المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

و‌ ‌الصبر -أخي الكريم- مقامٌ من مقامات الدين ومنزل من منازل - اصبر واحتسب

[عبد الملك بن قاسم]

الفصل: و‌ ‌الصبر -أخي الكريم- مقامٌ من مقامات الدين ومنزل من منازل

و‌

‌الصبر

-أخي الكريم- مقامٌ من مقامات الدين ومنزل من منازل السالكين (1).

وقد قال أبو الدرداء: ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضاء بالقدر (2).

وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد"(3).

والحسن رحمه الله يقول: "الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله عز وجل إلا لعبد كريم عنده"(4).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"(5).

والخير الحاصل للشاكرين هو الزيادة: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} .

والخير الحاصل للصابرين هو الأجر والثواب والمغفرة والرحمة (6).

(1) الإحياء 4/ 65.

(2)

الإحياء 4/ 56.

(3)

ضعيف الجامع الصغير 3538.

(4)

مختصر منهاج القاصدين. 295.

(5)

رواه مسلم.

(6)

الصبر وأثره ص 5.

ص: 9

قال الفضيل: إن الله عز وجل ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالخير (1).

وقال رحمه الله: لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يُعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة، وحتى لا يحب أن يُحمد على عبادة الله (2).

وسأل رجلٌ الإمام الشافعي فقال: يا أبا عبد الله، أيما أفضل للرجل أن يُمكن أو يُبتلى؟ فقال الشافعي: لا يُمكن حتى يُبتلى، فإن الله ابتلى نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكنَّهم، فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة (3).

وجعل الإمامة في الدين موروثة عن الصبر واليقين {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (4).

والمصائب -أخي الكريم- تتفاوت ولكن أعظمها المصيبة في الدين، فهي أعظم مصائب الدنيا والآخرة، وهى نهاية الخسران الذي لا ربح معه، والحرمان الذي لا طمع معه (5).

إذا أبقت الدنيا على المرء دينه

فما فاته منها فليس بضائر

وأصل كلمة الصبر هو المنع والحبس، فالصبر حبس النفس عن

(1) الإحياء. 4/ 139.

(2)

السير. 8/ 434.

(3)

الفوائد 269.

(4)

مجموع الفتاوى 10/ 39.

(5)

تسلية أهل المصائب. 24.

ص: 10