الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدموا عليه قرأ عليهم (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) حتى ختمها فجعلوا يبكون وأسلموا.
الإيضاح
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) أي الذين آمنوا بالتوراة والإنجيل من أهل الكتاب، ثم أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم آمنوا بالقرآن، لأنهم قد وجدوا فى كتبهم البشرى به، وانطباق الأوصاف عليه.
ونحو الآية قوله: «وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ» ، وقوله:«الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ» .
(وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) أي وإذا تلى هذا القرآن عليهم قالوا صدّقنا بأنه نزل من عند ربنا حقا، وقد كنا مصدّقين به قبل نزوله، لأنا وجدنا فى كتبنا نعت محمد، ونعت كتابه.
وفى هذا إيماء إلى أن إيمانهم به متقادم العهد، فآباؤهم الأولون قرءوا فى الكتب الأول ذكره، وأبناؤهم من بعدهم فعلوا كما فعلوا من قبل نزوله.
ثم بين جزاءهم على إيمانهم به بعد إيمانهم بما سبقه من الكتب بقوله:
(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) أي هم يؤتون ثواب عملهم مرتين:
مرة على إيمانهم بكتابهم، ومرة على إيمانهم بالقرآن، بسبب صبرهم وثباتهم على الإيمانين فإنّ تجشم مثل هذه المشاقّ شديد على النفوس، فقد يصيبهم من جرّاء ذلك أذى من قومهم أو من المشركين فى اتباعهم محمدا صلى الله عليه وسلم.
ونحو الآية قوله تعالى فى شأنهم «يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ»
وفى الحديث الصحيح عن أبى موسى الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي، وعبد
مملوك أدّى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت له أمة فأدّبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها فتزوجها»
وروى أبو أمامة قال: إنى لتحت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فقال قولا حسنا جميلا وقال فيما قال: «من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين وله ما لنا وعليه ما علينا» .
ثم ذكر من أوصافهم ما يؤهّلهم للزلفى والقرب من ربهم فقال:
(1)
(وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي وهم يدفعون ما سمعوا من الأذى والشتم بالصفح والعفو عنه.
(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) أي وينفقون مما أعطاهم الله من فضله من المال الحلال، النفقات الواجبة لأهلهم وذوى قرباهم، ويؤدون الزكاة المفروضة عليهم، ويساعدون البائسين وذوى الخصاصة المعوزين.
(3)
(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) أي وإذا سمعوا ما لا ينفع فى دين ولا دنيا، من السب والشتائم وتكذيب الرسول أعرضوا عن قائليه ولم يخالطوهم، وإذا سفه عليهم سفيه، وكلّمهم بما لا ينبغى رده من القول لم يقابلوه بمثله، إذ لا يصدر منهم إلا طيب الكلام، وقالوا لنا أعمالنا لا تثابون على شىء منها ولا تعاقبون، ولكم أعمالكم لا نطالب بشىء منها، فنحن لا نشغل أنفسنا بالرد عليكم، سلام عليكم سلام متاركة وتوديع، فإنا لا نريد طريق الجاهلين.
ونحو الآية قوله تعالى: «وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» .
روى محمد بن إسحق «أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة عشرون رجلا أو يزيدون من نصارى الحبشة حين بلغهم خبره، فوجدوه فى المسجد، فجلسوا إليه وكلموه وسألوه، ورجال من قريش فى أنديتهم حول الكعبة، فلما فرغوا من مساءلته عما أرادوا دعاهم إلى الله وتلا عليهم القرآن، فلما سمعوه فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا الله وآمنوا به وصدّقوه، وعرفوا منه ما كان يوصف لهم فى كتابهم من أمره،