الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الصَّلاةِ
الأَوْقَاتُ: أَدَاءٌ وَقَضَاءٌ، فَوَقْتُ الأَدَاءِ: مَا قُيِّدَ الْفِعْلُ بِهِ أَوَّلاً، وَالْقَضَاءُ مَا بَعْدَهُ، وَالأَدَاءُ: اخْتِيَارٌ، وَفَضِيلَةٌ، وَضَرُورَةٌ، وَقِيلَ: وَمَكْرُوهٌ، الأَوَّلُ: الْمُوَسَّعُ، فَالظُّهْرُ أَوَّلُهُ: زَوَالُ الشَّمْسِ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَخْذِ الظِّلِّ فِي الزِّيَادَةِ، وَآخِرُهُ: أَنْ تَصِيرَ زِيَادَةُ ظِلِّ الْقَامَةِ مِثْلَهَا، وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَكُونُ مُشْتَرِكاً، وَرَوَى أَشْهَبُ الاشْتِرَاكَ فِيمَا قَبْلَ الْقَامَةِ بِمَا يَسَعُ إِحْدَاهُمَا وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لا اشْتِرَاكَ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ، وَآخِرُهُ: إِلَى الاصْفِرَارِ، وَرَوَى إِلَى قَامَتَيْنِ، وَالْمَغْرِبُ بِغُرُوبِ قُرْصِ الشَّمْسِ دُونَ أَثَرِهَا، وَرِوَايَةُ الاتِّحَادِ أَشْهَرُ، وَفِيهَا: وَلا بَأْسَ أَنْ يَمُدَّ الْمُسَافِرُ الْمِيلَ وَنَحْوَهُ، وَرِوَايَةُ الامْتِدَادِ حَتَّى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَهُوَ الْحُمْرَةُ دُونَ الْبَيَاضِ مِنَ الْمُوَطَّأِ، وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَيَكُونُ
مُشْتَرِكاً، وَقَالَ أَشْهَبُ: الاشْتِرَاكُ فِيمَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَآخِرُهُ: ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: النِّصْفُ، وَالْفَجْرُ بِالْفَجْرِ الْمُسْتَطِيرِ لا الْمُسْتَطِيلِ وَهِيَ الْوُسْطَى، وَآخِرُهُ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: الإِسْفَارُ الأَعْلَى، وَتَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الإِسْفَارُ يَرْجِعُ بِهِمَا إِلَى وِفَاقٍ.
الثَّانِي: مَا كَانَ أَوْلَى وَهُوَ لِلْمُنْفَرِدِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَقِيلَ: كَالْجَمَاعَةِ وَالأَفْضَلُ لِلْجَمَاعَةِ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ إِلَى ذِرَاعٍ وَبَعْدَهُ فِي الْحَرِّ بِخِلافِ الْجُمُعَةِ وَالْعَصْرِ، تَقْدِيمُهُمَا أَفْضَلُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: إِلَى ذِرَاعٍ بَعْدَهُ لا سِيَّمَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ: تَقْدِيمُهُمَا أَفْضَلُ، وَالْعِشَاءُ، ثَالِثُهَا: تَأْخِيرُهَا إِنْ تَأَخَّرُوا، وَرَابِعُهَا: فِي الشِّتَاءِ وَفِي رَمَضَانَ.
الثَّالِثُ: الضَّرُورِيُّ، وَهُوَ مَا يَكُونُ فِيهِ ذُو الْعُذْرِ مُؤَدِّياً، وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهِيَةٍ لِيَتَحَقَّقَ الْمَكْرُوهُ، وَهُوَ مِنْ حِينِ يَضِيقُ وَقْتُ الاخْتِيَارِ عَنْ صَلاتِهِ إِلَى
مِقْدَارِ تَمَامِ رَكْعَةٍ، وَقِيلَ: إِلَى الرُّكُوعِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الصُّبْحِ، وَقَبْلَ الْغُرُوبِ فِي الْعَصْرِ، وَقِيلَ: الْفَجْرُ فِي الْعِشَاءِ، وَفِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَفِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَوْلانِ سَيَأْتِيَانِ.
وَالأَعْذَارُ: الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالْكُفْرُ أَصْلاً وَارْتِدَاداً، وَالصِّبَا، وَالْجُنُونُ، وَالإِغْمَاءُ، وَالنَّوْمُ، وَالنِّسْيَانُ بِخِلافِ السُّكْرِ.
وَفَائِدَتُهُ فِي الْجَمِيعِ الأَدَاءُ عِنْدَ زَوَالِهِ، وَفِي غَيْرِ النَّائِمِ وَالنَّاسِي السُّقُوطُ عِنْدَ حُصُولِهِ، قُلْتُ: وَاعْتِبَارُ قَدْرِ الرَّكْعَةِ لِلأَدَاءِ، وَأَمَّا السُّقُوطُ فَبِأَقَلِّ لَحْظَةٍ، وَإِنْ أَثِمَ الْمُتَعَمِّدُ، وَعَنْ تَحَقُّقِ الأَدَاءِ قَالَ أَصْبَغُ: لَوْ صَلَّتْ رَكْعَةً فَغَرَبَتْ فَحَاضَتْ فَلا قَضَاءَ، - وَبِمُخَالَفَتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ - بَعْضُهَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ، فَقِيلَ: قَاضٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: مُؤَدٍّ عَاصٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقِيلَ: مُؤَدٍّ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِنَقْلِ الإِجْمَاعِ عَلَى التَّأْثِيمِ، وَرَدَّ بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنْ يَرْكَعَ الْوِتْرَ وَإِنْ فَاتَتْ رَكْعَةٌ مِنَ الصُّبْحِ وَيَلْزَمُ أَلا تَسْقُطَ عَمَّنْ تَحِيضُ بَعْدَ وَقْتِ الاخْتِيَارِ إِلا مَعَ مَسْقَطٍ لِلإِثْمِ كَالنِّسْيَانِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلافِهِ وَأَلا يَقْصُرَ الْمُسَافِرُ وَلا يُتِمَّ الْقَادِمُ إِلا مَعَ ذَلِكَ وَفِيهِ خِلافٌ؛ [وَالْمُشْتَرِكَانِ] الظُّهْرُ (1)
وَالْعَصْرُ، وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ لا يُدْرَكَانِ مَعاً إِلا بِزِيَادَةٍ رَكْعَةٍ عَلَى مِقْدَارِ الأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَعَلَى مِقْدَارِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ وَسَحْنُونٍ، وَعَلَيْهِمَا اخْتَلَفُوا إِذَا طَهُرَتِ [الْحَاضِرَةُ] لأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ، قَالَ أَصْبَغُ: سَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ آخِرَ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: أَصَبْتُ وَأَخْطَأَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَسُئِلَ سَحْنُونٌ فَعَكَسَ، وَلَوْ طَهُرَتِ الْمُسَافِرَةُ لِثَلاثٍ فَقَوْلانِ عَلَى الْعَكْسِ فَلَوْ حَاضَتَا فَكُلُّ قَائِلٍ بِسُقُوطِ مَا أَدْرَكَ، فَلَوْ كَانَتِ الأُولَى لِخَمْسٍ أَوْ ثَلاثٍ، وَالثَّانِيَةُ لأَرْبَعٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ لَحَصَلَ الاتِّفَاقُ فِي الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ.
(1) فِي (م): كالظهر ..
وَلَوْ سَافَرَ لِثَلاثٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَسَفَرِيَّتَانِ، وَلِمَا دُونَهَا فَالْعَصْرُ سَفَرِيَّةٌ وَلَوْ قُدِّمَ لِخَمْسٍ فَحَضَرِيَّتَانِ وَلِمَا دُونَهَا فَالْعَصْرُ حَضَرِيَّةٌ، وَلَوْ سَافَرَ لأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَالْعِشَاءُ سَفَرِيَّةٌ، وَلِمَا دُونَهَا فَالرِّوَايَةُ أَيْضاً: سَفَرِيَّةٌ، وَفِي الْجَلابِ رِوَايَةٌ: حَضَرِيَّةٌ، وَلَوْ قُدِّمَ لأَرْبَعٍ فَالْعِشَاءُ حَضَرِيَّةٌ، وَلِمَا دُونَهَا كَذَلِكَ، وَخَرَّجَهَا فِيهِ سَفَرِيَّةٌ - وَفِي اعْتِبَارِ مِقْدَارِ التَّطْهِيرِ، ثَالِثُهَا: لابْنِ الْقَاسِمِ: إِلا الْكَافِرَ لانْتِفَاءِ عُذْرِهِ، وَرَابِعُهَا: لابْنِ حَبِيبٍ: وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي الصَّبِيِّ، وَلَوْ تَطَهَّرَتْ فَأَحْدَثَتْ، أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ طَاهِرٍ وَنَحْوُهُ فَالْقَضَاءُ عَلَى الأَصَحِّ لِتَحَقُّقِ الْوُجُوبِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلا يُعْتَبَرُ مِقْدَارُ مَنْسِيَّةٍ تُذْكَرُ: كَحَائِضٍ طَهُرَتْ لأَرْبَعٍ فَأَوْلَى فَذَكَرَتْ فَإِنَّهَا تُصَلِّي الْمَنْسِيَّةَ ثُمَّ تَقْضِي مَا أَدْرَكَتْ وَقْتَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لا تَقْضِي، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَالَ أَيْضاً: إِذَا حَاضَتْ لأَرْبَعٍ فَأَدْنَى بَعْدَ أَنْ صَلَّتِ الْعَصْرَ نَاسِيَةً لِلظُّهْرِ تَقْضِي الظُّهْرَ لأَنَّهَا تَخَلَّدَتْ فِي الذِّمَّةِ لِخُرُوجِ (1)، وَقْتِهَا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لا تَقْضِي لأَنَّهُ وَقْتٌ اسْتَحَقَّتْهُ، وَغَيْرُ هَذَا أَخْطَاءٌ (2)،
وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، وَعَلَيْهِمَا لَوْ قُدِّمَ لأَرْبَعٍ أَوْ سَافَرَ لاثْنَتَيْنِ وَقَدْ صَلَّى الْعَصْرَ نَاسِياً لِلظُّهْرِ، فَلَوْ لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ صَلَّى الظُّهْرَ قَضَاءً فِيهِمَا اتِّفَاقاً، فَلَوْ قَدَّرَتْ خَمْساً فَأَكْثَرَ فَصَلَّتِ الظُّهْرَ فَغَرَبَتْ قَضَتِ الْعَصْرَ لِتَحَقُّقِ وُجُوبِهَا.
وَأَوْقَاتُ الْمَنْعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ بِرَكْعَتَيْنِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ، وَبَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْمُصَلِّي، وَلا تُكْرَهُ وَقْتَ الاسْتِوَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَتُسْتَثْنَى الْفَوَائِتُ عُمُوماً، وَقِيَامُ اللَّيْلِ لِمَنْ نَامَ عَنْ عَادَتِهِ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَصَلاتِهِ خُصُوصاً، وَفِي الْجِنَازَةِ (3) وَسُجُودِ التِّلاوَةِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ وَقَبْلَ الإِسْفَارِ، وَبَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ وَقَبْلَ
(1) ساقطة مِنْ (م).
(2)
فِي (م): خطأ ..
(3)
فِي (م): الجنائز.
الاصْفِرَارِ الْمَنْعُ لِلْمُوَطَّأِ، وَالْجَوَازُ لْلِمُدَوَّنَةِ، وَالْجَوَازُ فِي الصُّبْحِ لابْنِ حَبِيبٍ، وَأَمَّا الإِسْفَارُ وَالاصْفِرَارُ فَمَمْنُوعٌ إِلا أَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ وَمَنْ أَحْرَمَ فِي وَقْتِ مَنْعٍ قَطَعَ، وَنُهِيَ عَنِ الصَّلاةِ فِي الْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ وَبَطْنِ الْوَادِي وَظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَمَعَاطِنِ الإِبِلِ وَهُوَ مُجْتَمَعُ صَدْرِهَا مِنَ الْمَنْهَلِ بِخِلافِ مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَكَرِهَهَا فِي الْمَقْبَرَةِ وَفِي الْحَمَّامِ لِلنَّجَاسَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ
كَانَتِ الْمَقْبَرَةُ مَأْمُونَةً مِنْ أَجْزَاءِ الْمَوْتَى، وَالْحَمَّامُ مِنَ النَّجَاسَةِ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: إِلا مَقَابِرَ الْكُفَّارِ، وَكَرِهَهَا فِي الْكَنَائِسِ لِلنَّجَاسَةِ وَالصُّوَرِ وَكَرِهَ التَّمَاثِيلَ فِي نَحْوِ الأَسِرَّةِ بِخِلافِ الثِّيَابِ وَالْبُسُطِ الَّتِي تُمْتَهَنُ، وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ.