المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ الْفَقْرِ - إصلاح المال

[ابن أبي الدنيا]

الفصل: ‌ ‌بَابُ الْفَقْرِ

‌بَابُ الْفَقْرِ

ص: 121

440 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ ، وَكَانَ خَيَّارًا ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ فُرَافِصَةَ ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كَادَ الْحَسَدُ يَغْلِبُ الْقَدَرَ ، وَكَادَ الْفَقْرُ يَكُونُ كُفْرًا»

ص: 121

441 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْجَعْدِ بْنِ قَتَّةَ ، قَالَ:«نِعْمَ الشَّيْءُ الْفَقْرُ ، لَوْلَا أَنَّهُ يَثُورُ فِيهِ قَتَارُ الْكُفْرِ»

ص: 121

442 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ جَاعِلَ اللَّيْلِ سَكَنًا ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ ، وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ ، وَأَمْتِعْنِي بِسَمْعِي ، وَبَصَرِي ، وَتَوَفَّنِي فِي سَبِيلِكَ»

ص: 121

443 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ ، عَنِ الْجَرَّاحِ ، عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ ، عَنْ أَشْيَاخِهِ ، رَفَعَهُ قَالَ:«كُرْهُ الْحَقِّ مِنَ الْكُفْرِ مَخَافَةَ الْآفَاتِ عَلَى دِينِهِ»

ص: 121

444 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ»

ص: 121

445 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ ، حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ شَيْخٍ ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَرْبَعٌ مِنْ قَوَاصِمِ الظَّهْرِ: إِمَامٌ تُطِيعُهُ وَيُضِلُكَ ، وَزَوْجَةٌ تَأَمْنُهَا وَتَخُونُكَ ، وَجَارٌ إِنْ عَلِمَ خَيْرًا سَتَرَهُ وَإِنْ عَلِمَ شَرًّا نَشَرَهُ ، وَفَقْرٌ حَاضِرٌ لَا يَجِدُ صَاحِبُهُ عَنْهُ مُتَلَدِّدًا "

ص: 122

446 -

حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ابْنُ أُخْتِ سُفْيَانَ عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى ، وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ الضُّلَّالُ بَعْدَ الْهُدَى ، وَاسْتَعِذْ مِنْ صَاحِبٍ إِنْ ذَكَرْتَ لَمْ يُعِنْكَ ، وَإِنْ نَسِيتَ لَمْ يُذَكِّرْكَ»

ص: 122

447 -

حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوَفِي قَالَ:«الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ»

ص: 122

448 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ الْأَزْهَرِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: ثَلَاثَةٌ أَحْيَاءٌ أَمْوَاتٌ: رَجُلٌ عَقِيمٌ ، وَرَجُلٌ أَبْرَصُ ، وَرَجُلٌ افْتَقَرَ بَعْدَ غِنًى "

ص: 122

449 -

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي الْقَوْمِ ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: «مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْثِرْ نَدِمْ ، وَالْحَاجَةُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ ، وَالْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ»

ص: 122

450 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: «يَا بُنَيَّ ، ذُقْتُ الْمَرَارَ كُلَّهُ ، فَلَمْ أَذُقْ شَيْئًا أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ»

ص: 122

451 -

حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الْفَايِدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الْمَدَنِيِّ ، قَالَ: وَقَفَ رِجَالٌ عَلَى أَيُّوبَ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي مَزْبَلَةٍ وَتَحْتَهُ فَرْوَةٌ ، فَأَمْسَكُوا عَلَى أَنْفِهِمْ مِنْ

⦗ص: 123⦘

رِيحِهِ وَقَالُوا: يَا أَيُّوبُ ، لَقَدْ كُنْتَ تَعْمَلُ أَعْمَالًا لَوْ كَانَتْ لِلَّهِ عز وجل مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِكَ هَذَا الْبَلَاءَ. قَالَ أَيُّوبُ: قَاتَلَ اللَّهُ الْغِنَى مَا أَعَزَّهُ لِأَهْلِهِ ، وَقَاتَلَ الْفَقْرَ مَا أَذَلَّهُ لِأَهْلِهِ ، أَيْ رَبِّ ، أَفِي ذُنُوبِي أَخَذْتَنِي فَوَعِزَّتِكَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا عَرِيَ لِي جَارٌ وَلِي فَضْلُ ثَوْبٍ ، وَلِأَنِّي لَأَسْمَعُ الْعَبْدَ يَحْنَثُ بِالِاسْمِ مِنْ أَسْمَائِكَ فَأُكَفِّرُ عَنْهُ إِجْلَالًا لَكَ "

452 -

أَنْشَدَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ الْأَزْدِ ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَاهِلَةَ:

[البحر الطويل]

سَأُعْمِلُ نَصَّ الْعِيسِ حَتَّى يَكُفَّنِي

غِنَى الْمَالِ يَوْمًا أَوْ غِنَى الْحَدَثَانِ

فَلَلْمَوتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ يُرَى لَهَا

عَلَى الْمَرْءِ بِالْإِقْلَالِ وَسْمُ هَوَانِ

مَتَى يَتَكَلَّمْ يُلْغَ حُكْمُ كَلَامِهِ

وَإِنْ لَمْ يَقُلْ قَالُوا: عَدِيمُ بَيَانِ

كَأَنَّ الْغِنَى عَنْ أَهْلِهِ بُورِكَ الْغِنَى

بِغَيْرِ لِسَانٍ نَاطِقٌ بِلِسَانِ

453 -

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَا رَأَيْتُ الْحَزَامَةَ فِي الرَّأْيِ الْبَعِيدِ مَسَافَةَ النَّظَرِ اللَّطِيفِ فِي الْعِلْمِ بِغَوَامِضِ الْأُمُورِ حَدَثًا مِنَ التَّعَضُّلِ مُوحِشَ الْجَوَانِبِ مِنَ الْعَدَمِ قَدْ عَفَى عَلَى حُسْنِ تَدْبِيرِهِ تَعَذُّرُ الْأُمُورِ عَلَيْهِ ، وَأَخْلَقَ عَقْلَهُ الْإِقْتَارُ ، وَكَأَنَّهُ بِمَعْزِلٍ مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَفُزْ مِنْهَا مَا يَسْتَنْبِطُ مُبْهَمَ مَكْنُونِهِ ، وَلَا تَهَدَّلَتْ غُصُونُهَا عَلَيْهِ فَيَفْهَمُونَهُ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ أَرْضُونَ تَجُولُ فِيهَا الْأَبْصَارُ ، وَمَنْ عَمَّرَتْ بِهِ الدُّنْيَا بِزَبْرَجِهَا أَبْهَجَ النَّاظِرَ بِالْتِفَافِ حَدَائِقِهِ ، وَعَمُرَ مَرْعَاهُ مِنَ الرَّاتِعِينَ فِيهِ ، فَاتَّقَى الْمُتَأَمِّلِينَ لَهُ بِعَمِيمِ نَبْتِهِ وَقَدْرِ مَجْنَى ثَمَرِهِ ، وَإِذَا تَعَطَّلَ الْكَامِلُ عَنْ عُمْرَانِ الزَّمَانِ وَضَرَبَ عَزَالَى الْأَيَّامِ أَقْفَرَتْ بِقَاعُ عِلْمِهِ وَأَجْدَبَ مَكَارِمَ حَدَائِقِهِ ، وَإِنْ كَانَ كَرِيمَ الْمُسْتَنْبَطِ عَطِرَ الْمُسْتَثَارِ ، وَإِنَّمَا قَايَسَ عُنُونَ الْهَوَامِّ بِمَا أَبَقَ مِنَ الْمَنَاظِرِ بِوَحْشَةِ الْبَلَدِ الْخَالِي مِنَ الْعِمَارَةِ

454 -

وَقَالَ حَسَّانُ:

[البحر الخفيف]

رُبَّ حِلْمٍ أَزْرَى بِهِ عَدَمُ الْمَا

لِ وَجَهْلٌ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعِيمُ

455 -

أَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، لِهَانِي بْنِ تَوْبَةَ:

[البحر الوافر]

يَجِيئُ النَّاسُ كُلَّ غَنِيِّ قَوْمٍ

وَيُبْخَلُ بِالسَّلَامِ عَلَى الْفَقِيرِ

وَيُوسَعُ لِلْغَنِيِّ إِذَا رَأَوْهُ

وَيُحْيَّا بِالتَّحِيَّةِ كَالْأَمِيرِ

أَلَيْسَ الْمَوْتُ بَيْنَهُمَا سَوَاءً

إِذَا هَلَكَا وَصَارَا فِي الْقُبُورِ

⦗ص: 124⦘

456 -

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَا مِنْ خَصْلَةٍ مِنَ الْخِصَالِ هِيَ لِلْغَنِيِّ مَدْحٌ إِلَّا وَهِيَ لِلْفَقِيرِ عَيْبٌ ، فَإِنْ كَانَ الْغَنِيُّ مِقْدَامًا يُسَمَّى شُجَاعًا ، وَإِنْ كَانَ الْفَقِيرُ مِقْدَامًا سُمِّيَ أَهْوَجُ ، وَإِنْ كَانَ الْغَنِيُّ بَلِيغًا سُمِّيَ خَطِيبًا ، وَإِنْ كَانَ الْفَقِيرُ بَلِيغًا سُمِّيَ مِهْذَارًا ، وَإِنْ كَانَ الْغَنِيُّ رَكِينًا سُمِّيَ حَلِيمًا ، وَإِنْ كَانَ الْفَقِيرُ رَكِينًا سُمِّيَ ثَقِيلًا وَإِنْ كَانَ الْغَنِيُّ صَمُوتًا سُمِّيَ زَمِيتًا وَإِنْ كَانَ الْفَقِيرُ صَمُوتًا سُمِّيَ غَبِيًّا ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ مِنَ الْحَاجَةِ الْمُضْطِرَّةِ إِلَى النَّاسِ

457 -

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

[البحر الطويل]

لَعَمْرُكَ إِنَّ الْقَبْرَ خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ

لِمَنْ كَانَ ذَا يُسْرٍ فَأَصْبَحَ ذَا عَسُرِ

وَمَنْ لَمْ يَزَلْ يَغْذُ بِأَفْضَلِ نِعْمَةٍ

مُقِيمًا وَلَمْ يَلْحَظْ بَانَ لَهُ الدَّهْرُ

وَلَلْمَوتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةِ مُكْرَمٍ

وَمَنْ يَسْأَلْ مُكْدِيًا أَخَافَهُ الْفَقْرُ

458 -

أَنْشَدَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ:

إِذَا قَلَّ مَالُ الْعَبْدِ قَلَّ صَفَاؤُهُ

وَضَاقَتْ عَلَيْهِ أَرْضُهُ وَسَمَاؤُهُ

وَأَصْبَحَ لَا يَدْرِي وَإِنْ كَانَ حَازِمًا

أَقُدَّامَهُ خَيْرٌ لَهُ أَوْ وَرَاءَهُ

459 -

وَقَالَ آخَرُ:

[البحر الطويل]

إِذَا قَلَّ مَالُ الْمَرْءِ قَلَّ صَدِيقُهُ

وَضَاقَ بِهِ عَمَّا يُرِيدُ طَرِيقُهُ

وَذَمَّ إِلَيْهِ خِدْنُهُ طَعْمَ عُودِهِ

وَقَدْ كَانَ يَسْتَحْلِيهِ حِينَ يَذُوقُهُ

460 -

وَقَالَ آخَرُ:

إِذَا قَلَّ مَالُ الْمَرْءِ لَانَتْ قَنَاتُهُ

وَهَانَ عَلَى الْأَدْنَى فَكَيْفَ الْأَبَاعِدُ

وَصَارَ ذَلِيلًا فِي الْعَشِيرَةِ وَاجْتَرَتْ

عَلَيْهِ أَكُفٌّ تُزْدَرَى وَسَوَاعِدُ

ص: 122

462 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ: «جَفَانِي إِخْوَانِي حِينَ قَلَّ مَالِي»

ص: 124

463 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ بِلَالِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَكَانَ ، قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَرِضَ فَقِيلَ: أَيْنَ بَنُوكَ؟ فَقَالَ: قُلْتُ: هَا هُمْ أُولَائِي. قَالَ: قَالَ: فَأْتِنِي بِهِمْ ، قَالَ: فَأَمَرْتُ أَهْلِي فَأَلْبَسُوهُمْ قُمُصًا بَيْضَاءَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهِمْ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أُعِيذُهُمْ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ ، وَمِنْ ضَلَالَةِ الْعَمَلِ ، وَمِنَ السَّآمَةِ وَمِنَ الْفَقْرِ إِلَى بَنِي آدَمَ»

ص: 125

464 -

حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «جَهْدُ الْبَلَاءِ أَنْ تَحْتَاجُوا ، إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَيَمْنَعُوكُمْ»

ص: 125

465 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ: قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: «يَنْبَغِي مَعَ الْحَاجَةِ إِيمَانٌ قَوِيٌّ وَعَقَلٌ شَدِيدٌ»

ص: 125

466 -

حَدَّثَنِي الْحَكَمُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي الْحُصَيْبِ يَسَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ:" جَهْدُ الْبَلَاءِ: كَثْرَةُ الْعِيَالِ ، وَقِلَّةُ الشَّيْءِ "

ص: 125

467 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ ، حَدَّثَنَا حُجْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، قَالَ: أَمَرَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِرَجُلٍ مِنَ الرُّومِ ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ. فَقَالَ: جَهْدُ الْبَلَاءِ؟ إِنَّ جَهْدَ الْبَلَاءِ عِنْدَكُمْ ضَرْبُ الْأَعْنَاقِ؟ . قَالَ: إِنَّا نَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ: " إِنَّ جَهْدَ الْبَلَاءِ: الْفَقْرُ بَعْدَ الْغِنَى "

ص: 125

469 -

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ: سَأَلَ زِيَادٌ جُلَسَاءَ فَقَالَ: «مَنْ أَنْعَمُ النَّاسِ؟» . قَالُوا: مُعَاوِيَةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: «فَأَيْنَ جُنُودُهُ؟ وَأَيْنَ أُمُورُهُ؟» . قَالُوا: فَأَنْتَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ. قَالَ: «فَأَيْنَ جُنُودِي ، وَأَيْنَ ثُغُورِي؟» . قَالُوا: فَمَنْ؟ . قَالَ: «شَابٌّ مُتَعَبِّدٌ لَهُ سَدَادٌ مِنَ الْمَعِيشَةِ ، لَا يُطِيفُ بَأَبْوَابِنَا»

ص: 125

470 -

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْكِنْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَاصِمٍ الْمَارِيُّ ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: " الدُّنْيَا فِي ثَلَاثٍ: الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ ، وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الذِّكْرَةِ ، وَقِوَامٍ مِنْ عَيْشٍ لَيْسَ بِكَ فِيهِ إِلَى أَحَدٍ حَاجَةً ، وَلَا لِأَحَدٍ فِيهِ عَلَيْكَ مِنَّةٌ "

ص: 126

471 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَشْهَبَ التَّمِيمِيُّ ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ ، قَالَ: قَالَ الْكُمَيْتُ وَأَنَا أُحَادِثُهُ: يَا أَبَانُ يُخَيَّرُ النَّاسُ فَقْرًا أَوِ ارصت هَؤُلَاءِ ، فَإِنَّ الْفَقِيرَ بريكه مِنَ البرايك لَا يَعْبَأُ بِهَا وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا ، وَأَنْشَدَنِي قَوْلَهُ:

[البحر الطويل]

مَا أَنْتَ وَمَا أَكَلْتَ إِلَّا تَرَكْتَهُ

كَمَا تَرَكَتْ فِي بَيْتِهَا حُلْوُ الْعَمَلِ

ص: 126

472 -

حَدَّثَنِي. . . . . قَالَ: كَانَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يَتَمَثَّلُ:

[البحر الطويل]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفَقِيرَ يَهْجُرُ بَيْتَهُ

وَأَنَّ الْغَنِيَّ يُهْدَى لَهُ وَيُزَارُ

وَمَاذَا يَضُرُّ الْمَرْءُ مَنْ كَانَ جَدُّهُ

إِذَا سُرِحَتْ شَوَّلٌ لَهُ وَعِشَارُ

ص: 126

474 -

حَدَّثَنِي رَجُلٌ ، مِنْ قُرَيْشٍ مَوْلَى لِبَنِي هَاشِمٍ قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: «مَا رَحِمْتُ مِثْلَ رَحْمَتِي قَوْمًا فِي نِعْمَةٍ ثُمَّ أَصَابَهُمْ فَاقَةٌ»

ص: 126

475 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَائِشَةَ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ ، قَالَ:" كَانَ رَجُلٌ مِنْ آلِ آزَارَ مُبَرَّدُ الْعُوَيْدِ بِالْإِيلَةِ ، فَأَصَابَتْهُ حَاجَةٌ ، فَأَغْلَقَ الْبَابَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُ شَيْئًا أَبَدًا ، فَمَاتَ جُوعًا وَلَمْ يَسْأَلْ "

476 -

وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ ، قَالَ: إِذَا افَتَقَرَ الرَّجُلُ اتَّهَمَهُ مَنْ كَانَ لَهُ مُؤْتَمِنًا ، وَأَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ مَنْ كَانَ يَظُنُّ بِهِ حَسَنًا

ص: 126

477 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ

⦗ص: 127⦘

: " شَهِدَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَرَدَّ شَهَادَتَهُ ، فَقَالَ:«أَيْنَ يَذْهَبُ الرَّجُلُ فَقِيرٌ ، الرَّجُلُ فَقِيرٌ»

ص: 126

478 -

أَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، لِرَجُلٍ يَقُولُ لِابْنِهِ:

أَلَا خَلِّنِي أَمْضِي لَشَأْنِي وَلَا أَكُنْ

عَلَى الْأَهْلِ كَلًّا إِنَّ ذَاكَ شَدِيدُ

غَدَوْتُ فَأَحْسَنْتُ الْغَدَا وَلَمْ أَزَلْ

أَعْرِفُ مِثْلَ الْبِرِّ وَأَنَا وَلِيدُ

وَإِنْ تَرَكَتْ مِنْكَ السُّنُونَ بَقِيَّةً

فَنَفِّذْ كَمَا كُنَّا وَأَنْتَ خَلِيدُ

كَبِرْتُ وَعَجْزٌ إِنْ كَبِرْتَ إِقَامَتِي

وَأَنْتَ عَلَى ضَعْفٍ عَلَيَّ تَعُودُ

فَدَعْنِي أَجُولُ فِي الْبِلَادِ لَعَلَّنِي

يَسُرُّ صَدِيقِي أَوْ يَسُوءُ حَسُودُ

أَلَمْ تَرَنِي تُعْصَى مَكَانِي لِأَنَّنِي

مُقِلٌّ وَإِنِّي فِيهِمُ لَحَمِيدُ

وَلَوْ كُنْتُ ذَا مَالٍ لَقُرِّبَ مَجْلِسِي

وَقِيلَ إِذَا أَخْطَأْتُ أَنْتَ رَشِيدُ

ص: 127

479 -

وَأَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، وَالشَّعَرُ لِعُرْوَةَ بْنِ الْوَرْدِ الْعَبْسِيِّ ، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ أَبِي قَالَ:

[البحر الوافر]

ذَرِينِي لِلْغِنَى أَسْعَى فَإِنِّي

رَأَيْتُ النَّاسَ شَرَّهُمُ الْفَقِيرَ

وَأَخْمَلَهُمْ وَأَهْوَنَهُمْ عَلَيْهِمْ

وَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِعَمٌ وَخَيْرُ

يُبَاعِدُهُ الْبَذِيءُ وَتَزْدَرِي بِهِ

حَلِيلَتُهُ وَيَنْهَرُهُ الصَّغِيرُ

وَقَدْ تَلْقَى الْغَنِيَّ لَهُ جَلَالٌ

يَكَادُ فُؤَادُ صَاحِبِهِ يَطِيرُ

وَزَادَنِي غَيْرُهُ:

قَلِيلٌ عَيْبُهُ وَالْعَيبُ جَمٌّ

وَلَكِنْ لِلْغِنَى رَبٌّ غَفُورُ

ص: 127

481 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُورَةَ السُّلَمِيُّ الْبَلْخِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ ، قَالَ: قَالَ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ: «الْفَقْرُ الَّذِي كَانَ يُتَعَوَّذُ مِنْهُ فَقْرُ الْقَلْبِ»

ص: 128

482 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَرْمَانِيُّ ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ: " الْفَقْرُ: الْمَوْتُ ، وَيَرَوْنَ الْفَقْرَ هُوَ قِلَّةُ الشَّيْءِ ، الْفَقْرُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ مَا جَاءَ: قِلَّةُ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ عز وجل وَقَسْمِهِ ، لَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل النَّاسَ فَبَدَأَ بِهِمْ ، فَقَالَ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: 8] "

ص: 128

483 -

أَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاعِرُ:

[البحر الطويل]

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَقْصُرْ هَوَاهُ بِرَأْيهِ

تَرَدَّى كَثِيرًا فِي مَهَاوِي الْمَطَامِعِ

فَعِشْ مُعْدَمًا أَوْ مُتْ فَقِيرًا وَلَا تَكُنْ

بِدَهْرِكَ فِي كُلِّ الْأُمُورِ بِتَابِعِ

فَمَا كَانَ مَالٌ زَائِنًا مَنْ أَصَابَهُ

وَلَا الْفَقْرُ لِلْمَرْءِ الْكَرِيمِ بِوَاضِعِ

ص: 128

484 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْآدَمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، يَقُولُ:«مَا ضُرِبَ الْعِبَادُ بِسَوْطٍ أَوَجَعَ مِنَ الْفَقْرِ»

ص: 128

أَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ:

[البحر الكامل]

إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ غُيِّرَ أَهْلُهُمْ

لَا يُعْظِمُونَ أَخًا لِغَيْرِ يَسَارِهِ

فَإِذَا رَأَوْهُ بِغِبْطَةٍ حَفُّوا بِهِ

وَيَهُونُ عِنْدَهُمْ لَدَى إِعْسَارِهِ

فَإِذَا أَرَدْتَ مِنَ الصَّدِيقِ دَوَامَهُ

وَأَرَدْتَ طُولَ إِخَائِهِ وَمَزَارِهِ

فَاكْوِ اللِّسَانَ بِجَمْرَةٍ أَلَّا تَرَى

ذَرْبَ اللِّسَانِ عَلَيْهِ فِي دِينَارِهِ

يَلْقَاكَ مُنْعَطِفًا عَلَيْكَ بِوِدِّهِ

طُرٌّ إِلَيْكَ بِلُبِّهِ وَبِهَارِهِ

فَإِذَا رَآكَ تُرِيدُ مَا فِي كَفِّهِ

وَلَّى الْقَفَا بِشَرَاسَةٍ وَنِفَارِهِ

ص: 128

486 -

حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: كَتَبَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ إِلَى أَخٍ لَهُ: «أَمَّا بَعْدُ ، فَاجْعَلِ الْقُنُوعَ ذُخْرًا ، تَبْلُغُ بِهِ إِلَى أَنْ يَفْتَحَ لَكَ بَابًا ، يَحْسُنُ بِكَ الدُّخُولُ فِيهِ؛ فَإِنَّ النَّفَقَةَ مِنَ الْقَانِعِ لَا تُخْذَلُ ، وَعَوْنُ اللَّهِ عز وجل مَعَ ذِي

⦗ص: 129⦘

الْأَنَاةِ ، وَمَا أَقْرَبُ الضَّيْعَ مِنَ الْمَلْهُوفِ ، وَرُبَّمَا كَانَ الْفَقْرُ نَوْعًا مِنْ آدَابِ اللَّهِ عز وجل وَخَيْرِهِ فِي الْعَوَاقِبِ ، وَالْحُظُوظُ مَرَاتِبُ ، وَلَا تَعْجَلْ ثَمْرَةً لَمْ تُدْرِكْ؛ فَإِنَّكَ تَنَالُهَا فِي أَوَانِهَا عَذْبَةً، وَالْمُدَبِّرُ لَكَ أَعْلَمُ بِالْوَقْتِ الَّذِي يَصْلُحُ فِيهِ، وَثِقْ بِخَيْرَتِهِ لَكَ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا ، وَالسَّلَامُ»

ص: 128

حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: " لَوْلَا ثَلَاثٌ مَا وَضَعَ ابْنُ آدَمَ رَأْسَهُ لشَيْءٍ: الْفَقْرُ ، وَالْمَرَضُ ، وَالْمَوْتُ ، وَإِنَّهُ مَعَهُنَّ لَوْ ثَابَ "

ص: 129

488 -

أَنْشَدَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ:

[البحر الطويل]

أَتَيْتُ بَنِي عَمِّي وَرَهْطِي فَلَمْ أَجِدْ

عَلَيْهِمْ إِذَا اشْتَدَّ الزَّمَانُ مُعَوَّلَا

وَمَنْ يَفْتَقِرْ فِي قَوْمِهِ يَحْمَدِ الْغِنَا

وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَاجِدَ الْعَمِّ مُخْوِلَا

يَمُنُّونَ إِنْ أَعْطَوْا وَيُمْسِكُ بَعْضُهُمْ

وَيُحْسَبُ عَجْزًا صَمْتُهُ إِنْ تَجَمَّلَا

وَيُزْرِي بِعَقْلِ الْمَرْءِ قِلَّةُ مَالِهِ

وَإِنْ كَانَ أَقْوَى مِنْ رِجَالٍ وَأَجْزَلَا

فَإِنَّ الْفَتَى ذَا الْحَزْمِ رَامٍ بِنَفْسِهِ

جَوَاشِنَ هَذَا اللَّيْلِ أَوْ يَتَمَوَّلَا

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:

489 -

إِنَّا رَأَيْنَا الْأَهْلَ وَالْأَعْوَانَ وَالْحَاشِيَةَ وَالْإِخْوَانَ وَالْمُرُوءَةَ وَالْجَاهَ مَعَ الثَّرْوَةِ ، وَرَأَيْنَا الْفَاقَةَ وَالْعُدْمَ دَاعِيَةً لِلْمَقْتِ ، مُسْلِبَةً لِلْعَقْلِ ، مُذْهِبَةً لِلْعِلْمِ ، مُورِدًا عَلَى التُّهْمَةِ ، وَمَنْ مَسَّهُ الْفَقْرُ فَقَدْ عَيَا ، وَمَنْ فَقَدَ حَيَاهُ ذَهَبَ سُرُورُهُ ، وَمَنْ ذَهَبَ سُرُورُهُ حَضَرَ مَقْتُهُ ، وَمَنْ فَشَا مَقْتُهُ كَثُرَ أَذَاهُ ، وَمَنْ كَثُرَ أَذَاهُ طَالَ حُزْنُهُ ، وَمَنْ حَزِنَ فَقَدَ عَقْلَهُ وَمَنْ أُصِيبَ بِعَقْلِهِ اخْتَلَطَ ، فَلَمْ يَدْرِ مَا لَهُ مِمَّا عَلَيْهِ

ص: 129

490 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ ، قَالَ:" مَرِضَ مَوْلًى لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَنَعَتَ إِلَيَّ سَعِيدٌ أَنَّهُ لَيْسَ لِي غَيْرُكَ وَهَا هُنَا ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَدْفُونَةٌ ، فَإِذَا أَنَا مِتَّ فَخُذْهَا. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ ، قَالَ: مَا أَرَانَا إِلَّا قَدْ أَسَأْنَا إِلَى مَوْلَانَا ، وَقَصَّرْنَا بِهِ ، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ مَوَالِينَا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِفَرَسٍ وَتَعَاهَدَهُ ، فَلَمَّا مَاتَ اشْتَرَى لَهُ كَفَنًا بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ جِنَازَتَهُ فَلَمَّا رَجَعَ أَتَى الْبَيْتَ فَرَدَّ الْبَابَ ، وَأَمَرَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرَ ، فَحَفَرَ ، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا ، حَتَّى حَفَرَ الْبَيْتَ كُلَّهُ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا ، قَالَ: وَجَاءَ صَاحِبُ الْكَفَنِ فَقَالَ لِسَعِيدٍ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْبِشَ عَنْهُ لِمَا دَاخِلُهُ "

ص: 129

491 -

حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدِينِيُّ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الصَّلْتِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:«دُعِيتُ إِلَى عُرْسٍ ، فَأَتَيْتُهُمْ فِي ثِيَابِي هَذِهِ ، فَرَدَّنِي الْبَوَّابُ ، فَرَجَعْتُ وَأَبْدَلْتُ ثِيَابِي ، ثُمَّ جِئْتُ فَدَخَلْتُ» . قَالَ: فَأَرْسَلَ كُمَّهُ ، فَقَالَ:«كُلْ كُلْ» . فَقِيلَ لَهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ، الْكُمُّ يَأْكُلُ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ. فَقَالَ: إِنَّمَا دُعِيَتْ ثِيَابِي هَذِهِ "

ص: 130

492 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ ، أَنَّ الْأَعْرَجَ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ قَالَ: " وَجَدْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: مَنْ لَمْ يُدَارِ عَيْشَهُ ، مَاتَ قَبْلَ أَجَلِهِ ، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ ، وَأَنْزَلْتُ فَقْرَهُ مَوْتَهُ "

ص: 130

493 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُسْتَاذُنَا ، أَنَّ اللَّهَ ، عز وجل لَمَّا أَرْسَلَ مُوسَى عليه السلام إِلَى فِرْعَوْنَ بِالرِّسَالَةِ ، قَالَ:" يَا رَبِّ ، إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ قَتَلْتَ مِنْهُمُ النَّفْسَ قَدْ مَاتُوا. فَتَحَمَّلِ الرِّسَالَةَ ، فَلَمَّا أَتَى إِلَى فِرْعَوْنَ ، وَجَدَ أُولَئِكَ النَّفَرَ فِي ظِلِّ حَائِطٍ يَسْقُونَ بِالْخُوصِ ، قَالَ: فَرَفَعُوا أَبْصَارَهُمْ ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ ، ثُمَّ حَفِظُوهَا. قَالَ: يَا رَبِّ ، قُلْتَ لِي: أَنْ قَدْ مَاتُوا ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ عز وجل أَنِّي قَدِ ابْتَلَيْتُهُمْ بِالْمَوْتِ الْأَكْبَرِ: الْفَقْرِ "

ص: 130

494 -

حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ حَبْتَرٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، يَقُولُ:«مَا هُوَ إِلَّا الْغِنَى وَالْفَقْرُ ، وَمَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا ابْتَدَأَتُ ، إِنَّهُمَا سَوَاءٌ ، إِنْ كَانَ الْغِنَى إِنَّ عَلَيَّ فِيهِ لَتَعَطُّفًا ، وَإِنْ كَانَ فَقْرًا إِنَّ عَلَيَّ فِيهِ لَصَبْرًا»

ص: 130

495 -

أَنْشِدْنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

[البحر الطويل]

أَيَا مُصْلِحًا لِلْمُلْكِ لَا تَكُ مُفْسِدًا

فَإِنَّ صَلَاحَ الْمُلْكِ خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْمَرْءَ يَزْدَادُ عِزُّهُ

عَلَى قَوْمِهِ إِنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مُثْرِي

ص: 130

496 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرَامَةَ الْعِجْلِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: «لَوْلَا ضَيْعَتُنَا هَذِهِ تَلَاعَبَ بِنَا هَؤُلَاءِ»

ص: 131

497 -

حَدَّثَنِي ابْنُ نَاصِحٍ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ بَيْتَهُ ، فَقَدَّمَ لَنَا خُبْزًا وَشَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْخَلَاطَاتِ ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا سَلَمَةَ إِنَّا قَوْمٌ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْنَا وَسَّعْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا ، وَإِذَا قَتَّرَ عَلَيْنَا صَبَرْنَا ، حَتَّى يَأْتِي اللَّهُ عز وجل بِشَيْءٍ "

ص: 131

498 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: كَانَ رَجُلًا يُكْنَى أَبَا كَثِيرٍ ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي عَمٍّ لَهُ بِالْبَادِيَةِ فَيَسْأَلُهُمْ فَيُعْطُونَهُ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مَنَعُوهُ ، وَأَمْسَكُوا عَنْهُ ، وَكَانَ طَرِيقُهُ عَلَى امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا عَرْفَجَةُ ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا كَثِيرٍ ، رَأَيْتُ بَنِي عَمِّكَ قَدْ أَمْسَكُوا أَيْدِيَهُمْ ، وَتَنَكَّرُوا لَكَ بَعْدَ الْعَطِيَّةِ فَقَالَ:

[البحر الطويل]

دَعِي عَنْكِ عَذْلِي مَا مِنَ الْهَزْلِ أَعْجَبُ

وَلَا بُعْدَ إِلَّا بَعْدَ حَالٍ يُقَلَّبُ

وَكَانَ بَنُو عَمِّي يَقُولُونَ مَرْحَبًا

فَلَمَّا رَأَوْنِي مُعْدَمًا مَاتَ مَرْحَبُ

فَكُلُّ مُقِلٍّ حِينَ يَغْدُو لِحَاجَةٍ

إِلَى كُلِّ مَنْ يَلْقَى مِنَ النَّاسِ مُذْنِبُ

فَقَدْ طَابَ وِرْدُ الْمَوْتِ إِذْ لَيْسَ وَاحِدٌ

يُشِيرُ إِلَيْهِ النَّاسُ أَوْ فِيهِ مَرْغَبُ

ص: 131

499 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَبَشِيَّةَ الْعَابِدَ ، يَقُولُ:«يَنْبَغِي إِيمَانٌ صَلِيبٌ» .

500 -

وَقَالَ أَبُو حَبَشِيَّةَ: «مَا أُحِبُّ أَنْ يُجَاوِرَنِي الْفُقَرَاءُ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَقُومَ بِذِمَامِهِمْ»

ص: 131

501 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الشَّامِ: " قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: الْفَقْرُ خَوَّاصٌّ ، وَالْغِنَى مَأْثَرَةٌ "

ص: 131

502 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْكَلْبِيُّ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ صَدَقَةَ أَبُو مُهَلْهَلٍ ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «عَلَيْكَ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ ، وَارْغَبْ إِلَى اللَّهِ عز وجل فِي حَوَائِجِكَ ، وَافْزَعْ إِلَيْهِ فِيمَا يَنُوبُكَ ، وَلْيَكُنْ هَمُّكَ مَرْمَةَ جِهَازِكَ»

ص: 131

503 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مُهَنَّا ، قَالَ: قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْلُغُنِي عَنْهُ أَنَّهُ يَنْقُصَنِي ، فَأَذْكُرُ اسْتِغْنَائِي عَنْهُ فَيَهُونُ عَلَيَّ»

ص: 132

504 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُهَنَّا قَالَ: " قَالَ بَعْضُ الْعُقَلَاءِ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَجْفُوَنِي فَإِذَا ذَكَرْتُ اسْتِغْنَائِي عَنْهُ وَجَدْتُ لِجَفَائِهِ بَرْدًا عَلَى كَبِدِي "

ص: 132

505 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَسْلَمَ ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ مَيْمُونٍ ، قَالَ:

يَا صَاحِبَ الدُّنْيَا تَفَكَّرْ فِي الْعَجَبْ

فِي سَبَبِ الرِّزْقِ وَلِلرِّزْقِ سَبَبْ

كَانَ سَيَأْتِيكَ فَأَجْمِلْ فِي الطَّلَبْ

ص: 132

506 -

أَنْشَدَنِي مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ:

[البحر الطويل]

لَبِسْتُ صُرُوفَ الدَّهْرِ كَهْلًا وَنَاشِئًا

وَجَرَّبْتُ حَالَيْهِ عَلَى الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ

فَلَمْ أَرَ بَعْدَ الدِّينِ خَيْرًا مِنَ الْغِنَى

وَلَا بَعْدَ الْكُفْرِ شَرًّا مِنَ الْفَقْرِ

وَلَمْ أَرَيَنَّ الْمَالَ إِلَّا امْتِهَانَةً

وَإِخْرَاجَهُ فِي أَوْجُهِ الْبِرِّ وَالْأَجْرِ

وَلَا تَدَّخِرْنَ مَالًا لِغَيْرِكَ وَاكْتَسِبْ

بِمَالِكَ ذِكْرًا فِي الْحَيَاةِ إِلَى ذِكْرِ

فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي بِافْتِقَارٍ مُقَتِّرٍ

وَلَا يُسْرَ ذَا الْيُسْرِ إِذَا صِرْتَ فِي الْقَبْرِ

وَفِي اللَّهِ مِمَّا فَاتَ خَيْرُ خَلِيفَةٍ

عَلَى الْخَلَفِ الْبَاقِي وَحَسْبُكَ مِنْ ظَهْرِ

وَلَمْ تَجْنَنْ لِلزَّمَانِ بِجُنَّةٍ تَرُدُّ بِهَا

الْأَحَدَاثَ أَوْفَى مِنَ الصَّبْرِ

ص: 132

وَأَنْشَدَنَا مَحْمُودُ بْنُ الْوَرَّاقِ:

[البحر الطويل]

أَرَى عَسْكَرًا فِيهِ عَجَائِبُ جَمَّةٌ

إِذَا اسْتُعْرِضَتْ بِالْعَقْلِ ضَلَّ لَهَا الْعَقْلُ

أَرَى كُلَّ ذِي مَالٍ يَسْوَدُ بِمَالِهِ

وَإِنْ كَانَ لَا أَصْلٌ هُنَاكَ وَلَا فَصْلُ

وَآخَرُ مَنْسُوبًا إِلَى الْعَقْلِ خَامِلًا

وَأَنْوَكُ ذُو جَهْلٍ لَهُ الْجَاهُ وَالنُّبْلُ

فَلَا ذَا بِفَضْلِ الرَّأْيِ أَدْرَكَ بَلْغَهُ

وَلَمْ أَرَ هَذَا ضَرَّهُ النُّوكُ وَالْجَهْلُ

وَمَا الْفَضْلُ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِأَهْلِهِ

وَلَكِنَّ ذَا الْمَالِ الْكَثِيرِ لَهُ الْفَضْلُ

فَشَرِّفْ ذَوِي الْأَمْوَالِ حَيْثُ لَقِيتَهُمْ

فَقَوْلُهُمْ قَوْلٌ وَفِعْلُهُمُ فِعْلُ

ص: 132

508 -

أَنْشَدَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه:

⦗ص: 133⦘

[البحر البسيط]

كُلُّ النِّدَاءِ إِذَا نَادَيْتُ تَخْذُلُنِي

إِلَّا نِدَايَ إِذَا نَادَيْتُ يَا مَالِي

مَا إِنْ أَقُولُ لَبَّى حِينَ أَطْلُبُهُ

لَا أَسْتَطِيعُ وَلَا أَنْبُو عَلَى حَالِ

ص: 132

509 -

أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ التَّيْمِيُّ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه:

[البحر المتقارب]

فَخَلِّ الْجَوَادَ عَلَى جُودِهِ

وَخَلِّ الْبَخِيلَ عَلَى بُخْلِهِ

وَلَا تَسْأَلِ النَّاسَ مِنْ فَضْلِهِمْ

وَلَكِنْ سَلِ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ

إِذَا أَذِنَ اللَّهُ فِي حَاجَةٍ

أَتَاكَ النَّجَاحُ عَلَى رَسْلِهِ

وَلَيْسَ الْقَضَا بِأَيْدِ الْعِبَادِ

عَلَى حَزَنِهِ وَعَلَى سَهْلِهِ

وَلِلْعُسْرِ يُسْرٌ فَلَا تَجْزَعَنْ

سَيَعْقُبُ غَيْثٌ عَلَى مَحْلِهِ

إِذَا قَنَعَ الْمَرْءُ نَالَ الْغِنَى

وَعَرَّى الْمَطِيَّةَ مِنْ رَحْلِهِ

ص: 133

510 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ ، أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: «بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَحْمِلْ مُؤْنَتِي غَيْرِي»

ص: 133

511 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ: «مَا أَسْوَأَ حَالَ مَنْ إِذَا أَصْبَحَ مَدَّ عُنُقَهُ إِلَى قُرْصَةٍ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ»

ص: 133

512 -

حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ يَقُولُونَ خَيْرًا ، مَا لَمْ يَسْأَلْ أَحَدُهُمْ شَيْئًا»

ص: 133

513 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْفَرَّاءِ قال: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ ، قَالَ: " بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ بِأَمْوَالٍ فَأَخَذْتُهَا ، فَجَاءَنِيَ الْقُرَّاءُ فَقَالُوا: مَا صَنَعْتَ؟ فَقُلْتُ لَهُمْ: «لَا يَسُؤُكُمْ عز وجل إِنَّمَا أَخَذْتُهَا لِأَقْضِيَ بِهَا دَيْنِي ، وَهَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ ، فَاجْمَعُوا إِلَى بَيْتِكُمْ حَتَّى أَقْضِيَ دَيْنِي. فَذَهَبُوا فَلَمْ يَرْجِعُوا»

ص: 133