الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدم شبه الجراب يوضع فيه السيف مغمودا ويعلق في مؤخرة الرحل. قوله: يرسف بضم السين وكسرها لغتان، وهو: مشي المقيد. قوله: فأجره لي. قال ابن الأثير: يجوز أن يكون بالزاي من الإجازة أي اجعله جائزا غير ممنوع ولا محرم أو أطلقه لي وإن كان بالراء المهملة فهو من الإجارة والحماية والحفظ وكلاهما صالح في هذا الموضوع.
قوله: فلم نعطى الدنية، أي القضية التي لا نرضى بها أي لم نرض بالأدون والأقل في ديننا؟ قوله:
فاستمسك بغرزه الغرز لكور الناقة كالركاب لسرج الفرس والمعنى: فاستمسك به ولا تفارقه ساعة كما لا تفارق رجل الراكب غرز رحله فإنه على الحق الذي لا يجوز لأحد تركه. قوله: ويل أمه، هذه كلمة تقال للواقع فيما يكره ويتعجب بها أيضا، ومسعر الحرب أي موقدها. يقال: سعرت النار وأسعرتها إذا أوقدتها. والمسعر:
الخشب الذي توقد به النار وسيف البحر بكسر السين جانبه وساحله والله أعلم وأما تفسير الآية فقوله عز وجل:
[سورة الفتح (48): آية 25]
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (25)
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يعني كفار مكة، وَصَدُّوكُمْ أي منعوكم عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أن تطوفوا به وَالْهَدْيَ أي وصدوا الهدي وهو البدن التي ساقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت سبعين بدنة مَعْكُوفاً أي محبوسا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ أي منحره وحيث يحل نحره وهو الحرم وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ يعني المستضعفين بمكة لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أي لم تعرفوهم أَنْ تَطَؤُهُمْ أي بالقتل وتوقعوا بهم فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ أي إثم وقيل: غرم الدية، وقيل: كفارة قتل الخطأ، لأن الله أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة دون الدية. وقيل: هو أن المشركين يعتبونكم ويقولون: قتلوا أهل دينهم.
والمعرة: المشقة يقول: لولا أن تطئوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم فيلزمكم به كفارة أو سيئة وجواب لولا محذوف تقديره لأذن لكم في دخول مكة ولكنه حال بينكم وبين ذلك لهذا السبب لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ أي في دين الإسلام من يشاء من أهل مكة بعد الصلح وقيل دخولها لَوْ تَزَيَّلُوا أي لو تميزوا المؤمنين من الكفار لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً أي بالسبي والقتل بأيديكم وقيل: لعذبنا جواب لكلامين أحدهما لولا رجال. والثاني: لو تزيلوا. ثم قال: ليدخل الله في رحمته من يشاء يعني المؤمنين والمؤمنات في رحمته أي في جنته. قال قتادة: في الآية إن الله تعالى يدفع بالمؤمنين عن الكفار كما دفع بالمستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة.
[سورة الفتح (48): الآيات 26 الى 27]
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (26) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27)
قوله تعالى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ أي الأنفة والغضب وذلك حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت ومنعوا الهدي محله ولم يقروا ببسم الله الرّحمن الرّحيم وأنكروا أن يكون محمد رسول
الله. وقيل: قال أهل مكة قد قتلوا أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا، فتحدث العرب أنهم دخلوا علينا رغما منا واللات والعزى لا يدخلونها علينا فكانت هذه حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ التي دخلت قلوبهم فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ أي: حتى لا يدخلهم ما دخلهم في الحمية فيعصون الله في قتالهم وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى.
قال ابن عباس: «كلمة التقوى لا إله إلا الله» وأخرجه الترمذي. وقال: حديث غريب. وقال علي وابن عمر: كلمة التقوى لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وقال عطاء الخراساني: هي لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الزهري: هي بسم الله الرّحمن الرّحيم وَكانُوا أَحَقَّ بِها أي من كفار مكة وَأَهْلَها أي كانوا أهلها في علم الله، لأن الله تعالى اختار لدينه وصحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أهل الخير والصلاح وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يعني من أمر الكفار وما كانوا يستحقونه من العقوبة وأمر المؤمنين وما كانوا يستحقونه من الخير.
قوله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ سبب نزول هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام وهو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل المسجد الحرام هو وأصحابه آمنين ويحلقوا رؤوسهم فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم داخلو مكة عامهم ذلك، فلما انصرفوا ولم يدخلوا، شق عليهم ذلك وقال المنافقون: أين رؤياه التي رآها؟ فأنزل الله هذه الآية ودخلوا في العام المقبل.
وروي عن مجمع بن حارثة الأنصاري قال: «شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر فقال بعضهم: ما بال الناس؟ قال: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فخرجنا نرجف فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفا على راحلته عند كراع الغميم فلما اجتمع الناس قرأ «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» فقال عمر: أهو فتح يا رسول الله؟ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم والذي نفسي بيده» ففيه دليل على أن المراد من الفتح هو صلح الحديبية، وتحقيق الرؤيا كان في العام المقبل. وقوله: لقد صدق الله ورسوله الرؤيا بالحق، أخبر أن الرؤيا التي أراه إياها في مخرجه إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد حق وصدق بالحق أي الذي رآه حق وصدق وقيل: يجوز أن يكون بالحق قسما لأن الحق من أسماء الله تعالى أو قسما بالحق الذي هو ضد الباطل وجوابه لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ وقيل: لتدخلن من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حكاية عن رؤياه فأخبر الله عز وجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ قيل: إنما استثني مع علمه بدخوله تعليما لعباده الأدب وتأكيدا لقوله: «ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله» وقيل: إن بمعنى إذ مجازه إذ شاء الله. وقيل: لما لم يقع الدخول في عام الحديبية وكان المؤمنون يريدون الدخول ويأبون الصلح قال: لتدخلن المسجد الحرام لا بقوتكم وإرادتكم ولكن بمشيئة الله تعالى، وقيل: الاستثناء واقع على إلا من لا على الدخول لأن الدخول لم يكن فيه شك فهو كقوله صلى الله عليه وسلم: «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» مع أنه لا يشك في الموت مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ أي كلها وَمُقَصِّرِينَ أي تأخذون بعض شعوركم لا تَخافُونَ أي من عدو في رجوعكم لأن قوله آمنين في حال الإحرام لأنه لا قتال فيه. وقوله: لا تخافون يرجع إلى كمال الأمن بعد الإحرام في حال الرجوع فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا يعني علم أن الصلاح كان في الصلح وتأخير الدخول وكان ذلك سببا لوطء المؤمنين والمؤمنات.
وقيل: علم أن دخولكم في السنة الثانية ولم تعلموا أنتم فظننتم أنه في السنة الأولى فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ أي من قبل دخولكم الحرم فَتْحاً قَرِيباً يعني صلح الحديبية قاله الأكثرون. وقيل: هو فتح خيبر قوله عز وجل: