الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس الواحد والعشرون:
الإسلام الكامل
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ) حديثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ التِّرمذيُّ وغَيرُهُ.
- قال ابن رجب: ومعنى هذا الحديث: أنَّ مِنْ حسن إسلامه تَركَ ما لا يعنيه من قولٍ وفعلٍ، واقتصر على ما يعنيه من الأقوال والأفعال.
- ومعنى يعنيه: أنْ تتعلق عنايتُه به، ويكونُ من مقصده ومطلوبه.
- والعنايةُ: شدَّةُ الاهتمام بالشيء.
-
علامات الإسلام الكامل:
- إنَّ الإسلام الكاملَ الممدوحَ يدخل فيه:
- تركُ المحرمات.
- وترك المشتبهات.
- وترك المكروهات.
- وترك فضول المباحات التي لا يحتاج إليها.
- فإنَّ هذا كله لا يعني المسلم إذا كمل إسلامهُ، كما قال صلى الله عليه وسلم:(المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده).
- وأكثر ما يُراد بترك ما لا يعني حفظ اللسان من لغو الكلام.
-
من علامة إعراض الله عن العبد:
- قال الحسن البصري: مِنْ علامة إعراض الله تعالى عن العبد أنْ يجعل شغله فيما لا يعنيه. وقال سهل بنُ عبد الله التُّسترِي: من تكلم فيما لا يعنيه حُرِم الصدق.
- وقال معروف: كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من اللهِ.
-
ثمرة الإسلام الكامل:
- جاءت الأحاديثُ بفضل من حسن إسلامُه وأنَّه تضاعف حسناته، وتُكفر سيئاته، والظاهر أنَّ كثرة المضاعفة تكون بحسب حسن الإسلام.
- ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:(إذا أحْسَنَ أَحَدُكُم إسلامَهُ، فكُلُّ حَسَنةٍ يَعْمَلُها تُكتَبُ بِعَشرِ أَمْثالِها إلى سبعِ مائة ضعفٍ، وكلُّ سَيِّئةٍ يعملها تُكتَبُ بمثلِها حتَّى يَلقى الله عز وجل)
- فالمضاعفةُ للحسنة بعشر أمثالها لابدَّ منه، والزيادةُ على ذلك تكونُ بحسب إحسّان الإسلام، وإخلاصِ النية والحاجة إلى ذلك العمل وفضله.
الدرس الثاني والعشرون:
الحياء من الله
- في الصحيحين عن عمران بن حصين، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:(الحياءُ لا يأتي إلَاّ بخيرٍ)، وفي روايةٍ لمسلم قال:(الحياء خيرٌ كلُّه).
- قال الماوردي: واعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه:
- أحدها: حياؤه من الله تعالى فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره.
- والثاني: حياؤه من الناس فيكون بكف الأذى وترك المجاهرة بالقبيح.
- والثالث: حياؤه من نفسه. فيكون بالعفة وصيانة الخلوات
- فمتى كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة، فقد كملت فيه أسباب الخير، وانتفت عنه أسباب الشر، وصار بالفضل مشهورا، وبالجميل مذكورا. اهـ بتصرف يسير
- عن معاذ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: (استحي من الله استحياءَ رجل ذي هيبةٍ من أهلك).
- وهذا هو السببُ الموجب لخشية الله في السر، فإنَّ مَنْ عَلِمَ أنَّ الله يراه حيث كان، وأنَّه مُطَّلعٌ على باطنه وظاهره، وسرِّه وعلانيته، واستحضر ذلك في خلواته، أوجب له ذلك تركَ المعاصي في السِّرِّ.
- فمن عبد الله على استحضار قربه ومشاهدته بقلبه، أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه عليه، فقد حسن إسلامه، ولزم من ذلك أنْ يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام، ويشتغل بما يعنيه فيه، فإنَّه يتولَّدُ من هذين المقامين الاستحياءُ من الله وترك كلِّ ما يُستحيى منه.
- كما وصَّى صلى الله عليه وسلم رجلاً أنْ يستحيي من الله كما يستحيي من رجل من صالحي عشيرته لا يُفارقه.
- وفي المسند والترمذي عن ابن مسعود مرفوعاً: (الاستحياء من الله تعالى أنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وما حَوَى، وتَحفَظَ البَطنَ وما وَعَى، ولْتَذْكُرِ الموتَ والبِلى، فمن فَعَل ذلك، فقد استحيَى من الله حقَّ الحياء).
- قال بعضهم: استحي من الله على قدر قربه منك، وخَفِ الله على قدر قدرته عليك.
- وقال بعضُ العارفين: إذا تكلمتَ فاذْكُر سَمعَ اللهِ لك، وإذا سكتَّ فاذكر نظره إليك.
- وقد وقعتِ الإشارةُ في القرآن العظيم إلى هذا المعنى في مواضع كثيرة: كقوله تعالى: