الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خدعوه
…
فقال
…
وليته ما قال
لقد شاع القول بأن الأزهر يعتبر الشيعة مذهبًا خامسًا، وإن كان مِن علماء الأزهر مَن قال ذلك فإنما قاله لعدم علمه بحقيقة دين الشيعة الروافض، وبسبب انخداعه بدعوة التقريب بين السنة والشيعة.
ولقد استطاع الشيعة الروافض في ظل دعوة التقريب أن يخدعوا شيخ الأزهر محمود شلتوت رحمه الله بالقول بأن مذهب الشيعة لا يفترق عن مذهب أهل السنة، وطلبوا منه أن يصدر فتوَى في شأن جواز التعبد بالمذهب الجعفري. فاستجاب لهم وأصدر فتواه في سنة 1368هـ الموافق 1959م بجواز التعبد بالمذهب الجعفري (1).
(1) وقد ردد ذلك بعض علماء الأزهر، ومنهم شيخ الأزهر الحالي الدكتور محمد سيد طنطاوي؛ ومما يوضح انخداعه بدعوة التقريب بين السنة والشيعة أنه بعد أن نشرت جريدة (الغد) ملحقًا من ثماني صفحات يسيء إلى الصحابة رضي الله عنهم هاجم شيخ الازهر كل من يسب صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مؤكدًا أن «من يقترف هذا الذنب العظيم كافر وخارج عن ملة الإسلام» ، مع أن سب الصحابة من أصول دين الشيعة. فكأنه بهذا قد نقض كلامه الذي قلد فيه الشيخ شلتوت رحمه الله.
طار الشيعة الروافض بهذا فرحًا واعتبروا فتوَى الشيخ شلتوت هي القطف الشهيّ والثمرة الكبرَى لدعوة التقريب لأنها تعطيهم ـ كما يتصورون ـ (الشرعية) في التبشير بالتشيع في ديار السنة.
ولكن هل كانت فتوَى الشيخ شلتوت رحمه الله مبنية علَى دراسة لمذهب الشيعة أم مبنية علَى تصديق الشيخ شلتوت لدعاوَى الشيعي محمد القمي ـ مؤسس جماعة التقريب ـ وغيره بأنه لا خلاف بين السنّة والشيعة؟!!
الذي رجحه الدكتور ناصر بن عبد الله القفاري ـ صاحب كتاب «مسألةُ التّقريب بين أهْل السُّنة والشّيعَة» ـ هو الثاني بناءً علَى ما سمعه من بعض معاصري الشيخ شلتوت ومجالسيه.
ومما يؤكد جهل الشيخ شلتوت بالشيعة أنه يرَى أن السبيل الوحيد إلَى إعادة الصف الإسلامي إلَى وحدته وقوته أن لا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله، وأن نطرح وراء ظهورنا تلكم التأويلات البعيدة للنصوص الشرعية من كتاب وسنّة صحيحة، وأن نفهمها كما فهمها المعاصرون للتنزيل، وأن نجعل أهواءَنا تبعًا لديننا، ولا نجعل ديننا تبعًا لأهوائنا، وأن نحارب احتكار فرد أو أفراد تعاليم الدين؛ فما كان الإسلام دين أسرار وأحَاجٍ لا يعرفها إلا طائفة خاصة تُطْلِع عليها من تشاء وتمنعها عمن تشاء؛ فما انتقل
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلَى الرفيق الأعلَى حتَى بلّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، وطلب من أصحابه وأتباعه أن يبلّغوا ما علموه» (1).
فالشيخ شلتوت رحمه الله بهذا القول كأنه يحكم علَى الشيعة ـ التي أفتَى بجواز التعبد علَى مذهبها ـ يحكم عليها بأنها لم تسلك سبيل التقريب؛ لأن الشيعة علَى خلاف تام لهذه الأركان التي وضعها للتقريب:
- فاتخاذهم للأئمة أربابًا من دون الله منتشر عندهم وفي كتبهم.
- وهُم أهل التأويلات البعيدة للنصوص الشرعية، ويرَون أنه من الكيد للإسلام أن نفهم هذه النصوص كما فهمها الصحابة المعاصرون للتنزيل رضي الله عنهم.
- وهم بمزاعمهم في أئمتهم ودعاويهم في مجتهديهم يمثلون في الإسلام ذلك الاحتكار للدين الذي يعنيه الشيخ شلتوت.
- وهم يقولون بأن في دين الله أسرارًا وأحاجي لا يعلمها إلا طائفة خاصة ـ بزعمهم ـ هم أهل البيت؛ لأن الرسول
(1) هذا ما قاله الشيخ شلتوت رحمه الله في مقدمته لكتاب «إسلام بلا مذاهب» للدكتور مصطفَى الشكعة (ص 6).
- صلى الله عليه وآله وسلم كتم قسمًا من الشريعة وأودعه إياهم، وهم وحدهم عندهم الجفر، والجامعة، ومصحف فاطمة، وعلم ما كان، وما يكون .. الخ ـ، ولمجتهديهم اتصال بالمنتظر الذي انتهت إليه هذه العلوم بزعمهم .. الخ.
فكأن الشيخ شلتوت رحمه الله بهذا القول ينقض فتواه بنفسه.
ومن المفارقات أن أحد شيوخ الشيعة الذين ينادون بالوحدة الإسلامية ـ وهو شيخهم محمد الخالصي ـ سُئِل عن جواز التعبد بالمذاهب الأربعة عند أهل السنة فأفتَى بالمنع من ذلك (1).
وعلَى الرغم من قيام الشيعة بتأسيس دار التقريب ومجلتها وجماعتها واستجابة بعض علماء الأزهر لفكرتهم لم نَرَ لهذه الدعوة لهذا التقارب أي أثر بين علماء الشيعة في العراق وإيران وغيرهما؛ فلا يزال القوم مُصِرّين علَى ما في كتبهم من ذلك الطعن الجارح والتصوير الكاذب لما كان بين الصحابة من خلاف، ولا تزال مطابع الشيعة الروافض تقذف سنويًا بعشرات الكتب التي تحمل اللعن والتكفير والتخليد بالنار لخير القرون.
(1) انظر: كُتَيِّبه: التوحيد والوحدة (ص 33 - 34).