الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال عون: الإنسان إن سقم ندم، وإن صح أمن، وإن استغنى فتن، وإن افتقر حزن (1).
وعندما سئل الأحنف بن قيس: ما الحلم؟ قال أن تصبر على ما تكره قليلاً (2).
وصدق والله فهو وقت قليل ثم يزول .. سحابة صيف وتنقشع ولو تأملت ما جرى لك من المصائب والآفات لرأيت كيف طواها النسيان، فإن احتسبتها فقد بقيت لك حسناتها وأجر صبرها، وإلا فقد سليت كما تسلو البهائم.
{وَ
الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين}
ونحو هذه الآيات ورأى شواهد النصر والعزة على مراحل العصور للمسلمين اطمأن قلبه {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
والكفار يصيبهم من البلاء والمصائب كأي إنسان على وجه الأرض .. والعبرة بالنهايات والنجاة من النار. وقد جمع الله لعباده الصالحين السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة.
قال وهب: عبد الله عابد خمسين عاماً، فأوحى الله إليه: إني قد غفرت لك، قال: أي رب وما تغفر لي ولم أذنب؟ فأذن الله بعِرق في عنقه يضرب عليه، فلم ينم ولم يُصل، ثم سكن فنام ثم أتاه ملك فشكا إليه فقال: ما لقيت من ضربان العِرق، فقال الملك: إن ربك
(1) الزهد لأبي عاصم 37.
(2)
عدة الصابرين 125.
يقول: إن عبادتك خمسين سنة تعدل سكون العِرق (1).
وذكر عن أبي معمر الأزدي قال: كنا إذا سمعنا ابن مسعود شيئاً نكرهه، سكتنا حتى يفسره لنا، قال لنا ذات يوم: ألا إن السقم لا يكتب له أجر، فساءنا ذلك وكبر علينا، فقال: ولكن يكفر به الخطيئة فسرنا ذلك، وأعجبنا (2).
هذا من كمال علمه وفقهه رضي الله عنه فإن الأجر إنما يكون على الأعمال الاختيارية به ومما تولد منها، فالطاعات ترفع الدرجات، والمصائب تحط السيئات ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"من يرد الله به خيراً يصب منه"، وقال صلى الله عليه وسلم:"من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين". فهذا يرفعه، وهذا يحط خطاياه (3).
قال سلام بن أبي مطيع: دخلت على مريض أعوده، فإذا هو يئن، فقلت له: اذكر المطروحين على الطريق، اذكر الذين لا مأوى لهم ولا لهم من يخدمهم، قال: ثم دخلت عليه بعد ذلك فسمتعه يقول لنفسه: اذكري المطروحين في الطرق، اذكري من لا مأوى له ولا من يخدمه (4).
صبراً جميلاً ما أسرع الفرجا
…
من صدق الله في الأمور نجا
(1) عدة الصابرين 175.
(2)
عدة الصابرين باختصار 114.
(3)
عدة الصابرين 115.
(4)
عدة الصابرين 174.
من خشى الله لم ينله أذى
ومن رجا الله كان حيث رجا (1)
قال عمر رضي الله عنه: أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً (2).
وقال سليمان بن القاسم: كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر، قال الله تعالى:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} قال: كالماء المنهمر (3).
لعلك -أخي الكريم- أدركت منزلة الصبر فهي عدةٌ للنوائب والمصائب تؤجر على الصبر وترضى عن ربك على قضائه وقدره .. قال تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} .
عن مسلم بن يسار .. كان أحدهم إذا برئ قيل: ليهنك الطهر (4)(5)
أخي: لعله خطر في بالك هذه المحاورة مع الإمام الغزالي ..
لعلك تقول هذه الأخبار على أن البلاء خيرٌ في الدنيا من النعم، فهل لنا أن نسأل الله البلاء، فأقول: لا وجه لذلك، ولما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعيذ في دعائه من بلاء الدنيا وبلاء
(1) السير 12/ 589.
(2)
عدة الصابرين 124.
(3)
عدة الصابرين 124.
(4)
حلية الأولياء 2/ 294.
(5)
(*) برئ عوفي من المرض ويعني بالطهر: الخلاص من الذنوب.