المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2): آية 262] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ٣

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[سورة البقرة (2): آية 203]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 204]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 205]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 206]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 207]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 208]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 209]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 210]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 211]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 212]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 213]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 214]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 215]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 216]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 217 الى 218]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 219]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 220]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 221]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 222]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 223]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 224]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 225]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 226 الى 227]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 228]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 229]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 230]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 231]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 232]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 233]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 234]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 235]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 236]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 237]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 238]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 239]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 240]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 241 الى 242]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 243]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 244]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 245]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 246]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 247]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 248]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 249]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 250]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 251]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 252]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 253]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 254]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 255]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 256]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 257]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 258]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 259]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 260]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 261]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 262]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 263]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 264]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 265]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 266]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 267]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 268]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 269]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 270]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 271]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 272]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 273]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 274]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 275 الى 279]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 280]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 281]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 282]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 283]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 284]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 285 الى 286]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2): آية 262]

عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" الْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الْأَرْضِ" يَعْنِي الزَّرْعَ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فِي النَّخْلِ:" هِيَ الرَّاسِخَاتُ فِي الْوَحْلِ الْمُطْعِمَاتُ فِي الْمَحْلِ". وَهَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْمَدْحِ. وَالزِّرَاعَةُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا مِنْ غَرْسِ الْأَشْجَارِ. وَلَقِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى مَالٍ أُعَالِجُهُ، فَأَنْشَأَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ:

أَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ لَقِيتُهُ

وَقَدْ شَدَّ أَحْلَاسَ الْمَطِيِّ مُشَرِّقَا

تَتَبَّعْ خَبَايَا الْأَرْضِ وَادْعُ مَلِيكَهَا

لَعَلَّكَ يَوْمًا أَنْ تُجَابَ فَتُرْزَقَا

فَيُؤْتِيكَ مَالًا وَاسِعًا ذَا مَثَابَةٍ

إِذَا مَا مِيَاهُ الْأَرْضِ غَارَتْ تَدَفُّقَا

وَحُكِيَ عَنِ الْمُعْتَضِدِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ علي بن أبي طالب رضي الله عنه فِي الْمَنَامِ يُنَاوِلُنِي مِسْحَاةً وَقَالَ: خُذْهَا فَإِنَّهَا مفاتيح خزائن الأرض.

[سورة البقرة (2): آية 262]

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)

فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) قيل: إنها نزلت في عثمان ابن عَفَّانَ رضي الله عنه. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ: جَاءَ عُثْمَانُ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُهُ يُدْخِلُ يَدَهُ فِيهَا وَيُقَلِّبُهَا وَيَقُولُ:" مَا ضَرَّ ابْنَ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ اللَّهُمَّ لَا تَنْسَ هَذَا الْيَوْمَ لِعُثْمَانَ". وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ يَقُولُ:" يَا رَبَّ عُثْمَانَ إِنِّي رَضِيتُ عَنْ عُثْمَانَ فَارْضَ عَنْهُ" فَمَا زَالَ يَدْعُو حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَنَزَلَتْ:" الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً" الْآيَةَ.

ص: 306

الثَّانِيَةُ- لَمَّا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلُ ذِكْرُ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الْعُمُومِ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَالثَّوَابَ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ لَا يُتْبِعُ إِنْفَاقَهُ مَنًّا وَلَا أَذًى، لِأَنَّ «1» الْمَنَّ وَالْأَذَى مُبْطِلَانِ لِثَوَابِ الصَّدَقَةِ كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ بَعْدَ هَذَا، وَإِنَّمَا عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُرِيدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَثَوَابَهُ بِإِنْفَاقِهِ عَلَى الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجُو مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَنْظُرُ من أحوال فِي حَالٍ سِوَى أَنْ يُرَاعِيَ اسْتِحْقَاقَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً «2» ". وَمَتَى أَنْفَقَ لِيُرِيدَ مِنَ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ جَزَاءً بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَهَذَا لَمْ يُرِدْ وَجْهَ اللَّهِ، فَهَذَا إِذَا أَخْلَفَ ظَنَّهُ فِيهِ مَنَّ بِإِنْفَاقِهِ وَآذَى. وَكَذَلِكَ مَنْ أَنْفَقَ مُضْطَرًّا دَافِعَ غُرْمٍ إِمَّا لِمَانَّةٍ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ أَوْ لِقَرِينَةٍ أُخْرَى مِنَ اعْتِنَاءِ مُعْتَنٍ فَهَذَا لَمْ يُرِدْ وَجْهَ اللَّهِ. وَإِنَّمَا يُقْبَلُ مَا كَانَ عَطَاؤُهُ لِلَّهِ وَأَكْثَرُ قَصْدِهِ ابْتِغَاءَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، كَالَّذِي حُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَاهُ فَقَالَ:

يَا عُمَرَ الْخَيْرِ جُزِيَتَ الْجَنَّهْ

اكْسُ بُنَيَّاتِي وَأُمَّهُنَّهْ

وَكُنْ لَنَا مِنَ الزَّمَانِ جُنَّهْ

أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّهْ

قَالَ عُمَرُ: إِنْ لَمْ أَفْعَلْ يَكُونُ مَاذَا؟ قَالَ:

إِذًا أَبَا حَفْصٍ لَأَذْهَبَنَّهْ

قَالَ: إِذَا ذَهَبْتَ يَكُونُ مَاذَا؟! قَالَ:

تَكُونُ عَنْ حَالِي لَتُسْأَلَنَّهْ

يَوْمَ تَكُونُ الْأُعْطِيَاتُ هَنَّهْ

وَمَوْقِفُ الْمَسْئُولِ بَيْنَهُنَّهْ

إِمَّا إِلَى نَارٍ وَإِمَّا جنه

(1). عبارة ابن عطية كما في تفسيره:"

وذلك أن المنفق في سبيل الله إنما يكون على أحد ثلاثة أوجه: إما أن يريد وجه الله تعالى ويرجو ثوابه فهذا لا يرجو من المنفق عليه شَيْئًا، وَلَا يَنْظُرُ مِنْ أَحْوَالِهِ فِي حَالٍ سوى أن يراعى استحقاقه." إما أن يريد مِنَ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ جَزَاءً بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فهذا لم يرد وجه الله، بل نظر إلى هذه الحال من المنفق عليه. وهذا هو الذي متى أخلف ظنه من بإنفاقه وآذى. وإما أن ينفق مُضْطَرًّا دَافِعَ غُرْمٍ إِمَّا لِمَانَّةٍ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ أو قرينة أخرى من اعتناء معتن ونحوه، فهذا قد نظر في حال ليست لوجه الله، وهذا هو الذي متى توبع وجرح بوجه من وجوه الجرح آذى. فالمن والأذى يكشفان ممن ظهرا منه أنه إنما كان على ما ذكرناه من المقاصد، وأنه لم يخلص لوجه الله تعالى. فلهذا كان المن والأذى مبطلين للصدقة من حيث بين كل واحد منهما أنها لم تكن صدقة".

(2)

. راجع ج 19 ص 128 [ ..... ]

ص: 307

فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ ثُمَّ قَالَ: يَا غُلَامُ، أَعْطِهِ قَمِيصِي هَذَا لِذَلِكَ الْيَوْمِ لَا لِشِعْرِهِ! وَاللَّهِ لَا أَمْلِكُ غَيْرَهُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا كَانَ الْعَطَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَالِيًا مِنْ طَلَبِ جَزَاءٍ وَشُكْرٍ وَعُرْيًا عَنِ امْتِنَانٍ وَنَشْرٍ كَانَ ذَلِكَ أَشْرَفَ لِلْبَاذِلِ وَأَهْنَأَ لِلْقَابِلِ. فَأَمَّا الْمُعْطِي إِذَا الْتَمَسَ بِعَطَائِهِ الْجَزَاءَ، وَطَلَبَ بِهِ الشُّكْرَ وَالثَّنَاءَ، كَانَ صَاحِبَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ، وَفِي هَذَيْنِ مِنَ الذَّمِّ مَا يُنَافِي السخاء. وإن طلب كَانَ تَاجِرًا مُرْبِحًا لَا يَسْتَحِقُّ حَمْدًا وَلَا مَدْحًا. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تعالى:" وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ «1» " أي لا تعطى عَطِيَّةً تَلْتَمِسُ بِهَا أَفْضَلَ مِنْهَا. وَذَهَبَ ابْنُ زيد إلا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي الَّذِينَ لَا يَخْرُجُونَ فِي الْجِهَادِ بَلْ يُنْفِقُونَ وَهُمْ قُعُودٌ، وَإِنَّ الْآيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا هِيَ فِي الَّذِينَ يَخْرُجُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، قَالَ: وَلِذَلِكَ شُرِطَ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْأَوَّلِينَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ، لِأَنَّ التَّحَكُّمَ فِيهِ بَادٍ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:(مَنًّا وَلا أَذىً) الْمَنُّ: ذِكْرُ النِّعْمَةِ عَلَى مَعْنَى التَّعْدِيدِ لَهَا وَالتَّقْرِيعِ بِهَا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ وَنَعَشْتُكَ وَشِبْهَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَنُّ: التَّحَدُّثُ بِمَا أَعْطَى حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ الْمُعْطَى فَيُؤْذِيَهُ. وَالْمَنُّ مِنَ الْكَبَائِرِ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ الْخَمْرَ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى". وَفِي بَعْضِ طُرُقِ مُسْلِمٍ:" الْمَنَّانُ هُوَ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مِنَّةً". وَالْأَذَى: السَّبُّ وَالتَّشَكِّي، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمَنِّ، لِأَنَّ الْمَنَّ جُزْءٌ مِنَ الْأَذَى لَكِنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَئِنْ ظَنَنْتَ أَنَّ سَلَامَكَ يُثْقِلُ عَلَى مَنْ أَنْفَقْتَ عَلَيْهِ تُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: يَا أَبَا أُسَامَةَ دُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ يَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَقًّا فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَخْرُجُونَ يَأْكُلُونَ الْفَوَاكِهَ فَإِنَّ عِنْدِي أَسْهُمًا وَجَعْبَةً. فَقَالَ: لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي أَسْهُمِكِ وَجَعْبَتِكِ فَقَدْ آذَيْتِهُمْ قَبْلَ أَنْ تُعْطِيَهُمْ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: فَمَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يُتْبِعْهُ مَنًّا وَلَا أَذًى كَقَوْلِهِ: مَا أَشَدَّ إِلْحَاحَكَ! وَخَلَّصَنَا اللَّهُ مِنْكَ! وَأَمْثَالُ هَذَا فَقَدْ تضمن الله له الأجر، والأجر الجنة،

(1). راجع ج 19 ص 66

ص: 308