الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلك مقالة سمعناها من قبل، وما هى إلا أسطورة من أساطير الأولين وخرافاتهم، ثم أمر الله رسوله أن يرشدهم إلى صدق هذا بالسير فى الأرض حتى يروا عاقبة المجرمين، بسبب تكذيبهم للرسل فيما دعوهم إليه من الإيمان بالله واليوم الآخر، ثم صبّر سبحانه رسوله على ما يناله من أذى المشركين، ووعده بالنصر عليهم، ثم ذكر أنهم مكذبون بالساعة وغيرها من العذاب والجزاء الموعود، وأنهم يسألون عن ذلك سخرية واستهزاء، وأجابهم بأن العذاب سينزل بهم قريبا، ثم ذكر فضله على عباده بأنه لا يعجل لهم العذاب مع استحقاقهم له، إذ هم لا يشكرونه على ذلك، ثم بين أنه تعالى عليم بالسر والنجوى، وأنه مطلع على ما تكنّه القلوب، وأنه ما من شىء مهما خفى فالله عليم به وهو مثبت عنده فى كتاب مبين.
الإيضاح
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ) أي وقال الكافرون بالله المكذبون لرسله، أإنا لمخرجون من قبورنا أحياء كهيئتنا من بعد مماتنا وبعد أن بلينا وكنا فيها ترابا؟
وهذا منهم استبعاد لإعادة الأجسام بعد صيرورتها عظاما ورفاتا.
ثم ذكروا شبهتهم على استبعاده فى زعمهم فقال:
(لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ) أي إنا ما زلنا نسمع بهذا نحن وآباؤنا ولا نرى تحقق ذلك ولا وقوعه.
ثم أكدوا هذا الاستبعاد بقولهم:
(إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي ما هذا الوعد إلا أسطورة مما سطّره الأولون من الأكاذيب فى كتبهم من غير أن يكون لهم بينة على إمكان تحققه ووجوده.
ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرشدهم إلى وجه الصواب مع التهديد والوعيد فقال:
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) أي قل لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الأنباء من عند ربك: سيروا فى الأرض فانظروا إلى ديار من كان قبلكم من المكذبين، كيف هى؟ ألم يخرّ بها الله ويهلك أهلها بتكذيبهم رسلهم، وردّهم عليهم نصائحهم، فخلت منهم الديار، وعفت منها الرسوم والآثار، وكان ذلك عاقبة إجرامهم، وتلك سنة الله فى كل من سلك سبيلهم فى تكذيب رسله، وسيفعل ذلك بكم إن أنتم لم تبادروا إلى الإنابة من كفركم وتكذيبكم رسوله.
ثم صلّى رسوله صلى الله عليه وسلم على ما يناله من عماهم عن السبيل، الذي هدى إليه الدليل فقال:
(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) أي ولا تحزن على إدبار هؤلاء المشركين عنك وتكذيبهم لك، ولا يضق صدرك من مكرهم، فإن الله ناصرك عليهم، ومظهر دينك على من خالفه فى المشارق والمغارب.
ثم أشار إلى أنهم لم يقصروا إنكارهم على الساعة، بل كان إنكارهم لغيرها من عذاب الله أشد بقوله:
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ويقول مشركو قريش المكذبون بما أتيتهم به من عند ربك: متى يكون هذا العذاب الذي تعدنا به؟ إن كنتم صادقين فيما تدّعون؟.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم فقال:
(قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) أي قل لهم: عسى أن يلحقكم ويصل إليكم بعض ما تستعجلون حلوله من العذاب، والمراد به ما حل بهم يوم بدر من النكال والوبال.
قال صاحب الكشاف: عسى ولعل وسوف، فى وعد الملوك ووعيدهم تدل على صدق الأمر وجدّه، وما لا مجال للشك بعده، وإنما يعنون بذلك إظهار وقارهم،