المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المعنى الجملي بعد أن ذكر سبحانه أنه أخذ الميثاق على بنى - تفسير المراغي - جـ ٦

[المراغي، أحمد بن مصطفى]

فهرس الكتاب

- ‌[تتمة سورة النساء]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 148 الى 149]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 150 الى 152]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 153 الى 159]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 160 الى 162]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 163 الى 166]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 167 الى 170]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 171 الى 173]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌عقيدة التثليث- منشؤها

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 174 الى 175]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 176]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌سورة المائدة

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 1 الى 2]

- ‌تفسير المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 4 الى 5]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 6 الى 7]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌الحكمة فى شرع الوضوء والغسل

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 8 الى 11]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 12 الى 14]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 17 الى 19]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 32]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 33 الى 34]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 35 الى 37]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 43]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 44 الى 47]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 48 الى 50]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 53]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 54]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 55 الى 56]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 63]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 64 الى 66]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 67 الى 69]

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 70 الى 75]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 76 الى 81]

- ‌تفسير المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الفصل: ‌ ‌المعنى الجملي بعد أن ذكر سبحانه أنه أخذ الميثاق على بنى

‌المعنى الجملي

بعد أن ذكر سبحانه أنه أخذ الميثاق على بنى إسرائيل وبعث فيهم النقباء- أعاد التذكير به هنا مرة أخرى، وبيّن عتوّهم وشدة تمردهم وما كان من سوء معاملتهم لأنبيائهم.

‌الإيضاح

(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) الميثاق هو العهد الموثّق، وقد أخذ الله عليهم العهد فى التوراة بتوحيده واتباع الأحكام التي شرعها لهدى خلقه وتحليهم بحلي الفضائل ومكارم الأخلاق، وقد نقضوا هذا الميثاق كما تقدم أول السورة وعاملوا الرسل تلك المعاملة- وهو أنه كلما جاءهم رسول بشىء لا تهواه أنفسهم عاملوه بأحد الأمرين إما التكذيب المستلزم للإعراض والعصيان وإما القتل وسفك الدماء.

وخلاصة ذلك- إنهم بلغوا من الفساد واتباع الأهواء أخشنها مركبا، وأشدها

ص: 163

عتوا وضلالا، حتى لم يعد يؤثر فى قلوبهم وعظ الرسل ولا هديهم، بل صار ذلك مغريا لهم بزيادة الكفر والتكذيب وقتل أولئك الهداة البررة والسادة الأخيار.

ثم ذكر ما سولته لهم أنفسهم على سوء أفعالهم فقال:

(وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) الفتنة الاختبار بشدائد الأمور كتسلط الأمم القوية عليهم بالقتل والتخريب والاضطهاد: أي وظنوا ظنا قويا تمكن من نفوسهم أنه لا تقع لهم فتنة بما فعلوا من الفساد، لأنهم كانوا يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه، ويعتقدون أن نبوة أسلافهم وآبائهم تدفع عنهم العقاب الذي يستحقونه بسبب ذلك القتل والتكذيب.

ثم بين نتائج ذلك فقال:

(فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) أي فعموا عن آيات الله التي أنزلها فى كتبه مرشدة إلى عقابه للأمم المفسدة الظالمة، وعما وضعه من السنن فى خلقه مصدقا لذلك، وصموا عن سماع المواعظ التي جاءهم بها أولئك الرسل وأنذروهم بالعقاب إذا هم خالفوها ونقضوا الميثاق وخرجوا عن هدى الدين، وظلموا أنفسهم واتبعوا أهواءهم وساروا فى غيهم، وانهمكوا فى ضلالهم، فسلط الله عليهم من سامهم الخسف وأوقع بهم البوار والدمار، فجاس البابليون خلال ديارهم، وأحرقوا المسجد الأقصى ونهبوا أموالهم وسبوا أولادهم ونساءهم وسلبوهم أموالهم وثلوّا عروش ملكهم، ثم رحمهم الله وتاب عليهم حين أقلعوا عن الفساد وأعاد إليهم ملكهم وعزهم على يد ملك من ملوك الفرس، إذ جاء إلى بيت المقدس وعمره وردّ من بقي من بنى إسرائيل فى أسر بختنصّر إلى وطنهم، ورجع من تفرق منهم فى الأقطار فاستقروا وكثروا وكانوا كأحسن ما كانوا.

ثم عموا وصموا مرة أخرى وعادوا إلى ظلمهم وفسادهم فى الأرض وقتلوا الأنبياء بغير حق فقتلوا زكريا وأشعيا وأرادوا قتل عيسى عليه السلام، فسلط الله عليهم الفرس ثم الروم (الرومانيين) فأزالوا ملكهم واستقلالهم.

ص: 164

وفى قوله (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) إشارة إلى أن عمى البصيرة والصمم عن المواعظ لم يكن للجميع بل كان للكثير منهم، والله تعالى يعاقب الأمم بذنوبها إذا كثرت وشاعت فيها، إذ العبرة بالغالب لا بالأفل النادر الذي لا يؤثر فى صلاح ولا فساد ومن ثم قال تعالى:

«وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً» .

(وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) لنبيه وخاتم أنبيائه من الكيد والمكر وتدبير الإيقاع به وتأليب القبائل والشعوب المختلفة لتكون يدا واحدة للفتك به، وما سبب ذلك إلا اتباعهم للهوى، وأنهم عموا وصموا مرة أخرى فصاروا لا يبصرون ما جاء به من النور والهدى ولا يسمعون ما يتلوه عليهم من الآيات، وسيعاقبهم الله على ذلك بمثل ما عاقبهم به من قبل وينكّل بهم أشد النكال، ويذيقهم أنواع الوبال.

وبعد أن عدد قبائح اليهود ومخازيهم شرع يفصل قبائح النصارى ويبطل أقوالهم الفاسدة وآراءهم الزائفة، فقال:

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) أي أقسم إن هؤلاء الذين ادّعوا أن الله هو المسيح بن مريم- قد كفروا وصلّوا ضلالا بعيدا، إذ هم فى إطرائه ومدحه غلوا أشد من غلوّ اليهود فى الكفر به وتحقيره، وقولهم عليه وعلى أمه الصدّيقة بهتانا عظيما وقد صارت هذه المقالة هى العقيدة الشائعة عندهم، ومن عدل عنها عدّ مارقا من الدين فقالوا: إن الإله مركب من ثلاثة أصول يسمونها (الأقانيم الثلاثة) وهى الآب والابن وروح القدس فالمسيح هو الابن والله هو الآب وقد حل الآب فى الابن واتحد به فكون روح القدس، وكل واحد من هذه الثلاثة عين الآخرين.

وخلاصة ذلك- الله هو المسيح، والمسيح هو الله كما يزعمون.

ثم ذكر أن المسيح يكذبكم فى ذلك فحكى عنه:

(وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) أي والحال أن المسيح قال لهم ضد ما يقولون. فقد أمرهم بعبادة الله وحده، معترفا بأنه ربه وربهم، ودعا بنى إسرائيل الذين أرسل إليهم إلى عبادة الله وحده، ولا يزال هذا الأمر محفوظا فى الأناجيل التي كتبت لبيان بعض سيرته وتاريخه ففى إنجيل يوحنا (وهذه هى الحياة الأبدية

ص: 165

أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته) فدين المسيح مبنى على التوحيد المحض، وهو دين الله الذي أرسل به جميع رسله.

وفى هذه المقالة تنبيه إلى ما هو الحجة القاطعة على فساد قول النصارى لأنه عليه السلام لم يفرق بين نفسه وغيره فى أن دلائل الحدوث ظاهرة على الجميع.

وبعد أن أمرهم عليه السلام بالتوحيد الخالص، أتبعه بالتحذير من الشرك والوعيد عليه، فقال:

(إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) أي إن كل من يشرك بالله شيئا من ملك أو بشر أو كوكب أو حجر أو نحو ذلك فيجعله ندّا له أو متحدا به، أو يدعوه لجلب نفع أو دفع ضرر، أو يزعم أنه يقرّ به إليه زلفى فيتخذه شفيعا ليؤثر فى إرادته تعالى وعلمه، ويحمله على شىء غير ما سبق به علمه وخصصته إرادته فى الأزل- من يفعل ذلك فإن الله قد حرم عليه الجنة فى سابق علمه، وبمقتضى شرعه الذي أوحاه إلى جميع رسله، فلا مأوى له إلا النار التي هى دار العذاب والذل والهوان- وما للظالمين لأنفسهم بشركهم بالله من نصير ينصرهم ولا شفيع ينقذهم مما يحل بهم «مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ» .

وفى هذا إيماء إلى أن النصارى كانوا يتكلمون على كثير من القديسين، إذ كانت وثنية الشفاعة قد فشت فيهم وإن لم تكن من أصل دينهم.

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) أي لقد كفر الذين قالوا إن الله خالق السموات والأرض وما بينهما- ثالث أقانيم ثلاثة، أب والد غير مولود، وابن مولود غير والد، وزوج متتبعة بينهما.

والخلاصة- إن الفرق ثلاثة:

(1)

إن إلههم ثالث ثلاثة (2) إن الله هو المسيح ابن مريم (3) إن المسيح هو ابن الله وليس هو الله والمتأخرون من النصارى يقولون بالأقانيم الثلاثة وأن كل واحد منهما عين الآخر

ص: 166

فالآب عين الابن وعين روح القدس، ولما كان المسيح هو الابن كان عين الآب وروح القدس أيضا، وقد ذكرنا فيما سلف أن النصارى أخذوا عقيدة التثليث من قدماء الوثنيين.

ثم ردّ الله عليهم ما قالوه بلا روية ولا بصيرة، فقال:

(وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) أي ولا يوجد إله إلا من اتصف بالوحدانية وهو الإله الذي لا تركيب فى ذاته ولا فى صفاته، فليس ثمّ تعدد ذوات وأعيان، ولا تعدد أجناس وأنواع، ولا تعدد جزئيات وأجزاء.

ثم توعدهم على هذه المقالة فقال:

(وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي وإن لم يتهوا عن قولهم بالتثليث ويتركوه، ويعتصموا بعروة التوحيد ويعتقدوه، فو الله ليصيبّهم عذاب شديد يوم القيامة جزاء كفرهم.

وفى الآية إيماء إلى أن هذا العذاب لا يمس إلا الذين كفروا منهم خاصة دون من تاب وأناب إلى الله تعالى ورجع عن عقيدة التثليث وغيرها.

ثم تعجب من حالهم بإصرارهم على التثليث بعد أن ظهرت لهم البينات، وقامت عليهم الحجج المبطلة له، والنذر بالعذاب المرتب عليه، فقال:

(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ؟) أي أيسمعون ما ذكر من التفنيد لآرائهم والوعيد عليها، ثم لا يحملهم ذلك على التوبة والرجوع إلى التوحيد واستغفار الله عما فرط منهم، والحال أن ربهم واسع الرحمة عظيم المغفرة يقبل التوبة من عباده ويغفر لهم ما فرط من الزلات إذا هم آمنوا وأحسنوا واتقوا وعملوا الصالحات.

ثم ذكر أن المسيح رسول كغيره من الرسل وأقام الدليل على ذلك فقال:

(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) أي ليس المسيح إلا رسول من الرسل الذين بعثهم الله لهداية عباده، قد مضت من قبله رسل اختصهم مثله بالرسالة وأيدهم بالآيات، وأمه صديقة فلها فى الفضل مرتبة

ص: 167