الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي بموكول إليك أمورهم حتى تؤاخذهم بها ولا وكل إليك هدايتهم، وإنما عليك البلاغ فحسب.
المعنى الجملي
بين سبحانه أن ما جاء فى هذه السورة موافق لما فى تضاعيف الكتب المنزلة على سائر الرسل، من الدعوة إلى التوحيد، والإيمان باليوم الآخر، والتزهيد فى جمع حطام الدنيا، والترغيب فيما عند الله، ثم ذكر أن ما فى السموات والأرض فهو مهلكه وتحت قبضته، وله التصرف فيه إيجادا وإعداما وتكوينا وإبطالا، وأن السموات والأرض على عظمهما تكاد تتشقق فرقا من هيبته وجلاله سبحانه، وأن الملائكة ينزهونه عما لا يليق به من صفات النقص، ويطلبون المغفرة لعباده المؤمنين، ثم أردف هذا تسلية رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه ليس بالرقيب على عبدة الأصنام والأوثان يستطيع أن يردهم إلى سواء السبيل، بل ليس عليه إلا البلاغ وعلينا حسابهم، فلا يبخع نفسه عليهم حسرات، إن الله عليم بما يصنعون.
الإيضاح
(كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي بمثل ما فى هذه السورة، من الدعوة إلى التوحيد، والنبوة، والإيمان باليوم الآخر، وتجميل النفس بفاضل الأخلاق، وإبعادها عن رذائل الخلال، والعمل على سعادة المرء والمجتمع، يوحى إليك الله العزيز فى ملكه، الغالب بقهره، الحكيم بصنعه، المصيب فى قوله وفعله، كما أوحى إلى الأنبياء بمثله من قبلك.
وسيأتى تفصيل هذا فى سورة «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» فقد ذكر فى أولها التوحيد، وفى وسطها النبوة وفى آخرها المعاد. ثم قال:«إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى» أي إن المقصود من إنزال جميع الكتب الإلهية ليس إلا هذه
المطالب الثلاثة العالية التي لا تتم السعادة إلا بها، ولا الفوز بالنعيم فى الدارين إلا بسلوكها.
ثم بين سبحانه عظمته وكبرياءه وحكمته فقال:
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) أي إن ما فى السموات والأرض تحت قبضته وفى ملكه وله التصرف فيه إيجادا وإعداما، وهو المتعالي فوقه، العظيم عن مماثلته، ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.
(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ) أي تكاد السموات يتشققن من هيبة من هو فوقهن بالألوهية والقهر، والعظمة والقدرة.
وبعد أن بين كمال عظمته باستيلاء هيبته على الجسمانيات، انتقل إلى ذكر الروحانيات فقال:
(وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي والملائكة ينزهون ربهم عن صفات النقص، ويسمونه بسمات الجلال والكمال، شاكرين له على ما أنعم به عليهم من طاعته، وسخرّهم لعبادته.
ونحو الآية قوله: «لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ. يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ» .
(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) أي يسألون ربهم المغفرة لذنوب من فى الأرض من أهل الإيمان به، ويلهمونهم سبل الخير الموصلة إلى السعادة، فمثلهم مثل الضوء يعطى الحياة بحرارته، ويعطى الهدى بنوره.