الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القراآت:
قاسِيَةً حمزة وعلي والمفضل. الباقون قاسِيَةً.
الوقوف:
بَنِي إِسْرائِيلَ ج للعدول عن الإخبار إلى الحكاية مع اتحاد القصة.
نَقِيباً ج للعدول عن الحكاية إلى الإخبار. مَعَكُمْ ط لأن ما بعده ابتداء قسم محذوف جوابه لَأُكَفِّرَنَّ. الْأَنْهارُ ج السَّبِيلِ هـ قاسِيَةً ج لاحتمال الاستئناف والحال أي لعناهم محرفين. مَواضِعِهِ ط لأنا ما يتلوه حال أي وقد نسوا. ذُكِّرُوا بِهِ ج للعدول عن الماضي إلى المستقبل مع الواو. وَاصْفَحْ ط الْمُحْسِنِينَ هـ ذُكِّرُوا بِهِ ص لعطف المتفقتين. يَوْمِ الْقِيامَةِ ط يَصْنَعُونَ هـ عَنْ كَثِيرٍ هـ مُبِينٌ هـ لا لأن قوله:
يَهْدِي وصف الكتاب إلى آخر الآية. مُسْتَقِيمٍ هـ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ الأول ط جَمِيعاً ط وَما بَيْنَهُما ط ما يَشاءُ ط قَدِيرٌ هـ وَأَحِبَّاؤُهُ ط بِذُنُوبِكُمْ ط لتناهي الاستفهام إلى الأخبار. مِمَّنْ خَلَقَ ط مَنْ يَشاءُ ط وَما بَيْنَهُما ز للفصل بين ذكر الحال والمال. الْمَصِيرُ هـ وَلا نَذِيرٍ ر للعطف مع وقوع العارض. وَنَذِيرٌ ط قَدِيرٌ هـ.
التفسير:
إنه سبحانه لما خاطب المؤمنين بذكر نعمته وميثاقه أردفه ذكر ميثاق بني إسرائيل ونقضهم إياه ثم لعنهم بسبب ذلك تحذيرا لهذه الأمة من مثل ما فعلوا وفعل بهم.
وبوجه آخر لما ذكر غدر اليهود وأنهم أرادوا إيقاع الشر بالنبي صلى الله عليه وسلم لولا دفع الله تعالى، أردفه بذكر سائر فضائحهم ليعلم أن ذلك لم يزل هجيراهم. والنقيب العريف «فعيل» بمعنى «فاعل» لأنه ينقب عن أحوال القوم فيكون شاهدهم وضمينهم. وقال أبو مسلم: بمعنى «مفعول» يعني اختارهم على علم بهم. وأصل النقب الطريق في الجبل. ونقب البيطار سرة الدابة ليخرج منها ماء أصفر. والمناقب الفضائل لأنها لا تظهر إلّا بالنقب عنها. ويقال:
كلب نقيب وهو أن ينقب حنجرته لئلا يرفع صوت نباحه، وإنما يفعل ذلك البخلاء من العرب لئلا يطرقهم ضيف. قال مجاهد والكلبي والسدي: إن الله تعالى اختار من كل سبط
من أسباط بني إسرائيل رجلا يكون نقيبا لهم وحاكما فيهم. ثم إنهم بعثوا إلى مدينة الجبارين لينقبوا عن أحوالهم فرأوا أجراما عظيمة فهابوا ورجعوا وحدثوا قومهم وقد نهاهم موسى عليه السلام أن يحدثوهم فنكثوا الميثاق إلّا رجلين منهم. ومعنى إِنِّي مَعَكُمْ إني ناصركم ومعينكم والتقدير: وقال الله لهم. فحذف الرابط للعلم به. والخطاب للنقباء أو لكل بني إسرائيل. والحاصل إني معكم بالعلم والقدرة فأسمع كلامكم وأرى أفعالكم وأعلم ضمائركم وأقدر على إيصال الجزاء إليكم. فهذه مقدمة معتبرة جدا في الترغيب والترهيب.
ثم ذكر بعدها جملة شرطية مقدمها مركب من خمسة أمور والجزاء هو قوله: لَأُكَفِّرَنَّ وهو إشارة إلى إزالة العقاب. وقوله: وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ وهو إشارة إلى إيصال الثواب.
واللام في لَئِنْ أَقَمْتُمُ موطئة للقسم وفي لَأُكَفِّرَنَّ جواب له ولكنه سد مسد جواب الشرط أيضا. والعزر في اللغة الرد ومنه التعزير التأديب لأنه يرده عن القبيح ولهذا قال الأكثرون: معنى عَزَّرْتُمُوهُمْ نصرتموهم لأن نصر الإنسان رد أعدائه عنه. ولو كان التعزير هو التوقير لكان قوله: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [الفتح: 9] تكرارا. وهاهنا أسئلة: لم أخر الإيمان بالرسل عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع أن الإيمان مقدم على الأعمال؟
وأجيب بعد تسليم أن الواو للترتيب بأن اليهود كانوا معترفين بأن النجاة مربوطة بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة إلّا أنهم كانوا مصرين على تكذيب بعض الرسل فذكر أنه لا بد بعد الصلاة والزكاة من الإيمان بجميع الرسل وإلّا لم يكن لتلك الأعمال أثر. قلت: يحتمل أن يكون التقدير وقد آمنتم أو أخر الإيمان عن العمل تنبيها على أن الإيمان إنما يقع معتدا به إذا اقترن به العمل كقوله وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى [طه: 82] أو هو من القلب الذي يشجع عليه أمن الإلباس، أو لعل اليهود كانوا مقصرين في الصلاة والزكاة فكان ذكرهما أهم. سؤال آخر ما الفائدة في قوله: وَأَقْرَضْتُمُ بعد قوله: وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ؟
وأجيب بأن الإقراض أريد به الصدقات المندوبة. قال الفراء: ولو قال وأقرضتم الله إقراضا حسنا لكان صوابا أيضا إلّا أنه أقيم الاسم مقام المصدر مثل وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً [آل عمران:
37] . آخر لم قال: فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ فإن من كفر قبل ذلك أيضا فقد أخطأ الطريق المستقيم الذي شرعه الله لهم؟ والجواب أجل، ولكن الضلال بعد الشرط المؤكد المعلق به الوعيد العظيم أشنع فلهذا خص بالذكر. فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ بتكذيب الرسل وقتلهم أو بكتمانهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم أو بإخلال جملة الشروط المذكورة لَعَنَّاهُمْ قال عطاء: أخرجناهم من رحمتنا. وقال الحسن ومقاتل: مسخناهم حتى صاروا قردة وخنازير. قال ابن عباس: ضربنا الجزية عليهم. وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً من قرأ قاسِيَةً
فبمعنى القاسية أيضا إلا أنها أبلغ كعليم وعالم ومنه قولهم «درهم قسي» أي رديء مغشوش لما فيه من اليبس الصلابة بخلاف الدرهم الخالص فإن فيه لينا وانقيادا. قالت المعتزلة:
معنى الجعل هاهنا أنه أخبر عنها بأنها صارت قاسية كما يقال جعلت فلانا فاسقا أو عدلا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ بيان لقسوة قلوبهم لأنه لا قسوة أشد من الافتراء على الله وتغيير كلامه وَنَسُوا حَظًّا تركوا نصيبا وافرا أو قسطا وافيا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ من التوراة يريد أن تركهم التوراة وإعراضهم عن العمل بها إغفال حظ عظيم، أو فسدت نياتهم فحرفوا التوراة وزالت علوم منها عن حفظهم كما روي عن ابن مسعود: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية.
وقال ابن عباس: تركوا نصيبا مما أمروا به في كتابهم وهو الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم. ثم بيّن أن نكث العهود والغدر لم يزل عادتهم خلفا عن سلف فقال: وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ أي خيانة كالعافية والحادثة أو صفة لمحذوف مؤنث أي على فعلة ذات خيانة أو على نفس أو فرقة خائنة أو التاء للمبالغة مثل «رجل راوية للشعر» إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وهم الذين آمنوا منهم كعبد الله بن سلام وأمثاله، أو هم الذين بقوا على الكفر من غير غدر ونقض لعهودهم فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ بعث على حسن العشرة معهم. فقيل منسوخ بآية الجهاد يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التحريم: 9] وقيل: المراد فاعف عن مؤمنهم ولا تؤاخذهم بما سلف منهم. وقيل: بناء على أن القليل هم الباقون على العهد منهم أن المراد لا تؤاخذهم بالصغائر ما داموا باقين على العهد وهذا قول أبي مسلم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قال ابن عباس: معناه إذا عفوت فأنت محسن، وإذا كنت محسنا فقد أحبك الله. وعلى قول أبي مسلم فالمراد بهؤلاء المحسنين هم القليلون الذين ما نقضوا عهد الله وفي هذا التفسير بعد والله أعلم.
ثم قال: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ولم يقل ومن النصارى لأنهم إنما سموا أنفسهم بهذا الاسم ادعاء لنصرة الله، وهم الذين قالوا لعيسى عليه السلام نحن أنصار الله وكانوا بالحقيقة أنصار الشيطان حيث اختلفوا وخالفوا الحق أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ إن كان الضمير عائدا إلى الذين قالوا فالمعنى ظاهر، وإن عاد إلى اليهود فالمعنى أخذنا منهم مثل ميثاق اليهود في أفعال الخير والإيمان بالرسل فَأَغْرَيْنا ألصقنا وألزمنا ومنه الغراء الذي يلصق به وغرى بالشيء لزمه ولصق به بَيْنَهُمُ بين فرق النصارى أو بينهم وبين اليهود. ثم دعا اليهود والنصارى إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال: يا أَهْلَ الْكِتابِ ووحد الكتاب لأنه أخرج مخرج الجنس مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ كصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكصفة الرجم
وهذا معجز لأنه لم يقرأ كتابا وقد أخبرهم بأسرار كتابهم وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ مما تخفونه فلا يبينه مما لا تمس إليه حاجة في هذا الدين. وعن الحسن: ويعفو عن كثير منكم لا يؤاخذه بجرمه قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ محمد أو الإسلام وَكِتابٌ مُبِينٌ هو القرآن لإبانته ما كان خافيا على الناس من الحق، أو لأنه ظاهر الإعجاز، ويحتمل أن يكون النور والكتاب هو القرآن والمغايرة اللفظية كافية بين المعطوفين. ولا شك أن القرآن نور معنوي تتقوى به البصيرة على إدراك الحقائق والمعقولات. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ أي بالكتاب مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ من كان مطلوبه اتباع الدين الذي يرتضيه الله لا الذي ألفه بحسب هواه سُبُلَ السَّلامِ طرق السلامة أو طرق دار السلام أو سبيل دين الله إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ بناء على جواز الحلول فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً من الذي يقدر على دفع شيء من أفعال الله ومنع شيء من مراده. وقوله: إِنْ أَرادَ شرط جزاء آخر محذوف يدل عليه ما تقدمه والمعنى إن أراد أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ المدعو إلها وغيره فمن الذي يقدر على أن يدفعه عن مراده ومقدوره؟؟؟
والمراد بعطف من في الأرض على المسيح وأمه أنهما من جنسهم وشكلهم في الصورة والخلقة والجسمية والتركيب وسائر الأعراض. فلما سلمتم كونه تعالى خالقا لغيرهما وجب أن يكون خالقا لهما ومتصرفا فيهما. وإنما قال: وَما بَيْنَهُما بعد ذكر السموات والأرض ولم يقل «بينهن» لأنه أراد الصنفين أو النوعين. وفي قوله: يَخْلُقُ ما يَشاءُ وجهان:
أحدهما يخلق تارة من ذكر وأنثى، وتارة من أنثى فقط كما في حق عيسى، وتارة من غير ذكر وأنثى كآدم عليه السلام. وثانيهما أن عيسى إذا قدر صورة الطير من الطين فإن الله تعالى يخلق فيها اللحمية والحياة معجزة لعيسى، وكذا إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قيل: عليه أن اليهود لا يقولون ذلك فكيف يجوز نقل ذلك عنهم؟
وأما النصارى فلا يقولون ذلك في حق أنفسهم. وأجيب بأن المضاف محذوف أي نحن أبناء رسل الله أو أريد إن عناية الله تعالى بحالهم أكمل وأشد من اعتناء الأب بالابن، أو اليهود زعموا أن عزيرا ابن الله، والنصارى أن المسيح ابن الله. وقد يقول أقارب الملوك وحشمه نحن الملوك وغرضهم كونهم مختصين بذلك الشخص الذي هو الملك.
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا جماعة من اليهود إلى دين الإسلام وخوفهم بعقاب الله فقالوا: كيف تخوفنا بعقاب الله ونحن أبناء الله وأحباؤه؟
ومما يتلو النصارى في الإنجيل الذي لهم أن المسيح قال لهم: إني ذاهب إلى أبي وأبيكم. ثم إنه سبحانه أبطل عليهم دعواهم بقوله: قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ فسئل أن موضع الإلزام هو عذاب الدنيا فحينئذ تمكن المعارضة بوقعة أحد وبقتل أحباء الله كالحسن والحسين عليهما السلام أو عذاب الآخرة. فالقوم ينكرون