المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الدعاء هو العبادة] - توجيهات إسلامية لمحمد بن جميل زينو

[محمد جميل زينو]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[الخصائص الرئيسية في الإسلام]

- ‌[الإسلام نظام كامل للحياة]

- ‌[أركان الإسلام]

- ‌[أركان الإيمان]

- ‌[الدعاء هو العبادة]

- ‌[أين الله]

- ‌[الله فوق العرش]

- ‌[مبطلات الإسلام]

- ‌[لا تصدق الدجالين]

- ‌[لا تحلف بغير الله]

- ‌[لا تحتج بالقدر]

- ‌[فضل الصلوات والتحذير من تركها]

- ‌[تعلم الوضوء والصلاة]

- ‌[من أحكام الصلاة]

- ‌[من أحاديث الصلاة]

- ‌[وجوب صلاة الجمعة والجماعة]

- ‌[فضل صلاة الجمعة والجماعة]

- ‌[كيف أصلي الجمعة مع آدابها]

- ‌[صلاة الخسوف والكسوف]

- ‌[كيف تصلي على الميت]

- ‌[صلاة العيدين في المصلى]

- ‌[مشروعية الأضحية في العيد]

- ‌[صلاة الاستسقاء]

- ‌[المرور أمام المصلي]

- ‌[الصيام وفوائده]

- ‌[واجبك في رمضان]

- ‌[معلومات عن الحج والعمرة]

- ‌[أعمال العمرة]

- ‌[أعمال الحج]

- ‌[من آداب الحج والعمرة]

- ‌[من آداب المسجد النبوي]

- ‌[من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[من آداب الرسول وتواضعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[دعوة الرسول وجهاده صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حب الرسول واتباعه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أحاديث حول الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[كيف نربي أولادنا]

- ‌[تعليم الصلاة]

- ‌[التحذير من المحرمات]

- ‌[الستر والحجاب]

- ‌[الأخلاق والآداب]

- ‌[الجهاد والشجاعة]

- ‌[بر الوالدين]

- ‌[اجتنبوا الكبائر]

- ‌[أنواع الكبائر]

- ‌[اتبَّعوا ولا تبتدعوا]

- ‌[صدق الله العظيم]

- ‌[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[شروط الآمر]

- ‌[أنواع المنكرات]

- ‌[الجهاد في سبيل الله]

- ‌[من أسباب النصر]

- ‌[الوصية الشرعية لكل مسلم]

- ‌[الأمور الممنوعة شرعا]

- ‌[إعفاء اللحية واجب]

- ‌[حكم الإسلام في الغناء والموسيقى]

- ‌[أضرار الغناء والموسيقى]

- ‌[الغناء في الوقت الحاضر]

- ‌[فتنه النساء بالصوت الحسن]

- ‌[احذروا الصفير والتصفيق]

- ‌[الغناء ينبت النفاق]

- ‌[علاج الغناء والموسيقى]

- ‌[المستثنى من الغناء]

- ‌[حكم الإسلام في التصوير والتماثيل]

- ‌[أضرار الصور والتماثيل]

- ‌[هل الصور كالتماثيل]

- ‌[الصور والتماثيل المسموح بها]

- ‌[هل الدخان حرام]

- ‌[تمسك المجتهدين بالحديث]

- ‌[أقوال الأئمة في الحديث]

- ‌[اعملوا بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[وما آتاكم الرسول فخذوه]

- ‌[كونوا عباد الله إخوانا]

- ‌[أحاديث حول المسلم]

- ‌[تكريم المرأة في الإسلام]

- ‌[من أقوال المستشرقين في الإسلام]

- ‌[أمريكي يتحدث عن إسلامه]

- ‌[فتاة أمريكية تعتنق الإسلام]

- ‌[تصريحات مطرب عالمي بعد إسلامه]

- ‌[دعاء الاستخارة]

- ‌[دعاء الشفاء]

- ‌[دعاء السفر]

- ‌[الدعاء المستجاب]

- ‌[دعاء الضائع]

- ‌[دعاء من القرآن الكريم]

- ‌[إلهي أنت المغيث وحدك]

الفصل: ‌[الدعاء هو العبادة]

[الدعاء هو العبادة]

الدعاء هو العبادة هذا الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي، يدل على أن الدعاء من أهم أنواع العبادة. فكما أن الصلاة لا تجوز أن تكون لرسول أو ولي، فكذلك لا يُدعى الرسول أو الولي من دون الله.

1 -

إن المسلم الذي يقول: يا رسول الله أو يا رجال الغيب غوثا ومددا، هو دعاء وعبادة لغير الله، ولو كانت نيته أن الله هو المغيث، ومثله مثل رجل أشرك بالله عز وجل وقال: أنا في نيتي أن الإله واحد فلا يقبل منه هذا؛ لأن كلامه دل على خلاف نيته، فلا بد من مطابقة القول للنية والمعتقد، وإلا كان شركا أو كفرا لا يغفره الله إلا بتوبة.

2 -

فإن قال هذا المسلم: أنا في نيتي أن أتخذهما واسطة إلى الله، كالأمير الذي لا أستطيع أن أدخل عليه إلا بواسطة، فهذا تشبيه الخالق بالمخلوق الظالم الذي لا يدخل عليه أحد إلا بواسطة، وهذا التشبيه من الكفر.

قال الله تعالى منزها ذاته وصفاته وأفعاله:

ص: 10

{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] سورة الشورى " آية 11.

فتشبيه الله بمخلوق عادل كفر وشرك، فكيف إذا شبهته بإنسان ظالم؟ ! تعالى الله عما يقول الظالمون علوَا كبيرا.

3 -

لقد كان المشركون في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يعتقدون أن الله هو الخالق والرازق، ولكنهم يدعون الأولياء الممثلين في الأصنام واسطة تقربهم إلى الله، فلم يرض منهم هذه الواسطة، بل كفرهم وقال لهم:

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] سورة الزمر " آية 3.

والله تعالى قريب سميع لا يحتاج إلى واسطة، قال تعالى:

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186]

" سورة البقرة " آية 186.

4 -

إن هؤلاء المشركين كانوا يدعون الله وحده عند الشدائد قال تعالى: {وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [يونس: 22] سورة يونس " آية 22.

ص: 11

وكانوا يدعون أولياءهم الممثلة في الأصنام وقت الرخاء، فكفرهم القرآن.

فما بال بعض المسلمين يدعون غير الله من الرسل والصالحين، ويستغيثون بهم، ويطلبون المعونة منهم وقت الشدائد والمحن ووقت الرخاء؟!!

ألم يقرءوا قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ - وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5 - 6] بعبادتهم أي بدعائهم " " سورة الأحقاف " آية 5، 6.

5 -

يظن الكثير من الناس أن المشركين الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا يدعون أصناما من الحجارة، وهذا خطأ، لأن الأصنام الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا رجالا صالحين: ذكر البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى في سورة نوح:

{وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] سورة نوح آية 23.

قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم

ص: 12

التي كانوا يجلسون فيها أنصابا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت " (أي الأصنام) .

6 -

قال تعالى منكرا على الذين يدعون الأنبياء والأولياء:

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا - أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 56 - 57] سورة الإسراء " آية 56، 57.

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية ما خلاصته:

نزلت هذه الآية في جماعة من الإنس كانوا يعبدون الجن ويدعونهم من دون الله، فأسلم الجن. وقيل: نزلت في جماعة من الإنس كانوا يدعون المسيح والملائكة.

فهذه الآية تنكر على من يدعو غير الله ولو كان نبيا أو وليًا.

7 -

يزعم البعض أن الاستغاثة بغير الله جائزة ويقولون: المغيث على الحقيقة هو الله، والاستغاثة بالرسول والأولياء

ص: 13

تكون مجازا كما تقول: شفاني الدواء والطبيب، وهذا مردود عليهم في قول إبراهيم عليه السلام:{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ - وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ - وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 78 - 80] سورة الشعراء " آية 78، 80.

أكد بالضمير (هو) في كل آية ليدل على أن الهادي والرازق والشافي هو الله لا غيره، وأن الدواء سبب للشفاء وليس شافيا.

8 -

الكثير من الناس لا يفرِق بين الاستغاثة بحي أو بميت والله تعالى يقوِل: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] سورة فاطر " آية 22.

وقوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص: 15] سورة القصص " آية 15.

وهي حكاية عن رجلِ استغاث بموسى ليحميه من عدوه، وقد فعل ذلك {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15] سورة القصص " آية 15.

أما الميت فلا تجوز الاستغاثة به، لأنه لا يسمع الدعاء، ولو سمع لا يستطيع الإجابة لعدم قدرته، قال

ص: 14

تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} [فاطر: 14] سورة فاطر " آية 14.

(وهذا نص صريحٍ في أن دعاء الأموات والغائبين شرك) وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ - أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 20 - 21] سورة النحل " آية 20، 21.

9 -

ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الناس يوم القيامة يأتون الأنبياء فيستشفعون بهم، حتى يأتوا محمدا فيستشفعوا به أن يفرج عنهم، فيقول: أنا لها، ثم يسجد تحت العرش ويطلب من الله الفرج، وتعجيل الحساب، وهذه الشفاعة طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو حي يكلمه الناس ويكلمونه، أن يشفع لهم عند الله ويدعو لهم بالفرج، وهذا ما سيفعله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي.

10 -

وأكبر دليل على الفرق بين الطلب من الحي والميت هو ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما نزل بهم القحط، فطلب من العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم، ولم يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله للرفيق الأعلى.

ص: 15

11 -

يظن بعض أهل العلم أن التوسل كالاستغاثة مع أن الفرق بينهما كبير، فالتوسل هو الطلب من الله بواسطة فتقول مثلا:(اللهم بحبك وحبنا لرسول الله فرّج عنا) فهذا جائز، أما الاستغاثة فهي الطلب من غير الله فتقول:(يا رسول الله فرِّج عنا) وهذا غير جائز وهو شرك أكبر لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106] سورة يونس " آية 106. (أي المشركين) .

{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} [الجن: 21] سورة الجن " آية 21.

{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن: 20] سورة الجن " آية 20.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح ".

وقال الشاعر:

الله أسال أن يفرج كربنا

فالكرب لا يمحوه إلا الله

ص: 16