الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّيَمُّمُ
وَيَتَيَمَّمُ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ إِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ بِاتِّفَاقٍ، وَكَذَلِكَ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ يَخْشَى فَوَاتَ الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلا يُعِيدُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: رَجَعَ عَنْهُ، وَعَلَى التَّيَمُّمِ لَوْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ فَقَوْلانِ، وَلا يَتَيَمَّمُ الْحَاضِرُ لِلسُّنَنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيَتَيَمَّمُ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ لِلْكُسُوفِ وَصَلاةِ الْجَنَائِزِ لِلْحَاضِرِ إِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ فَكَالسُّنَنِ وَإِلا فَكَالْفَرْضِ عَلَى الأَصَحِّ، وَفِي تَحْدِيدِ سَفَرِهِ بِالْقَصْرِ: قَوْلانِ، وَلا يَتَرَخَّصُ بِالْعِصْيَانِ عَلَى الأَصَحِّ.
وَيَتَعَذَّرُ بِعَدَمِهِ وَما يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ عَدَمِهِ:
الأَوَّلُ: إِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهُ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ طَلَبُهُ طَلَباً لا يَشُقُّ بِمِثْلِهِ، قَالَ مَالِكٌ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ طَلَبُ نِصْفَ الْمِيلِ، وَفِي الطَّلَبِ مِمَّنْ يَلِيهِ مِنَ الرُّفْقَةِ. ثَالِثُهَا: إِنْ كَانُوا نَحْوَ الثَّلاثَةِ طَلَبَ، وَإِلا أَعَادَ أَبَداً، فَإِنْ وُهِبَ لَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلافِ ثَمَنِهِ وَلَوْ بِيعَ بِغَبْنٍ مُجْحِفٍ، أَوْ بِغَيْرِ غَبْنٍ وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِنَفَقَةِ سَفَرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ.
الثَّانِي: مَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ عَدَمِهِ: كَعَدَمِ الآلَةِ، فَإِنْ وَجَدَهَا وَلَكِنْ يَذْهَبُ الْوَقْتُ لَهَا أَوْ لاسْتِعْمَالِهِ تَيَمَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَنْهُ يُعِيدُ الْحَضَرِيُّ، وَكَالْخَوْفُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ عَلَى الأَصَحِّ، وَكَظَنِّ عَطَشِهِ أَوْ عَطَشِ مَنْ مَعَهُ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ كَخَوْفِ تَلَفٍ، وَكَذَلِكَ زِيَادَةُ الْمَرَضِ. أَوْ تَأَخُّرُ بُرْءٍ، أَوْ تَجَدُّدُ مَرَضٍ عَلَى الأَصَحِّ، وَكَالْمَجْدُورِ وَالْمَحْصُوبِ يَخَافَانِ مِنَ الْمَاءِ، وَكَشِجَاجٍ غَمَرَتِ الْجَسَدَ وَهُوَ جُنُبٌ، أَوْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَهُوَ مُحْدِثٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَبْقَ إِلا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ، فَلَوْ غَسَلَ مَا صَحَّ وَمَسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ لَمْ يُجْزِهِ، كَصَحِيحٍ وَجَدَ مَاءً لا يَكْفِيهِ فَغَسَلَ وَمَسَحَ الْبَاقِيَ، وَفِيهَا: مَنْعُ الْمُسَافِرِ مِنَ الْوَطْءِ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِمَا. وَقِيلَ: إِلا أَنْ يَطُولَ، وَكَذَلِكَ مَنْعُ الْمُتَوَضِّئِينَ مِنَ التَّقْبِيلِ، وَأَجَازَهُ فِي الشَّجَّةِ النَّاقِلَةِ إِلَى الْمَسْحِ أَوْ إِلَيْهِ لِطُولِ أَمْرِهِ.
وَوَقْتُهُ: بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لا قَبْلَهُ عَلَى الأَصَحِّ، وَالْمَشْهُورُ: أَنَّ الآيِسَ
أَوَّلُهُ، وَالرَّاجِيَ آخِرَهُ، وَقِيلَ: وَقَبْلَهُ، وَالْمُتَرَدِّدَ وَسَطَهُ، وَرُوِيَ: آخِرَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَقِيلَ: وَسَطَهُ إِلا الرَّاجِيَ، فَيُؤَخَّرُ، وَقِيلَ: آخِرَهُ إِلا الآيِسَ فَيُقَدَّمُ.
وَفِيهَا: التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْغُرُوبِ إِنْ طَمِعَ فِي إِدْرَاكِ الْمَاءِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، فَإِنْ قُدِّمَ ذُو التَّأْخِيرِ فَوَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ أَبَداً، وَقِيلَ: فِي الْوَقْتِ، وَتَحْتَمِلُهُمَا، وَقِيلَ: وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ قُدِّمَ ذُو التَّوَسُّطِ لَمْ يُعِدْ بَعْدَ الْوَقْتِ بِاتِّفَاقٍ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الصَّلاةِ بَطَلَ، وَفِي الصَّلاةِ لا تَبْطُلُ، فَإِنْ ذَكَرَهُ فِي رَحْلِهِ قَطَعَ، وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً فَوَجَدُوا مَا يَكْفِي أَحَدَهُمْ فَإِنْ بَادَرَ إِلَيْهِ أَحَدُهُمْ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُ الْبَاقِينَ، وَإِنْ سَلَّمُوهُ اخْتِيَاراً فَقَوْلانِ، وَمَنْ تَيَمَّمَ فِي وَقْتِهِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فَلا إِعَادَةَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ كَالْمُقَصِّرِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَيَحْتَمِلُ أَبَداً كَالشَّاكِّ، هَلْ يُدْرِكُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِوُجُودِهِ، وَالْمُطَّلِعُ عَلَيْهِ بِقُرْبِهِ، وَالْخَائِفُ، وَالْمَرِيضُ الْعَادِمُ الْمُتَأَوِّلُ لِتَقْصِيرِهِ فِي الاسْتِعْدَادِ، وَفِي نَاسِي الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ، ثَالِثُهَا: لابْنِ الْقَاسِمِ، يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ فَأَوْلَى أَلا يُعِيدَ، فَإِنْ أَضَلَّ
رَحْلَهُ فَلا إِعَادَةَ، وَكُلُّ مَنْ أُمِرَ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ فَنَسِيَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُعِيدُ؛ وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْمَاءِ وَمَعَهُ جُنُبٌ فَرَبُّهُ أَوْلَى بِهِ إِلا أَنْ يَخْشَى الْجُنُبُ الْعَطَشَ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْوَرَثَةِ لا مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَفِي الأَوْلَى بِهِ قَوْلانِ.
وَيَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ الطَّاهِرِ وَهُوَ وَجْهُ الأَرْضِ: التُّرَابُ وَالْحَجَرُ وَالرَّمْلُ وَالْمِلْحُ وَالصَّفَا وَالسَّبْخَةُ وَالنُّوَرَةُ وَالزِّرْنِيخُ وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يُطْبَخْ، وَظَاهِرُهَا، كَابْنِ حَبِيبٍ: بِشَرْطِ عَدَمِ التُّرَابِ، وَقِيلَ: بِالتُّرَابِ خَاصَّةً، وَعَلَى الْخَضْخَاضِ مِمَّا لَيْسَ بِمَاءٍ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَقِيلَ: وَإِنْ وَجَدَ، وَفِيهَا: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَا حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الأَرْضِ فَهُوَ مِنْهَا، وَفِي الْمِلْحِ وَالثَّلْجِ: رِوَايَتَانِ لابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلا يَتَيَمَّمُ عَلَى لُبْدٍ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ نَقَلَ التُّرَابَ، فَالْمَشْهُورُ: الْجَوَازُ، بِخِلافِ غَيْرِهِ، وَفِيهَا: وَالْمُتَيَمِّمُ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ كَالْمُتَوَضِّئِ بِمَاءٍ غَيْرِ طَاهِرٍ يُعِيدَانِ فِي الْوَقْتِ، وَاسْتَشْكَلَ، وَقَالَ أَيْضاً: يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ وَيُعِيدُ [الْوُضُوءَ وَالصَّلاةَ] فِي الْوَقْتِ، وَاسْتَشْكَلَ، وَحُمِلَ عَلَى الْمَشْكُوكِ.
وَصِفَتُهُ: أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلاةِ مُحْدِثاً أَوْ جُنُباً لا رَفْعَ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ لا يَرْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَيْهِمَا وُجُوبُ الْغُسْلِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ، فَإِنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُعِيدُ أَبَداً، وَلَوْ كَانَ مَعَ الْجُنُبِ قَدْرُ الْوُضُوءِ يَتَيَمَّمُ
وَلَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ، وَيَسْتَوْعِبُ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَنْزِعُ الْخَاتَمَ عَلَى الْمَنْصُوصِ، قَالُوا: وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ، وَفِي مُرَاعَاةِ صِفَةِ الْيَدَيْنِ: قَوْلانِ، وَفِي الصِّفَةِ: قَوْلانِ، وَفِيهَا: يَبْدَأُ بِظَاهِرِ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى مِنْ فَوْقِ الْكَفِّ إِلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ يَمْسَحُ الْبَاطِنَ إِلَى الْكُوعِ، ثُمَّ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى كَذَلِكَ.
وَلا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ، فَقِيلَ: أَرَادَ ثُمَّ يَمْسَحُ الْكَفَّيْنِ، وَقِيلَ: أَرَادَ إِلَى مُنْتَهَى الأَصَابِعِ، فِيهِمَا: إِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْكُوعَيْنِ أَوْ عَلَى ضَرْبِهِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، فَثَالِثُهَا: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَرَابِعُهَا: الْمَشْهُورُ فِي الأُولَى خَاصَّةً، وَلَوْ مَسَحَ بِيَدَيْهِ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ التَّيَمُّمِ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلانِ، بِخِلافِ النَّفْضِ الْخَفِيفِ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ، وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالاةُ كَالْوُضُوءِ، فِيهَا: فَمَنْ نَكَّسَ تَيَمُّمَهُ، وَصَلَّى يُعِيدُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ، فَحُمِلَ عَلَى النَّوَافِلِ، وَإِلا فَهُوَ وَهْمٌ، وَلَوْ نَوَى فَرْضاً جَازَ النَّفْلُ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ الطَّوَافُ وَرَكَعْتَاهُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَتُهُ وَسَجْدَتُهَا، وَرُوِيَ وَقَبْلَهُ، وَلَوْ نَوَى نَفْلاً لَمْ يُجْزِ الْفَرْضُ بِهِ، وَصَلَّى مِنَ النَّفْلِ مَا شَاءَ وَفَعَلَ مَا تَقَدَّمَ كَمَا يَفْعَلُهُ بِمَا تَقَدَّمَ، بِخِلافِ تَيَمُّمِهِ لِلنَّوْمِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ صَحَّ وَصَلَّى بِهِ فَرْضاً عَلَى الْمَشْهُورِ لأَنَّهُ لا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، أَوْ لا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْوَقْتِ، أَوْ لِوُجُوبِ الطَّلَبِ لِكُلِّ صَلاةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّلاثَةِ، أَبُو الْفَرَجِ: يَجُوزُ
فِي الْفَوَائِتِ، أَبُو إِسْحَاقَ: يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ، وَلَوْ صَلَّى الْفَرْضَيْنِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنْ كَانَتَا مُشْتَرِكَتَيِ الْوَقْتِ أَعَادَ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ وَإِلا أَعَادَهَا أَبَداً، وَلَوْ نَسِيَ صَلاةً مِنَ الْخَمْسِ تَيَمَّمَ خَمْساً عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَلَّى وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلا تُرَاباً فَرَابِعُهَا
لابْنِ الْقَاسِمِ: يُصَلِّي وَيَقْضِي، وَالثَّلاثَةُ لِمَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ، وَفِيهَا: وَمَنْ تَحْتَ الْهَدْمِ لا يَسْتَطِيعُ الصَّلاةَ يَقْضِي.