الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أراد والد النعمان أن يمنحه غلاماً هدية، فطلبت أمُّ النعمان - عمرة بنت رواحة - من الأب أن يُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله إني أعطيت ابني هذا عطية فأمرتني أمُّه أن أشهدك؟
فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أعطيتَ سائر ولدك مثل هذا؟
قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
ارجع فرد عطيته.
وفي طريق مسلم زاد: فرجع أبي فرد تلك الصدقة.
وفي رواية أخرى لمسلم قال صلى الله عليه وسلم "فلا أشهد على جور"
وفي رواية المغيرة عن الشعبي عن النعمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أشهد على ذلك غيري"
والمراد بهذه الرواية هو الوعيد، وليس على إباحة الشهادة، كقوله تعالى {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}
وكالتهديد في قوله تعالى {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ}
وفي رواية عبد الله بن عون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير: أليس تريد منهم - أي من سائر ولدك البر؟ مثل ما تريد منه؟
قال: بلى.
قال: فإني لا أشهد.
* * *
*
الهبة لسبب:
وربما كان العدل يقتضي تمييز أحد الأولاد عن إخوته لصغره - مثلاً - بينما أتم إخواته الدراسة، أو لمرض مزمن يحتاج إلى علاج.
فيدفع له الأب ما يستعين به على العلاج، أو تزوج البعض والباقون لم يتزوجوا.
وساقوا في هذا الموضوع أن ابن عمر رضي الله عنهما اشترى أرضاً من رجل من الأنصار، ثم جعلها لولده واقد.
وقال: هو مسكين.
وإن كان العلماء لم يسلموا بصحة الرواية لأن في الرواية لهيعة.
وهو ساقط الحديث.
ومعلوم أن هذا المنع حرص من الإسلام على وحدة البيت، وودِّ أهله.
فإن وافق إخوته على هذه الهبة فهم وما يريدون. والحق لهم.
ويكونون بسماحهم قد أعطوا أخاهم. فالعطاء منهم.
وورد نفس المعنى في حديث جابر.
وجاء نفس المعنى عن ابن عباس عند الطبراني والبيهقي. وفيه
"سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِى الْعَطِيَّةِ فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلاً أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ"
وقد نقل الإمام الشوكاني في نيل الأوطار عشرة نقاط في توجيه الحديث وناقش كل رأي بعلمه الفائق ولم تثبت أكثرها ومن يرغب في دراستها فليرجع للجزء السادس ص 8 من نيل الأوطار.
وبعض الروايات نقول إن الهدية حديقة عند ولادة النعمان وبعض الروايات تقول إن الهدية غلام، وكان النعمان يمشي بجوار والده.
فهل تكررت القصة؟ وظن بشير لأن الحكم يختلف من الحديقة إلى الغلام؟
أم كل راوٍ أخبر بما وصله؟
على أي حال ليس هذا من مقاصدنا في موضوع الأسرة.
وحسبنا ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم من وجوب العدل بين الأولاد إلا لضرورة توجب إعطاء أحدهما أكثر حتى تنكشف الضرورة أو يَرضى إخوتُه.
* * *
أخيراً: زواج النبي صلى الله عليه وسلم
سبق أن تحدثت في هذا الموضوع في محاضراتي لطلاب جامعة القاهرة 1973. وخلاصة الموضوع في سطور
…
أولاً: تعدُّد الزوجات حل لمشكلة طبيعية لم يثبت في التاريخ
حلًّا "نظيفاً" غير تعدُّد الزوجات.
والإسلام قيَّده. ولم يبتدعه. لأنه كان معروفاً قبله.
وقد عدد سيدنا سليمان عليه السلام الزوجات كما قالت التوارة - التي بين أيدي الناس - تزوج ثلثمائة امرأة بعقد دائم وسبعمائة امرأة من الإماء، ألف، امرأة في بيت سليمان عليه السلام مسألة لا يثيرها أحد، وتسع نساء إذا استثنيا عائشة، فالباقيات ثيِّبات وأكثرهن عجائز.
مسألةٌ لا ينظر الغرب للنبي صلى الله عليه وسلم إلا من خلالها.
ثانيا: أباح الإسلام أن يجمع الرجل أربع نساء.
فما بال النبي صلى الله عليه وسلم جمع تسعاً؟
وأجبتُ عن هذا السؤال بأن الآية الكريمة التي حدَّدت الزوجات بأربع آية من سورة النساء {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}
وسورة النساء نزلت في السنة الثامنة من الهجرة لأنها نزلت بعد سورة الممتحنة.
ومعلوم أن سورة الأحزاب - في السنة الخامسة - والتي نزل فيها {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف نصاً قرآنياً أبداً.
لأن استكمال العدد كان قبل التحديد بأربع.
ثالثاً: عند نزول آية النساء التي حددت العدد المباح بأربع نساء فقط طلب النبي صلى الله عليه وسلم من كل رجل عنده أكثر من أربعة أن يمسك الأربع ويطلق الباقيات.
ونسأل: فلماذا لم يطلق النبي صلى الله عليه وسلم الزائدات؟
أقول: أي امرأة تُطلق فسوف تقضي عدتها وتتهيأ لزواج جديد.
ولكن نساء النبي صلى الله عليه وسلم هن أمهات المؤمنين {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}
من أجل تكريم هذه الأمومة حرمهن الله على المؤمنين {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}
فطلاق نساء النبي صلى الله عليه وسلم يعني بقائهن بدون زوج فأبقاهن - سبحانه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ}
وهناك سبب آخر لبقاء نساء النبي صلى الله عليه وسلم وعدم طلاقهن.
زوجات النبي يمثلن رسالة ومهمة في الدعوة الإسلامية سوف نتحدث عنها في أسباب تعدُّده للزوجات.
فهو زواج إنساني
وزواج تشريعي
وزواج سياسي
ثم تبليغ لدقائق أمور الشريعة.
وطلاق واحدة منهن يعني هدم السبب الذي تم الزواج من أجله.
فحفاظاً على المقاصد الكبيرة لهذا الزواج أذن الله في بقائهن.
رابعاً: هل بقاءهن ميزة فضَّلَ الله بها النبي صلى الله عليه وسلم
قلت: الأفضل أن نقول إنها خاصية خصَّ الله بها النبي فهل هي ميزة؟
رجل عنده ولدان يدرسان بالجامعة.
أعطى الأول ألف ريال. وقال له: ليس لك غير هذا المبلغ.