الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قلت: هو من تحصيل الحاصل، لأن مراد الله لَا بد منه، فالجواب: ليس أراد بهذه الإرادة التخصيص بالمعنى إن وقع في الضرر، ولا شك أن ما أوقعه الله تعالى بالعبد يمكن رفعه.
قوله تعالى: {بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ
(25)}
ولم يقل: بربي أي حالنا في عبوديته مستو، وكان حقكم الإيمان به.
قوله تعالى: {ادْخُلِ الْجَنَّةَ
…
(26)}
صيغة افعل هنا للإكرام.
قوله تعالى: {مِنَ الْمُكْرَمِينَ
(27)}
إشارة إلى رفع الدرجات أخص من قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ).
قوله تبارك وتعالى (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ
…
(28)
أورد الفخر سؤالين:
الأول: لم قال من السماء مع أن الإنزال كله معلوم أنه من السماء؟ إذ لَا يكون إلا من فوق إلى أسفل؟ وأجيب بوجهين:
الأول: أنه قصد التعظيم والتشريف للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بذكر لفظ السماء التي هي من أشرف المخلوقات وأعظمها.
الثاني: أن المراد السماء المعهودة، والإنزال إنما يتناول ما كان فوق إلى أسفل بالإطلاق.
السؤال الثاني: ذكر الفاعل هنا.
وقال: قبل (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ)، فحذف الفاعل، وجوابه: أن تلك في حبيب النجار، وهذه في حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ابن عطية: عن ابن مسعود: [أراد لم يحتج في تعذيبهم إلى جند من جنود الله تعالى كالحجارة والغرق والريح وغير ذلك*] انتهى، يوم أن غيرهم احتيج إلى ذلك فيه وهو باطل، ومذهبنا أن قدرة الله تعالى على خلق السماوات والأرض كقدرته على خلق الذرة، وليس بينهما تفاوت أصلا، فلذا كان كلام الزمخشري هنا أحسن.
وأورد الزمخشري هنا سؤالا هو: ما الفائدة في قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ)؟ مع أنه أغنى عنه قوله تعالى: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ)، وأجاب: بأن معناه ما كان يصح في حكمنا أن ننزل إهلاك قوم حبيب بجند من السماء بناء على ما تقتضيه الحكمة وأوجبته المصلحة، وهو بناء على مذهبه الفاسد، وهل هو راجع إلى قاعدة التحسين والتقبيح أو لقاعدة تعليل أفعال الله تعالى؟ وهو الظاهر؛ لأن الأولى إنما يكون غالبا في الأمور الشرعية، وهذا أمر فعلي فهم يقولون: إنه يفعل للغرض، ونحن نقول: يفعل بما يشاء، ويحكم ما يريد لَا لأغراض؛ لأن ذلك إنما يكون من العاجز؛ فيفعل الأسباب الموجبة للغرض.
ولم يذكر الطيبي هنا شيئا فيبطل الجواب على مذهبنا، ويبقى السؤال واردا، فيجاب عنه بوجهين:
الأول: أن النفي في قوله تعالى: (وَمَا أَنْزَلْنَا)، دخل على أخص مقيد، بقوله تعالى:(مِنَ السَّمَاء)، وهو أعم وفي (وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ)، دخل على الأعم فهو أخص.
الثاني: أن الثاني أفاد نفي القابلية، وهي راجعة إلى الأسباب والأحوال التي اتصف بها غيره.
ابن عطية: (ما) يحتمل كونها نافية أو موصولة.
فرده أبو حيان: بأنه ليس مذهب البصريين؛ لأن مذهبهم أن (مِنْ) الزائدة لَا تدخل على الموصول، انتهى، إنما يتعقبه بمثل هذا على من لم يعرف إلا بمذهب الكوفيين، وترك مذهب البصريين، وابن عطية إنما قال: يحتمل كذا أو يحتمل كذا.
وقد قال الفارسي في (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ) يجوز كون (مِنْ) و (مِنْ) الأخرى زائدتين، فتجوز الزيادة في الإيجاب.
وقال ابن جني في (لَمَا آتَيتُكُم مِن كتَابٍ)، على تشديد [(لَمَّا) *]:(مِنْ) زائدة.
وقال ابن مالك في من الداخلة على قبل وبعد: أنها زائدة؛ لأن كونها لابتداء الغاية على ما ذهب إليه الجمهور يلزم منه دخولها على الزمان، فتأولوا قوله تعالى:(مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)، أي من تأسيس أول يوم.