الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هكذا يظهر لنا خطر المنهج العَلْماني في تفسير القرآن باللغة العربية فقط بعيداً عن التفسير بالمأثور وبمصطلحات فقهاء الأمة.
لقد وصلت جرأة المهندس شحرور عندما يدعي أنه يصحح أخطاء تفسير العلماء المسلمين لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
أن يُقسِّم - كما سبق أن ذكرتُ - جسم إلى جيوب وغير جيوب.
ويعتبر الجيوب - الفرج والإست وتحت الثديين زينة باطنة.
لا يجوز للمرأة أن تتعمد ظهورها.
وما عدا ذلك وهو كل جسدها زينة ظاهرة كالشعر والبطن والظهر والفخذين ثم يقول: والله - سبحانه - قد خلق الرجلَ والمرأةَ عُراةً دون ملابس ص 606.
* * *
مفهوم العورة في السنة:
إن العَلْمانيين يريدون عزل الأمة عن شرع الله. إن العورة في الإسلام - كما يقول صاحب "مدارج السالكين":
"ومن المحرمات النظر إلى العوارت.
وهي قسمان:
عورة وراء الثياب.
وعورة وراء الأبواب.
وقد وصل حرص الإسلام على صيانة العورات إلى وراء الأبواب -
وهي الأخف من العورتين - أن من نظر في العورة التي وراء الأبواب فرماه صاحب العورة ففقأ عينه لم يكن عليه شيء، وذهبت عينه هدراً بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المتفق
عليه عند البخاري ومسلم: "قَالَ مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ".
وفي رواية أبي داود "فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَقَدْ هَدَرَتْ عَيْنُهُ"
وهذا إذا لم يكن للناظر سبب يبيح له النظر كريبة هو مأمور بمراقبتها.
وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من كشف العورة أحاديث كثيرة. وفي بيان المراد منها.
وحدَّدت كتب الفقه المراد من العورة. وأحكامها.
ولكن شحروراً - ككل العَلْمانيين - يريدون هدم الحق باسم حريَّة الرأي والفكر، ولست أدري ما هي حدود الحرية التي يجب أن يتمتع بها الكاتب ويقف عندها لضمان سلامة المقدسات. فأنت حر ما لم تضر.
والإضرار بالمقدسات أعظم.
وهم لا يريدون للكاتب حريَّة إلا في مجال طعن الإسلام.
ولكل حضارة مقدسات لا يسمح لأحد تحت أي شعار أن ينال منها.
والولايات المتحدة وهي تدَّعي حماية الحرية وحقوق الإنسان هل تسمح لأحد باسم حريَّة الفكر أن ينادي بعزل أقليم واحد من أقاليمها؟
أما أن يجرُء الكُتَّاب المنتسبون للإسلام إلى طعن مقدساته ففاعل ذلك مفكرٌ، وحرٌّ ومَن يردُّ عليه من علماء الدين فهو يحاول الحجر على عقول الآخرين هكذا يعيش الإسلام في غربة نهايتها غير الله.
الدكتور شحرور يتابع منهجه في إفساد معاني القرآن لغوياً.
ومرة ثانية نلتقي مع الدكتور ومنهجه في تحريف آيات الله باسم التفسير اللغوي للقرآن ودعوى تصحيح ما أخطأ علماء الإسلام فهمه.
أليس من العجيب أن المهندس شحرور يدعي أنه يصحح لعلماء الإسلام فهمهم؟!!
جاء هذا في حديثه عن النظام الاقتنصادي في الإسلام وجعل أصله هو
"متاع الحياة الدنيا"
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا}
المهم أنه تعرض للآية الكريمة {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}
أول شيء أنه قال: إن الآية متشابهة وهي بحاجة إلى تأويل - وهو مطابق الآية مع العقل والحقيقة.
ثم ادَّعى أن أخذ الآية على لفظها يجعل النساء مذكورات مع الخيل المسمومة والأنعام من الإبل والبقر والغنم ثم يقول: وهذا الفهم الخاطئ الشنيع هو الذي سمح للفقهاء المسلمين، وللمسلمين بشكل عام بأن يعاملوا المرأة كالغنم والبقر على أنها شيء من الأشياء. ص 641.
هل هذا صحيح؟
هل فقهاء المسلمين، بل والمسلمون بشكل عام يعاملون المرأة كالغنم والبقرة؟ ولماذا لم يجعل حب المرأة هو الأصل وقد عطف القرآن عليها الولد وهو أغلى شيء، ثم عطف عليهما الذهب والفضة. أم هي سموم العلمنة، وأكاذيب شحرور؟!!
ثم يأتي إلى ألفاظ الآية الكريمة بعد أن نفث سمه واستراح.
فيقول الدكتور شحرور:
إن القرآن استخدم كلمة النساء بمعنى أزواج الرجال {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}
ولكن في آية الزينة - التي معنا - النساء معناها اللغوي الشيء المتأخر. لأنها من النسأ وهو التأخير {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"
فالنساء جمع امرأة وجمع نسأ وقد فهم المفسرون الأوائل هذا الفهم.
ثم لا يفوته أن يغمزهم فقال: فهِمُوا بشكل بدائي جداً هذا المعنى عندما قالوا: إن الله خلق آدم ثم خلقت منه حواء - يعني الأنثى خلقت متأخرة عن الذكر. ولهذا سميت الأنثى نساء من التأخير.
كل هذه المقدمات التي اختصرتها يريد الدكتور أن يقول: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} يعني الأشياء المتأخرة.
وليس النساء الأمهات والزوجات يفسر "نِساء" بكسر النون من النسأ في الكفر" أي تأخير بعض الشهور عن وقتها تلاعباً بالأشهر الحرم.
فيقول: الناس يحبون السيارة المتأخرة الصنع. ويحبون العمارة المتأخرة البناء، ويحبون الثوب المتأخر الصناعة - يحبون الموديل الجديد دائماً.
ثم يقول: ولو فسرنا النساء بمعنى المرأة فكيف تشتهي المرأة المرأة؟
وهو يعلم أن المرأة قد تشتهي إنجاب الولد وملك الذهب.
فزين للرجال ما يشتهون. وزين للنساء ما يشتهين.
زين للرجال الولد والذهب والخيل المسمومة والأنعام والحرث وزين للنساء ما يحتجن إليه مما ذكر في الآية الكريم.
ولو كان المراد القرآني هو التأخير - كما يدعي الدكتور شحرور لفتح النون في قوله من "النِّساء".
إن كل ما يهدف إليه شحرور هو صرف الناس عن معاني القرآن الشرعية، وشغلهم عنها بالمعاني اللغوية، وحتى ينشغل الناس عن مراد الله من قرآنه. ومن شريعته، فالشريعة في اللغة هي "شرعة الماء" فليطمئن حكام المسلمين فالعَلْمانيون يعدون جيلا لا يعرف شيئاً عن شريعة الله. ولا عن الإسلام كله.
مرة ثانية مع كتاب شحرور وموضوع تعدُّد الزوجات:
بعد أن عرفنا منهجه وهو يحاول إلغاء المعاني التي استحدثها الإسلام، ويعمل على الرجوع لمعاني اللغة العربية التي كانت قبل الإسلام، ليفسر بها القرآن نلتقي معه وهو يتحدث عن تعدُّد الزوجات.
وقد سبق في حديثي عن تعدُّد الزوجات عند الدكتور (مراد هوفمان)
أن صححت بعض ما التبس عليه لأنه ليس عربياً فمعرفته بالقرآن محدودة ومعرفته بالتاريخ الإسلامي كذلك. فله عذره.
ولكن الدكتور شحرور عربي لا عذر له.
منهجه في تعدُّد الزوجات أنه يقول بجواز الزوجة الثانية أو الثالثة بشرط أن تكون من الأرامل ذات اليتامى وحاول أن يستدل على ذلك بالآية الكريمة
والآية الكريمة تتحدث عن محاولة التوصي على اليتيمة أن يتزوج بها بدون مهر أو يزوجها ولده بدون مهر المثل. والآية ضمن آيات النساء في الحفاظ على مالهن المكتسب أو هو المهر أو مالهن الموروث.
فكان معنى الآين إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فلا تتزوجوا منهن، وانكحوا ما طاب لكم من النساء غيرهن.
فالنساء من غير اليتامى كثيرات.
وهذا ما عليه المحققون من أولي العلم.
وواضح مهن الآية (127 النساء) أنها تؤكد المعنى الذي ذكرناه في الآية الثالثة من السورة الكريمة - سورة النساء - تؤكد تحريم الوصي لليتيمة بالزواج منها من غير دفع المهر لها.
جاء في قوله تعالى: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}
وما كتب لهن هو الصداق الذي كتب لهن، وما ورثته من آبائهن.
والذي يُفتى في هذا الموضوع لأهميته هو الله {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}
وليس بعد فتوى الله فتوى.