الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشمال والجهة التي قال مثله إليها لم تكن له قبل ذلك وكلما زاد بعد أي جهة يسار الناظر فكانت تلك الزيادة تكثرها واختلافها تمايل بل خلاف أول النهار وأنه لم يرد؛ بل [نقص*] عن حده الذي كان، فصار كأنه بعض اليمين فضلا عن أن يكون لبيان الوجه الثاني: أن اليمين مأخوذ من اليمن وذلك راجع إلى طريق الحق والشمال راجع إلى طريق الباطل طريق قوله تعالى: (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ)(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ) وطريق الحق واحد [وطرق الباطل متعددة*] والآية دالة على كمال التوحيد بالله عز وجل لأن مذهبنا أن الأعراض [لَا تبقى*] زمنين، فما من جوهر إلا وهو مصغر في كل زمن في أعراض يستمد بها، ولا بد لذلك من فاعل، ولا يصح تعدد ذلك الفاعل لما تقرر في دلالة التمانع
…
قيل لابن عرفة: فهلا قيل [أولم يروا إلى ما*] خلق الله من شيء بعده يخفي هذا في الاعتبار، فإن العبرة فيها، والمعنى بالنظر إلى اللقاح، [**فشجرة التي هي رؤية البعض ثمود يابس][وورود الثمر*] منها والورق أقوى بالعبرة، وبالنظر إلى ظلالها، فقال: وذلك أن الظلال إنما ينشأ من ملاقات يوم جرم الشمس جرم الشجرة الكثيفة المظلم، ومذهبنا أن الأجسام متساوية في الحد والحقيقة فلا فرق بين الشمس والشجرة فجاءت الشجرة سكنا فيها أو طليتها نور الشمس، وما زال لَا تخصيص أوجه ولا بد له من مختص ويستحيل بعدده فدل بذلك على أنه واحد.
قوله تعالى: [(سُجَّدًا) *].
[**أي أولا صاغرين فرد آخرين أي صاغرون].
قال الزمخشري: والسجود هنا [الانقياد*].
ابن عرفة: [(سُجَّدًا) *] متناولا للعاقل وغيره؛ لأنه قال أي ويرجع الظلال من جانب إلى جانب منقادة لله تعالى غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من المعبود [الأجرام*] في نفسها صاغرة منقادة لله تعالى فيها.
ابن عرفة: وهذا مما يرويه علي، فإن من شيوخنا [من*] ينكر على الفخر في قوله في صيغة [افعل*] أنها للقدر المشترك بين الوجوب والندب ويقول إن القدر المشترك لا وجود له في كلام العرب [مع*] أن الزمخشري أنعته هنا. قوله سبحانه وتعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ
…
(49)
.. قال ابن عرفة: هذا يرد على القائلين بإثبات موجود لَا متحيز ولا قائم بالمتحيز؛ لأن الدابة من صفتها الحركة، والسجود إنما
[يكون*] بالحركة والموجود الذي ليس بمتحيز ولا قائم بالمتحيز غير متحرك. وفي الآية سؤالان: الأول: قال قبله (سجدا لله) فهو مجرور [فما*] العامل فيه، وقال هنا (ولله يسجد)[مقدما*]، وأجيب بوجهين الأول: لابن عرفة: قالوا إن الضمير في سجدا لله عائد على الظلال وهي لَا تعقل بمعنى يتوهم أنها تقصد السجود والتذلل لغير الله تعالى فهو هناك على الأصل، وأما قوله:(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ) فهو عام يتناول العاقل وغيره والمقصود بالذات إنما هو العاقل ويمكن في حقه أن يقصد بالسجود غير الله لأنه ذو تمييز [**ومقيد فأحتج هنا] في تقديم المجرور على عامله [يفيد الحصر*] وإنما السجود هو لله لا لغيره، الوجه الثاني: قلت: إما أن العامل في المجرور في (لله) الفعل والعامل في قوله (سجدا لله) الاسم وعمله ضعف من عمل الفعل فأخر معموله عليه لضعف عمله فيه بالنسبة إلى الفعل، وقدم معمول الفعل عليه هنا، وإن كان الأمران جائزين، السؤال الثاني: قال هناك: (أَوَلَم يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيءٍ) فإن تلك الجملة استفهاما على معنى التقرير وأتى بهذه هنا خبرا وكلاهما أتت على معنى التخويف والزجر. هلا قال هناك وكل ما خلق الله من شيء يتفيأُ ظلاله فيأتي تلك خبرية؟ قال والجواب: إن الظلال أمر محسوس مشاهد فناسب التقرير عليهم والتوبيخ، [ولَا يوبخ الإنسان إلا بما هو عالم به موافق عليه*]، فيقال له: ألم يكرمك ألم يحسن إليك، وأمَّا سجود ما في السماوات به وكذلك الملائكة فأمر مغيب عنهم لَا يعلم إلا من حقه الخبر بخلاف تفيؤ الظلال وليس الخبر كالعيان.
قوله تعالى: (مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ).
قال ابن عرفة: يحتمل أن يكون من دابة بيانا ويحتمل أن يكون بيانا لما في الأرض ويراد بما في السماوات الخلق الذي يقال له: الروح، قلت لابن عرفة: هل هو [جبريل*]، فقال: لَا على خلق آخر يسمى بالروح ذكره الطبري وغيره وورد في الحديث وذكره المفسرون في قوله تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) ابن عرفة: وانظر هل فيه دليل لمن يقول إن الملائكةَ ليسوا متحيزين ولا قائمين بالمتحيز، وهو قول شاذ، والظاهر [أنه لَا دليل فيه*]؛ لأنه إنما كررهم بالعطف تشريفا لهم، وانظر هل هم من الدواب أو لَا، ذوو أجنحة يطيرون والطائر ليس من الدواب بقوله تعالى:(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) ابن عرفة: والظاهر أنهم من الدواب ولذلك الطائر لقوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ) ثم قال: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ) قالوا: يدخل فيه ابن آدم والطائر.