الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة النساء (4): آية 83]
وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَاّ قَلِيلاً (83)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ) فِي (إِذا) مَعْنَى الشَّرْطِ وَلَا يُجَازَى بِهَا وَإِنْ زِيدَتْ عَلَيْهَا (مَا) وَهِيَ قَلِيلَةُ الِاسْتِعْمَالِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ. وَالْجَيِّدُ مَا قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وَإِذَا مَا تَشَاءُ تَبْعَثُ مِنْهَا
…
مَغْرِبَ الشَّمْسِ نَاشِطًا مَذْعُورًا «1»
يَعْنِي أَنَّ الْجَيِّدَ لَا يُجْزَمُ بِإِذَا مَا كَمَا لَمْ يُجْزَمْ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ (الْبَقَرَةِ «2»). وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ إِذَا سَمِعُوا شَيْئًا مِنَ الْأُمُورِ فِيهِ أَمْنٌ نَحْوَ ظَفَرِ الْمُسْلِمِينَ وَقَتْلِ عَدُوِّهِمْ (أَوِ الْخَوْفِ) وَهُوَ ضِدُّ هَذَا (أَذاعُوا بِهِ) أَيْ أَفْشَوْهُ وَأَظْهَرُوهُ وَتَحَدَّثُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَتِهِ. فَقِيلَ: كَانَ هَذَا مِنْ ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ، عَنِ الْحَسَنِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُفْشُونَ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ويظنون أنهم لا شي عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ: هو فِي الْمُنَافِقِينَ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الْكَذِبِ فِي الْإِرْجَافِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) أَيْ لَمْ يُحَدِّثُوا بِهِ وَلَمْ يُفْشُوهُ حَتَّى يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي يُحَدِّثُ بِهِ وَيُفْشِيهِ. أَوْ أُولُوا الْأَمْرِ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمَا. السُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: الْوُلَاةُ. وَقِيلَ: أُمَرَاءُ السَّرَايَا. (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) أَيْ يَسْتَخْرِجُونَهُ، أَيْ لَعَلِمُوا مَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْشَى مِنْهُ وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَمَ. وَالِاسْتِنْبَاطُ مَأْخُوذٌ مِنَ اسْتَنْبَطْتُ الْمَاءَ إِذَا اسْتَخْرَجْتُهُ. وَالنَّبَطُ: الْمَاءُ الْمُسْتَنْبَطُ أَوَّلَ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ أَوَّلَ ما تحفر. وسمي النبط نبطا لأنهم
(1). وصف ناقته بالنشاط والسرعة بعد سير النهار كله، فشبهها في انبعاثها مسرعة بناشط قد ذعر من صائد أو سبع. والناشط: الثور يخرج من بلد إلى بلد، فذلك أوحش له وأذعر. (عن شرح الشواهد).
(2)
. راجع ج 1 ص 2: 1.