الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو بكر رضي الله عنه للتي رآها نذرت أن تحج مصمته: تكلمي فأن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية.
الانعزال تكبراً
وتراه منفرداً عن مخالطة أهله، فيؤذيهم بقبح أخلاقه، وزيادة انقباضه، وقصده حفظ ناموسه. وقد كان رسول الله (يمزح، ويلاعب الأطفال، ويتحدث مع أزواجه، وسابق مرة عائشة رضي الله عنها، إلى غير ذلك من الأخلاق الطيبة اللطيفة والانبساط إلى الأهل من العون على الآخرة، وربما ضيع هذا حقوق أهله مما هو فرض عليه بنافلة غير ممدوحة.
الإعجاب بعمله
وتراه معجباً بعمله، فلو قيل له إنك من أوتاد الأرض ظن أن ذلك حق.
وتراه يرصد لظهور كرامته، ولو دعا في أمر لم يستجب له فيه تذمر في باطنه، فكأنه أجير يطلب أجر عمله. ولو رزق الفهم لعلم أنه عبد مملوك، والمملوك لا يمنّ بعمله، ولو نظر إلى توفيقه للعمل لرأى وجوب الشكر. فخاف من التقصير فيه عن النظر إليه كما كانت رابعة العدوية رحمها الله تقول: استغفر الله من قلة صدقي في قولي أستغفر الله من ذلك وقيل لها: هل عملت شيئاً ترين أنه يقبل منك؟ فقالت: إن كان فمخافتي أن يرد عليّ!
لبس المرقعات ادعاء للزهد
وتراه أيضاً لما سمع أن النبي (كان يرقع ثوبه، وأنه قال لعائشة:" لا تستخلفي ثوباً حتى ترقعيه " وأن عمر رضي الله عنه
كان في ثوبه رقاع، وأن أويس القرني كان يلتقط الرقاع من المزابل، ثم يغسلها، ويرقعها ويلبسها. فاختار المرقعات فلبسها لذلك، وقد أبعد، فإن رسول الله (وأصحابه كانوا يؤثرون، البذاذة ويعرضون عن زينة الدنيا، وكان أكثرهم يفعل ذلك بسبب الفقر كما روي عن مسيلمة بن عبد الملك أنه دخل على عمر بن عبد العزيز وعليه قميص وسخ، فقال: لامرأته فاطمة: اغسلي قميص أمير المؤمنين، فقالت: والله ماله قميص غيره.
فأما إذا لم يكن هذا معرضاً عن الدنيا، ولا زاهداً فيها، ولا يختار البذاذة تواضعاً لله، بل يفعل ذلك تصنعاً ومراءاة، كان كاذباً.
ومنهم من يعمد إلى ثوبين أو ثلاثة، كل واحد منها على لون، فيجعلونها خرقاً، ويلونونها، حتى يصير بصورة الرقاع كما سلف. كذا ظنوا أتراهم ما علموا أن التصوف معنى لا صورة؟ قال: وهؤلاء يقصدون التحسن بالمرقعات. وأما المعنى فإن أولئك كانوا أصحاب رياضة وزهد. ومنهم من يلبس الصوف تحت الثياب، ويلوح بكمه حتى يرى لباسه. وهذا لص ليلي. ومنهم من يلبس الصوف فوقها. وهذا لص نهاري مكشوف. ومنهم من يلبس الفوط الرقيقة وإن قميص أحدهم وعمامته بثمن خمس أثواب من الحرير، يصادقون الأمراء ويفارقون الفقراء كبراً وتعظيماً. وهذا قبيح جداً. وهذا الضرب مذموم فاحذروهم.