الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والضلال.
فصل
السماع والرقص والوجد تسقط المروءة
ومن ذلك ما أحدث من السماع والرقص والوجد. وفاعل ذلك ساقط المروءة، مردود الشهادة، عاصٍ لله ولرسوله.
وهو محظور قال الله عز وجل: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) .
قال ابن مسعود: واللهو هنا: الغناء.
وكذلك قال عكرمة، ومجاهد، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، وإبراهيم.
وقال تعالى: (وأنتم سامدون) .
قال ابن عباس: هو الغناء.
وكذلك قال مجاهد: يقول أهل اليمن: سمد فلان إذا غنّى.
وقال تعالى: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) .
قال مجاهد: هو الغناء والمزامير.
وعن نافع، قال: كنت مع ابن عمر في طريق، فسمع زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل عن الطريق، وقال: رأيت رسول الله (سمع زمارة راعٍ فصنع كذلك ياأخي.
فإذا كان هذا فعلهم في حق صوت ليس بمطرب يخرج مستمعه عن حد الاعتدال، فكيف بسماع صوت أهل هذا الزمان ومزمرتهم؟ وقد نهى رسول الله (عن شراء المغنيات وعن بيعهن، وقال:" ثمنهن حرام ". والأحاديث والآثار في ذلك كثيرة، وليس هذا موضع استقصاء ما ورد في ذلك.
واعلم وفقك الله لطاعته أن الأشعار التي ينشدها المغنون اليوم يصفون فيها المستحسنات، والخمر، والقَدّ، والعين، وغير ذلك، مما يحرك الطباع، ويخرجها عن الاعتدال، ويثير كامنها من حيث اللهو، وهو حرام.
قال الطبري رحمه الله: أجمع علماء الأنصار على كراهة الغناء، والمنع عنه. وهذا منعهم منه مع أنه كان في زمانهم منه ما يتعلق بالزهديات المليحة، فكيف لو رأوا ما أحدثوا في هذا الزمان فيه من الزيادات القبيحة. فاحذره يا أخي، واقتد بالسلف الصالح. فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: الغناء يُنبتُ النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.
وسأل رجل القاسم بن محمد عن الغناء فقال: أنهاك عنه، وأكرهه لك. فقال: حرام هو؟ فقال: يا أخي إذا ميّز الله الحق من الباطل في أيهما تجعل الغناء؟ وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: ليكن أول
ما يعتقدون من أدبك. بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب الماء. ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور المواطن في قلبه.
وقال الفضيل بن عياض: الغناء رقية الزنا. وقال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب، ومسخطة للرب.
وقال يزيد بن الوليد: يا بني أمية، إياكم والغناء، فإنه يزيد الشهوة، ويهدم المروءة وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعله السكرة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: الغناء ينبت النفاق في القلب. وسئل عن استماع القصائد، فقال: أكرهه، هو بدعة، ولا يجالسون. وقال: التغبير بدعة محدثة، وقال إسحق بن عيسى: سألت مالك بن أنس عما يترخص
فيه أهل المدينة في الغناء، فقال: إنما يفعله عندنا الفساق.
وقال الطبري رحمه الله: أما مالك فإنه نهى عن الغناء، وعن استماعه، وقال إذا اشترى الرجل جارية، فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب.
وكان أبو حنيفة رضي الله عنه يكره الغناء، ويجعل سماع الغناء من الذنوب.
وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة، مثل: إبراهيم النخعي، والشعبي، وحماد، وسفيان، وغيرهم. قال: ولا يعرف لهم مخالف في كراهة ذلك والمنع منه.
وقال الشافعي رضي الله عنه: خلفت بالعراق شيئاً أحدثه الزنادقة يسمى التغيير يشغلون به الناس عن القرآن. وقال: الغناء هو مكروه يشبه الباطل.
وقد كان أصحاب الشافعي ينكرون السماع.
هذا قول العلماء فيه، وكراهيتهم له، مع تجريده عن غيره من المحرمات من حضور النساء، والمردان، والدفوف، والشبابات، وغير ذلك من أنواع المنكرات. قال الشيخ جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله: وكم فتنت الأصوات بالغناء من زاهد وعابد، قال: وقد ذكرنا جملة من أخبارهم في كتابنا المسمى ب " ذم الهوى "، فمن أراد أن يعرف فتنته وعاقبة أمره، فليقف عليه،
ولينظر ما تم على غيره، فينبغي للعاقل أن ينصح نفسه وإخوانه، ويحذرهم مكائد الشيطان، ولولا خوف الإطالة لاستقصينا ما ورد في ذلك، ولكن العاقل الفطن الموفق من قبل نصح الناصح بأخصر عبارة وعرف الحق واتبعه بأدنى إشارة.