهج كل إخوانه من العَلْمانيين - بفتح العين - في محاولة خداع الشباب باسم حريَّة الفكر.
فهم يرجعون إلى كتب اللغة العربية وينقلون المعنى اللغوي للكلمة القرآنية، ليصرفوا الناس عن المعاني الشرعية للكلمة.
المعاني التي جاء بها الإسلام، وجاهد النبي من أجلها. وجمع الناس عليها. ومعلوم أن كل كلمة أو مصطلح إسلامي له معنى لغوي ثم أحدث القرآن له معنى شرعي. كالصلاة مثلاً معناها اللغوي الدعاء، ثم استحدث الإسلام بها المعنى المعروف.
والزكاة. معناها اللغوي النماء والزيادة.
والحج معناه اللغوي القصد إلى أي مكان عظيم.
ثم استخدم الإسلام هذه الألفاظ في معانيها الإسلامية.
فإذا حاول العلمانيون تفسير القرآن الكريم بالمعاني اللغوية السابقة على الاستعمال الإسلامي فهذه انتكاسه فكرية.
وهدم لما أحدثه الإسلام من معاني.
وتجريد الساحة من المفاهيم الإسلامية:
ويظهر هنا جيداً في كلمة "الشريعة" بالذات. فكتب اللغة تقول: الشريعة هي شرعة الماء. التي تطلق عليها اللهجة المصرية اسم "ترعة" أي مجرى الماء. ثم استعير اسم الشريعة من مجرى الماء واستعمل للطريقة الإلهية. تشبيها بتشريعة الماء.
ووجه الشبه - كما قال الراغب الاصفهاني:
المنافع في المعنيين - من ريّ وتطهير.
وأصبحت كلمة الشريعة بمعناها الإسلامي الجديد تعني أحكام الله
…
هداية للناس، ومنهج تربية لهم، وحاكمه لحكامهم {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا}
ومعلوم أن بعد الإسلام لا يمكن أن نرجع إلى المعنى اللغوي ونهمل المعاني الشرعية {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}
فمنذ العهد المكي والقرآن يستخدم كلمة الشريعة بثوبها الجديد ومعناها الإسلامي.
واستمر الاستخدام القرآني للكلمة حتى آخر العهد المدني عندما نزلت سورة المائدة آية 18 - التي ذكرناها وسوف تبقى.
وقد فهم المشركون في مكة المقصود من كلمة الشريعة بمعناها الجديد.
فلم يقل أحد منهم للنبي صلى الله عليه وسلم أين الشرعة التي جعلك الله عليها. لتحول مكة إلى وادٍ ذي زرع.