الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: المنظومات والمدائح
توطئة
…
توطئة:
تختلف المصنفات المنظومة عن السيرة الشعرية، فالأخيرة لا تتقيد بالسياق التاريخي للأحداث، وقد يقتصر الشاعر على مواقف من السيرة تجاوباً مع الأحداث والنوازل..، وهذا خلافا للسيرة المنظومة التي تحرص في المجال التعليمي على سياق المادة التاريخية واستيفائها بقدر ما تسعف به قيود النظم؛ الوزن والقافية، شأنها في ذلك شأن المنظومات في القراءات كالشاطبية، وعلم الحديث كألفية الحافظ العراقي، والنحو كألفية ابن مالك.. وغيرها. (1)
وظهرت في المغرب في العصر الموحدي (2) بشكل واضح، وكذلك في الأندلس بسبب نهضة الشعر في ذلك العصر فقد نظم الطبيب الأندلسي ابن الطفيل (أرجوزة) في الطب تشتمل على 7765 بيتاً، وابن المناصف القرطبي (المذهبة) أرجوزة لغوية ألفية، وأرجوزة (الدرة السنية..) في 7000 بيت، ونظم يحيى بن معط الجزائري (الجمهرة) لابن دريد، والصحاح للجوهري، ومات قبل أن يتمه.
وشاع كذلك شعر المديح النبوي، وكان من سبب هذا أيضاً؛ الحالة النفسية التي صار إليها الغرب الإسلامي بعد سقوط قواعد الأندلس واختلال أمر الموحدين، وكذلك الاحتفال بالمولد النبوي (3) في أغلب الأقطار عموماً، ويمكن أن يضاف كذلك الأشواق والعواطف التي تصاحب الشعراء والأدباء
(1) المصنفات المغربية في السيرة 1/192.
(2)
الموحِّدون أو الدولة الموحدية نشأت في المغرب على أنقاض دولة المرابطين، وضمت الأندلس وحكمت من (514-629 ?)، وقامت على أساس تنقية العقيدة من الشوائب وأطلقوا على أنفسم الموحدين. (عبد الرحمن الحجي: التاريخ الأندلسي ص455) ط3 1407 هـ.
(3)
المنوني: قبس من عطاء المخطوط المغربي 2/725، 726.
في رحلتهم إلى المشاعر المقدسة وبلاد الحرمين وأرض الهجرة النبوية الشريفة ومثوى خير الخليقة صلى الله عليه وسلم.
ومن السير الشعرية أو القصائد، والمنظومات الشهيرة التي تركت أثراً واضحاً في مؤلفات هذه الفترة، قصيدة بانت سعاد للصحابي كعب بن زهير (ت26هـ) ، والسيرة الشقراطسية لأبي عبد الله محمد بن يحيى الشقراطيسي (ت466هـ) والبردة للبوصيري (ت 696هـ) ، وفي فترة الدراسة ـ بديعية صفي الدين الحلي (ت750هـ) فقد كثرت شروحها ومعارضتها، ومحاكاتها، وألفية الحافظ العراقي (ت806هـ) .
أما القصائد والمدائح النبوية فلا يمكن حصرها، فقد بلغ عدد المجلدات التي دونها أمير علي بن أمير حاجب، والي مصر، وأحد أمراء العشرات (ت749هـ) خمسة وسبعين مجلداً.
والمجموعة النبهانية في المدائح النبوية، لأبي المحاسن يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت1350هـ) التي طبعها في بيروت سنة (1320هـ) جمعها لـ (213) شاعراً، وهي أكبر مجموعة منشورة في هذا المنزع، بعد ما اختفت أو ضاعت أكثر مجموعات المدائح النبوية (1) .
هذا وقد صرفت النظر عن كثير من هذه المدائح، لورود عدد من الأبيات في بعض المدائح ينطوي على غلو كبير في نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإنْ كان يكشف عن تيار أو توجه موجود ومؤثر في تلك الفترة، وما زال موجوداً ومؤثراً إلى هذا العصر.
(1) المنوني: المرجع السابق 2/740، 754.