الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن أصطنع إليهم يدا يحمون بها قرابتى، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن دينى، فصدّقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل عذره، فقال عمر: دعنى يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال صلى الله عليه وسلم: إنه شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فنزلت:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ» الآية.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) أي لا تجعلوا الكفار أنصارا وأعوانا لكم.
ثم فسر هذه الموالاة فقال:
(تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) أي تبلغونهم أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا ينبغى لأعدائه أن يطلعوا عليها من خطط حربية، أو أعمال نافعة فى نشر دينه وبثّ دعوته. بسبب ما بينكم وبينهم من مودة.
ثم ذكر أن مما يمنع هذا الاتخاذ أمرين:
(1)
(وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) أي وقد كفروا بالله ورسوله وكتابه الذي أنزله عليكم! فكيف بكم بعد هذا تجعلونهم أنصارا وتسرّون إليهم بما ينفعهم ويضر رسولكم، ويعوق نشر دينكم.
(2)
(يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ) أي يخرجون الرسول وأصحابه من بين أظهرهم كراهة لما هم عليه من التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده ولم يكن لهم جريرة ولا جرم سوى ذلك.
ونحو الآية قوله: «وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» وقوله «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ» .
وفى هذا تهييج لهم على عداوتهم وعدم موالاتهم، ثم زادهم تهييجا بقوله:
(إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي) أي إن كنتم خرجتم مجاهدين فى سبيلى، باغين مرضاتى عنكم، فلا توالوا أعدائى وأعداءكم وقد أخرجوكم من دياركم حنقا عليكم وسخطا لدينكم.
ثم توعد من يفعل ذلك وشدد النكير عليه وذكر ما فيه أعظم الزجر له فقال:
(وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) أي ومن يفعل هذه الموالاة ويبلغ أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم لأعدائه فقد جار عن قصد الطريق التي توصل إلى الجنة ورضوان الله تعالى.
ثم ذكر أمورا أخرى تمنع موالاتهم فقال:
(1)
(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً) أي إن يظفر بكم هؤلاء الذين تسرون إليهم بالمودة يكونوا حربا عليكم ويفعلوا بكم الأفاعيل.
(2)
(وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) أي ويمدوا أيديهم وألسنتهم لقتالكم وأذاكم وسبّكم وشتمكم، فكيف ترونهم على هذه الحال وتتخذونهم أصدقاء وأولياء.
(3)
(وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) أي وتمنوا لو تكفرون بربكم، لتكونوا على مثل الذي هم عليه، فعداوتهم لكم كامنة وظاهرة.
والخلاصة- إن هؤلاء يودون لكم كل ضر وأذى فى دينكم ودنياكم، فكيف بكم بعد هذا تمدون إليهم حبال المودة، وتوثقون عرا الإخاء، فهذا مما لا يرشد إليه عقل، ولا يهدى إليه دين.
ثم ذكر أن ما جعلوه سببا من المحافظة على الأهل والولد لا ينبغى أن يقدّم على شئون الدين فقال:
(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي لن تنفعكم يوم القيامة أقاربكم