الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحسن على وجوهكم، والصحاف: واحدها صحفة وهى كالقصعة، قال الكسائي:
أكبر أوانى الأكل الجفنة ثم القصعة ثم الصحفة ثم المئكلة، والأكواب: واحدها كوب، وهو كوز لا أذن له.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر فيما سلف أن يوم القيامة سيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون- أردف ذلك بيان أحوال ذلك اليوم، فمنها أن الأخلاء يتعادون فيه إلا من تخالّوا على الإيمان والتقوى، ومنها أن المؤمنين لا يخافون من سلب نعمة يتمتعون بها، ولا يحزنون على فقد نعمة قد فاتتهم، ومنها أنهم يتمتعون بفنون من الترف والنعيم فيطاف عليهم بصحاف من ذهب فيها ما لذّ وطاب من المآكل، وبأكواب وأباريق فيها شهنىّ المشارب، ويقال لهم هذا النعيم كفاء ما قدمتم من عمل بأوامر الشرع ونواهيه، وأسلفتم من إخلاص لله وتقوى له.
الإيضاح
(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) أي كل صداقة وخلة فإنها تنقلب فى ذلك اليوم إلى عداوة إلا ما كانت فى الله وفى سبيله، فإنها تبقى فى الدنيا والآخرة.
ونحو الآية ما قاله إبراهيم لقومه: «إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ» .
ثم ذكر ما يتلقى به سبحانه عباده المؤمنين المتحابين فى الله تشريفا لهم وتسكينا لروعهم مما يرون من الأهوال فقال:
(يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) أي ونقول لهم حينئذ: يا عباد
لا تخافوا من عقابى، فإنى قد أمّنتكم منه برضاى عنكم، ولا تحزنوا على فراق الدنيا، فإن الذي تقدمون عليه خير لكم مما فارقتموه منها.
ثم بين من يستحق هذا النداء وذلك التكريم فقال:
(الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) أي الذين آمنت قلوبهم، وصفت نفوسهم، وانقادت لشرع الله بواطنهم وظواهرهم.
ثم ذكر ما يقال لهم على سبيل البشرى فقال:
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) أي ادخلوا الجنة أيها المؤمنون أنتم وأزواجكم مغبوطين بكرامة الله، مسرورين بما أعطاكم من مننه.
وبعدئذ ذكر طرفا مما يتمتعون به من النعيم فقال:
(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ) أي وبعد أن يستقروا فى الجنة ويهدأ روعهم يطاف عليهم بجفان من الذهب مترعة بألوان الأطعمة والحلوى، وبأكواب فيها أصناف الشراب مما لذّ وطاب.
وبعد أن فصل بعض ما فى الجنة من نعيم، عمّم فى ذلك فقال:
(وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) أي وفى الجنة ما تشتهيه أنفس أهلها من صنوف الأطعمة والأشربة والأشياء المعقولة والمسموعة ونحوها مما تطلبه النفوس وتهواه كائنا ما كان، جزاء لهم على ما منعو أنفسهم من الشهوات، وفيها ما تقرّ أعينهم بمشاهدته، وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم، وأنتم لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولا.
أخرج ابن أبى شيبة والترمذي عن عبد الرحمن بن سابط قال: «قال رجل يا رسول الله هل فى الجنة خيل فإنى أحب الخيل؟ قال: إن يدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء فتطير بك فى أىّ الجنة شئت إلا فعلت، وسأله آخر فقال:
يا رسول الله هل فى الجنة من إبل فإنى أحب الإبل؟ فقال إن يدخلك الله الجنة يكن لك ما اشتهت نفسك ولذت عينك» .